أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - كيف تولد الأعنية .. الطور الصبي أنموذجاً















المزيد.....

كيف تولد الأعنية .. الطور الصبي أنموذجاً


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1157 - 2005 / 4 / 4 - 10:13
المحور: الادب والفن
    



{ هو الذي سكن عيون زرقاء اليمامة وتذكر عري عشتار وغناء المندائي روحي }

1 ـ في الأديم البعيد . البعيد حتى نهاية الجفن تقع قريتنا على حافة الخارطة الرطبة من جنوب بلاد سومر حيث أول ما أعطانا الله : الأنبياء والشهداء . وبهم فزنا بالموت العظيم والفقر العظيم والأغنية العظيمة ..
في ذلك الأديم الغريني الذي يشبه قبلة عصفور لخد حبة الرز زرع المندائيون الروح المتفقهة والنقطة المتصوفة وأقاموا حدائق من كرستال النجوم وزرعوها على قراءاتنا الخلدونية *.
هم بظفائرهم الطويلة مثل حبال الضوء في الشمس الشتائية يصنعون بنظراتهم خلجات الروح ويبيعونها قلائد عطر في أسواق الحب
وما اشترينا لأننا فقراء!
الذين اشتروا فقط هم المستشرقون وقناصل الدول الكبرى ورئيس شركة الهند الشرقية
كان تراثهم عذبا كناقوط* الحب ..وشفافا كدمعة سيدة مندائية فقدت ولدها في الحرب
قراءناه بتفاصيل مشفوعة بتخيل أن الله صنع النور أولاً وبعده صنع أمهاتنا ..
أننا نراهن الآن يسبحن بجرف الشط ويغنين بطور الصبي أويلاه ..أويلاه
عمري شذرة خاتم
تذكرني زرقتها بحبيبي الغائب في طرق الهجرة وحجابات الموت وصدر عشيقته
أويلاه ..أويلاه ..
هذا الطور التوراتي المنسوج بخيوط الذهب المعير‘ بلهفة شوق ورد النرجس للفراشة البيضاء
يدرك في ديمومته الروحية الشغل الشاغل من معاناة النفس وهي تبحث عن سرها بين أغاني البوب وغيتارات البيتلز وما تنطقه تينا جارلس بزنوجة قهر المذبوحين بسكاكين كولمبس
فأتذكر ضحكة رجل المارينيز
وأستغفر ربي ..واغني بالطور الصبي
{ أويلاه ..أويلاه .. على الحجي أويلاه
يلبسني قلائد
وينزعني قلائد
وفمه عندما أشمه ..
أشم الآه وياه
أويلاه على الحجي أويلاه ..}*
هذا شيء من عطر الأغنية وهي تصبغ روح الكون برداء الموسيقى
طور مندائي
وقف عند حدود التأمل في عيون إبراهيم
وانتهى بطور سيناء في مقدمة عصا موسى
يسحبني بلذته وجمال روحه
ويقودني إلى عذوبة السفر وأنا جالس في بيتي
حيث سقط المطر وخرت صريفتنا *
غير أن عباءة أمي وحنانها صارت لرجفتي مظلة
وتحت هذه المظلة أسير الآن في شوارع باريس
وأنا في صريفة بيتي
أصافح خيال شيراك وأزور اللوفر واتحسس بنطال رامبو واهدي صبغا أسودا لشيب المتعجرفة باردو وأرمي لقططها سمكا من هور سوق الشيوخ.. ثم أعود مشيا إلى وطني
ولم أحفل بليلة سرير مع امرأة جميلة
أويلاه ..أويلاه
عذب هذا الطور ..
من شجن القصب أتى ومن صوت الناعور
عذب كقيامة شوق التأريخ لضحكة نابليون وفقه علي ونظرة حب يطلقها كاهننا الكنزفرا جبار
عذب حين تخلقه مداولات الصالونات واستوديوهات الموسيقى وقاعات اليونسكو
عذب حين يطل على وجد الذكرى ويصير كتابا أو قاموسا أو رسالة حب نبعثها من ليل فرات العشق الروحاني إلى كل فقراء العالم
وأولهم ضحايا توسينامي..
أو أولئك الذين قتلهم إرهاب السيف ببغداد
هكذا أتصور الأمر ويتصورني
أضعه عند حدود الأمل بإشراقة دمعة
ثم أصوغه شهقة فراش
وبعد ذلك أدخل غرفة إنعاش
وأنا تحت مخدر طور صبي يبدا ب : أويلاه ..أويلاه
هكذا ولدت تلك الأغنية الطينية وبرقت في ليل الهور كعيون زرقاء اليمامة
ومنها تخيل بيكاسو للسلام حمامة ..
وربما هي التي دفعت شاعرا عذبا كالنواب ليكتب الريل وحمد*
وربما بسببها أستشهد عبد الصمد
وهو ليس له في الكارون* نخله ..
هي أغنية مصنوعة بديالكتيك خاص..
أو انه طور نوراني وصوراني أتى من دهاليز الزمن
ليقول لكم أن بعض أشواق الله أغنية ..
وإلا لماذا أبتسم النبي حين أنشد أهل يثرب : طلع البدر علينا
هذا يعني أن في النشيد روحا عذبة ..
وهذا يعني أن الله يحب الأطوار الروحانية ومنها ما جعلنا نشتاق إلى رقص البط وأذان الجامع وصوت تراتيل المندي* ..
ونحن نسير بمساء ماطر في شتاء باريسي
يوم خرت علينا الصريفة
وكعصافير بللها القطر لذنا بعباءة والدتنا عفيفة
ألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألألأه
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
ــــــــ
* الطور الصبي : ضمة على الصاد وينسب إلى الطائفة الصابئية ـ المندائية وهو من أشهر الأطوار الغنائية الشعبية العراقية وولد كما في التأريخ وفق الرواية التالية : أن ناصر السعدون رئيس عشائر المنتفك وهو متصرف لمدينة الناصرية والمسماة على أسمه والتي بناها الوالي العثماني مدحت باشا في عام 1873 م .قد أرسل على { روحي شعلان } وهو صابئي يسكن قضاء سوق الشيوخ في الناصرية جنوب العراق وكان حدادا وطلب منه أن يغني بيتا من الأبوذية وبسرعة وإلا قطع رأسه ..وشهر سيفه عليه فأرتجف { روحي شعلان } خوفا وقال : { أيا ويلي }..فنظم بيتا وغناه خوفا من قطع رأسه والبيت يقول :
{ جلد لاجن جفاني النوم جلداي
وحل اليوم بين الخلك جلداي
أغني لو يذر الشيخ جلداي
لو أمشي وتظل داري خليه }
ومن هذه الحادثة نشأ الطور الصبي والذي يبدأ { بيا ويلي } وقد غناه بإجادة تامة مطرب في الناصرية هو { جبار ونيسة } وكذلك المطرب حسين نعمة .
* القراءة الخلدونية : وهو ما يطلق على كتاب القراءة في الأول الابتدائي في المدارس العراقية وقد وضعه أبو خلدون المربي ساطع الحصري وكان أشهر من درس هذه المادة في الناصرية هو المندائي المرحوم دهلة قمر . وهو ذاته تم الاستعانة به لتدريس طرق تدريس الخلدونية في معهد أعداد المعلمين في الناصرية .
* ناقوط الحب : وهو الماء المتساقط من الزير الفخاري الذي يحفظ فيه العراقيون وخاصة في جنوب العراق الماء في الصيف ليصبح باردا وهذا الزير الفخاري يسمى { الحب } بكسر الحاء.
* هذا شطر غنائي متداول بالشعبية ومنه مقاطع إباحية تعاملت معه قليلا بالفصيح .
* الصريفة : غرفة تبنى من القصب ويعتقد أن مساكن السومريون سكان الأهوار القدماء كانت مساكنهم على شكل صرائف .
* إشارة إلى أغنية الشاعر العراقي مظفر النواب : الريل وحمد التي كانت عنوانا لواحدة من دواوينه الشعرية ومغناة من قبل المطرب العراقي ياس خضر .
*الكارون نهر يقع في أقليم عربستان ويصب في شط العرب وعلى ضفافه حدثت معارك ضارية بين الجيش العراقي والإيراني في حرب الثمان سنوات .
* المندي : مكان العبادة والصلاة عند الطائفة المندائية .



