أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عذري مازغ - نائب وكيل الأحدية














المزيد.....

نائب وكيل الأحدية


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 4012 - 2013 / 2 / 23 - 23:29
المحور: كتابات ساخرة
    


من الرائع تأمل هذه الصورة الكاريكاتورية التي وردت تفاصيلها من مدينة ميدلت بقلب الأطلس المتوسط: صورة تمشكل وضعا فجا في تاريخ المغرب الحداثي، تمثل ذروة في التخلف، مع أن العادة في المغرب، أن كل تخلف، كل سمة له تشكل مفخرة عظيمة لبعض الأجناس المتخلفة، فالدولة الوحيدة التي لها هذا الطابع المحافظ لاستمرار التخلف على الرغم من ادعاء الحداثة هي دولة المغرب، الدولة التي ترسم معالم تطورها التاريخي وفقا لمعيار الثوابت التي لا تتحرك خطوة نحو الأمام، أي أنها تبني ما يعثر خطوتها بأي ثمن، تبني تركيبة صنمية في اتجاه تقدمها، لذلك لا عجب أن تحتل مدينة العشاق كميدلت، مركز اهتمام واسع في الأسابيع الآخيرة، ليس لأنها تحتفي بعروس التفاح المغربي كما دأبت العادة، بل لأنها ، وعلى غير العادة، ازفت في عرس آخر من نوع آخر، دشنت دخلة قدم في حذاء نائب وكيل الملك، وكان للدخلة طقس خاص، تضحية خاصة: أن يجثم عامل ميكانيكي تقبيلا لحذاء نائب وكيل الملك: حدث استحق بامتياز أن يسم مدينة عادتها زف عرائس التفاح، أصبح لها فجأة موسم آخر: أن تزف هذه المرة حذاء لقدم نائب وكيل الملك. من جمائل الثبات المغربي، أن تكون للعدالة ثوابتها، عدالة أساسها الملك، والملك حجر الزاوية في العدالة، وبقدر ما تتراكم شؤون العدل في المغرب، بقدر ما تحتاج إلى عرس احتفالي يبهج مزايا عرسانها في زفة ابتهال التي عادة من سماتها التقبيل والسجود والتمرغ، أي أن من عاداتها الممجدة الحط من الكرامة من خلال تفاوتاتها الطبقية أو من خلال تسلسلها في السلم الإداري، وعادة السجود والتقبيل وما إلى ذلك من صفات الإنحطاط تتسلسل بدرجات متفاوتة في الترتيب من فوق إلى تحت، من تقبيل الكتف مرورا باليد إلى تقبيل الحذاء، يتسلسل عكسيا من الإنحطاط الوضيع الذي تمارسه العامة، إلى الإنحطاط السامي الذي تمارسه النخبة، أليس عظيما ان يكون لعادة الإنحطاط في المغرب موسم شبيه بمواسم الجني: جني حب الملوك بصفرو، جني التفاح بميدلت، واخيرا جني موسم الأحكام العدلية: موسم فيه الطبقة العاملة تقبل أحذية الخنازير العدلية في موسم ميدلت الجديد حيث عامل الميكانيك زف لحذاء نائب وكيل الملك في مشهد قداس لم يعرف مثله المغرب في كل تاريخه التليد. ومن المفارقة العجيبة أن يكون رجل تليد في القانون الجنائي والجنحي، قد ضرب عرض الحائط كل ترسانة علمه الجنائي والجنحي عرض الحائط ليتمسح بنزوعه العنصري، أن ينزع كل جلبابه القانوني المثقل بكل عيوبه الخياطية ليتجرد ككائن شريف، أي كائن منحط، كائن يتغذى على علف أجرة هي من صميم عرق المواطنين ومع ذلك يتجرد بشكل سوريالي بما يسمه ككائن اجتماعي تلقى تعليمه وأجر خدماته من ضرائب مواطنيه، يتجرد كما لو أن اجرته تدفعها له الملائكة، والمفارقة الأعظم أن يكون الحدث أمام شهود عيان، امام شرطة المفروض فيها أنها تحمي كرامة المواطن عوض أن تسحبه من مقر عمله إلى مخفرها دون وصل قانوني يفيذ الإعتقال او الإستنطاق، لتوقعه أضحية لقداس.
