أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مجدى زكريا - الايمان بالنبوات يحفظ الحياة















المزيد.....

الايمان بالنبوات يحفظ الحياة


مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 4018 - 2013 / 3 / 1 - 15:01
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


فيما كان يسوع يغادر الهيكل فى اورشليم للمرة الاخيرة , تقدم اليه احد تلاميذه قائلا : " يا معلم , انظر اى حجارة واى ابنية هذه ". فالهيكل كان مفخرة الامة اليهودية. لكن يسوع اجاب : " أترى هذه الابنية العظيمة ؟ لن يترك هنا حجر على حجر الا وينقض ".
ياله من امر لا يصدق. فبعض حجارة الهيكل ضخم جدا , علاوة على ذلك , دلت كلمات يسوع ان الدمار سيلحق بأورشليم وربما ايضا بكامل الامة اليهودية , التى يشكل الهيكل مركز عبادتها. لذلك الح عليه تلاميذه قائلين : " قل لنا متى يكون هذا , وماذا ستكون العلامة عندما تختتم هذه الامور كلها ؟ ".
فحذرهم يسوع قائلا : " ليست النهاية بعد ". فالتلاميذ كانوا سيسمعون اولا بحروب وزلازل ومجاعات وأوبئة فى مكان بعد اخر. وبعد ذلك , كانت ستجتاح الامة اليهودية كوارث هائلة ومرعبة تدعى " الضيق العظيم ". لكن الله كان سيتدخل ليخلص " المختارين اى المسيحيين الامناء , كيف ؟
مضت ثمان وعشرون سنة كان المسيحيون فى اورشليم يترقبون خلالها نهاية النظام اليهودى. فكانت الحروب والزلازل والمجاعات والاوبئة تبتلى الامبراطورية الرومانية (تفصيل نهاية المقال) وأصبحت منطقة اليهودية مرتعا للنزاعات الاهلية والبغض الاثنى. غير ان الناس نعموا بفترة من الهدوء النسبى داخل اسوار اورشليم المحصنة. فقد عاشوا حياة طبيعية بحيث كانوا يأكلون ويعملون ويتزوجون وينجبون الاولاد. فالهيكل المهيب منح سكان المدينة شعورا بالاستقرار والديمومة.
نحو السنة 61 بعد الميلاد , تسلم المسيحيون فى اورشليم رسالة من الرسول بولس , يمدحهم فيها على احتمالهم. لكنه كان قلقا ايضا من الوضع السائد فى جماعة اورشليم المسيحية, اذ بدا ان البعض تنقصهم روح الالحاح. فمنهم من انجرف روحيا , ومنهم من لم يبلغ الى النضج المسيحى. (عبرانيين 2 عدد 1 : 5 عدد 11 , 12) لذلك حثهم الرسول بولس : " لا تطرحوا ما لكم من حرية كلام . . . فانه بعد قليل جدا يصل الاتى ولا ياتأخر. اما بارى فبالايمان يحيا , وان تراجع لا تسر به نفسى ". فيالها من مشورة فى حينها. ولكن هل كان المسيحيون سيمارسون الايمان ويبقون متيقظين لاتمام النبوة التى تفوه بها يسوع ؟ وهل كانت نهاية اورشليم وشيكة حقا ؟
خلال السنوات الخمس التالية تدهورت الاوضاع فى اورشليم بوتيرة متسارعة. واخيرا فى سنة 66 بعد الميلاد , استولى الحاكم الرومانى الفاسد فلورس على 17 وزنة من " المتأخرات الضريبية " الخاصة بخزانة الهيكل المقدسة. فاستشاط اليهود غيظا وتمردوا على الرومان. واجتاح اليهود المتمردون او الغيارى , اورشليم وقتلوا القوات الرومانية المرابطة فيها. واعلنوا بعدئذ استقلال مقاطعة اليهودية عن روما. فنشبت الحرب بين اليهود والامبراطورية الرومانية.
