|
كراديس مَن ماتوا بحميمية
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4012 - 2013 / 2 / 23 - 11:32
المحور:
الادب والفن
كراديس من ماتوا بحميمية
بهاء بشارة يورطنا في ترتيب الحجارة المحتشمة للنهار . بداية جديدة لليوم ، ندخلها في قابلية تستضيء بالأخاديد العفيفة لألمنا العضال ، لكن العلامة التي نترقبها في انشادنا بين الأشجار المضرّجة ، تغلق شحوب السرّ على نفسها ، وتختفي في لحظة وعرة . ما يموت ، وما يشعر بعدم الرضا من حياته الفاحشة ، يفلت من بين أيدينا بتصدع عظيم . الغراب النذير بتلميحاته التي نستجوب في غوّاصة ألغازها ، أولئك الذين يسندون حيواتهم المولودة في الزرائب ، الى الجص القديم لوسائدهم ، لا يدلنا على قبورنا المنسوجة في الأحجية المملوكة للشجرة ، وكلّ جرح للظهيرة ، يجحد الشيخوخة . سنوات طويلة ، نقيس عارضة التوازن المنفصلة لمصيرنا ، ونتقدم بصمت صوب إيناع المرض وإشاراته الربانية . نوّدع في سهادنا على الهاوية مراكب كثيرة ، ونلمح تزايداً في كراديس من ماتوا بحميمية ماضيهم المحاط بالنتوءات .
النوم بعصمة
يُنقطُ من سقوف مراكبنا يأس وشكاية غير مأمونة وكلّ يوم نودعه بالمشاعل ، يرمي ثمرته الرهيفة في الحصن العملاق للكهولة . المفوّضون منّا بكشف اللثام عن الأصداف العتيقة ، ينعسون في فراغ الريح ويعرّيهم الوميض المعزول عن النهار . أيّامنا في تسريحها لنفسها ، تنفصل عنّا وتتخلص من الجرح المُزرق . نسائم تخوم محترسة ، نعبرها بوهن ونكْمن للرهائن بين الأشجار الندية لخرائب التجارة . أبواب عصافير نوصدها تحت نباتات النجوم ، ونرمي المفتاح في ما يصعب الوصول الى ملامسته . أسلحة برّاقة تهدّدنا في كتمنا لأنفاسنا في ليل الغنيمة ، ونحنُ نترقّب الطرائد ، والقادم في سقمه ، يعيرنا عرْعر القنّاص . آلات منزوعة الضرر ، نعلّقها فوق الملح الحامي لسهادنا ونجذّف طوال وقتنا المسلوب ، باتجاه من رقدوا آمنين . وفي الغروب ، نعود وأشرعتنا مهدومة . لا ملاذ ولا دعامة نركن فوقها شموعنا المتناثرة . الحيّل التي نرتضيها في الأحلام ، تخدعنا وتوهن كلّ طموح . يتوّجب علينا الآن إشعال النار والنوم بعصمة فوق السياج المحترق للطاحونة . قلب السنبلة مضيء بالكنوز ورضاب النجمة يرسل إشاراته الى الأرض المحروثة في جباهنا .
حكاية حبّ يائسة
في الكرمة الدافئة المعرّشة فوق قبركِ في الشاهدة المرصعّة بندامة مّن شيّعوا العصور الى ديمومتها الحانية ، أنام ولا تواسيني ظلال وجهكِ الغريب ، الحلو . هل تذكرين حين نشبت النار في البلاد وكنتُ وحدي مع المقاتلة ، أتلو صلاة حبّكِ تحت الضربات المشرقة الى الملائكة في سهاد الانسان ؟ أحرس تعويذة موتكِ من مشعلي الحروب ، ومن الأعداء الذين يؤسسون الأبنية التي تُذيب الكحل في المساء ، وعلى قبركِ مذاق النبضة الخالدة . حبّك يا شفيعتي حكاية جديرة بفجر الرحلة ، لا تتغيّر ولا تتآكل بين الصواري التي تملأ فراغ العالم . بيننا الآن ضغائن وإصابات مشتركة ، وحبّي يتقدم اليكِ فاقداً غفرانه في الضلالة . بعدكِ ، كل مجهود حياتي ، يفقد فضيلته ، ويهجره الاحسان ، وحشائش الزمن ساخطة عليّ . نير مطمئن أرزح تحت ثقله وأمجّدكِ في الهجرات الناصعة للطيور ، لكن صلاتي اليكِ ظلّت مدفوعة بلا مكافأة تحت هجير الآبار . العشّاق في البراي يكوّمون حجارة كبيرة ، وأظنهم يحاولون نحت حكايتنا بين الحديقة المحتضرة للزمن . أنا وأنتِ يا حبيبتي لا نتعزّى من انفضاح جروحنا . عشّاق جُدد سيغنون أغنيتنا المريرة في الطرق المهجورة ، والزمن وجهة الغياب الهائل . لا خسائر لنا في نومنا تحت ظلال الأمل المتلاشي ، والخرابات سنعيد إصلاحها ونفرشها بعبير الموت .
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السير تحت ندى السنبلة
-
الفوران الصامت لإثمار السنبلة
-
الحجارة المتعزّية في الزمن
-
ندى ثقيل للتاريخ
-
نوافذ السنة
-
التوق الى الخلود
-
الجحيم الذي نسمّيه الأمل
-
أنسبُ مرض في الزمن
-
اخوتنا الالزامية للوردة
-
مجد المهجورين على الشواطىء المرتعدة
-
الطرق الكاملة لحياتنا
-
العوالم السفلى للوجود
-
في تسلّقنا الغصن الأسود للصيف
-
الحاضر في لهبه واشاراته
-
الأوغاد الذين يشرّعون لنا القوانين
-
حياتنا المريضة ، متكلَّفة بثقل صلصالها العتيق
-
الأطلال الخادعة للماضي
-
5 قصائد
-
العفن الجنائزي للماضي والحاضر
-
ثقل الأضاحي
المزيد.....
-
مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان
...
-
الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل
...
-
فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل
...
-
-سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال
...
-
مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م
...
-
NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
-
لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
-
فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر
...
-
هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا
...
-
فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي
...
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|