أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - هاشم حسين ناصر المحنك - استذكار خطط الكوفة















المزيد.....

استذكار خطط الكوفة


هاشم حسين ناصر المحنك

الحوار المتمدن-العدد: 4020 - 2013 / 3 / 3 - 20:25
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تبقى القرون تجدد حيوية الكوفة ، ويسطع نورها عِبر مد الأزمان ، بصوتها الإسلامي والعربي الأصيل الذي ينبع من مكانتها وانطلاق الرسالة المحمدية الإنسانية التي أبهجت الحضارات العالمية بطلاقة لسانها ، المحرر من كل القيود والعبودية الدنيوية ، ليكون الإنسان بصدق المشاعر والكيان ، إمّا أخ في الدين أو نظير في الخلق ..
فكان بعد انتشار الدين الإسلامي وتعاظم الفتوحات ، البريق الأول حين اختطها سعد بن أبي وقاص بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب ، واختلفت الروايات بين 14 هـ وما بعدها ، ويُرجح اختطاط الكوفة عام 17 هـ ، لتكون للجيش الإسلامي منطلقاً للفتوحات الإسلامية ونشر الرسالة السمحاء ، ثم سطع نورها حينما اتخذها أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) عاصمة الدولة الإسلامية في خلافته ..
وسنقتطف ضمن محدودية هذه الدراسة بعض الجوانب ، لبيان أهمية المدينة والأقوال والآراء بحقها ، وكما يأتي :
أولاً : الكوفة في اللغة :
مما تستطرد كتب اللغة إلى أن الكوفة ؛ الرملة الحمراء المستديرة ، وتكوّف القوم تكوُّفاً وكوفاناً على غير القياس : تجمّعوا واستداروا ، والكُوْفان والكَوْفان والكَوَفان والكُوّفَان : الرملة المستديرة . والشيء المستدير ، والعزّ والمنعة ، والعناء ، والدَغَل من الخشب والقصب . ويُقال ظلُّوا في كوفان من أمرهم ، أي من احتياط وشرٍّ . و" هم في كوفانٍ من ذلك " أي في عزٍّ ومنعة . والكوفة : الرملة المجمعة . وكانت الكوفة تُدعى كوفان بحسب ما قاله الكسائي ، وعن الحيالي : كوفان اسم كوفة ..
ثانياً تسمية الكوفة :
قال أبو بكر محمد بن القاسم ، سميت الكوفة لاستدارتها أخذاً من قول العرب : رأيت كُوفاناً وكَوْفاناً ، بضم الكاف وفتحها : الرملة المستديرة ، وقيل سميت الكوفة كوفة لاجتماع الناس بها من قولهم : قد تكوّف الرمل ، وقال الأزهري – الليث : كوفانُ اسم أرض بها سميت الكوفة . ابن سيدة : الكوفة بلد سميت بذلك ، لأن سعداً لمّا أراد أن يبني الكوفة ارتادها لهم وقال تكوّفوا في هذا المكان ، أي اجتمعوا فيه ، وقال المفضل : إنما قال كوِّفوا هذا الرمل أي نحوه وانزلوا ، ومنه سميت الكوفة ..
ثالثاً : ومضة عن الكوفة في الشعر :
فقد ذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان ، المجلد الرابع ، عن مالك بن دينار قال : كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) إذا أشرف على الكوفة قال :
يا حبّذا مقالنا بالكوفة أرض سواء سهلة معروفة
تعرفها جمالنا العلوفة
وقد جمع بهذا الإمام علي (عليه السلام) بين الكلمة والشاعرية ونقاوة ورحبة فضاء الكوفة ، الذي يجمع بين الفكر والإنسان ومعيته ، فلكلٍّ له ما يرغبه من محتوى هذه البيئة النقية والجميلة بعطاء الخير من رب كريم ..
ووردت رامة بنت الحسين بن المُنقِذ بن الطمّاح الكوفة فاستوبلتها فقالت :
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة وبيني وبين الكوفة النّهَهَرَان ؟
فإن ينجني منهامنها الذي ساقني لها فلابدّ من غِمْر ومن شَنَآن
أما السيد إسماعيل بن محمد الحميري فيذكر مسجد الكوفة بقوله :
لعمرك ما من مسجد بعد مسجد بمكة طهراً أو مُصلًّى بيثرب
بشرق ولا غرب علمنا مكانه من الأرض معموراً ولا متجنّب
