|
الرَّاهبُ المَخْنُوقُ
عبدالرحيم داودي
الحوار المتمدن-العدد: 4017 - 2013 / 2 / 28 - 20:45
المحور:
الادب والفن
مِنْ فج التاريخِ الغائرِ، يتعالى نَحِيبُ العشقِ المأتمي ، يَعْلُو ويَعْلُو في دوائرَ مخروطية ثم ينداحُ صَداهُ ليشملَ كلية الكون في اتساعه. في هدوء كنهوتيٍّ ، غَرَقَتْ عَوالِمُ التاريخِ و تلاشت تحتَ غلالةِ الضبابِ الغاشمِ .انتهت وبانتهائهَا شُجَّ رأسُ المؤرخ وعيناهُ تحدجانِ الشمس الغاربة ، في مساء ماسِيٍّ خاشع.. يَرْشَحُ صوتُ الباخيةِ منْ شُقُوقِ دِيرِ الشَمَالِ المهجورِ، مُغَمسًا بوجعِ الغُربة والبعدِ ، ومشوبًا بغصةِ تُثقلُ الجسدَ الجَرِيحَ و تهدهُ . في مَعبد "باخوس" كرع خمر الغواية ، ومن نار" المجوس" تلقن كيف يخضع لغي الإستعارة والكناية.. باخية دونت حروفها و أحداثها عاشقة مخبولة ، في زمن بابل السحيق . يقول الرواة والقوالون أنها دونتها في سادس والعشرين من شهر الجمر بالتقويم الهندوسي القديم.. كان لا يلتقي بها إلا لماما ، أو عن موعد مُخْتَلَسٍ تحت شجرة الإستنارة المقدسة ، مستغلا غياب الحكيم الجليل . يحدثها عن زمن العجز والرقابة . عن قهر الكهنة واستبداد الرهبان . يحكي لها عن الأزمنة البائدة وخيانة الأرض ووجع التراب القاتل..يحكي لها عن كتبه الصفراء التي اشتراها ليقرأها وهو يتضور جوعا.. وبعد أن ينتهي ، يطبق شفتيه على شفتيها اللذيذتين ، ويدخل لسانه في فمها المبلل عسلا فيعقدان لسانهما في تواشج يصدح شهوة و قداسة . يشتف عنقها البلوري ، يمرر شفتيه عليه ، ويلثمه بحنو ورفق بالغين . يجرها لجانبه ويلتصق بها ثم ينحي على صدرها . يتحسس ناهديها النافرين من سلطة الثياب الرادعة . ليغرق في تقبليهما ورضع حلمتيها الموردتين . يستبد به جنون الشبق الطاغي ، يجلس على ركبتيه . يهدهد فخذيها الناعمين ، ويرفع رداءها عاليا متلصصا على فرجها الملتهب . يقبله و يتلمسه في سكون واجف . ويشرع في لحسه و تقبيله ببطء و التأني ، بينما تتلوى العاشقة شهوة وتتأوه بصوت مبحوح مترنمةً بعزفِ المانترا .. ومدركة إدراكاً راسخاً أن الحبَّ يقتات من ظلال اللحظات المسروقةِ .. كانت هي قدره الذي لا يفارقه ، استوطنت مخياله ، و وأقدت فيه مضاجع النسيان المدفونة . وفي حديثهما كان يرتد إلى متاهات الذاكرة وفراغاتها البيضاء ، ليسترجع الزمن الضائع ، و صرخات القتل والإبادة ، وبعضا من عويل الذئاب المشنوق ..يحكي لها عن الحرية المسلوبة و المشاعر المنهوبة . هي عاشقة الشفق و الغسق وما ضاق على الروح ومانفق ، عاشقة البوح النائح و الغيم السائح و الضوء االفاضح . عاشقة الشبق الدائخ والخفق الباذخ..هي عاشقة الخبل والهبل . هي عاشقة البحر الهارب ، والشجن الضارب والنجم الثاقب . تعرف أنها عاشقة وتمضي .. وتعرف أنه الفقير وتفضي ..وتخطط لمستقبل الحب وهي تدري ..أن افاقه محكومة بالرقابة والتصدي.. على الربوة العالية كانت تجلس ، ترقب تراقص أوراق السرو والصفصاف ، وتناجي طيور البجع المأخوذة ببهائها الرائق :" ما أروعك يا طيور البجع ..!! كيف تستطعين اقتطاع مزق اللحم من صدرك وتقديمها لفراخك..؟!. في عالم عائم وسط ضجيج اللامعنى ، ومتسيب على تخوم العماء ، تتناحر الشهوة على مذابح الموت ،وتتذابح الالهة تحت شظايا الأولمب ، وخراب تاتاروس ، يمضي العاشق ممسكا بيد العاشقة الفاتنة ، غير عابئ بمن حوله ، ولا يلق بالا لنواميس الحضارة الغاشمة ، يحدوه عزم غامر ، وتغمره السعادة في أبهى صورها..تلك كانت ، نتفا من باخية الراهب العاشق وتلك كانت، عاشقة الراهب المخنوق..
#عبدالرحيم_داودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رَسْمٌ عَلَى المَاءِ
-
الْإِحْتِرَاقُ البَطِيءُ
-
الْعَزفُ الْمَكْسُورُ
المزيد.....
-
تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي
...
-
-حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين
...
-
-خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
-
موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي
...
-
التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
-
1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا
...
-
ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
-صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل
...
-
أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب
...
-
خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|