أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الجلطة السياسية بين الشعب والسلطة















المزيد.....

الجلطة السياسية بين الشعب والسلطة


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4013 - 2013 / 2 / 24 - 19:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الجلطة السياسية بين الشعب والسلطة
طلعت رضوان
تتكوّن الدولة stste من طرفيْن : الشعب والسلطة. وفى العصرالحديث دخل طرف ثالث : الأحزاب السياسية + قوى المعارضة من خارج الأحزاب. وأية دولة تـُداربعدة محاور: اجتماعية واقتصادية وسياسية (داخلية وخارجية) فى هذه المحاورتنقسم الدول إلى قسميْن رئيسييْن: قسم مع العدالة التى لا تـُفرّق بين المواطنين بسبب الجنس (أنثى وذكر) ومهما تعدّدتْ دياناتهم ومذاهبهم . والعدالة لصيقة بالحرية (سياسية وفردية) فكلما حرص النظام الحاكم على تطبيق العدالة ، فهو (تلقائيًا) مع الحرية والعكس صحيح ، فإذا انحاز الحاكم لصالح فئة من المواطنين ضد باقى شرائح المجتمع فهو ضد العدالة وضد الحرية ، وهذا هو القسم الثانى من الدول .
من هذا التوصيف فإنّ الدولة أشبه بالكائن الحى المُتكوّن من مخ وأعضاء وشرايين وخلايا . وإذا حدث خلل بين المخ والأعضاء ، خاصة عند عدم تدفق الدم من الشرايين تحدث (الجلطة) الدموية التى تتسبّب فى (الشلل) وهذا (بالضبط) ما يحدث فى الأنظمة الحاكمة المُستبدة التى ترى أنّ تسلطها واستحوازها على ثروات الوطن لها ولمشايعيها، يتوقف على تعطيل(شرايين) الدولة، فتحدث (الجلطة السياسية) التى تـُسبّب (الشلل) وكما أنّ الكائن الحى به جهازمناعة لمقاومة الأمراض، كذلك الأوطان، فالشعوب، منذ فجرالتاريخ البشرى لم تستسلم لطغيان الحاكم، صحيح أنّ النتائج لم تكن لصالح الجماهيرالشعبية، وتم قمع معظم الثورات وقتل وصلب الثوار، ولكن فى العصرالحديث تبلورالتغيرالكيفى مع أحداث الثورات الإنجليزية والأمريكية والفرنسية والروسية.
إنّ الشلل الذى تـُحدثه (الجلطة السياسية) فى العلاقة بين الشعب والحاكم ، تسبّب فى الكثيرمن الكوارث الإنسانية، سواء فى مجال التنمية أوالحرية. وذكركثيرون من مؤرخى الحضارات أمثال توينبى وول ديورانت أنّ اليونان القديمة كانت ستكون أفضل لوأنها آمنتْ بالعدالة والحرية لكافة المواطنين، لأنّ النظام اليونانى القديم لجأ إلى التفرقة على قاعدة (سيد/ عبد) و(ذكر/ أنثى) وبسبب هذه المنظومة السياسية تعرّض الفيلسوف أفلاطون للبيع فى سوق العبيد لولا أنْ تعرّف عليه أحد تلامذته فاشتراه وأعتقه. وهناك إجماع بين العلماء على عدم المساواة بين اليونانيين أنفسهم أوبينهم وبين الشعوب الأخرى ، وأنّ مفهوم الشعب فى اليونان لم يكن محدّدًا تحديدًا دقيقا بل اقتصرالأمرعلى الأثينيين مع استبعاد الأجانب والعبيد والنساء (اليونانيات) كما لم تكن الحرية الشخصية مكفولة (حرية الانتقال وحرمة المسكن وحق الأمن) ونفى أى مواطن لمجرد احتمال وصوله إلى الحكم . وأنّ حرية الفرد بالمعنى الدقيق لم يكن لها وجود مثل حرية العقيدة. وكتب أرسطوأنّ النساء غيرمؤهلات للاشتراك فى العمل الديمقراطى. وكان لديه تعصب عرقى يعتمد على التفرقة بين الأجناس . فنظر إلى اليونان على أنهم أرقى الشعوب. فى حين أنّ (الهمج والبرابرة) ومنهم شعوب الشرق القديم لا يصلح لهم سوى حكم الاستبداد لأنهم خـُلقوا عبيدًا بطبيعتهم . وكانت أفكار أفلاطون عن عدم المساواة بين اليونانيين أنفسهم وبينهم وغيرهم من الشعوب مثل أفكار تلميذه أرسطو. ولتأكيد الطغيان والعبودية فى اليونان ذكر