أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل أسعد - أبو عنتر السوري يتجنب الضوء (1-2)















المزيد.....

أبو عنتر السوري يتجنب الضوء (1-2)


عادل أسعد

الحوار المتمدن-العدد: 4014 - 2013 / 2 / 25 - 14:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دارت كل اعمال الأديب محمد الماغوط حول وصف تناقضات جهاز الحكم في سوريا و حول تعرية اسلوب الأجهزة الأمنية في تعاملها مع المواطن المعتر و المقهور, و قد استطاع الكاتب بموهبته الفريدة ايصال سخريته السياسة التي جسدها الممثل دريد لحام الى كل بقعة تنطق باللغة العربية. و كان الماغوط هو اول من تكلم عن عقم الصراع مع اسرائيل في ظل هيمنة الفساد في عمق جسم الدولة . و لكنه لم يكن يتوقع انّه سياتي اليوم الذي سيجلد فيه على يد من افنى عمره و هو يكتب لاجلهم و ان بلدته السلمية سوف تصلى بنار السيارات المفخخة كما الشام و حلب وان اطفال حيه من ضحايا التفجيرات سوف لن يستحقوا كلمة رحمة من ربيع بلاده تحت طائلة تهمة التشبيح . كما أنه لم يتصور قط أن سخريته السياسية سوف توظف في غير محلها و أنها سوف تستخدم حرفياً في معركة صناعة الوهم في زمن خيانة الوطن .
في اخر عمل تلفزيوني جمع الماغوط مع الممثل دريد لحام و هو مسلسل وادي المسك يقدم لنا الكاتب في الحلقة الخامسة لوحة كوميدية رائعة هي عبارة عن حوار ساخر بين الفنان الراحل ناجي جبر (ابو عنتر) و الممثل عمر حجو الذي جسد دور الموظف النزيه و المنضبط و يرمز الى المثل الانسانية الصادقة . و يدور المشهد حول حوار تقوده كلمة بالعكس ( مع التشديد على حرف العين) حيث يطلب أبو عنتر " ازعر الوادي " وثيقة حسن سلوك من الموظف النزيه و يقدم تبريراته الذاتية على رفض طلبه بعكس ردود عمر حجو بالإستهلال بكلمة " بالعكس.. " ليتبعها برد غير منطقي و ساخر .
كلما طال زمن الأزمة في سوريا و كلما استمر الصراع فيها بالإطاحة بكل ما حوله كثور بلا عقال يهاجم الكبير و الصغير بقرنين فتاكين واحد على الأرض يمزق اجساد ابناء سوريا بنيران قصفه و مفخخاته و القرن الآخر اثيري يبث موته الاعلامي عبر الفضاء بفعالية اقوى من النيران الأرضية و بتواتر اسرع من وقع حوافر قطيع من الثيران البرية الهائجة , كلما استمر هذا الوضع قائماً كلما ازدادت دهشتي و حيرتي من قدرة جمهور الثورة السورية على ابتكار الخدع السيكولوجية و من إبداعه المعرفي الراقي في استنباط فنون جديدة للجدل الفكري ليبني عليها تبريراته السياسية و مواقفه الأخلاقية. فيسجل للثورة السورية سابقة استخدامها لكلمة واحدة شديدة القوة التبريرية و فيها كل الأجوبة لجميع الاشكاليات الاخلاقية و المطبات السياسية التي تقع فيها ان كان بالنقاط او بالضربة القاضية حتى اننا نستطيع أن نوصف هذه الكلمة بأنها النظرية السياسية الشاملة للربيع السوري , بل هي مبدأً جديداً في علوم السياسة في شرق المتوسط قد ترعرع ونما في خضم حرب المعارضة السورية و هيمن على إعلامها و سلوكها . و هذا المبدأ الشامل أو الكلمة هي ( بالعكس ..) التي تزين كل خطابات الثورة السياسية و العسكرية و الاخلاقية و تضرب كقرن اعلامي احشاء كل تهمة تواجهها و كل مساءلة تتعرض لها .
