أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماجد عبد الحميد الكعبي - الاستشراق وقصص الحكواتية والأعراب















المزيد.....

الاستشراق وقصص الحكواتية والأعراب


ماجد عبد الحميد الكعبي

الحوار المتمدن-العدد: 4014 - 2013 / 2 / 25 - 18:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لاشك في ان هناك نوعين من المعرفة الاستشراقية ، الاول : اكاديمي رصين يبحث في المصادر والمرجعيات العلمية المستمدة من الاصول الموضوعية والتي تكون اقرب الى الواقع الفعلي ، ومن هؤلاء المستشرقين : الانكليزي ريتشارد وليم سوذرن والفرنسي مكسيم رودنسون ، اما في نقد الاستشراق فخير مثال على ذلك ادوارد سعيد ، وهذا النمط هو الذي يمثل الفعل التنويري . والثاني يمكن تسميته بـ ( الشعبي او الفلكلوري او الاسطوري ) وهو الذي يعتمد على الحكايات والقصص الشعبية و الاساطير التاريخية في نشر وترويج المعرفة المؤدلجة ، و افضل من يمثل ذلك الاتجاه : المستشرق برنارد لويس وابن وراق وصادق جلال العظم ، وكتاباتهم المعروفة ( سواء التي ردوا فيها على سعيد او التي كتبوها عن التاريخ الاسلامي) وهذا اللون من المعرفة الاستشراقية يمارس ( الفعل التجهيلي المؤدلج ).
ويبدو – ايضا - ان هناك توافقا بين نزعة الشرقيين - ولاسيما الاعراب - نحو المبالغة والتضخيم والتهويل ، (والتي تعد من ابرز علامات القص الشعبي) وما يروج له النوع الثاني من الاستشراق ، فكلا هما قد رضي بشروط اللعبة (لعبة الغالب والمغلوب فوقع بعضهم في دائرة سحر الاخر) وصدقا ما تخيلاه يوما على انه الحقيقة المطلقة التي تصح في كل زمان ومكان ، مع الفارق ان المستشرق يدرك بان ما يفعله او ما ينشره لا يؤمن به على انه حقيقة بل يفعله على انه خرافة متمنيا انه يجدي نفعا ، او ان يكون سلاحا حقيقيا ناجعا ، ومن هنا تدخل اللعبة في الايديولوجيا ، في حين ان الاعرابي لا يدرك بل لا يشعر انه يعيش واقعا مزيفا ، لذلك يسهل على الاخر تسييره و اقناعه بالخرافة بسهولة . وهنا يستحضرني المثال الذي يضربه ويكرره المفكر السلوفيني ( سلافوي جيجك) دائما والذي ياتي على شكل حوار بين عالم في الفيزياء وصديقه الذي يساله : لماذا تضع حذوة الفرس على باب بيتك ، هل انت غبي ؟ هل تؤمن بالخرافات ؟ فيرد العالم : طبعا لا اؤمن بها ، فانا عالم في الفيزياء ، ولكن اتمنى ان تكون فاعلة وتعمل في دفع الحسد ).
فالمستشرق يعلم ان ما يقوله عن الشرق هو مجرد خرافة صنعها الخيال الشعبي ، ولكنه يتمنى ان تنجح مهمته في ان تنال وقعها السحري . وهو لا ينفك من تكرار ذلك على مسامع ومشاهد الاعرابي الذي سرعان ما يصدق ويؤيد ويدعم ويساند لا بل يناضل ويجاهد في سبيل تلك المبادئ السامية !!. ومما يؤكد ذلك ما ينقله (مكسيم رودنسون) عن المستشرق (غيبر دو نوجان ، المتوفي نحو 1124م) والذي يسجله ( ريتشارد وليم سوذرن ) –ايضا- : ( كان يقر(غيبر) بانه ليس لديه مصادر مكتوبة ، وانه انما يقدّم ( الرأي الشعبي) ليس اكثر ، بلا وسيلة قادرة على تمييز الصواب من الخطأ ). ويضيف ( سوذرن - مؤكدا اللعبة الايديولوجية-) : كاشفا (يقصد غيبر) القناع بسذاجة عن الاساس الحقيقي لكل نقد من طراز ايديولوجي ، عندما كان يخلص الى ما يلي : ( يمكن بلا تردد ان نقول : شرا عن الذي تتخطى طبيعته الشريرة كل ما يمكن قوله من شر).
لذلك فلا غرابة عندما يعيد برنارد لويس – وبعد مضي تسعة قرون تقريبا على تلك المقولة – التعبير نفسه وتحت مصطلح ( محور الشر) الذي وظفته الخطابات السياسية الامريكية والصهيونية في تعاملها مع قضايا الشرق الاوسط ، ولاسيما اذا اخذنا بنظر الاعتبار الاشارة الصريحة الى اسم (برنارد لويس ) في خطبة بنيامين نتنياهو التي القاها في الامم المتحدة في ايلول/ 2012م ، مستشهدا باقواله ، بوصفه مستشرقا وعالما بأحوال الشرق الاوسط .