الفقيه الفرنسى بارتلمى فى كتابه (القانون الدستورى) أنّ عدد العبيد بلغ فى مدينة أثينا 200ألف وعدد المواطنين الأحرار لم يكن يزيد على 20ألفا أى أنّ عدد العبيد بلغ عشرة أمثال عدد المواطنين الأحرار. وجاء فى مدونة (جوستنيان) أنّ عادة أمراء الجيش الرومانى جرتْ بعدم قتل الأسرى (ليس شفقة ورحمة بهم وإنما لأنه كان ((يُطلق عليهم (ملك اليمين) أويُباعون للغيرباعتبارهم عبيدًا)) (ترجمة عبد العزيزفهمى- عالم الكتب بيروت) وبلغ عدد العبيد فى الامبراطورية الرومانية عام 24ق.م نحو 20مليون إنسان مقابل 214ألف من المواطنين الأحرار. (د. إمام عبدالفتاح إمام- الديمقراطية والوعى السياسى- نهضة مصر2006) وتم صلب ستة آلاف إنسان على طول الطريق من كابوا Caqua إلى روما بعد النصرالرومانى المُسلح بآلات القتل ، فى مواجهة بشر لم يكن معهم سوى سلاح الاشتياق للحرية والانعتاق من العبودية.
لم تستسلم البشرية لطغيان الحكم. ونظرًا لأنّ الطغيان يستند إلى الجمع بين السلطات الثلاث (السياسية والتشريعية والقضائية) فى قبضته ، لذلك برز عصر جديد عندما نادى مونتسكيو (1679- 1700) بضرورة الفصل بين هذه السلطات. وأنّ هذا الفصل هو الضمانة المؤكدة لعدم اعتداء السلطة التنفيذية على التشريع والقضاء. وبرز مفكر آخر هو جون لوك (1632- 1704) ومن اسهاماته ضرورة مواجهة ((الحق الإلهى للملوك)) بموجب ((عقد اجتماعى)) وأنّ الدولة ليس من حقها التدخل فى ديانة المواطنين بمعنى عدم انحيازالدولة لديانة معينة، لأنّ هذا الانحياز تتسبّبْ عنه كوارث بين أبناء الشعب الواحد. وكتب (الدولة لاتضمن لمواطنيها دخول الجنة ، لذا فليس من حقها أنْ تـُجبرهم على الصلاة) وكتب كثيرًا عن أهمية فصل الدين عن الدولة الذى تطورفى العلوم السياسية الحديثة إلى (فصل المؤسسات الدينية عن المؤسسات السياسية)
من أجل استحوازالسلطة الحاكمة على ثروات الوطن وقمع المواطنين الشرفاء بوحشية ، تم توظيف الدين لأغراض السياسة ، أى خلط الدين بالسياسة أو القمع باسم الدين ، لدرجة أنه فى القرن 18كما ذكر فولتيرانتشرتْ جماعة أطلقت على نفسها (الأمربالمعروف والنهى عن المنكر) وأعضاء هذه الجماعة إذا رأوا مواطنا يجلس فى بلكونة منزله أثناء القداس فى الكنيسة، صعدوا إليه وألقوا به إلى الشارع فيُصاب أويموت وهذا هو جزاؤه لأنه ((تكاسل عن نداء ربه للصلاة)) وترجم فولتير هذا الواقع المأساوى فى جملة عبقرية قال فيها ((من قال لك آمن بما أومن به وإلاّ لعنك الله، سيقول لك بعدها آمن بما أومن به وإلاّ قتلتك)) ودعا روبسبير(أحد الشخصيات الكبرى فى الثورة الفرنسية) إلى (ديانة العقل) باعتبارها ديانة الدولة. ونظرًا لطغيان اللغة الدينية وتدخلها فى السياسة انتشرتْ أثناء الثورة الفرنسية مقولة ((اشنقوا آخرملك بأمعاء آخرقسيس))
تمادى الكهنوت الدينى لدرجة التدخل فى حياة الإنسان الخاصة، مثلما حدث بعد اكتشاف البنج إذْ أفتتْ الكنائس بعدم استخدام البنج للمرأة الحامل أثناء الولادة تنفيذا لمشيئة الرب العبرى ((بالوجع تلدين أولادًا)) (تكوين 3: 16) ولكن البشرية لم تستسلم لهذا الطغيان باسم الدين، وكان لدورالعلماء والفلاسفة الفضل الأعظم فى تحجيم هذا الطغيان ، الأمرالذى أدى فى النهاية إلى أنْ يكون المكان الطبيعى للدين هودورالعبادة فقط لمن يريد ، أما علوم الطب والفلك والفيزيا إلخ فلا دخل للكهنوت الدينى بها . ومع ارتفاع سقف الحرية الفكرية وسقف الأبحاث العلمية، حدثتْ ثورة فى مجال العلم science وتطبيقاته. هذه الثورة العلمية هزتْ أركان الكثير