عندما ضرب التفجير الأخير دمشق في شارع الثورة و قتل فيه اكثر من خمسين مدني سوري منهم نسبة كبيرة من طلاب المدارس و سقط المئات من الجرحى سارع ثيران الثورة الى اشهار سلاحهم التقليدي امام عنف التفجير و ضخامة نيرانه و ردوا على اتهامهم بالأرهاب بمبدأ ( بالعكس ..) و قالوا أن النظام هو الذي فعلها تماما مثل سابقاتها فهو من ارسل كل السيارات المفخخة التي ضربت الشعب السوري , و الغريب في الأمر هو سهولة اقتناع جمهور الثورة بمعاكسات اعلامه الثورجي و ذلك بصرف النظر عن المستوى العلمي و الثقافي لهذا الجمهور , فأنا مثلا استمعت إلى اثنين من حملة الشهادات العليا و هم يجزمون بأن المخابرات السورية هي من قامت بالتفجير في شارع الثورة دون أن يعطوا أي تفسير لماذا يقوم نظام ما بنسف فروعه الأمنية التي يقولون هم عنها أنها هي الأساس الذي بنى هذا النظام وجوده عليها ??.
على أي حال أنا لا أعتب كثيراً على اثنين ممن درسوا كيفية تشخيص الأمراض البيولوجية في الجامعات السورية و لم يتعلموا التشخيص السياسي و لكن عتبي يقع بالدرجة الأولى على الرأس السياسي لهذا الجمهور المعاكس و هو رئيس الإئتلاف المعارض معاذ الخطيب الذي زعل و حرد من سقوط قتلى مدنيين في حلب نتيجة لقصف الجيش السوري لمناطقهم فقطع مباحثات " السلام " التي تهدف لوقف الإقتتال و حقن الدماء دون أن نسمع منه كلمة رثاء صغيرة بحق الثلاث و خمسين ضحية الذين سقطوا كحصيلة أولية و دفعة مبدئية لتفجيرات لاحقة موعودة !!.
و طبعاً جاء رد الفعل الطفولي هذا من الشيخ معاذ بعد أن عاكس إعلام ثورته نية النظام السوري في التفاوض و دعوته المعارضة إلى حوار وطني حيث ادعت هذه الأخيرة أن هذه الدعوة غير جدية بل على ( العكس.. ) فالنظام لا يريد الحوار من اصله كما قالها صراحة المعارض لؤي حسين على قناة الميادين في اللقاء الذي جمعه و النائب خالد العبود .و هنا أيضاً لم نسمع من احدهم مثل الكاتب عبدالله اسكندر مثلاً الذي نشر مقالاً جديداً في الحياة اللندنية تحت عنوان " الحوار بالسكود " الذي تلقفه موقع إيلاف و نشره بلهفة الملتاع الولهان لم نسمع رداً على سؤال يقول : لماذا لم يزعل النظام السوري و يشيح بوجهه عن الحوار مع المعارضة بعض تعرضه لست سيارات مفخخة طالت أفرعه الأمنية و الحزبية بنفس التوقيت و هو حسب رؤيتهم الذي اختار الحل الأمني منذ البداية و لا يعرف إلا لغة القتل و الدمار؟؟!!.
إن مبد أ ( بالعكس ..) هو بالحقيقة ليس بالجديد على ابناء الثورة السورية فهو له اصوله القديمة في فكر المعارضة بكل تياراتها و لا سيما الإسلامية منها و يتجلى في تمسكهم المزمن بفكرة أن النظام السوري هو صديق لإسرائيل و ينسق معها و يحمي حدودها . أنا من ناحيتي قد اتفهم خطاب المعارضة التخويني هذا الذي انطلق في ثمانينات القرن المنصرم لو أنه صدر منهم كدفاع اعلامي مضاد على إصرار النظام السوري على البقاء في حالة حرب مع إسرائيل و ترديده الرتيب لمصطلحات الصمود و التحرير على مدى عقود من الزمن , و لكن ما لا افهمه هو إيمان جمهور الثورة المطلق بهذا الإدعاء و تجاهله لأرقام تاريخية لا يمكن إخفائها مثل حرب لبنان التي اسقطت فيها إسرائيل لسوريا الكثير من الطائرات المقاتلة و من بطاريات الصواريخ و مئات القتلى من الجنود في حرب ليست متكافئة من ناحية دعمها الدولي لكلا الفريقين . هذا إذا لم نتحدث عن العقيدة القتالية للنظام السوري الموجهة في مجملها ضد إسرائيل حيث ابتدأ الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد حكمه بإعلان حرب جريئة على الكيان الإسرائيلي . و لكن الأخطر من هذا كله هو التعتيم على الأرقام الحالية للصراع السوري الإسرائيلي و هي ارقام لا يمكن التلاعب بها باستخدام مبدأ بالعكس فكان لا بد تجاهلها تماماً مثلما تجاهلت الثورة الكثير من الحقائق غيرها و هربت من مواجهتها كما تهرب القوراض الصغيرة من الضوء القوي إلى عتمة الزوايا و الثقوب, فعلى سبيل المثال و ليس الحصر نعود إلى حرب غزّة الأخيرة عندما سقطت الصواريخ الغزّاوية التي كان منها ما هو سوري الصنع على إسرائيل فصدمتها و جرحتها و لكن الضربة الكبرى المؤلمة كانت في تفجير حافلة الركاب في تل أبيب من قبل الجبهة الشعبية التي تعتبر فصيلاً مقاتلاً سورياً منذ تأسيسها فما كان من الجيش (الحر) إلا أن هاجم و في اليوم التالي للعملية مباشرة و لأول مرة معسكر تدريب للجبهة الشعبية يقع في طرف دمشق و دمره بالكامل تقريباً و ذلك كرد فعل إنتقامي على التجرؤ على باصات تل أبيب .
