أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منعم زيدان صويص - الهجاء في الشعر .. والردح في السياسة














المزيد.....

الهجاء في الشعر .. والردح في السياسة


منعم زيدان صويص

الحوار المتمدن-العدد: 4018 - 2013 / 3 / 1 - 02:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يحتل الهجاء في الشعر العربي حيّزا كبيرا ومكانة خاصة، فقد عُرف الهجاء قبل الإسلام، وفي العصر الأموي برز بين العرب شعراء مشهورون بالهجاء أمثال الفرزدق والأخطل وجرير. أما الهجاؤون: إبن الرومي وبشار إبن برد والمتنبي وكثيرون غيرهم، فظهروا في العصر العباسي. وأصبح الهجاء صناعة، وكان مقذعا في معظم الأحيان. وتحدثنا الكتب أن المتنبي قتل بسبب قصيدة هجابها فاتك الأسدي -- ما أنصف القوم ضبّه وأمه الطُرطبّة. ولم يكن شعر الهجاء مدعاة فخر للأدب العربي واللغة العربية، ولم يحتل مكانة مرموقة في الأدب، وقلّما ترجم إلى لغات أجنبية، غير أن العرب أحبوه، وحفظ قصائد الهجاء الخطباء والمتحدثون وعامة الناس.

ومن الملاحظ أن العرب في العصور الحديثة، إستخدموه ضد بعضهم البعض، وعندما عرف السياسيون نعمة الصحافة والراديو إستغلوهما أسوا إستغلال للهجاء، وأذكر على سبيل المثال أن مصطفى طلاس، وزير الدفاع السوري السابق، هجا كثيرين من الزعماء العرب، فقد هجا السادات وحسني مبارك، ووصف الأخير ب "إبن ضبه وامه الطرطبه،" ونعت الرئيس الفلسطيني الراحل عرفات بأقذع الصفات التي لا يمكن أن يذكرها المرء في جلسات مهذبه.

وعرفت الشعوب العربية الهجاء السياسي، أو الردح، في الخمسينات من القرن الماضى وإنتعش هذا النوع من الهجاء عندما استُعملت الإذاعات العربية كقنوات سب وشتيمة بين الدول العربية، وكان لمصر قصب السبق في هذه الحروب الإعلامية، ففي الخمسينات والستينات من القرن الماضي إنقسمت الدول العربية الى قسمين: قسم يؤيد سياسة الغرب -- على الأقل بشكل خفي -- وقسم يؤيد سياسة الإتحاد السوفييتي، وكانت شعبية القسم الأخير طاغية في ذلك الحين لأن الغرب كان يدعم إسرائيل بطريقة واضحة وصريحة. وكانت إذاعات القاهرة ودمشق في زمن الجمهورية العربية المتحده (1958-1961) تخصص برامج ضد العراق بعد ثورة تموز عام 1958، وخصوصا ضد العقيد فاضل عباس المهداوي، الذي عينه عبد الكريم قاسم رئيساً للمحكمة العسكرية العليا الخاصة --محكمة الشعب -- والذي حكم، ونفذت أحكامه، بإعدام الكثيرين من المسؤلين السابقين والمعارضين بعد محاكمات صورية. أما في إذاعة دمشق فقاد برامج "الردح" في فترة الوحدة "تيسير السعدي" الذي كان يهجي قاسم والمهداوي في شعر غنائي على شكل "ستانزات" ويرد عليه الكورس: "اللهما اللهما إبعث للمهداوي حمى."

وكان هناك معمل إعلامي للردح ممثلا بإذاعة صوت العرب ومديرها أحمد سعيد، وكانت كل وسائل الإعلام تحكمها الأنظمة التي إستغلت أيضا المطربين والممثلين، وحتى الكتاب، لهذه الغاية، ولم يستطع طه حسين بكل عظمته أن يفلت من الضغط. فعندما سأل "الطالب الفتى أستاذه الشيخ" عن عبد الكريم قاسم، أجابه: "مجنون يا بني." ولم يسلم من ماكينة الهجاء والسباب هذه أي حاكم او نظام عربي، وكان كل مصدر عربي يجرؤ على إنتقاد مصر وسوريا أيام الوحدة يعرض نفسه لهجوم وغضب الناس. ويا ليت أن هذه الوحدة نجحت.

وكان معمل الهجاء هذا يطوّر برامج خاصة لسب وشتم الحكومات العربية الأخرى. وظلت ماكينة الهجاء والردح هذه "شغالة" حتى عام 1967، عام "النكسة،" لأنه لم يعد هناك "حد أحسن من حد،" فالكل مهزوم. غير أن هذا التوقف لم يستمر طويلا. وأستؤنف بقوه، ضد مصر هذه المرة، بعد توقيع معاهدتها مع إسرائل، عندما قطعت الدول العربية العلاقات معها، وانشأت كل من سوريا والعراق إذاعة خاصة موجّهه لمصر. وظلت هذه الإذاعات فعالة إلى أن أعاد هذان البلدان علاقاتهما مع مصر بدون سبب وجيه -- ما أحلى الرجوع إليه -- وأصبح حسني مبارك وحافظ الأسد اصدقاء وكأنّ مصر الغت المعاهدة وقطعت علاقاتها مع إسرائيل.

