أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - موت ممثل صغير














المزيد.....

موت ممثل صغير


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4018 - 2013 / 3 / 1 - 07:55
المحور: الادب والفن
    


تذكّرت قصة تشيخوف الرائعة، " موت موظف "، حينما تابعت ردة الفعل الناجمة عن مقتل الفنان ياسين بقوش. كلاهما، الموظف والممثل، كان صغيراً في مهنته بنظر الآخرين إلى حين لحظة رحيله. وإذا أهملنا جانباً نهاية ذلك الموظف، في القصة الخيالية، فإن خاتمة حياة ممثلنا، الراحل، كانت لا تقلّ مأسوية. الملاحظ، أن ياسين بقوش لم يحظ بصفة " الفنان الكبير "، والتي كانت تطلق جزافاً، غالباً، على الممثلين ممن ناهزوه في السنّ: إن شكلَ الممثل، بحسب الذوق العام، كان وما يفتأ يلعب دوراً مهماً في تقييم موهبته وإمكانياته. إذ على الرغم من مسّ شخصيّة " ياسينو " شغافَ قلوب الجمهور، مذ وهلة ظهورها في المسلسل الكوميديّ " صح النوم " في مستهل السبعينات، إلا أن صاحبها بقي في منأىً عن التقدير العام بوصفه فناناً موهوباً لا يقلّ قيمة عن أبطال المسلسل، الآخرين.
ناجي جبر، الفنان الراحل، هو أيضاً قد برز في مسلسل " صح النوم "، الذي كان سبباً رئيساً لشهرته؛ حيث لعب دورَ " أبي عنتر ". هذا الأخير، كان أقلّ تألقاً في تجسيد شخصيّة الرجل الشهم، " الزكَرت "، بالمقارنة مثلاً مع شخصيّة " أبي صيّاح " ( التي لعبها بجدارة الفنان رفيق سبيعي ) في مسلسل " حمّام الهنا ". غيرَ أنّ ناجي جبر، وبغض الطرف عن تلك المقارنة، حقق شعبيّة كبيرة في تقمّصه لدور " أبي عنتر "، حدّ أنه تواشج باسمه عبرَ مشواره الفنيّ وإلى مرحلة متأخرة. لاحقاً، تعيّن على ناجي جبر أن يبقى في الظل لفترة طويلة نسبياً، وإن كان حظه أفضل من حظ زميله ياسين بقوش على أيّ حال. هذا بالرغم من حقيقة، أن كلاهما ردّ على استبعاد دريد لحام له في مسرحياته، بأن عمدَ إلى تأسيس فرقته المسرحيّة، الخاصّة. وكان زياد مولوي، الذي اشتهر في مسلسل " حمّام الهنا " بشخصية " عبده " ( الشبيهة نوعاً بشخصية ياسينو في صح النوم )، قد سبقهما في الاستفراد بفرقة مسرحيّة نتيجة للسبب نفسه.
في مراتب الأدوار، التي محورها مسلسل " صح النوم "، كان الفنان الراحل نهاد قلعي ليس توأم البطل الرئيس حَسْب، بل أيضاً هوَ أبو المسلسل الشرعيّ. فبصفته كاتباً للعمل، فإنه وزع الأدوارَ بمهارة وحذق على الفنانين المعنيين وساعد المخرج في إنجاحه. ومع أن شخصيّة " حسني البورظان "، الطريفة، قد سبق وقدّمت في عدة مسلسلات قبلَ " صح النوم "، بيْدَ أنها هنا وصلت للكمال، وفي آن، لنهايتها. إن الجمهورَ، ولا غرو، قد صدمَ حينما خلا مسلسل دريد لحام التالي، " وادي المسك "، من توأمه الفنيّ نهاد قلعي. هذا الأخير، كان إذاك ما يزال في معاناته مع الشلل النصفيّ، الذي أعقبَ اصابته البليغة بعدما تعرّض لاعتداءٍ مشين من لدن شخص سليط، أرعن، يعتقد أنه أحد زبانية الأمن: لم ينسَ له هؤلاء كتابته لنص " مسرح الشوك "، والذي ظهر فيه دريد لحام ليهتف جملة ردّدها فيما بعد الكثير من السوريين بسخرية وتشف: " أنا ما بخاف غير من الله والمخابرات ". كذلك ردّت السلطات بذلك الاعتداء، الموصوف، على تصاعد اللغط في حينه عن السبب الخفيّ، الطائفيّ، لاستثناء نهاد قلعي من وسام الاستحقاق؛ عندما شاء المقبورُ حافظ الأسد منحه لدريد لحام.
