أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابحيدا محمد فاضل - التحيز المعرفي















المزيد.....

التحيز المعرفي


ابحيدا محمد فاضل

الحوار المتمدن-العدد: 4019 - 2013 / 3 / 2 - 22:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هناك معارف وهناك علوم ، والمعرفة أوسع مفهوما من العلم إذ نجدها بنسب متفاوتة بين مجالات عدة،وإذا كان كل علم يحقق معرفة نسبية بحدود فإن المعرفة ليس بالضرورة أن تحقق علما بمعناه الدقيق ، ومع ذلك الحاجة إلى المعرفة أكثر ضرورة من العلم ذاته فهي متصلة بجميع أوجه الكون والحياة دون استثناء بينما العلم يطلب شروطا محددة لتحقيق نتائجه ، وكل مجال يتعامل معه الإنسان له نصيب من المعرفة ، يزداد هذا النصيب ويقل بحسب عوامل موضوعية وعوامل ذاتية .

والعوامل الموضوعية تتعلق بطبيعة المجال والموضوع تحت الدراسة ، وذلك كالتالي : مدى قرب الموضوع المعالج من المجال المعني - امتلاك المجال لأدوات تسهم في تحقيق معرفة - ومنهج يحقق بوضوح مسار المعرفة - علاقة المجال بنشدان الحقيقة رغم اختلافاتها - خصوبة المصطلحات وإمكانات استثمارها .

أما العوامل الذاتية فتتعلق بمن يهتم بالمجال ومن يتعامل مع الموضوع المطروح ، وذلك كالتالي : مدى تحقيق روح البحث والحياد المعرفي - سعة إطلاع وأفق الباحث بما يخص الموضوع - مرونة الباحث وقبوله لتغير التفسير والمفاهيم .

في العلوم تتحقق العوامل الموضوعية بصفة أكبر ، فنجد الموضوع ينطبق بالفعل مع المجال ، وتمتلك العلوم أدوات خاصة بها ، وتدرس العلوم قضاياها وفقا لمنهج يتسم بوضوح شديد ، كما أن العلوم تركز على إثبات حقيقة واضحة المعالم غالبا تكون واقعية ، وأيضا فالعلوم تستخدم مصطلحات بدلالات متعينة .

وإذا أخذنا ما يتعلق بالعوامل الذاتية في العلوم ، فإنه على الرغم من أن الدور الرئيسي للعالم أو الباحث يتمثل بقدراته وبذكائه إلا أن الخطر يكمن في خروج الباحث عن محددات الموضوع الذي تدرسه العلوم وضعف إحاطة العالم بموضوع دراسته مما ينعكس على أفقه المعرفي فيضيق تبعا لذلك ، كما أن عدم التزام العالم أو الباحث بمصطلحات موضوع العلم وانحراف استخدامها يؤثر سلبا على النتائج العلمية .

والعلوم الحقيقية وفق الأدوات والمنهج والمصطلحات هي بالدرجة الأولى العلوم الطبيعية والتجريبية والرياضية ، وحتى فلسفة العلوم المبنية على بعض نتائج تلك العلوم لها منهج واضح ولا تتدخل عشوائيا بالنتيجة بقدر اهتمامها بالمفاهيم .

والعلوم الإنسانية التي تعتمد على دراسات إنسانية في النفس والمجتمع والتاريخ والإدارة والاقتصاد والقانون والآثار والحضارة وغيرها ، تلك العلوم الإنسانية لها جوانب من الدقة والنتائج بحيث تقترب من العلوم لكن تلك الجوانب محدودة ، بينما الجوانب الغالبة فيها تعتبر فكرية وبصبغة معرفية لا علمية نظرا لعدم إمكان تحديد متغيراتها ومفاهيمها ، وأيضا لانفتاح قضاياها على منظومة الإنسان ذاته باعتباره موضوعا تتم دراسته . أما الآداب والفنون على تنوعها فهي تقدم ثقافة معرفية دون نتائج محددة من العلم ، وهي تتصل باللغة والذوق والجمال والأسلوب والشعور والتصوير الفني ، ولذلك فالآداب والفنون ترتبط دوما بالإنسان الفرد حتى وإن كانت لها صلات ما بمتغيرات البيئة والمجتمع .

