أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين القاصد - نسق الايهام والتعويض عند اجود مجبل في سيد العربات















المزيد.....

نسق الايهام والتعويض عند اجود مجبل في سيد العربات


حسين القاصد

الحوار المتمدن-العدد: 4020 - 2013 / 3 / 3 - 03:59
المحور: الادب والفن
    



(إلى محمد بوعزيزي الفتى التونسي الحالم الذي لم يُمهلوه حتى يبيعَ ما في عربتِه من الخُضار، فاقترحَ النارَ على جسدِه ليقرأَ رمادَه الطغاة)

بهذا الإهداء يبدأ اجود مجبل رحلته بالبحث عمن يساعده لكي (يحك جلد المدينة)، والشاعر لايعنيه ولن يعنيه ماحدث لمحمد بوعزيزي بقدر ماهو مشدود إلى نسق التعويض، انه يحاول تعويض إحباطه بأمل محبط ومخدوع اسمه (محمد بو عزيزي) هذا ما يفصح عنه النص وان بدا الشاعر متعاطفا مع البوعزيزي لكنه أجاد الحيلة الثقافية، فكل الأماكن التي تظهر أسماؤها في القصيدة ترتبط ببغداد ارتباطا نفسيا مباشرا لتوقع الشاعر في فخ الافصاح الجزئي.
هاهي الأرضُ واقفةٌ خلْفَ بابكَ
تُشرِقُ فيها الفرائسُ
إِئْذَنْ لها ياحبيبي لتَدخلَ
إنّ غُبارَ المماليكِ أفسدَها
والجنودُ يبيعونَ يوسفَ
كالنفطِ بالعُملةِ الأجنبيةِ كلَّ صباح ٍ
وأنتَ على شاطىءِ المتوسّطِ

