أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف عبوش - تجليات المكان في ذاكرة الثقافة الشعبية














المزيد.....

تجليات المكان في ذاكرة الثقافة الشعبية


نايف عبوش

الحوار المتمدن-العدد: 4013 - 2013 / 2 / 24 - 14:44
المحور: الادب والفن
    


تجليات المكان في ذاكرة الثقافة الشعبية
نايف عبوش
احتل المكان مكانة رمزية مهمة في الذاكرة الشعبية.ولا غرابة في ذلك فالانسان منذ الصغر يتعلق بكائنات فضاءات الطبيعة المحيطة به،ويتفاعل مع بيئتها الحاضنة له بشكل مباشر، باعتبارها واقعا محسوسا غير مجرد من الدلالات.فتراه يرعى المواشي،ويخرج للنزهة،واللعب في بوارات ديرته،ومشاعاتها، وبيادرها،وشعابها،مما يترك في مخيلته الكثير من الانطباعات التي تسكن الذاكرة الى نهاية المطاف. لذلك يبقى عنصر المكان مهما في ثقافة التراث الشعبي،ويأتي في سياق الثقافة العامة الطللية للموروث الشعبي،شعرا، ونثرا، وغناءا، وأمثالا.
على ان تداعيات التحضر المتسارعة بالعصرنة،تعكس قلقا جديا على مصير التراث بجانبيه المادي،والمعنوي،من خلال تنحيتها الكثير من تجليات التراث في الحياة المعاصرة..بل وأضيف بشئ من الانزعاج،ان الامر وصل الى مسخ معالم طبيعية،اخذت بوحدتها المكانية مع انسان بيئتها يوما ما،صفة الرمزية التراثية التي غالبا ما كانت تستلهم في تفريغ هموم ناسها..فعلى سبيل المثال نتلمس شاخصية المكان واضحة في وجدانيات الموروث الشعبي الغنائي،يوم كان ابن الريف يتيمم عنصر المكان ليصدح بالنايل تعبيرا عن وجده ومعاناته(كل علو نركاه اندور فضاة البال..مسعد بدنياه الما مس دليلو ضيم)..و(العلو)بلهجة ابن الريف هو المرتفع من الارض من الهضاب والتلال التي يصعد الناس عليها سابقا..وخاصة عند الاصيل للتفسح والابتعاد عن صخب الحياة..وحتى عندما يرعى ماشيته في تلك المرابع والفيافي. وفي العتابة يتغنى (يبير المونسي الوردن على ماك..ريام ودلهن المركب علماك..) في اشارة صريحة الى المكان بالاسم، وهو البئر الذي كانت ترده ماشيته،وتتردد عليه الصبيات للاستسقاء.ولا يخفى كم هو موحي،ومؤثر هكذا مشهد في مشاعر الانسان المتفاعلة عواطفه مع عنصر مكانه، ومتوحدة معه..لكن الكثير منها اليوم شأنها شأن عناصر التراث الأخرى طالها العبث،والمسخ، والإقصاء لأسباب كثيرة.على ان كبار السن ممن عاشوا تلك الصورة بتفاعلاتها الحسية لا زالوا يسترجعونها بعاطفة وجدانية في ذاكرة تراث الامس..حيث يجدون انفسهم اسيري عناصر فضاءاته المكانية الساحرة،منذ ان ارتبط المكان في مخيالهم بالأحداث، والوقائع،والمعاناة، واتصل بحياة الناس اتصالا عضويا،رغم مغريات المعاصرة بكل محاسنها الفاتنة التي لا يتلمسون فيها روح الانسجام مع الذات المسحورة بروح الماضي مكانا،وزمانا،وإنسانا.
على ان اللقطات المتعددة من المشاهد،والصور المتراكمة في الذاكرة، يجمعها مع الانسان اصرة فضاء المكان في تكوين ثقافته،وهو ما يجعل المكان فضاءا فنيا حركيا، وجماليا حسيا،يسكن ذاكرة الافراد والجماعة، الامر الذي اكسب المكان هذه الرمزية التعبيرية الجمالية.
وبهذا يتخذ المكان بعده المركزي في الذاكرة التراثية،باعتباره بؤرة إنتاج الصور،والرموز،التي تكيف سلوك الأفراد،واستجاباتهم اللاحقة، لانثيالات الذاكرة،فيتجلى عنده احساس بالحنين اليه كلما اتيح له استذكاره، متخطيا كل معطيات زمنه الراهن.



#نايف_عبوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدلولات النص القرآني كيف ينبغي ان نفهمها
- قراءة في تجليات جدل العلاقة بين العروبة والإسلام
- تعريب العلوم والتقنيات والمعارف..التحديات والضرورة
- خطل نقد النص القراني بغير منهجيات علومه
- هوس العقلانية الحداثية وحقيقة قدسية القران
- دعاوى أنسنة النص القراني..بين هوس العقلانية الحداثية وحقيقة ...
- التشكيك في ثوابت الدين مدخل للصراع بين المجتمعات
- الحفاظ على التراث..بين مقتضيات الخصوصية وتحديات العصرنة
- نحو بلورة مشروع عربي للنهوض باللغة العربية
- ايقاع العصرنة.. تحديات الاستلاب وضرورات التحديث
- الاعتقاد المؤمن..بين الكتاب المسطور والكون المنظور
- ظاهرة هوس استخدام الهاتف النقال
- اللغة العربية..ومخاطر المسخ بالعامية
- الدين..حاجة وجدانية للانسان
- الوحي الالهي للقران
- بل رب العالمين.. واله الناس
- القرآن كتاب هداية للتدبر.. لا معلقة شعرية للنقد
- بل محمد هو القدوة


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف عبوش - تجليات المكان في ذاكرة الثقافة الشعبية