فى غضون ثلاثة اشهر , زحف سستيوس غالوس , الحاكم الرومانى فى سورية , جنوبا بمؤازرة 30,000 جندى ليقمع ثورة اليهود. فوصلت قواته الى اورشليم اثناء عيد المظال , وسرعان ما احتلت ضواحى المدينة. فلجأ الغيارى الى الهيكل الذى اتخذوه حصنا لهم. لكن الرومان لم يتوانوا بل بدأوا يقوضون سور الهيكل. فاصيب اليهود بالذعر لان جنودا وثنيين يدنسون اقدس موقع للديانة اليهودية. الا ان المسيحيين القاطنين فى المدينة تذكروا كلمات يسوع : " متى رأيتم الرجسة المخربة قائمة فى المكان المقدس , فحينئذ ليبدأ الذين فى اليهودية بالهرب الى الجبال ". فهل كانوا سيعربون عن الايمان بكلمات يسوع النبوية ويعملوا بموجبها ؟ كما تبين لاحقا, كانت حياتهم تعتمد على ذلك. ولكن كيف سيهربون والمدينة محاصرة ؟
لقد اخرج سستيوس غالوس بشكل مفاجئ ودون اى سبب واضح قواته العسكرية من اورشليم وانسحب باتجاه الساحل. ولكن الغيارى طاردوهم مطاردة حثيثة. وما يثير الاستغراب ان الضيق الذى حل بالمدينة كان قصيرا. وقد برهن المسيحيون عن ايمانهم بكلمات يسوع النبوية بالهرب من اورشليم الى بيلا , مدينة محايدة تقع فى الجبال شرقى نهر الاردن. فكان هربهم فى حينه , لأن الغيارى سرعان ما عادوا الى اورشليم وأجبروا من تبقى من السكان ان ينضموا اليهم فى تمردهم. (يخبر المؤرخ اليهودى يوسيفوس ان الغيارى طاردوا الرومان طوال ىسبعة ايام قبل ان يرجعوا الى اورسليم) اما المسيحيون فقد بقوا فى هذه الاثناء فى بيلا منتظرين تطور الاحداث.
بعد اشهر من هذه الاحداث , زحف جيش رومانى اخر نحو اورشليم. وخلال سنة 67 بعد الميلاد , جند القائد فسبازيان وابنه تيطس جيشا قوامه 600,000 جندى . وقد تقدمت هذه القوة الماحقة نحو اورشليم طوال السنتين التاليتين قاضية على كل مقاومة فى طريقها. وفى الوقت نفسه , كانت الاحزاب اليهودية المتنافسة تخوض صراعا مريرا فى ما بينها داخل اورشليم. فأتلف احتياطى المدينة من الحبوب , سويت المنطقة المحيطة بالهيكل بالارض, ولاقى اكثر من 200,000 يهودى مصرعهم. فأخر فسبازيان تقدمه نحو المدينة قائلا : يقود الهى المعركة افضل مما اقودها انا , فأعداؤنا يفنون واحدهم الاخر بأيديهم.
وعندما مات الامبراطور الرومانى نيرون , غادر فسبازيان الى روما ليعتلى العرش, تاركا وراءه تيطس ليقمع الثورة. فتقدم تيطس نحو اورشليم قبيل عيد الفصح سنة 70 بعد الميلاد وحاصر السكان والحجاج داخل المدينة. فعرى جيشه ريف اليهودية من الاشجار ليبنى حول العاصمة المحاصرة مترسة من الاخشاب طولها حوالى 7 كيلومترات. وقد حدث ذلك تماما كما انبأ يسوع : " يبنى حولك اعداؤك مترسة من الاخشاب , ويحدقون بك , ويضيقون عليك من كل جهة ". - لوقا 19 عدد 43.
بعيد ذلك , اجتاحت المجاعة المدينة. فنهب الرعاع بيوت الموتى والمحتضرين. حتى ان امرأة واحدة على الاقل وصل بها اليأس الى حد قتل طفلها وأكله , متممة بذلك النبوة القائلة : " تأكل ثمرة بطنك , لحم بنيك وبناتك . . . بسبب الحصار والضيقة التى يضيق بها عليك عدوك ". تثنية 28 من 53 - 57.
وفى النهاية سقطت اورشليم بعد حصار خمسة اشهر. فنهبت المدينة وهيكلها العظيم وأحرقا بحيث لم يبق حجرا على حجر. وكانت الحصيلة النهائية حوالى مليون ومائة الف قتيل , وبيع نحو 97,000 يهودى الى العبودية* وهكذا أفرغت اليهودية تقريبا من اليهود. وقد كانت هذه كارثة قومية لانظير لها , نقطة تحول فى السياسة والدين والثقافة اليهودية#
فى غضون ذلك , لابد ان المسيحيين الذين نزحوا الى بيلا شكروا الله من كل قلبهم على انقاذهم , فايمانهم بنبوة الكتاب المقدس ادى الى حفظ حياتهم.
حين نسترجع هذه الاحداث الماضية , يحسن بكل واحد منا ان يسأل نفسه : " هل املك ايمانا لانقاذ نفسى خلال الضيق العظيم الوشيك ؟ وهل انا ممن لهم ايمان لانقاذ النفس.