لكَ المجدُ يا سيّدَ العرباتِ
التي صُبحُها خُضرةٌ ومواويلُ
تُنشِبُ وجهَكَ في صحوِهِم وتغنيّ:
(إذا الشعبُ يوماً)
فتنهمرُ الطلقاتُ كسِرْبِ جرادٍ
يُعيرُ البساتينَ تذكرةً للخريفِ
وتأتي العواصمُ مدعوكةً بالأناشيدِ
والصبيةِ الشاهقينَ
(إذا الشعبُ يوماً)
ونارُكَ تَقري الضيوفَ على شاطىءِ المتوسطِ
والهاربينَ لليلِ الفرنْجَةِ
فوقَ قواربَ
كانتْ تخونُ مواعيدَهم دائماً
ثُمّ ينساهُم البحرُ والساحلُ العربيُّ
(إذا الشعب يوماً)
وهذا رمادُكَ بَوصلةً للملايينِ
علَّقَهُ الفتْيةُ القلِقونَ ببغدادَ
فوقَ المداخلِ
تعويذةً للطغاةِ
وطافتْ عليه الجماهيرُ سبْعاً
رمادُكَ تحمِلُه الفتياتُ بطنجةَ
ورْداً لقمصانِهنَّ
وقُرْبَ أبي الهَولِ
خبّأهُ الكادحونَ (الغلابةُ)
تحت سريرِ زُليخةَ
فاغتسلتْ بالهديرِ بيوتُ الصفيح ِ
وأقبلَ سُكّانُ (وادي الملوكِ)
وسُكّانُ وادي الصعاليكِ
مَنْ غَرسوا في المقابرِ أكواخَهم سائلينَ:
تُرى مَن سُيقنعُ هذي الرمالَ بمجدِ العواصفِ؟
مَن سيدُلُّ على النيلِ أقدامَنا؟
هاهو النيلُ
يدخُلُ في ساحةِ الثورةِ الآنَ
يغسِلُ أوْجُهَ مَن سهِروا
يهتِفونَ بطاغيةٍ قاحلٍ:
إرحلِ الآنَ عن حُلْمِنا الشجريِّ
الشاعر يبحث عن ملامحه ؛ ففي النيل يبحث عن دجلة، وفي المقابر والاكواخ يبحث عن اشقائه في الفقر والحرمان.. ثم يتساءل من سيدل النيل على اقدامنا؟؟ ولايريد جوابا.. لان النيل دخل ساحة الثورة لكن دجلة مازال مقيما في السهو!!!
......
محمّدُ،
يا ابن المُقيمينَ في السهْوِ
هذا دمُ الصمتِ في الأغنياتِ يسيلُ
(صمت اجود مجبل وانين داخل حسن فالعراقيون يبكون غناءً)
محمدُ،
يا قمحَ أفريقِيا المتوهِّجَ
بين الدروبِ التي أيقظَتْها الطبولُ
وسارَ عليها الجياعُ عبيداً
إلى سفُنٍ في دُجى الأطلسيِّ
لترميَهُم في مزارع ِ تَكساسَ
قمْ يا محمدُ، هذا رمادُك يسرِقُه المُظلمونَ
يدُسّونَه في المصارفِ أرصدةً
ان الشاعر يرسل صوته من اقصى زوايا الإحباط القاتل ليقول الى محمد البوعزيزي انك مخدوع جدا مع ذلك ليس لي وجهة غيرك أناديها..
ثُمَّ يبنُونَ منه قِلاعاً لأبنائهم في الضواحي
محمدُ،
هاهُمْ رفاقُكَ بعدَك ظلّوا يحُكُّون جلْدَ المدينةِ
((انه يوظف الاستعارة الجميلة في (جلد المدينة) ليمنحنا خيطا من خيوط المضمر في خطابه.. فالمدينة جاءتها الحكة بعد ان اصابها جرب الملتحين))
أو يرجُمونَ الملوكَ بأيامِهم
ويقولونَ:
إنّ لنا حِضْنَ هذا الشتاءِ
الذي مَرّ فيه الرصاصُ قريباً مِنَ الحُلْم ِ
ماذا يريد؟؟ الرصاص مر قريبا من الحلم.. هو نسق الايهام الذي يربك المعنى لدى المتلقي!! فلو أصاب الرصاص الحلم سيقتله.. ويحزن المتلقي اللحظوي.. لكن الشاعر بأفقه البعيد يريد قتل الاحلام كي لاتنجب احلاما ميتة متهمة بالوضوح.. يريد حلما خفيا.. وهو هنا يوبخ سيد العربة لانه جعل الحلم واضحا ليمسك به الطارئون قبل ولادة الحقيقة
فـ (قلْ للمليحةِ)
إنّ الخِمارَ الذي كان أسودَ
أصبحَ نهراً من الضوءِ
يغسِلُ ماوسَّخَ الحاكمونَ
و(قلْ للمليحةِ)
يوماً سيأتي إلى بابِكِ الخاطبونَ
يُضَمِّخُ لَيلَهُمُ العشقُ
فاستقبليهِمْ
فهمْ فِتيةٌ آمنوا بأصابِعهِم
فنَمَوا وطناً لا يُشارُ إليهِ بغيرِ الطيورِ
هنا يمارس الشاعر نسق الاستنساخ.. فلاعلاقة لاجود بالخاطبين ولاعلاقة له بمن سيستقبلهم.. اجود يخاطب بغداد كما سنرى.. فالازهر الفاطمي يعني اجود اكثر مما هو يعني البوعزيزي.. واغنيات عبد الوهاب سيعقبها بيت في الجزيرة ونبي وسيم.. كل هذا... تفصح عنه (بابل خلف السهاد) ليدخل الى نصب الحرية ويبحث عن عبد الكريم قاسم في اصل الحياة في الأب الحقيقي لاجود مجبل.. فمن دجلة الى النيل الى العربات الى الصحراء الى بغداد ثانية يسير اجود مجبل برفقة ابيه بحثا عن ابيه.. والعربات جميعها عربات اجود مجبل.. عربات دجلة.. عربات الكرخ.. عربات الناصرية.. عربات الفقراء..
لنا شمسُ أَسوانَ تضحكُ للقطنِ
وأروقةُ الأزهرِ الفاطميِّ
وقاهرةٌ علّمتْ هذه الأرضَ حريّةً لا تُسمىّ
لنا صمتُ خوفو
وأنغامُ عبدِ الوهابِ
لنا في الجزيرةِ بيتٌ
وعينا نبيٍّ وسيمٍ
وبابلُ خلْفَ السهادِ
تمُرُّ كِتاباً من النخلِ
أو هدهداً كان يأتي يحدِّثُ عن وطنٍ
فيه أَفعى التواريخ ِ
ظلّتْ تُقاسِمُه شمسَه والمياهَ
((حين اقتبس اجود مجبل ماقاله: ابو القاسم الشابي (اذا الشعب يوما اراد الحياة) تمادى بالحيلة الثقافية لايهامنا بأن القصيدة تخص التونسي، ولكن مضمره يظهر مع (نا) المتكلمين مع كل (لنا) الى ان يربط الاقتباس البعيد بنصب الحرية فيكون المضمر عراقيا محضا فيوسف العراقي كان ضحية لزليخة العربية وكل شيء بعد كل (لنا) يقولها اجود مجبل.. يعني بأنه كان لنا، وهو يضمر نسق التعويض.. يعوض الأصبح بالذي كان))
لنا تحت (نُصْبِ جوادٍ)
جماهيرُ تضبِطُ ساعاتِها
وفْقَ توقيتِ أحلامِه وتقولُ:
لنا حزْنُ بغدادَ
هرَّبَهُ سَندبادُ وراءَ البحارِ
لنا قمرُ بنِ زُرَيقٍ
مِنَ الكَرْخ ِيطلُعُ كلَّ مساءٍ
على باسقاتِ السجونِ
وبابُ المُعَظَّمِ يقرَعُه الجائعونَ اليتامى
لنا شهرزادُ التي عمِلَتْ في الرصافةِ أرملةً
فاعتراها الرصيفُ
وراودَها واعظُ البلديّةِ والمخبرونَ
.....
من كل هذا الذي قال عنه اجود مجبل (لنا) ويقصد (بنا) خرج بنتيجة موؤودة وهي:

