أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد فرحات - تجاعيد 1














المزيد.....

تجاعيد 1


أحمد فرحات

الحوار المتمدن-العدد: 4020 - 2013 / 3 / 3 - 13:01
المحور: الادب والفن
    



ربما يصلح الشغف الآن ما أفسدناه معا طيلة السنوات السابقة ، ربما سيجعلنا الشغف مرة أخرى نجري وراء بعضنا في حجرة الطعام ، أخبّرك سرا بصوت خفيض : أحتاج منك إلى جرعة جديدة من النسيان ، أعلم أن تلك الأيام صداها يوسوس في أذنيك قبل النوم وأثناء الجماع المجاني الذي حصلت عليه مؤخرا ، سعيد أنا باللقاء وبالفراق معا ، رجل جديد وجيد ، نعم ، أسمع أصواتا قبيحة كل يوم تخرج من أفواه أقبح وأترجم ما تقول بحرفية ، أشاهد عمالا ملوثة أيديهم بالزيت والهباب يتناولون بها زادهم بشهية مفتوحة ، أقرأ لرجال يحتقرون قراءهم أكثر من احتقار قرائهم لهم ، وأرفض الاعتراف كل صباح أن هذا الوجه القبيح الذي يطل من المرآة هو وجهي ، وأنتظر الوجه الأنيق آخر المساء بعد تحصيل المستحقات من العملاء لأصرف على بيتي ونشواتي ، هكذا بكل واقعية وبساطة وسيمترية مكررة ، أتذكر جيدا آثار القيود البلاستيك على معصمي ، أتذكر جيدا سرادق العزاء ، أتذكر J W Marriotte ، ثم أقول لك : ضعي كل هذا تحت حذائي ، الراوي أصابه النسيان ، أفسد الوقت المتع ، تعفنت لحظاتنا في الأرشيف ، مع كل الكلمات الرديدة التي استهلكناها في القصص والحكايات ، سيكون على آخر أن يقص أو يؤلف ، لم أفتح التلفاز منذ التنحي ، لم أؤمن قط بثورة أبطالها يحتفلون بأكبر خازوق يدخل من أدبارهم ويخرج من الرؤوس ، هذا الفتى المؤدلج يتنكر للحظات ، يرمي بالغالي والرخيص في نفس صندوق القمامة ، أعرف ردك الآن وانفعالك ، ولكن ابلعيه ، لا أمل ، منذ شاهدتك عارية ومات الطفل الذي أحببت ، والرجال كلهم صنف رديء لا يختلفون كثيرا رغم ما يوهمون به من اختلاف ، إنه حوار مفتوح بيننا ، ليرفع كل واحد منا صوته على الآخر أثناء إدلائه بالحجة ، سأقذف في وجهك كل الحقائق المفزعة عني ، واحدة تلو الأخرى ، بمنتهى الرتابة التي تتذكرينني بها كل يوم ، سأقشر لك البطاطس ساخرا ، أشرب شايا و سيجارا برجوازيا رغم ماركسيتي ، أشارك في كل أصناف الخديعة بضمير يقظ لا يلوم ، يقول لي الصنائعي المحترف : إنني أدمر كل يوم صحتي بالترامادول والبرونكوفين وأحيانا بالكلة حتى إذا قامت الحرب لا أشارك فيها ، يا أستاذ لا أحد يحارب لولاد الوسخة ، أؤمن على كلامه و أشجعه صباحا وأشجبه مساءا ، وكعادة المثقفين أنقل كلامه بدقة وأعطيه أهمية وجودية لإبراز الجدلية الدائمة ، ثم أسخر من الكلام ومنه ومن نفسي ، ثم أندم قليلا على الإفراط في السخرية ، ثم أعود أسخر من الندم ، ثم أندم مجددا ، هذا الاحتراب الداخلي يبقينا أحياءا ، يمهلنا أو يمهلني أنا على الأقل يوما آخر من التأنق بالعدمية قبل فوات الأوان ، لا أحد هنا يحب اسمه ، جربي معي هكذا ، قولي اسمك بالكامل ، تذكري أباك وجدك وجد جدك ، ستجدي إدانة فورية منك لهذا التاريخ الممتد من السفالة والخطايا والانحدار ، لا تلومي إذن إذا قدر لنا أن نتعانق ونتضاجع ثم لا ننجب أبناءا ، هل تودين حقا أن ينبع طفل من مخرج القذر ؟ ، لا أظن ، حسنا ، تقبلي مني هذه الوردة ، أمسك بسوط وأهددك إذا لم تبتلعيها ، سأجلد كل ذكرى يحملها جسدك ، عفوا ، أنا لا أجلد جسدك أنت ، أنا أجلد ذكرياتي فوق مسامه اللينة ، عقابا لنفسي أولا وأخيرا ، أنا رجل أضتنه الشوارع ، أضناه اللف و الدوران ، والهروب من الكمائن ، والكذب ، أنا أكذب بمقدار أكواب الشاي التي نتناولها كل يوم حتى نذوب البرشام ونرفع الرؤوس بالكودايين ، هل لازلت تحتفظين به ؟ ، تلك الزجاجة التي شربتها على فم واحد ، وجلست يومها على المقهى تضحكين كالملاك وتشرحين أسباب السعادة للأصدقاء ، هل كنت تعلمين أنك تحت تأثير المخدرات ، وأن السعادة لا تنال إلا بالأوهام ، لقد صدمت أخي بالسيارة وشعرت أيضا بسعادة ، تخيلي ، أوزع اليوم نسخا من هذا الكلام ليدرك الجميع الخيبة الثقيلة ، إنها ليست خيبتي وحدي ، إنها خيبتنا جميعا ، ارفعوا أصواتكم بالحجج أو الغناء ، تخيروا ، قبل أن تسلخوا من أمخاخكم الذكريات بالأمواس والقصص ، كانت جالسة بجواري في السينما ، نشاهد فيلما يتحدث عن نهاية العالم ، وكانت ترتعد من الأورجازم ، سحبت يدي بلطف ، وقبلتها ، وقلت لها نهاية العالم ستشبه هذه الرعشة ، وانصرفت في هدوء......



#أحمد_فرحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انفعالية الأصدقاء
- أجازة مرضية لرجل جديد وجيد
- مرثية هذا الشيء اللعين
- الانفعالية : شخصية
- القمار
- تنويعة بوهيمية
- عصر الباكتريا
- وردة الفيولا
- مرثية المريد
- اللا ميدان
- الماديون الجدد سردا
- ( قصة قصيرة جدا عن حلمي سالم )
- برومازيبام
- مدينة الإنسان
- داندي قلق
- انفعالية : كلنا خالد سعيد
- قراءة في مجموعة البقاعي الشعرية الجديدة الصادرة بالإنكليزية ...
- توحّش سلس: قراءة في مجموعة مرخ البقاعي الانكليزية الجديدة
- توحّش سلس: قراءة في مجموعة مرح البقاعي الشعرية الجديدة


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد فرحات - تجاعيد 1