أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاروق عطية - وحشتونى















المزيد.....

وحشتونى


فاروق عطية

الحوار المتمدن-العدد: 4011 - 2013 / 2 / 22 - 19:55
المحور: سيرة ذاتية
    


بداية أعتذر للفنانة الراحلة وردة لاستعارتى أغنيتها الجميلة عنوانا لمقالى. حقيقة أعزائى القراء وحشتونى, وكانت مدة انقطاعى عن الكتابة هى فترة قاسية بالنسبة لى , لأننى أحس بنبضات قلبى حينما أحس بتجاوبكم معى فيما أكتب, أتنفس تعليقاتكم وأحيا بها. فالكاتب يمكن تشييهه بالسمكة إذا خرجت من الماء قضت نحبها, كذلك الكاتب حين يتوقف عن الكتابة تتوقف نبضات قلبه. يسألنى أحدكم إذا كان الأمر كذلك فلماذا احتجبت عنا أكثر من شهرين طويلين؟ فأقول له يا عزيزى مكره أخاك لا بطل. فى الأسبوع الأول من ديسمبر الماضى أتصل بى الجراح معلنا أن جراحتى (تغيير مفصل الركبة للساق اليسرى) جُدولت لتكون فى 8 يناير 2013, وعلىّ الذهاب فى فترات محددة لمستشفى تريليم شيرواى لإجراء التحاليل والأشعات وخلافه المطلوبة قُبيل الجراحة, فانشغلت بها. كما أننى بطبعى لاأتفاعل مع الأحداث الجارية كرد فعل ولا أحب أن أكتب عن الحدث فور وقوعه, بل أفضل التريث حتى ينجلى الأمر وأرى الموقف من جميع زواياه فتكون كتابتى منطقية وحيادية. وفى الآونة الأخيرة كانت الأحداث متتابعة ولكنها غير متغيرة, كأن الموقف متجمدا على صورة ما لا يبرحها. تظاهرات فى ميدان التحرير, ومسيرات إلى قصر الاتحادية, وهتافات متكررة بسقوط النظام وحكم المرشد, كر وفر بين المتظاهرين وبين الأمن الذى اتحد مع ميليشيات الأخوان المسممين بصورة مكشوفة, كل يوم مزيد من القتلى والجرحى مع تجمد الصورة, فلا جديد ولا مواقف تتخذ لوقف العنف ورد فعله, كأن جميع الأطراف قد رضيت بما نحن فيه. هذا الموقف المتجمد أصابنى بالفتور بل بالقرف وتمنيت الهروب. الهروب بعيدا عن الأحداث الرتيبة بعض الوقت حتى تتغير الصورة. أو الهروب الدائم موتا إبان الجراحة فأستريح من المكابدة وأريح القراء من كتاباتى.
أجريت الجراحة فى 8 يناير ومكثت بالمستشفى خمسة أيام, وحيث أننى مقيم بمفردى, غادرت المستشفى إلى أحد بيوت المسنين ( هيريتاج هاوس ) لمدة 15 يوما وذلك حتى أتلقى العناية الكاملة من إقامة وتمريض وعلاج طبيعى. وحين عدت لمنزلى كان على مداومة التمرينات العلاجية تحت إشراف فنى علاج طبيعى مع الاستمرار فى تعاطى المسكنات حتى لا أحس بالألم, وحين أحسست أننى قادرا على الكتابة هأنذا أعود إليكم متشوقا للقائكم. فكرت فى أى موضوع أكتب والموقف ما زال متجمدا ولا جديد, مرسى ما زال متخبطا فى قراراته غير مكترث بمطالب شعبه ولسان حاله يقول ما قاله المخلوع سابقا: خليهم يتسلوا .. وزاد عليها خليهم ينشلوا, والمعارضة من الشباب وجبهة الرفض ما زالت مواقفها متباينة وغير مستقرة على موقف موحد, بل زاد الطين بلة انشقاق جبهة الإسلام السياسى بالمحاولة المكشوفة من جماعة الأخوان المسممين للاستئثار بكعكة الحكم كاملة ومحاولة إقصاء حلفائهم من سلفيين وجهاديين, وبدأت بذلك مرحلة تكشّف المستور وما كان مسكوت عنه بدأ الظهور شيئا فشيئا. فآثرت أن أكتب عن بعض ذكرياتى خلال فترة العلاج بالمستشفى أوفى بيت المسنين, وأستميحكم عذرا لعدم رغبتى فى الكتابة السياسية لاستمرار امتعاضى وقرفى مما يحدث.
فى المستشفى كانت زيارات أصدقائى وأحبابى لا تنقطع, والغريب أن كل زوارى كانوا من الأشقاء العرب خاصة العراقيين والسودانيين, واكتفى القليل من الأصدقاء المصريين بالسؤال تليفونيا والكثير لم بكترث ربما لانشعالهم أو لعدم علمهم. وأظرف زائر كان المطرب العراقى رعد ذو الصوت القوى المعبر والمتمكن من أدواته الموسيقية عزفا وأداءا, حضر ومعه باقة ورد جميلة متأبطا عوده, وأصر أن يغنى لى الورد جميل وعينى بترف, فتحلق حولنا الأطباء والممرضات يسمعون فى خشوع وانبهار رغم عدم معرفتهم بالكلمات. وكان للأصدقاء السودانيون تعليقات ظريفة, قال أحدهم شد حيلك يا زول.. إحنا جينالك لنثبت أن مصر والسودان هته واهده, عقبت قائلا: طيب لم نزعل؟ أجاب ضاحكا: نبقى ستين هتة.
