|
ذكرى ميلادي
عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .
الحوار المتمدن-العدد: 4020 - 2013 / 3 / 3 - 00:20
المحور:
الادب والفن
حي التقدم - بني ملال 02/03/2013
بمناسبة عيد ميلادي
في مثل هذا اليوم من مارس عام 1991 ؛ كنت أنمخض في بطن امرأة ؛ كنت أرتوي الحياة ؛ هل كنت أعرف تلك المرأة ؟ من تكون ؟ من تكون تلك الحافلة بالحياة ؟ وهل تكفي المعرفة لفهم سر الوجود ؟ وهل كنت لأوجد أم ما كنت لأوجد ؟ ولماذا وجدت ؟ وكيف وجدت ؟ وهل أنا أوجد الآن ؟ ومن يستطيع أن يزعم بأنني أوجد ؟ وهل يكفي ترديد أنني أوجد إذن أنا أوجد ؟ قيل لي : " إنك ولدت في الربيع "، وقيل لي : " إنك ولدت في الحرب "، وقيل لي أيضا : " لقد عثر عليك قرب دومة عظيمة ! " ؛ " ما كنت لتوجد ؛ أنت لم يكن مفكرا فيك ؛ أنت ولدت صدفة، وحوربت بأعشاب الطبيعة، وبمكر الإنسان " ؛ " أنت ولدت نتيجة نزوة عابرة من نزوات الربيع البهيجة " . أ-حقا ولدت في الربيع ؟ كلا أنت لم تولد في الربيع !!! لو ولدت في الربيع ؛ لكنت نتاجا لحب ؛ أ-ليس الربيع موعدا ومكانا للتلاقح، والحب، والإنصهار ؟ يبدو لي أنك ولدت في الحرب ؛ ألم تكن تسأل أختك، فتجيبك على الفور : " أجل ؛ لقد ولدت في الحرب ؛ ولدت بين الدبابات، والطائرات التي أبادت الحقل، والخلق، والزرع ؛ قتلت الألوف، وشوهت الأنوف ؛ أجل لقد ولدت في الحرب " . أ-حقا ولدت في الربيع ؟ كلا أنت لم تولد في الربيع ؛ أنت ولدت في الحرب ؛ عشت حربا داخل بطن ؛ واجهت اليأس، والموت ؛ قتلت عزرائيل ؛ صفعت يهوه، فانتصرت الصدفة . أ-حقا ولدت في الربيع ؟ كلا ؛ أنت لم تولد في الربيع ؛ خضت حربا مع امرأة ؛ خضت حربا مع رجل ؛ ناضلت من أجل الربيع ؛ من أجل الحب ؛ رفعت علم السلم ؛ هي رفعت ؛ هو رفع علم الحرب ؛ ألم يريدا قذفك في السديم ؟؟ من تكون تلك المرأة، وهل هي حافلة بالحياة كما قلت ؟ إن المرأة هي الحياة، وإن جسدها مبوب بثمارها، ولكن من تلك المرأة ؟ أ- يكفي ذكرها ؟ كلا ؛ إن الذي يكفي هو فعلتها تلك التي كادت أن ترميني في عدم معدوم لولا نشداني للربيع، وللحب، ولتضاريس الجسد الذي انفلقت منه ؛ كيف أعدم، وهو أمامي يرقص، ويتبخر بميسم الكلمات . أ-حقا ولدت في الربيع ؟ أجل ولدت في الربيع ؛ ولدت لأنني أريد أن أوجد ؛ أريد أن أخلص ذلك الجسد من شبح الموت الذي يلاحقه ؛ أريد أن أحارب العدوى التي تلاحقني . تستطيع أن تحاربها ؛ لأنك شقيت طريقك تواجه الشروخات، والتشظيات ؛ ألم تكن مندغما في الطبيعة ؟ سرعان ما أصبحت نقطة مني ؟ سرعان ما شقيت طريقك نحو قنوات الحياة ؟ نحو بطن ؛ نحو امرأة ؛ كنت أنت هي، وكانت هي أنت ؟ أوليست هي الآن أنت هي، وهي أنت أنت ؟ ولماذا أرادت أن تدمرك ؟ تلك هي انشراخات النسوان !! لا يهم ؛ إن التدمير، والقتل، والسفك ؛ كلها وسائل نختبر فيها مقياس وجودنا ؛ لا يكفي أن نوجد ؛ بل أن نناضل ضد العدم، والسديم، وضد كل من يعترض سبيلنا من أجل إثبات وجودنا ؛ ذلك الوجود الذي يشبه جسدا ثائرا على ملابسه ؛ شعرا منسدلا يتحرك ملء إرادته ؛ صفحة بيضاء لم يشقها قلم . أجل ؛ أجل... أنت توجد الآن ؛ أما كنت، ومازلت تناضل من أجل هذا الوجود ؟؟ كلا ؛ ما ولدت في الربيع إلا لتناضل ؛ أ-ولدت قرب دومة، وكنت مرغوبا، وغير مرغوب ؛ أ-ولدت في الحرب ؛ أو في الربيع ؛ المهم أن تعرف من أنت ؟ ومع من أنت ؟ ذلك هو الميلاد لذات متشظية ؛ أنوية، وغيرية تنشد الحب، والحياة ؛ لا لشيء ؛ إلا لأنها انفلقت من الكره، والموت شاقة طريقها نحو الحب، والحياة.
#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تلك
-
أ- تبكين ؟
-
الضحك
-
العاملة الجنسية
-
رسم
-
وردة أهديها إلى الحياة ؛ إلى الحب
-
الحب المفقود
-
إنجراحات
-
حذاءان
-
إنهجاس الذاكرة
-
هواجس الذاكرة
-
زفرات (1)
-
زفرات (2)
-
إنطراحات- إنهجاسات
-
جانب من أغاني الثورة والحياة
-
تقرير حول مفهمة مفهوم العنف
-
خواطر زقومية - 2
-
خواطر زقومية
-
نقد ذاتي-1
-
فاطمة ؟!!
المزيد.....
-
جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
-
“العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
-
المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب
...
-
نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط
...
-
تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
-
السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
-
فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف
...
-
بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ
...
-
مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|