أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سومه حساين - هل هي مقابلة تلفزيونية أم جلسة تحقيق














المزيد.....

هل هي مقابلة تلفزيونية أم جلسة تحقيق


سومه حساين

الحوار المتمدن-العدد: 4011 - 2013 / 2 / 22 - 22:23
المحور: كتابات ساخرة
    


في مقابلة تلفزيونية على قناة الحافظ مع الإعلامي المُتميز والناقد الساخر د. باسم يوسف، لم يستطيع مُقدّم البرنامج الشيخ السلفي أن يُخفي ابتسامته العريضة التي كان من الواضح أنها خرجت رغم عنه وعلى غير عادته، لتنم عن مدى سعادته بالإيقاع بفريسته الدسمة، مما أثار استغراب الضيف الشاب والذي ربما شعر بما يضمر له من مكيده، ولكنه ببساطته وعفويته المعتادة وبكلمات ذكية وهادفة تجاوز الموقف، وكثير من المواقف المثيرة والأسئلة المُحرجة والفُضولية التي واجهها طوال مدة الحلقة، أو بالأصح طوال فترة التحقيق التي تجاوزت الساعة والنصف، والذي انتهت بأن يأخذ الشيخ وعد وعهد من باسم يوسف في إيقاف حلقات برنامجه الساخر إن أفتى الأزهر بحُرمتها.

وبدأ الشيخ حواره الذي كان أقرب الى تحقيق منه الى مجرّد حوار، بدأ بكلمات صريحه يُوضّح فيها مدى العداوة والخلاف القائم بين الإعلام الإسلامي والإعلام الثاني أو الآخر الذي لم يجد له تسمية والذي ينتمي اليه د. باسم يوسف، وبأسلوب المُحقق المُتمرس بدأ الشيخ جلسته بكيلٍ من الأسئلة والإتهامات المُتلاحقة للإعلامي الشاب الذي اضطّر للدفاع عن نفسه طوال الحلقة، حتى أنه لم يمهله الإنتهاء من جوابه حتى يكيل لكمة أخرى من الأسئلة، وحاول الشيخ جاهداً بأسئلته المُستفزة المُتلاحقة إرباك د. باسم يوسف، عله يجد من بين أقوله كلمات تكون ممسكاً ومبرراً للإيقاع به وتكفيره ومن ثم يقوم شاب متهوّر ومستهتر بتكملة المُهمة وتنفيذ الحكم كما حصل مع الكاتب فرج فوده بعد مناظرة أجراها مع الشيخ محمد الغزالي انتهت بتكفيره ومن ثم قتله.

لم يستطيع الشيخ أن يُخفي حسده وإعجابه من الصعود السريع للإعلامي الشاب الذي بدأ انطلاقته المتواضعة قبل خمسة أو ستة أعوام من بيته بفيديوهات بسيطة ساخرة أدّت الى شعبيته وإقبال الجماهير عليه بشكل كبير، ومن بين أسئلة الشيخ المُستفزة والتي تجاوزت الى التدخّل في حياته الشخصية، بسؤاله إياه: هل تصلي؟ وأين صليت؟ ومن الإمام الذي صليت ورائه؟ وماذا قال أثناء الخُطبة؟ وهل ستُحجّب ابنتك وتنقّبها عندما تكبر؟ وكثير من الأسئلة الفارغة التي لا يحق له السؤال عنها باعتبارها خصوصيات، والغريب أنه بعندما فشل الشيخ في الإيقاع بباسم يوسف دار من باب آخر وقال لضيفه متبسماً سنظل ورائك حتى نجعلك من الإخوان السلفيين مثلنا، وكان جواب باسم السريع البديهي(أو تسيبوني مُسلم) كان بمثابة صفعة، وأيضاً عندما قال باسم نحن مسلمون فهل أتيتم لنا بدين جديد؟؟؟

لقد حافظ باسم على هدوئه بأجوبته الذكية وضحكاته اللطيفة التي أطفت على المقابلة جو من البهجة التي خففت من ثقل وحدّة الحلقة، وأنا إذ أحسد باسم على قُدرته على التحمّل، أستغرب من غلاسة أسئلة الشيخ الذي لم يبقى أمامه إلاّ أن يسأل باسم هل أنت مسلم؟؟؟ لا أدري كيف يُقيّم الأمور، ولماذا يعتقد معشر الشيوخ السلفيين بأن من لا يسير على نهجهم فهو غير مُسلم، لماذا يُصرّون على التفريق بين مُسلم ومُسلم، أو بالأحرى بين مسلم سلفي ومسلم عادي، ومن ثم رفضهم للآخر الذي لا يُوافق هواهم ومعاييرهم الخاصة التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم، يُصرون على رفض كل الآخرين الذين لا يُطابقون مزاجهم، إن سياسة رفض الآخر هي أول طُرق الفشل والإنهيار، لأنك لن تستطيع أن تجعل الناس جميعاً يُفكّرون كما تُفكر ويؤمنون بما تُؤمن، أو ستعتبرهم أعداء لك عليك رفضهم وقتالهم، إنها سياسة فاشلة تدعو الى العنصرية والقبلية والهمجية والعنف، لأنه لو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة.