والفكر والفلسفة متصلان دوما بالمعرفة وأبعادهما دوما معرفية من حيث البحث عن الحقيقة المعرفية سواء كانت كلية أو جزئية ، وإن كنا نجد أحيانا بعض مجالات الفلسفة يحمل علما مثل المنطق ونظرية المعرفة نظرا لما يتمتعان به من مصطلحات وصور أكثر تحديدا .

ولكن ما علاقة ذلك بموضوع حديثنا وهو التحيز المعرفي ؟ ...

أولا - نعني بالتحيز محاولة احتكار أو استحواذ موضوعات في نطاق علم ما أو مجال معرفي ما دون اعتبار لنطاقات أو مجالات أخرى من العلم والمعرفة ، بل ربما الأخطر أن تخصص موضوعات وتسحب مفاهيم نشأت في مجال معرفي ويتم إحالتها لمجال آخر باعتباره الحاضن لها دون تقدير أو مراعاة للمجال الأساسي . ولذلك فإن الاهتمام والتركيز على دراسة ومعالجة موضوع ما من خلال مجال معرفي محدد لا يعد تحيزا ، وإنما التحيز هو أن يتحول ذلك التركيز إلى مرجعية ثابتة للموضوع المعني بحيث تستبعد أي دراسات ومعالجات ضمن مجالات معرفية أخرى ، فمثلا قد يأتي باحث اقتصادي محاولا دراسة ظاهرة اقتصادية من خلال مفاهيم وعوامل ومؤثرات اقتصادية لوحدها مستبعدا أي دور لدراسة المجتمع الذي برزت فيه تلك الظاهرة وما يصاحبها من مؤثرات وعوامل اجتماعية ، فهذا مثال على تحيز للاقتصاد على حساب مجال آخر كالاجتماع أو ربما مجال آخر له دور ومستبعد من قبل الباحث نفسه .

وثانيا - نرى بأن ذلك التحيز والذي يحدث غالبا لا يقتصر على نطاق المعرفة دون العلوم ، فهو موجود في العلم بقدر ما هو موجود في المعرفة ، بل يتضح ذلك التحيز بصوره المختلفة في العلوم بأنواعها بمثل ما هو واضح فعلا في تطبيق المجالات المعرفية عند دراسة موضوعات متداخلة ، وأيضا هنا فيما يتعلق بالعلوم تنطبق ملاحظتنا حول اختلاف معنى الاهتمام والتركيز عن ما يعنيه التحيز ، فمثلا قد يأتي عالم جيولوجيا محاولا دراسة طبقات الأرض وما يتعلق بها من عوامل تعرية وتغير في التركيبات وأيضا أحافير ذات دلالة ، وكل ذلك لا خلاف على أنه ضمن اهتمامات الجيولوجيا ، إلا أنه قد يكتفي بذلك ليستدل من خلاله على نتائج بيولوجية وبيئية والتطور النوعي لكائنات الأرض وما يترتب على ذلك من قضايا كبيرة مثل التلوث البيئي ، فعندما يمارس ذلك الدور ألإقصائي فقد دخل دائرة التحيز التي نعنيها لأنه استبعد أدوار لعلماء الطبيعة النباتية والبيولوجية وأدوار لعلماء علم البيئة والتلوث البيئي ، وقد يحدث العكس وبتطبيق المثل نفسه إذ ربما يتحيز علماء البيولوجيا وعلماء النبات وعلم البيئة مستبعدين دورا للعالم الجيولوجي ولنفس الهدف المعرفي الذي ذكرناه . ومثال آخر على تحيز علمي قد يحدث عندما يدرس عالم كيمياء تركيب الذرة والتفاعلات والروابط وما يدخل من موضوعات ذرية من اختصاص الكيمياء فكل ذلك لا اختلاف عليه ، وإنما التحيز أن يستند هذا العالم على نتائجه باعتبارها التي تفسر حقائق ما تحويه الطبيعة من تغيرات وخصائص ، وذلك لأن تلك الأهداف المعرفية يشترك فيها عالم الفيزياء وعالم الفضاء وعالم النانو تكنولوجي وغيرهم فكل واحد له دور أساسي في تشكل معرفة كونية تتجاوز التخصص إلى رؤية متكاملة ، بل علاوة على ذلك فإن الفيلسوف وبمنهج مختلف يسهم في تلك الحقيقة المعرفية .



#ابحيدا_محمد_فاضل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطني الموجوع


المزيد.....




- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابحيدا محمد فاضل - التحيز المعرفي