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أغنية البرتقالة ومدينتنا العزيزة دبي
- مكاشفة الروح الكبيرة للروح الصغيرة..ايها الولد للآمام الغزال ...
- !تضاريس وجه المونليزا ..( مقاربة حسية مع وجه الوردة )..ا
- .. بعد فيلم آلام المسيح لبيل جيبسن..من أصلح لعمر الشريف ..دو ...
- الفنان أحمد زكي ذاكرة مصر السمراء وفرعونيتها المدهشة
- الشعر يرثي مشهد قتل وردة ..
- ذكريات رواقم حوض بنجوين
- أور المدينة التي ولد فيها إبراهيم الخليل ع
- المقهى السومرية والخوذة الأيطالية
- التأريخ السومري بين غبار الألواح وغبار اليورانيوم
- ونفشيوس وأمي والهدهد
- الطريق الى حلبجة
- ثقافة الجنوب العراقي فيدراليا
- زيارة مسائية لعزيز السيد جاسم
- بورشيا محتجزة في معتقل أم قصر
- الجواهري العظيم أستعادة لثلاثة مشاهد
- ليلة تحت سقف النجوم في قرية بعاذرا الكردية
- الفرق بين جرنيكا والأباتشي
- البحث عن الارصدة المالية لنوري السعيد والزعيم عبد الكريم قاس ...
- .. بالسحر تبرق عيناك ياأخمانوتوفا وبالحب تضئ عيون أمي ليل وط ...


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - كيف تولد الأعنية .. الطور الصبي أنموذجاً