أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الإنتقال - السلمي - إلى الإشتراكية 1/2















المزيد.....

الإنتقال - السلمي - إلى الإشتراكية 1/2


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 4011 - 2013 / 2 / 22 - 19:55
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الإنتقال " السلمي " إلى الإشتراكية (1/2)

طلب إلي عضو مجلس السوفييت السابق لخاركوف/أوكرانيا الرفيق العزيز الدكتور المهندس عبد المطلب العلمي أن أكتب حول أطروحة التحريفي الخائن نيكيتا خروشتشوف في المؤتمر العام الثاني والعشرين للحزب الشيوعي السوفياتي في العام 1961 حول ما سمي " الإنتقال السلمي إلى الإشتراكية ". ولما أجدني مضطراً لتلبية طلب الرفيق العزيز أعتذر منه لأقدم للأطروحة التحريفية وعلاقتها بفكرة الثورة الاشتراكية التي كان كارل ماركس قد رآها تقوم حصراً على استخدام قوى العنف البروليتارية رافعة لنجاحها.

ما هو معلوم بصورة عامة هو أن الثورة الاشتراكية البروليتارية العنيفة التي استشرفها كارل ماركس ورفيقة فردريك إنجلز كانت تبدأ بالاستيلاء على السلطة وإسقاط الطبقة الرأسمالية وهو الفعل الرئيسي والأساس الذي تقوم به البروليتاريا. مسار التاريخ في القرن العشرين أشار بقوة إلى أن الإستيلاء على السلطة ومحو الطبقة الرأسمالية ليس هو المهمة الأكبر والأصعب بين مهام البروليتاريا، بل إن محو طبقة البورجوازية الوضيعة هو المهمة الأثقل والأكثر تعقيداً التي واجهت البروليتاريا السوفياتية وفشلت في إنجازها بعد أن كانت قد أتمت بنجاح رائع إنجاز وظيفتها الأولية وهو إسقاط ومحو الرأسمالية غير المتقدمة في روسيا القيصرية. لقد ثبت دون أدنى شك أن طبقة البورجوازية الوضيعة السوفياتية كانت أقوى من طبقة البروليتاريا حال رحيل ستالين. صحيح أن الحرب الوطنية الكبرى 1941ـ 1945 أضافت للعسكرالسوفييت، وهم الشريحة الطليعية لقوى البورجوازية الوضيعة، قوى كبيرة ما كانوا ليمتلكوا مثلها لولا الحرب الهتلرية، لكن انهيار الثورة الاشتراكية السوفياتية على أيدي البورجوازية الوضيعة يبقى أطروحة صعبة تحتاج لتفكيك علمي بوزن أهميتها.
كان ماركس وإنجلز قد أشارا في البيان الشيوعي، الفصل الأول، إلى العقبة الكأداء التي تشكلها البورجوازية الوضيعة على طريق العبور الاشتراكي، وكتبا .. " الطبقة الوسطى الدنيا ـ أصحاب الصناعات اليدوية الصغيرة، أصحاب الدكاكين، الحرفيون، الفلاحون ـ جميع هؤلاء يحاربون البورجوازية كيلا يتلاشوا كشرائح من الطبقة الوسطى. إنهم لذلك ليسوا ثوريين بل محافظين. لا بل هم رجعيون حيث يجهدون لإدارة عجلة التاريخ إلى الخلف. وإن صدف وكانوا ثوريين فذلك لأن التحول إلى بروليتاريا ينتظرهم وكأنهم يدافعون عن مصالحهم المستقبلية وقد تحولوا إلى بروليتاريا ".