و نفس الصمت تكرر مرة اخرى بثقل و بلادة اكبر من السابق في مواجهة ضوء أشدّ و أسطع هذه المرة و ذلك عندما أسعف الجيش الإسرائيلي في مشافيه الميدانية بعض صبيانه ممن ينتمون إلى الجيش ( الحر ) الذين يتم ارسالهم دورياً للإغارة على النقاط العسكرية السورية المرابطة على الحدود مع الجولان و الأردن . و لكن خطاب الثورة السورية لن يوفر كنزه الإعلامي و سلاحه الامضى طويلاً مهما اشتد عليه ضوء الوقائع و ضربته صراحة الأرقام فعندما قصفت الطائرات الإسرائيلية أهدافاً عسكرية سورية بالقرب من دمشق و قصفت معها حجة المعارضة العتيقة التي تزعم تعاون إسرائيل مع النظام السوري لإبقائه في الحكم بغية كسر المعارضة الإسلامية ردت هذه الأخيرة و قالت : بالعكس .. إن الضربة الإسرائيلية قد أثبتت أن النظام عاجز أمام إسرائيل و هو يرتجف خوفاً منها و ليس بقبضاي كفاية كي يقصفها بدوره و يطحش على أراضيها كما فعل صدام حسين " أبو عنتر " العرب . من الواضح أن المعارضة لا ترمي من إدعاءاتها هذه سوى الإفحام الإعلامي كما و تفتقر إلى النظرة السياسية النافذة , فالقتال مع كيان مدعوم حتى النخاع من اقوى دول العالم له توقيته و ظروفه حسب ما تتطلبه اللعبة السياسية و المعادلات الدولية, فاليوم قد ردت السلطات السورية على تصريح إسرائيل مؤخراً نيتها التنقيب عن النفط في الجولان و نصب عنفات توليد الطاقة من الرياح بسحب فرقتها العسكرية المرابطة على الحدود في حركة يدرك الجميع مغزاها و سر توقيتها مما أثار حفيظة برهان غليون و هبّ ليشجب سحب القوات الذي يعني بطلان صلاحية إتفاق تبريد جبهة الجولان و اللعب بكروت مكشوفة . و هنا أود أن نتذكر تقاعس الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك عن اللعب و لو بكرت مغلق عندما جاءه التوقيت المناسب فكان أن ذهب إلى غير رجعة و ذهبت معه مصر إلى المجهول لأنها فقدت قضيتها و عصب وجودها, و لنتذكر صدام حسين أبو عنتر العرب عندما سبق توقيته فأنتهى به الأمر في حفرة مظلمة و انتهت بلاده و المنطقة برمتها في نفق حالك السواد ليس لدى الجائعين إلى السلطة و الحكم أي تصور ناضج أو رؤية مدروسة للخروج منه إلى ضوء الحقيقة .




#عادل_أسعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهر قويق لم يستر عورتهم هذه المرة
- رقصة غجرية في سيرك النذالة
- هل هي اسرائيل الثانية ...لا انهم المريدون
- حدوتة كوسوفو تروى في سوريا
- إذا سادت الأمنيات في السياسة..سالت الدماء
- حرب الهيدرا في سوريا
- تأملات في دقيقتين و ثانية سورية
- الملائكة تفتي في سوريا
- الرئيس السوري يخاطب الحاوي
- لا تستخفوا بالنظام السوري
- بل أهل الشام من أدرى بشعابها 2-2
- بل أهل الشام من أدرى بشعابها (1)
- و لا عزاء للمتسائلين
- تلفن جوبيه...هيدا جوبيه هيدا
- حتى أنت يا ميسي
- سوريا الوسيلة .. سوريا الغاية
- سوريا الصامتة بين الشبيحة و الموتورجية
- وجهة نظر سورية
- تساؤلات سورية غير مشروعة (2)
- تساؤلات سورية غير مشروعة (1)


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل أسعد - أبو عنتر السوري يتجنب الضوء (1-2)