لنا مجْدُ (عبدِالكريمِ)
يُشيّدُ للفقراءِ بيوتاً
ولا بيتَ يُؤويهِ حين يَعودُ وحيداً
سِوى غرفةٍ في (الدفاع)
سيبقى دمٌ منه معشوشِباً في الأذاعةِ
ينتظرُ الأصدقاءَ
وفي دِجلةٍ قبرُه
كلَّ فجرٍ تحُجُّ إليهِ النوارسُ
إنّ لنا كلَّ هذا الغناءْ
كل هذا الحزن والبكاء كل مستقبلنا الماضي انه يصر على استبدال (الاصبح) بالـ (كان) لأننا في امة تقتات على من ماتوا لا على من يحصدون احلام يتامى الامجاد...
لنا مجد عبد الكريم.. في هذه الجملة الشعرية يوقع اجود عقدا مع القارئ او المتلقي.. ولعلنا نلمس في ختام القصيدة.. ان سيد العربات (البوعزيزي) كان جسرا لاجود ليصل الى عنوان القصيدة وخاتمتها في آن واحد ؛ فالخلاصة التي اميل اليها.. ان سيد العربات هو اجود مجبل المتمثل بمجد (عبد الكريم).. هكذا كانت جولة اجود بنا حيث طاف حول كل المتشابهات ليصل بنا الى داخله الى اجود نفسه.



#حسين_القاصد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى منحتموه الثقة لكي تسحبوها ؟
- الطاغية والمثقف .. نسق التصدير عند عبد الله الغذامي
- قانون محو أمية الشعراء
- تضامنا مع كاظم الحجاج ..
- الأنساق المضمرة في كتابات ياسين النصير
- الى / الاخت رسمية محيبس ، حق الرد على الرد ، والارهاب الثقاف ...
- ياسين النصير في الميزان قراءة ثقافية، الجزء الثاني
- ياسين النصير في الميزان قراءة ثقافية / ج 1
- ياسين النصير في الميزان
- حين يرتبك المعنى
- في سجن رأسي
- الأرض تركض خلف الارض
- ياهيبة المعنى
- لطم (شنودة)
- التجربة الدمباركية
- الحُسنيون والتكفيريون والقاعدة
- معليش احنه بنتبهدل
- دهشة النارنج
- انثى النساء


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين القاصد - نسق الايهام والتعويض عند اجود مجبل في سيد العربات