المسألة لا تتوقف عند الحدث بل تتعداه إلى مستويات بنيوية متعددة، ففي جميع القطاعات نجد مثل هذه المسلكيات بدرجات متفاوتة تظهر إلى اي حد صنع جهازنا التربوي كائنات نبيلة جدا وشريفة جدا بمجرد انها تعتلي مقعدا مخزنيا بالتعيين المفيد، مقعدا شريفا كما ينتظر ان يحمله وعي العامة، ويعني ذلك، بما لها من مزية التعيين، انها تنتمي إلى جنس آخر، جنس المحظوظين، ويعني تاليا انها تحمل رأسا من الحماقات بتعبير نيتشة، وبناء عليه يمكن أن يصدر من كل الكائنات المعينة بمرسوم ما وهم على راس كل الوظائف الحساسة، في أي وقت محتمل، كل ما يتوقعه منها الشارع المغربي، فهي كائنات حصينة بالتعيين، وتحاكم في مسلكيتها العامة وفقا لوعي فوقي تسلسلي هو وعي التعيين نفسه المستمد من الشعور والغبطة العارمة بالإنتماء إلى الحظوة، في بيئة يتحكم فيها هذا النزوع إلى إعادة التقبيل وتجديده وفق معطيات مختلفة، يمكن لإعادة التقبيل مثلا ان يحافظ على مكانة النبيل بعد حماقة مغرضة، حماقة مثلا تظهر نوعا من النزاهة المقلقة لذوي الأمور ونحن نتذكر مثلا كيف كان يقبل المحجوبي أحرضان قدما الحسن الثاني عندما صدرت منه نزاهة عميقة تنبع من عمق الحقيقة السياسية في مغرب المخزن، حين وصف حكومة جلالته ب "حكومة الشمايتية"، كانت حينها تلقائية أحرضان في تقبيل قدما الحسن الثاني تنم عن رضى تام ينبع عن شعور بالإثم البالغ:شعور بأن يفقد مكانته الوظيفية في جهاز الأعتاب الشريفة ومعنى ذلك انه سيصبح خارجا عن طبقة الشرفاء، أن يكون خارجا، وبتعبيره هو، عن طبقة "الشمايتية" نفسها، ويمكن بهذا الصدد اعتبار صفح الملك الحسن لأحرضان نابع أيضا عن نضج شرط الصفح وهي ان يكون التقبيل علنا وامام عدسات وسائل الإعلام، أن يكون عبرة للشعب، بينما مشهد أو حادثة نائب الوكيل مع الشاب هشام فهو تعبير عن الوقاحة نفسها، محاكاة لجانب من الفظاعة الشريفية في شروط مختلفة تماما، هي انعكاس لفعل "الشمايتي" على الآخر خارج دائرة "الشمايتية" وذوقها عند الشاب هشام يختلف كثيرا عن ذوق أحرضان: يقول الشاب هشام حمي كما نقلته وسائل الإعلام: "شعرت حينها كما لوكنت حشرة". وهو شعور كل الشعب المغربي الخارج عن دائرة شعب أو طبقة "الشمايتية".



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الديموأعرابية-
- عظمة الرأسمالية: نقض مفهوم العولمة
- عظمة الرأسمالية: حول“القدرة المدهشة-
- وطن الجحيم
- لم أحمل الصهيونية شيئا من عندي
- الصهيونية تعني قتل أطفال
- الحب الإيكولوجي
- تأملات في المشهد الأوربي: الإضراب العام وحركات الإحتجاج
- تأملات في المشهد الأوربي: حول الإضراب العام
- مريرت وأومدا
- ديموقراطية البيعة
- العالم الآخر ممكن بالقوة وبالفعل ايضا
- قنصليات البؤس: قنصلية ألميرية نموذجا 2
- قنصليات البؤس: قنصلية ألميريا نموذجا
- ثلاثة عشرة دقيقة للهبوط نحو الإنحطاط
- ماريناليدا
- وداعا لهوس الكتابة
- ماركس في كتابات -الشلة- 2
- ماركس في كتابات -الشلة-
- أزمة عمال كوماريت


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عذري مازغ - نائب وكيل الأحدية