بابْيَنَ فضلاً من مصلًّى مبارك بكوفان رحب ذي أواسِ ومخصب
وفار به التنور ماء وعنده له قيل أيا نوح في الفلك فاركب
وباب أمير المؤمنين الذي به ممرُّ أمير المؤمنين المهذّب
وقد سماها عَبْدَة بن الطيب كوفة الجند بقوله :
إنّ التي وضعت بيتاً مهاجرةً بكوفة الجند غالت ودّها غولُ
وقال علي بن محمد الكوفي العلوي المعروف بالحِمّاني :
ألا هل سبيل إلى نظرة بكوفانَ يحيا بها الناظران
يقلّبها الصبُّ دون السدير حيث أقسام بها القائمان
وحيث أنافَ بأرْواقه محل الخورنَق والماديان
وهل أُبكرنّ ، وكُثبانُها تلوح كأودية الشاهجان
وأنوارُها مثل بُرد النبيّ رُدِّعَ المسك والزعفرن
واستطابها أبو نواس ، وكان قد قدم إلى الكوفة ، وأقام بها مدة ، وفيها مما قال :
ذهبَتْ بها كوفان مذهبها وعَدِمتُ عن أربابها صبري
ما ذاك إلاّ أنني رجلٌ لا أستخفُّ صداقة البصري
وتتفاوت آراء الشعراء فيها وفي أهلها ، وتنبع الشاعرية المضافة لِما يكون في ظاهر الكوفة من منازل النعمان بن المنذر والحيرة والنجف والخورنق والسدير والغريّان ، وما هناك من المتنزهات والأديرة الكبيرة آنذاك ، وخصوصاً قبل الإسلام ، وما كانت من أديرة .. وفي عصر الدولة الإسلامية يقول إسحاق بن إبراهيم الموصلي ؛ ونقتطف منها :
ما إن أرى الناس في سهل ولا جبل أصفى هواء ولا أعْذى من النجف
كأنّ تربته مسكٌ يفوح به ، أو عنبر دافَهُ العطار في صدف
حفت ببرٍّ وبحرٍ من جوانبها ، فالبرّ في طرَفٍ والبحر في طرَف
وبينَ ذاك بساتينُ يسبحُ بها نهرٌ يجيش بجاري سلبه القصِف
وما يزال نسيم من أيا منه يأتيكَ منها بَريّا روضةٍ أُنُف
تلقاك منه قُبيل الصبح رائحةٌ تشفي السقيم إذا أشفى على التلف
لو حلّه مدنَفٌ يرجو الشفاء به إذاً شفاهُ من الأسقام والدّنف
وكيف لا وأبو الحسن والحسين (عليهم السلام) قد طيبها وبارك فيها ، ولصالحون سكنوا فيها بأجسادهم وأرواحهم العبقة ..
رابعاً : خطط الكوفة وازدهارها :
بعد أن استطردنا ما تقدّم ذكره ، لابدّ أن نذكر ومضة عن خطط الكوفة وازدهارها ، حيث يقول ابن عباس : كانت منازل أهل الكوفة قبل أن تُبنى أخصاصاً من قصب ، إذا غزوا قلعوها وتصدّقوا بها ، وإذا عادوا بنوها ، فكانوا يغزون ونساؤهم معهم ..
وبطبيعة الحال ، فقبل ذلك ، وبعد معركة القادسية في عهد عمر بن الخطاب ، حينما قدموا إليه المسلمون من المدائن ، وقد تغيرت ألوانهم وصحتهم ، وما أوضحوه له ، وما أكده سعد بن أبي وقاص ، بأنّ الظروف البيئية والبق ووخومة المدائن ، هي السبب في تغير ألوانهم ، كتب الخليفة عمر إلى سعد ، أن ابعث سليمان وحذيفة رائدين فليرتادا منزلاً بحرياً ، ليس بيني وبينكم فيه بحر ولا جسر ..
فأرسلهما حتى وصلا الأنبار ، فسار سلمان غربي الفرات ، وسار حذيفة شرقي الفرات ، فكلاهما لم برضيا بأرض حتى أتيا الكوفة ، وكلاهما أشار إليها ، وكان فيها أديرة ثلاثة ؛ دير حرقة ، ودير أم عمرو ، ودير سلسلة ، وبين ذلك خضاض ، فنزلا فصليا في أرض الكوفة ، ودعوا الله تعالى أن يجعلها منزل ثبات ..
وبعد أن جمع المسلمين ، أخبرهم سعد فيما آل إليه ، وخيّرهم بينَ مَنْ يرحل إلى الكوفة ، ومَنْ يبقى في المدائن ، وارتحل مع مَنْ أراد الرحيل ، واختلفت الآراء ، وعند رأي بأنه نزل الكوفة لسنتين وشهرين من وقعة القادسية ، أو لثلاث سنين وثمانية أشهر من ولاية عمر ، وكتب إلى عمر بذلك ، واستأذنه وبنى بنياناً من قصب ، وبعد أن وقع الحريق في بيوت الكوفة المبنية من القصب ، كما وقع الحريق في البصرة ، ويُقال كان حريق الكوفة أشد ، فاحترق ثمانون عريشاً ، وبعد أن استأذنوا من الخليفة عمر ، شرعوا في وضع خطط الكوفة ، فأول ما عزموا عليه تحديد موقع المسجد الجامع ؛ مسجد الكوفة ، وتم اختطاطه ، قام رجل رامٍ شديد النزع في وسطه ، فرمى عن يمينه ، فأمر من شاء أن يبني وراء موقع ذلك السهم ، ورمى بين يدية ومن خلفه ، وأمر مَنْ شاء أن يبني وراء موقع السهمين ، فترك المسجد في مربّعة علوه في كل جوانبه ، وبنى ظلّة في مقدمته ، وليست لها مُجنبات ولا مواخير والمربعة لاجتماع الناس لئلا يزدحموا ، وكان توزيع ما بعد المسجد على القبائل ، فودعه الصحن ؛ على همدان وبجيلة واللات وتغلب ، وقبلة الصحن ؛ بني أسد والنخع وكنده والأزد ، وشرقي الصحن ؛ الأنصار ومزينة وتميم ومحارب وأسعد وعامر ، وأنزل غربي الصحن ؛ بجالة وبجلة وجدبلة وأخلاط وجهينة وأخلاط ، أمّا سائر الناس كان توزيعهم مع القبائل ..
وعندما تأسست الكوفة ، أمر الخليفة عمر أن يقسم سكانها المقاتلة إلى أسباع يضم كل سبع عدداً من العشائر ، يتراوح بين 3-5 عشائر ، وبقي نظام الأسباع إلى زمن زياد فجعله أرباعاً ، وكان ازدهار الكوفة في خلافة أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، حينما أصبحت محور الدولة الإسلامية وعاصمتها ، على الرغم من الحروب التي خاضها الإمام علي (عليه السلام) والخلافات مع خصومه ، فكانت الحياة الاقتصادية والاجتماعية مزدهرة ولها أبعادها الإنسانية ..
خامساً : أقوال بحق الكوفة :
من الأقوال التي ورد بحق الكوفة ؛ روي بأنّ رسول الله (صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : إنّ الله اختار من البلدان أربعة ، فقال عز وجل " وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) سورة التين ، فالتين المدينة ، والزيتون بيت المقدس ، وطور سنين الكوفة ، وهذا البلد الأمين مكة .
وفي استشارة لعمر بن الخطاب ، استشار فيها الإمام علي (عليه السلام) ، فقال له الإمام (عليه السلام) : ( الكوفة للهجرة بعد الهجرة وإنها لقبة الإسلام ، ليأتيها يوم لا يبقى مسلم إلاّ وحنّ إليها ، لينصرنّ بأهلها كما انتصر بالحجارة من قوم لوط .. ) .
وفي مناسبة أخرى يقول (عليه السلام) : ( وكم يحرق الكوفة من قاصف ويمر عليها من عاصف ! وعن قليل تلتف القرون بالقرون ويُحصد القائم ، ويحطمُ المحصود ! ) .
وكان الخليفة عمر بن الخطاب يقول : ( الكوفة قبة الإسلام وكنز الإيمان وجماجم العرب ورمح الله الأطول ، وبهم يدق الله عز وجل أجنحة المنافقين ) .
وهكذا تتوالى الأقوال ، بما لا يسع المجال لها عند محدودية الموضوع ..
من المراجع
1- ابن الأثير / الكامل في التاريخ / مج 2 / دار الفكر / بيروت / 1978 .
2- ابن خلدون / تاريخ ابن خلدون / مج1 / القسم الرابع (4) / دار الكتاب اللبناني / بيروت / 1960 .
3- ابن منظور / لسان العرب / مج 3 / دار لسان العرب / بيروت .
4- الطبري / تاريخ الطبري / ج4 / دار القلم / بيروت .
5- لويس معلوف اليسوعي / المنجد في اللغة والأدب والعلوم / ط5 / المطبعة الكاثوليكية / بيروت .
6- هاشم حسين ناصر المحنك / أوضاع الكوفة الاقتصادية في عهد أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) / دار أنباء للطباعة والنشر / النجف الأشرف – العراق / 2003 .
7- هاشم حسين ناصر المحنك / تمصير الكوفة وعمرانها حتى نهاية العهد الراشدي / دار أنباء للطباعة والنشر / النجف الأشرف – العراق / ط2 / 2010 .
8- ياقوت الحموي / معجم البلدان / مج 4 + مج 5 / دار إحياء التراث العربي / بيروت .



#هاشم_حسين_ناصر_المحنك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - هاشم حسين ناصر المحنك - استذكار خطط الكوفة