إن رفض الآخر هي عودة الى القبلية الجاهلية، عندما كانت القبيلة مُنغلقة على نفسها، ولها طقوسها وعاداتها الخاصة، والتي كانت تُدافع عنها بكل عصبية وبكل ما أوتيت من بأس وقوة، حتى وإن دخلت في أتون صراع مُميت ضدَّ غيرها من القبائل وخسرت الكثير من الرجال، (كحرب داحس والغبراء) التي قُتل فيها الكثير وطالت مدتها لسنين، المُهم أن لا يُداس للقبيلة على طرف وأن لا تُمس هيبتها أو أيٌ من مُقدساتها وأوثانها المعبودة والموروثة، لقد انتهى ذلك العصر الجاهلي القديم، فكلما تطور الإنسان أصبح من السهل عليه تقبّل الآخرين والتعايش معهم، ونحن الآن في القرن الواحد والعشرين ولن نستطيع العودة الى الوراء والعيش في القرون الماضية، فيكفينا منها العبرة والدروس، فمن يبقى مربوط بسلاسل الماضي لن يتقدّم خطوة واحدة الى الأمام.

إنَّ رفض الآخر دعوة الى العنصرية والتقوقع على الذات والبقاء محصوراً في نفس المكان الذي رسمه لنا آبائنا وأجدادنا، لنعيش على ذكراهم وندور في محورهم لدرجة التقديس، إنه يعني العيش في الماضي والخوف من أن نتقدّم خطوة واحدة الى الأمام، لئلا نُتّهم بالخيانة لأجدادنا السلف ولمُعتقداتهم، وخوفاً من مخالفتهم بما قالوا، رغم أنهم اختلفوا واختلفوا كثيراً وعلى كثير من الأمور الدينية والدنيوية، بدليل ما كتبوه لنا مما توصلوا إليه بتفكيرهم وتحليلهم، ولم يكتبوا لنا لأنهم أكثر منّا علماً ولا أكثر معرفة، فطفل اليوم يمتلك من المعلومات ما يفوق ما يمتلكه أيٍ من أجدادنا السلف، فكلما أتى جيل أحاط بعلمه وعلم من سبقوه، بدليل إستعانة الشخص الكبير بطفل صغير عندما يعجز عن القيام بأي أمر يتعلّق بالتكنولوجيه الحديثة.

لقد كتب أجدادنا ليس لأنهم أكثر منّا علماً ولا ذكاءً، بل لأنهم أقوى منّا بشخصياتهم، وأجرأ منّا في التعبير عن آرائهم وأفكارهم، وما رأوه صحيحاً بقناعاتهم الشخصية في ذلك الزمن، واليوم أجيالنا المسحوقة فقدت الجرأة على التفكير والتعبير، ولبست عبائة الماضي وغضت الطرف عن ما فيها من تشوهات وعيوب، لتُبين مدى خوفها وتنصّلها من حمل المسؤولية، مسؤولية التغيير والتّقدّم نحو الأمام وإصلاح ما يمكن إصلاحه للحاق بركب الحضارة، إنَّ الخوف من الآخر مهما كانت أفكاره ومعتقداته، والهروب من سماع وجهة نظره، إنما ينم عن عدم ثقة بصحة ما نعتقد، فبدلاً من أن تُحاربني وتفرض عليّ وجهة نظرك وتجبرني بقناعاتك، دعني أرى صحة ما تقول بأفعالك وحُسن أخلاقك وتصرفك مع الآخرين.



#سومه_حساين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقوط الأقنعة والأوثان
- لم يدركون قيمة ما تقول...
- شيوخ الفتاوي..
- نزح النازحون..
- إذا عُرف الداء سَهُل الدواء..
- إذا عُرف الداء سهل الواء..
- النساء.. هُنَّ من يصنعن الحضارة..
- بناء فندق على سطح القمر
- ما السبيل الى الخلاص من هذا المأزق...
- الشماعة الفلسطينيه
- قصة قصيره- (وبقيت طفلاً)


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سومه حساين - هل هي مقابلة تلفزيونية أم جلسة تحقيق