ونصل إلى نجم مسلسل " صح النوم "، الأول، والذي قدر له أن يتربّع في سماء الفن؛ وهوَ " غوار الطوشي ". هذه الشخصيّة الشعبية، ذات الاطلالة الطريفة، تسنى لها أن تضاهي شارلي شابلن في العالم العربيّ، وخصوصاً في فترة انطلاقتها الأولى. تأكيدنا على البداية، نحيله إلى حقيقة أن مسلسلات " مقالب غوار " و" حمّام الهنا " و" صحّ النوم "، كانت على جانب كبير من العفوية والأصالة والصدق. إلا أن الحالَ تغيّر بشكل ملفت، مع انتاج مسلسل " وادي المسك " في بداية الثمانينات؛ والذي كان مجمل مضمونه يتركز على شخصيّة " المحترم " ( قام بالدور رفيق سبيعي )، المجسّدة شخصيّة الديكتاتور العادل ـ كذا. قبل ذلك، كان دريد لحام قد تعاقد مع الكاتب الراحل محمد الماغوط، لتقديم عدد من المسرحيات ذات الخطاب الوطنيّ المطعّم ببعض الانتقاد اللاذع، الموجّه للفئة السياسية الحاكمة ماضياً وآنياً. على ضوء مقابلة صحفية مع الماغوط، نعرف أن دريد لحام كان يتصرّف بنص المسرحية حذفاً واضافة دونما أن يجد حاجة لاستئذان مؤلفها. وكان هذا التصرف، بحسب الكاتب، السبب الأساس في فسخ الشراكة بينهما. قبل ذلك، كما هو معروف، كان دريد لحام قد فصم عرى عمله المشترك مع رفيق عمره، الفنان نهاد قلعي، منتهزاً فرصة اعتلال صحّة هذا الأخير نتيجة الاعتداء عليه. بناء على ما سبق، من حقنا أن نجزم بأن الأفلام الكوميدية، التي كتب نصوصها نهاد قلعي، قد تعرّضت هي أيضاً لعبث " الرقيب " نفسه؛ المفترض أنه توأمه الفنيّ.
الكوميديا السوريّة، فجعت برحيل أبطال مسلسل " صحّ النوم "، الواحد باثر الآخر: مات الفنان العظيم عبد اللطيف فتحي ( لم نتطرق لدوره " بدري أبو كلبشة " لأنه كان طارئاً وغير منسجم بحال مع أدواره المهمّة في مجال المسرح )، وهوَ لا يملك شروى نقير. ثمّ لحقه الفنان العبقريّ نهاد قلعي، وهوَ في حالة محزنة من الاملاق والاحباط. وهذه أيضاً كانت نهاية الفنان الكبير ناجي جبر، ومن بعده الفنان القدير ياسين بقوش. الأخير، اعتبرَ شهيداً اشكالياً؛ طالما أن مناصري ومناهضي ثورة الحرية والكرامة قد ألقى كل منهم اللوم على الآخر في واقعة مصرعه. أما دريد لحام، فإن اشكاليّته في نظر جمهوره، على الأقل، تتمثل في أنه قد اتخذ موقفاً من الثورة يتعارض على طول الخط مع ما كان يطرحه في أعماله الفنية.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغرب يسلّم سورية للملالي
- حادثة قديمة
- مَراكش؛ بواكٍ، أبوابٌ، بئرُ
- توم و جيري: اوباما و بشار
- مَراكش؛ أسواقٌ، أعشابٌ، بذرُ
- العودة إلى المربّع الأول
- القدم اليتيمة
- مَراكش؛ أصباحٌ، هاجراتٌ، بَدْرُ
- مَراكش؛ أذواقٌ، أصواتٌ، بَصَرُ
- مَراكش؛ زوايا، أماكنٌ، بؤرُ
- مَراكش؛ أشجارٌ، عرائشٌ، بشرُ
- شبّيحة علويّة، شبّيحة كرديّة
- حكاية شبّيح
- لأجل من قامت الثورة..؟
- ماردين؛ مِحَن الأسلاف
- مازيداغ؛ مسالك الأسلاف
- حلب؛ حلول الأسلاف
- الحسكة؛ معسكر الأسلاف
- قامشلو؛ ممرّ الأسلاف
- عامودا؛ منفى الأسلاف


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - موت ممثل صغير