أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - سيكولوجية تدمير المرأة















المزيد.....

سيكولوجية تدمير المرأة


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4016 - 2013 / 2 / 27 - 16:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يشمل التدمير كافة أنواع العنف الموجه نحو الإنسان عموما والمرأة خصوصا والمتكرر باستمرار، كالعنف المعنوي من سب، إهانة، احتقار، تهديد وتحرش؛ والعنف المادي كالاغتصاب، الصفع، الجرح، الخنق، الركل، الملاكمة والمصارعة واستعراض جميع فنون القتال اليابانية والصينية والكورية والتايلاندية؛ والعنف الرمزي كالتهميش السياسي والوظيفي، الظلم الاقتصادي المتمثل في تخفيض الأجرة، والتجاهل الإداري فيما يتعلق بالشكايات أو الطلبات، والتمييز الاجتماعي والتشريعي. وذلك بهدف الحط من قيمة وكرامة المستهدف.

من الممكن أن يلجأ الإنسان للعنف من أجل الدفاع عن الذات كحماية للنفس، أو الدفاع عن الممتلكات كردع للظلم. لكنه أحيانا يلجأ للعنف فقط لمحاولة السيطرة وإخضاع الآخر، وهو ما يعرف بالعنف التسلطي، هذا الأخير الذي يكشف لنا عن الشخصية المتسلطة التي تسعى للهيمنة حيث "تمثل الهيمنة بالنسبة لها آلية للأمن الداخلي"(1)، فالمتسلط "شخص ضعيف" إذ "يهاجِم خوفا من أن يهاجَم وذلك لأنه يشعر بالضعف والغبن. وتعد النزعة التسلطية والهيمنة بالنسبة للضعفاء تعويضات من الدرجة الأولى"، ف"التقليل من قيمة الآخرين يمنحهم شعورا وهميا بالتفوق والقوة"(2)، من هنا نرى بوضوح أن كل من يهدف ل"السيطرة والتسلط على المرأة وإزعاجها أو إغاظتها" و "توجيه مظاهر العنف نحوها عندما لايستطيع توجيه هذا العنف إلى مصدر العنف الأصلي"(3)، إنما يستخدم العنف هو وأمثاله "لتوكيد وتعزيز الذات أمام أنفسهم وأمام الآخرين" ف"يلجأون إلى هذا السلوك عندما يشعرون بشيء من النقص. ويفسر هذا الوضع على أنه نوع من العلاقة التعويضية بين تقييم الذات المنخفض وبين العنف."(4) نجد مثالا على ذلك عند بعض الأباء أو الأخوة عندما لايستطيع الواحد منهم "تسليط عنفه نحو مديره في العمل أو الشخص المسنود بالقانون، فيسبب إحباطا لديه ويتوجه نحو أضعف شخص من الممكن أن ينتنازل عن حقه ويميل إلى تقبل العصبية العنيفة ضده وهي المرأة كونها ضعيفة"(5)، كذلك عند بعض الأزواج عندما تكون "الزوجة هي الأعلى مستوى ثقافيا مما يولد التوتر وعدم التوازن لدى الزوج، كردة فعل له يحاول تعويض هذا النقص باحثا عن المناسبات التي يمكن انتقاصها واستصغارها بالشتم أو الإهانة أو الضرب"(6)، لكن يظل أفضل مثال معبر هم من "يعتقدون أن لهم عليها حق التأديب" وذلك ب"التدخل في شؤونها الخاصة مثل الدخول أو الخروج في أوقات معينة وارتداء ملابس معينة والتدخل بأصدقائها ومراقبة تصرفاتها كلها" و "إجبارها على تقديم الخدمات لكافة أفراد العائلة وضيوفهم" هذا إن لم يتم "الاعتداء على حقها في اختيار الشريك"، "الأفعال التي تؤدي لأن تكره المرأة حياتها ونفسها وأنوثتها مما يؤثر على معنوياتها وثقتها بنفسها"(7).

من أسباب استمرار وتكرار العنف على المرأة، تساهل المرأة نفسها "وذلك بتقبلها له والتسامح والخضوع أو السكوت عليه مما يجعل الآخر يتمادى أكثر. وغالبا ما يكون هذا السبب مفعّل عندما لا تجد المرأة المعنفة من تلجأ إليه ومن يقوم بحمايتها" كذلك العجز عن "المطالبة بحقوقها الإنسانية والعمل لتفعيل وتنامي دورها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي"(8) أو "خوفا من الطلاق، أو خوفا على الأبناء، أو خوفا من نظرة المجتمع لمن تقوم بالتبليغ عن زوجها"(9) هذا بالنسبة للمتزوجة. فيبقى أمامها حل وحيد يلزمها أن تعرفه، وهو رفضها لأي فعل عدواني كطريقة في معاملتها "لأن أية معارضة تضع(المتسلط) أمام عدم يقينه وضعفه"(10)، فمحاولة المتسلط أن يخفي ضعفه بادعاء القوة، تبوء بالفشل لمعرفته أن ضعفه صار واضحا للآخر، الأمر الذي يهدم اعتقاده المزيف عن نفسه ما يمكن أن يسبب له انهيارا عصبيا في بعض الأحيان. فصمت المرأة على حقها المهضوم معناه أن " الحق لا يُعْطى لمن يَسْكت عنه"(11).