واذا كان (برنارد لويس ) الملهم والمستشار الاول لـ ( نتنياهو) ، فان الـ (برنارد) الثاني ( ليفي )والذي وصفه ميشال فوكو بـ (عنقاء مجتمع الاستعراض والبهلواني السخيف ) يعد الملهم والزعيم الاول لعوام الاعراب الذين ينقادون كالقطعان خلف ايديولوجيته الاستشراقية . ليس هذا فحسب بل ان الادهى من ذلك هو : ان يخرج مفكر يساري مثل صادق جلال العظم ليروج الى الافكار نفسها ، على طريقة : حدثني ، وقال لي ، وشاورني ، وهمس باذني ولفت انتباهي ، فيكتب بحثا ( عن الاستشراق والمؤامرة في كتاب يحمل العنوان نفسه ، طبع بالانكليزية على شرفه عام 2011). ومن اشهر ما رواه العظم عن خدينه (فريد هاليدي) رأيه حول اصول نظرية المؤامرة التي لم تكن عربية – كما كان يظن العظم – بل اصولها شيعية - فارسية ترجع الى عصر الخلاف على الخلافة . ومن الفتوحات البارية على العظم – ايضا- ما لفته اليه صديقه الاردني الذي يمتلك وثائق عن التواطؤ بين سلمان رشدي واحد الزعامات الدينية الايرانية للترويج والدعاية لكتاب ( ايات شيطانية ) لانه يتضمن ذما لاحدى زوجات الرسول (ص) ، فصدور الفتوة التي تطالب بقتله لم تكن حقيقية بل لنشر تلك الاخبار ولزيادة مبيعات الكتاب!!.
تلك بعض الامثلة النظرية المختصرة على ماهية الخطاب الاستشراقي الحكواتي الموجه الى أعراب الامة والذي اثبت فاعلية سحرية في تصعيد الاقتتال الطائفي في بلاد العرب ،و ذلك الخطاب الذي ( كان الابتكار الخرافي الخالص له كهدف وحيد لوخز اهتمام القارئ ، والذي يختلط بنسب متغيرة بالتشويهات الايديولوجية التي تضرم الحقد على العدو ) كما يقول رودنسون.
أما الامثلة التطبيقية فهو ما يجري من فتن واقتتال بين المسلمين في كل بقاع الاسلام ، فمنذ العصر الذي اغتيل فيه (مودود )اتابك الموصل سنة 1113م ( يعلم المؤرخ اللاتيني ان الناس ظنوا ان (دودكينس ) المقصود ( طغتيجين) ، ملك دمشق ، هو الذي امر بضربه او على الاقل انه موافق ، فقد كان يخشى كثيرا هذا الاخير الذي كان ماهرا وذا قوة وباس ، ويشعر بخوف كبير من ان ينزع منه مملكته). لقد كان المستشرقون يعرفون جيدا الخلافات الدقيقة بين المذاهب والفرق الاسلامية ، كما يعرفون تفصيل الخلافات بين العرب والفرس والاتراك ، لذلك لا نستغرب عندما يكون المستشرق حريصا على تعلم الفارسية والتركية والعربية معا فضلا عن لغته اللاتينية او العبرية .
وهنا ادعو القارئ الكريم لعقد مقارنة بين المصطلحات التي يستعملها هؤلاء المستشرقون وما تردد افواه غالبية الأعراب في وقتنا الحاضر في خطاباتهم وحواراتهم ومظاهراتهم لكي يدرك الجامع المشترك بين الاثنين ، و ليكتشف كيف يهيمن الخطاب الاستشراقي التجهيلي في ممارسة دوره في اللعبة بين الغالب والمغلوب . ومن تلك المفردات والاسماء المشهورة : دولة الخلافة ، الحرابة ، الشيعة والسنة ، الجهاد ، الغزو ، الجواري ، الغنائم ، الشريعة ، الفرس المجوس ، محاربة الصليبية ، صلاح الدين الايوبي الكردي ، محمد الفاتح العثماني ، اسماعيل الصفوي ، العرب و الاتراك ، السلطان العثماني ، الحريم ، العلويون ، الامازيق ، الاقباط ، الارثوذكس ، ... الخ



#ماجد_عبد_الحميد_الكعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللحية السفليّة تثير السخريّة ..
- ثقافة بني اميّة تريد : ( اسقاط حكومة عبد الزهرة )!!
- شواهد من خطب الاسلام العربي .. عبد الملك السعدي انموذجا
- شواهد من خطب الأعراب المعاصرة...العلواني مثالا
- موقع (الحوار المتمدن) يرفع (الاكراد ..هم أعراب الفرس! ) بعد ...
- شعبذة الكتابة و طرمذة الاسلوب
- وا أسفاه يا سعيد ! .. لقد صدق المستشرقون ولو كذبوا.
- قطعان الأعراب جريا ..خلف ( يوحنا الدمشقي) ..ومرورا ب (لورنس) ...
- الايديولوجيا وتزييف الوعي : مسلسل وادي الذئاب انموذجا !..


المزيد.....




- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماجد عبد الحميد الكعبي - الاستشراق وقصص الحكواتية والأعراب