فى اليوم الثالث بالمستشفى قالوا لى أننى على موعد لإجراء سونار على الفخذين لمتابعة الجهاز الدورى ومدى سلامته. وضعت على سرير متحرك وأنا مغطى تماما وانطلقت بى فتاتان جميلتان من حجرتى إلى غرفة التصوير بالموجات الفوق صوتية. كانت هناك سيدة صينية فى منتهى الجمال سبحان من صور منشغلة بتضبيط جهازها. رفعت الأغطية عن نصفى السفلى, وكنت أرتدى تحت جلباب المستشفى شورت مزود بسليب. فجأة شدت الشورت حتى قدمى فأحسست بالخجل وغطيت ما ظهر منى بطرف الجلباب, رفعت الجلباب آمرة: دونت كَفَر, فرددت محتدا: دونت تتش ..!, فنظرت إلى والابتسامة تملأ وجهها الجميل وانفجرت فى الضحك.. فضحكت أيضا .. وضحكنا ضحك طفلين معا. وبعد أداء عملها نظفت فخذى وما بينهما من الجيل وأعادت الشورت إلى مكانه وودعتنى بابتساة جميلة.
وفى بيت المسنين كانت الرعاية ممتازة الطعام جيد والأدوية فى المواعيد المحددة و والعلاج الطبيعى متميز. خُصصت لى الطاولة رقم1 فى المطعم وكانت تجلس على يمينى سيدة من جيانا البريطانية (برتغالية الأصل) وعلى يسارى سيدة ألمانية وكلتاهما ليست مقيمات مستديمات لكنهن مثلى أتيتا لمدة محددة للرعاية بعد الجراحة.السيدة الأولى بدينة وغاوية ثرثرة عن ذكريات شبابها الذى ولى والأخرى وقورة شديدة الفطنة والحساسية , وتشترك السيدتان فى كونهما أكولتين يأكلن بنهم.ولما كنت أنا فاقد الشهية تماما للأكل فكانا دائما يحاولان تشجيعى على الأكل بشتى الطرق ولكن هبهات. وكانتا مع دوام الأكل معا قد عرفتا ما أحبه وما أرفضه من الطعام حتى أنهما كانا يختاران لى مأكلى. وكنت دائما أطلب قطعة من الليمون لعصرها على الشوربة أو على السمك فتعلمتا منى هذه الخصلة لدرجة أن الليمون كان دائما يقدم مع الطعام على مائدتنا. ذات يوم أتت مقدمة طعام الإفطار تخيرنى بين فبرورى فرايز أوسبتمبر فرنش بايتز, ولما كنت لا أعرف أيهما قلت لها: أنا مش عاوز ده ولا ده هاتى لى جانيوارى شيكابالا. نظرت إلى فاعرة الفم متسائلة عن ماهية هذا الصنف؟ قلت لها: خبرينى أنتى بماهية ما عرضتى على وأنا أخبرك بمطلبى. وحين شرحت لى محتوى ما تقدمه قلت لها: جنيورى شيكابالا تعنى بالعربى بيض مسلوق وجبن فيتا. ومن يومها كل أفطار أقول لها جنيورى شيكابالا تحضر لى المطلوب..كما انضم العديد من الزملاء فى طلب جنيورى شيكابالا.
هذه بعض من ذكريات لطيفة أردت أن أشرككم معى فيهاعسى أن أكون قد رسمت على شفاهكم بسمة, وأبعدت عنكم بعض الألم الذى عانيت ومازلت أعانى الكثير منه رغم ما أتعاطاه من المسكنات القوية مثل كبريتات المورفين أو أكسيد الكودايين.. لا أراكم الله مكروها فى ركب لديكم.



#فاروق_عطية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فى نتظار أحمس جديد لطرد هكسوس العصر
- الهكسوس بين الماضى والحاضر
- طرقات على جدار الذاكرة
- باطل ألأباطيل الكل باطل وقبض الريح
- أنفاق الفوضى المظلمة
- نفاق الفوضى المظلمة
- المد الإسلامة والخريف العربى
- العنصرية بين الدولة اليهودية ومؤتمر القمة الإسلامية
- حكايتى مع النظام 4- ( أنور السادات ):
- الخلط بين الديانة والقومية
- النصب بين الأمس واليوم
- آنست يا دك...تووور
- أنا مسيحى سافل ولى الشرف
- جامعة الدول العربية وشفرة النهاية.
- العرشزوق والرئيس الملزوق
- الحرية الجامحة بين الشباب
- بين الثورة والهوجة وركوب الموجة
- حكايتى مع النظام 3 (عبد الناصر)
- الكاميرا الخفية
- الذكرى الثالثة لمذبحة الخنازير


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاروق عطية - وحشتونى