من الثوابت الدينية ، مثل عمرالكون وعمرالكرة الأرضية ، إذْ أوضحتْ الاكتشافات العلمية الحديثة التناقض بين العلم وبين ما جاء فى كتب التراث العبرى . وبجانب العلوم الطبيعية ساهم الفلاسفة فى تعميق الوعى بحرية الإنسان ، وأنه لا يجوز لأية سلطة حاكمة الاعتداء على حرية مواطنيها بما فيها حرية الاعتقاد وهوما نصّتْ عليه المادة 18 من الاعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادرفى 10 ديسمبر1948ونصها (لكل شخص الحق فى حرية التفكير والضمير والدين . ويشمل هذا الحق تغيير ديانته أو عقيدته وحرية الاعراب عنها بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء كان ذلك سرًا أم مع الجماعة) ونصّتْ المادة (21) على 1- لكل فرد الحق فى الاشتراك فى إدارة الشئون العامة لبلاده إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يُختارون اختيارًا حرًا 2- لكل شخص نفس الحق الذى لغيره فى تقلد الوظائف العامة فى البلاد. ومعنى ذلك أنّ حق (المواطنة) لا يُفرّق بين المواطنين فالكل سواسية. لا فرق بين مسلم ومسيحى ويهودى ولا دينى . ولا بين امرأة ورجل .
هذا التطورالذى قطعته البشرية عبرآلاف السنين من النضال الفكرى، تؤمن به بعض الأنظمة ولاتعترف به أنظمة الاستبداد. وتـُحتم علىّ الأمانة العلمية الاعتراف بأنه لايوجد نظام سياسى يُطبق العدالة والحرية بنسبة 100% ولكن تبقى الحقيقة الواقعية التى أكدتْ على وجود أنظمة ترفض العدالة والحرية بنسبة100% أيضًا ، خاصة الأنظمة التى حكمها العسكر أو الكهنوت الدينى أو التى تجمع بين الدكتاتورية العسكرية والفاشية الدينية. فى الأنظمة الأولى (فى أوروبا عمومًا وفى الشمال الأوروبى خصوصًا) تحققتْ العدالة والحرية بنسب ملحوظة لأصغر مُحلل سياسى ، وكان السبب هوالتراكم الكيفى الذى استوعبه من يتولون الحكم فى هذه الأنظمة. تراكم حتـّم عليهم استيعاب عبرة التاريخ القائلة أنّ الضمانة المؤكدة للاستقرارالاجتماعى تكون بواسطة العلاقة الجدلية بين السلطة والشعب. أى منع حدوث (الجلطة السياسية) وهذا لا يكون إلاّ من خلال (شرايين) اتصال بين الشعب والسلطة وهو ما ترفضة أنظمة الاستبداد .
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة المصرية أم لغات العالم
- أنور عبد الملك : ماركسى بعمة إسلامية
- هل يمكن الجمع بين التراث والحداثة ؟
- تاريخ اليهود المصريين بين لغتىْ العلم والسياسة
- الزراعة ونشأة الحضارة المصرية
- جدل الواقع مع التراث العربى فى رواية (رحلة الضباع)
- حسين بيومى : مثقف من طراز فريد ونادر
- الفولكلور المصرى ومقاومة الاستبداد
- آليات الليبرالية ومبادىء الاشتراكية
- لماذا لا يحتفل الإسلاميون بنبيهم العربى ؟
- لماذا تعريب مصر وليس تمصير العرب ؟
- الربيع العربى بين الوهم والحقيقة
- مؤامرة إنجليزية إيطالية لسرقة واحة مصرية
- عبد الغفار مكاوى والبحث فى جذور الاستبداد
- عودة اليهود والاستيطان الإسرائيلى لمصر
- نجح الإسلاميون فيما فشل فيه الإنجليز
- الدستور وكارثة تعريب العلوم
- الحاكم العصرى ليته كأحد الفراعنة
- أنصار الحرية فى مواجهة أعدائها
- العداء للفلسفة وعلاقته بالتخلف الحضارى


المزيد.....




- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الأتراك يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى في رمضان
- الشريعة والحياة في رمضان- مفهوم الأمة.. عناصر القوة وأدوات ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الجلطة السياسية بين الشعب والسلطة