*بحسب احد التقديرات , اهرق دم اكثر من سبع اليهود العائشين فى الامبراطورية الرومانية.
#كتب عالم الكتاب المقدس اليهودى الفرد ادرشايم : " لم يحل باسرائيل ضيق كهذا فى احلك الفترات التى سبقته ولا حتى فى الفترات المريعة التى تلته ".

اوجه من العلامة التى تمت فى القرن الاول الميلادى
حروب : بلاد الغال (39 - 40 بعد الميلاد). افريقيا الشمالية (41 بعد الميلاد). بريطانيا ( 43 , 60 بعد الميلاد). ارمينيا (58 - 62 بعد الميلاد).
النزاعات الاهلية والبغض العرقى : فى اليبهودية (50 - 66 بعد الميلاد)
زلازل : روما (54 بعد الميلاد). بومبى (62 بعد الميلاد). اسيا الصغرى (53 , 62 بعد الميلاد). كريت (62 بعد الميلاد)
مجاعات : روما , اليونان , مصر (حوالى 42 بعد الميلاد). اليهودية (حوالى 46 بعد الميلاد)
اوبئة : بابل (40 بعد الميلاد). روما (60 , 65 بعد الميلاد)
انبياء كذبة : اليهودية (حوالى 56 بعد الميلاد)



#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرجل الحسود
- من هو حقا الانسان الروحى (2 - 2)
- البحث عن الحاجات الروحية ( 1 - 2)
- من هو الرئيس المثالى لأيامنا ؟ (2 - 2)
- البحث عن رئيس مثالى (1 -2)
- الايمان بالقضاء والقدر - تأثيراته المؤذية (2 - 2)
- هل يتحكم القدر فى حياتكم ؟ (1 - 2)
- اولئك المدعوون - الهة
- من يقف وراء كل الشرور ؟ (2 -2)
- الشيطان خرافة ام واقع مشؤوم ؟ (1 - 2)
- بهلوان الصخور
- هل الدين وراء مشاكل البشر (2 - 2)
- هل للدين - تأثير بناء ام هدام ؟ (1 - 2)
- من هو الاله الحق الوحيد ؟ (2 - 2)
- من هو يسوع المسيح ؟ (1 - 2)
- عجز الانسان عن الثبات وحده
- زيارة لأرض الموعد (2 - 2)
- زيارة لأرض الموعد (1 - 2)
- معارف واضاءات
- قيمة - الاناء الاضعف


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مجدى زكريا - الايمان بالنبوات يحفظ الحياة