والحقيقة أن شغف العرب وأعلامهم بالهجاء والردح إستمر بعد الإنتفاضات والفوضي العربية في السنين القليلة الماضية، لا بل إزداد حدة، ويظهر أنه يتناسب طرديا مع حالة الإحباط. وقد أنشئت قنالات فضائية ومواقع الكترونة لنفس الغاية، فالعرب، كما وصفهم الكاتب السعودي عبد الله القصيمي، ظاهره صوتيه. لقد أصبحت الشتائم، ضد العرب والأجانب، جزءا لا يتجزأ من كتابات الكثيرين، فإذا لم يزيّن الكاتب مقالاته، والمتحدث أقواله بكلمات نابيه، تعتبر وطنيته منقوصة وربما يتهم بالعمالة.

الإنتقاد الموضوعي مطلوب، وهو يختلف عن السباب واشتائم -- أوسعتهم شتما ولاذوا بالإبل. هل تمارس الشعوب الأخرى السباب والشتيمة والردح ضد بعضها البعض كما يفعل العرب؟ لا شك أن هناك خلافات بين الدول الأوروبية -- بعضها يؤيد الوحدة الأورويبة والعملة الموحدة، اليورو، وبعضها يعارضهما -- ولكننا لانجد أي أحد يشتم الآخر أو يهجيه أو يتهمه بالخيانة. بعد هجمات القاعدة على نيو يورك عام 2001، أصبح أسامة بن لادن عدو الولايات المتحدة الأول ولكن الإعلام الأمريكي، لم يحصل أن وجه الشتائم والمسبات الشخصية له بل كان دائما يسميه "مستر بن لادن."

الغرب وإعلامه لا يدخل في معارك كلامية مع الذين يهاجمونه من الشعوب والأنظمة العربية. أما التصريحات والتعليقات التي تصدر في العالم الغربي ولا تروق للإعلام العربي، فموقف الغرب منها كموقف المتنبي من شعره: أنام ملء جفوني عن شواردها ويذهب "العُرْب" جرّاها ويختصم.



#منعم_زيدان_صويص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كما تكونوا يولّ عليكم
- عباءه لبشار
- القوائم الإنتخابية العديدة في الأردن عكست حب الظهور، لا حب ا ...
- هل خدم حزب الله لبنان أو القضية الفلسطينية؟
- فاروق القدومي يصر على إرجاع الضفة الغربية للأردن!!
- هل لعب المفكرون العرب أي دور في ثورات الشعوب العربية؟
- هل هذه صحوة الضمير اليهودي؟
- الحكم الديني يُفضي حتما إلى الدكتاتورية
- اليهود إذا إنتقدوا إسرائيل
- عندما يتكالب على الأردن القريب قبل الغريب
- أبو حفص الموريتاني وسياسة الجزيرة التحريرية الجديدة
- ميشال عون وسوريا، وتضحيات لبنان
- المسيح كان ثائراً على الديانة اليهودية
- ملالا يوسف زاي .. -جان دارك- باكستان
- الغرب يعوّل على الإخوان المسلمين في محاربة الجهاديين
- مؤامرات وحقائق
- الفلم المعادي للإسلام والهجوم على السفارات
- ثورات الشعوب العربية وعلمانية أردوغان
- الربيع العربي و-الفوضى الخلاقة-
- متى يتوقف الإسلاميون المتزمتون عن تدمير الآثار الإنسانية؟


المزيد.....




- من الحرب العالمية الثانية.. العثور على بقايا 7 من المحاربين ...
- ظهور الرهينة الإسرائيلي-الأمريكي غولدبرغ بولين في فيديو جديد ...
- بايدن بوقع قانون المساعدة العسكرية لأوكرانيا وإسرائيل ويتعهد ...
- -قبل عملية رفح-.. موقع عبري يتحدث عن سماح إسرائيل لوفدين دول ...
- إسرائيل تعلن تصفية -نصف- قادة حزب الله وتشن عملية هجومية في ...
- ماذا يدخن سوناك؟.. مجلة بريطانية تهاجم رئيس الوزراء وسط فوضى ...
- وزير الخارجية الأوكراني يقارن بين إنجازات روسيا والغرب في مج ...
- الحوثيون يؤكدون فشل تحالف البحر الأحمر
- النيجر تعرب عن رغبتها في شراء أسلحة من روسيا
- كيف يؤثر فقدان الوزن على الشعر والبشرة؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منعم زيدان صويص - الهجاء في الشعر .. والردح في السياسة