نجد كذلك أن المرأة تتعرض للعنف من طرف بنات جنسها، كالحماة المتسلطة التي تمارس عنفا معنويا على زوجة الإبن بسبب تعلقها المرضي بابنها وخوفها من فقدان اهتمامه بها، ربما كانتقام لاواعي منها لأخدها لها مكانتها الخاصة عنده. كذلك العنف الجسدي التي تتعرض له الخادمة من طرف مشغلتها المعاقة فكريا، التي تسعى لتفريغ توترها الناجم عن مشاكل أسرية أو ضغوطات اقتصادية فلا تجد أمامها إلا هذه الخادمة. هذا دون الحديث عن المضايقات التي يمكن أن تتعرض لها المرأة في الأماكن التي تجمعها بغريبة أطوار تكره كل من تتفوق عليها جماليا.

إن خلق مراكز للاستماع وتأسيس جمعيات للدفاع عن ضحايا العنف ما يجعل المرأة تبدو كحيوان أليف يجب حمايته لأنه ضعيف، هذه الجهود التي غالبا ما تتدخل بعد وقوع الفأس في الرأس وذلك من أجل تفعيل أو تغيير مادة من المواد السخيفة بالقانون الوضعي، الأمر الذي يساهم في الإبقاء على وضعية المرأة السلبية بدل مساعدتها في الاعتماد والدفاع عن ذاتها قبل وقوع العنف. ف"النظرة القيمية الخاطئة التي لا ترى أهلية حقيقية وكاملة للمرأة كانسان كامل الإنسانية حقا وواجبا، هي ما يؤسس لحياة تقوم على التهميش والاحتقار للمرأة وبالتالي للعنف ضدها"(12) النظرة التي تشكلت بسبب مفاهيم ثقافية مشوهة وعادات اجتماعية مزرية، زيادة على بعض التفاسير الدينية التي تصف المرأة بالنقص العقلي، ليتحقق بذلك وأدها في البيت ويتم تحديد وظيفتها في إطار السرير. الأمر الذي دفع شاعراً لأن يقف صارخا :

ثُوري ! . أحبّكِ أن تثُوري ..
ثُوري على شرق السبايا . والتكايا .. والبخُورِ
ثُوري على التاريخ ، وانتصري على الوهم الكبيرِ
لا ترهبي أحداً . فإن الشمس مقبرةُ النسورِ
ثُوري على شرقٍ يراكِ وليمةً فوقَ السريرِ .. (13)

ــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش :

1 : بيير داكو - التنويم المغناطيسي، ترجمة بيثون/اسكندر، مكتبة الثراث الإسلامي ـ ص72
2 : بيير داكو - المصدر السابق ـ ص73
3 : أنماط العنف الموجه نحو المرأة العراقية بعد الاحتلال الامريكي للعراق، دراسة منشورة لليث عبد العاني، بغداد 2009/2010 ـ ص18
4 : ليث عبد العاني - الدراسة السابقة ـ ص19
5 : ليث عبد العاني - الدراسة السابقة ـ ص21و22
6 : العنف المرتكب ضد المرأة في المجتمع وفي نصوص القانون العراقي رقم 111 لسنة 1969، دراسة منشورة لبشرى العبيدي، بغداد ـ ص17
7 : خانم لطيف - العنف ضد المرأة وكيفية تأهيل ضحايا العنف المنزلي، بحث منشور
8 : بشرى العبيدي - الدراسة السابقة ـ نفس الصفحة
9 : ليث عبد العاني - الدراسة السابقة ـ ص34
10 : بيير داكو - المصدر السابق ـ ص74
11 : من أقوال مالكوم إكس - ويكيبيديا
12 : بشرى العبيدي - الدراسة السابقة ـ نفس الصفحة
13 : نزار قباني - قصيدة يوميات امرأة لا مبالية ـ موقع أدب.. الموسوعة العالمية للشعر



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكوتش أو المُخدر اللغوي العصبي
- سر العين الثالثة
- سيكولوجية البيدوفيلي أو المتحرش جنسيا بالأطفال
- الباراسيكولوجي أو الهلوسة باسم العلم
- سيكولوجية الجيغولو أو دعارة الرجال
- المتأخرات زواجيا : لعنة اختيار أم حظ عاثر ؟
- سيكولوجية المومس


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - سيكولوجية تدمير المرأة