كارل ماركس وفردريك إنجلز حذرا البروليتاريا من طبقة البورجوازية الوضيعة الرجعية لكنهما لم يقولا كيف يتوجب مواجهة هذه الطبقة الرجعية الخطيرة وحتى محوها سوى الإكتفاء باستخدام قوى القمع لدولة البروليتاريا بما يتجاوز منظومة الحقوق البورجوازية على نحو دكتاتوري. ربما كان لهما الحق في ذلك إذ كانا قد حافظا بحذر شديد على عدم التطرق إلى السياسات المحلية إبّان رحلة العبور الاشتراكي بداعي اختلاف الظروف في البلدان المختلفة. كان ستالين يعي تماماً تلك المهمة التي أناطها ماركس بدولة دكتاتورية البروليتاريا وأحسن القيام بها على نحو مدهش ومع ذلك وجدنا البورجوازية الوضيعة السوفياتية تمتلك من القوى الكافية للقيام بثورة مضادة تهدم المشروع اللينيني الإشتراكي الأعظم حتى الأساس حال رحيل ستالين مباشرة في مارس 1953. بل كانت الروح البورجوازية الوضيعة قد تسللت في الحزب الشيوعي صعودا حتى قيادته العليا متمثلة بخروشتشيف وعصابته في المكتب السياسي (البرزيديوم)، وكان هؤلاء شيوعيين لكنهم لم يتطهروا من روح المغامرة البورجوازية الوضيعة ممثلة بالإقدام على اغتيال ستالين، القائد التاريخي للبروليتاريا، بالسم كما تبيّن فيما بعد، وتواطئهم مع العسكر للخروج من نهج لينين الذي إلتزم به وحافظ عليه ستالين بكل بأس دولة دكتاتورية البروليتاريا. في العام 53 نجح الانقلاب بقيادة خروشتشوف ضد الدولة والحزب الذي كان قد فشل في العام 37 بقيادة المارشال توخاتشوفسكي.
********************
ليس بوسعنا نقض الإدعاء القائل أن مشروع لينين في الثورة الاشتراكية ما كان لينجح لو لم تكن روسيا القيصرية هي الحلقة الأضعف في سلسلة الرأسمالية العالمية وهو ما دعا لينين لقيادة البلاشفة في انتفاضة أكتوبر 1917 والاستيلاء على السلطة لاستكمال مقتضيات الثورة البورجوازية، ثورة فبراير البورجوازية قبل بضعة شهور. ليس ذلك فقط، بل قبله، لأن الفلاحين الفقراء، وكانوا الشريحة الأوسع من طبقة البورجوازية الوضيعة العريضة في المجتمع الروسي، وقفوا حليفاً قوياً بجانب العمال وذادوا عن سلطة البلاشفة حتى النهاية في الحرب الأهلية ضد البورجوازية وحلفائها من الملكيين وكبار الملاك العقاريين كما ضد جيوش التدخل الأجنبية. ولذلك وجدنا لينين يوجه رسالة إلى المؤتمر العام الثالث عشر للحزب في العام 1923 ، الذي لم يشارك فيه بسبب المرض، يحذر فيها من المساس بالتحالف بين العمال والفلاحين الذي هو ضمانة الثورة الإشتراكية وعماد النهج البولشفي.
ترسيخاً لذلك التحالف كان لينين في العام 1922 قد وضع قيد التنفيذ السياسة الاقتصادية الجديدة (New Economic Policy) التي تسمح للفلاحين بيع منتوجاتهم من الغذاء في السوق الحرة حيث لم يكن العمال حينذاك ينتجون ما يعوّض الفلاحين عن إطعامهم العمال. لقد مثّلت تلك السياسة خطوة إلى الخلف في العبور الإشتراكي. كان لينين مهموماً بصيانة تحالف العمال والفلاحين، الركيزة الأساسية للبولشفية، من أخطار ما عرف آنذاك باليسار التروتسكي المعروف بعدائه للفلاحين، واليمين الذي ظهر في العام 1924 حال رحيل لينين بقيادة بوخارين المعادي للعمال تحت شعار " أيها الفلاحون اغتنوا بأنفسكم ". ما يجدر توكيده في هذا السياق هو أن يسارية تروتسكي ويمينية بوخارين كليهما إنما هما ضربان من ضروب تجليات روح البورجوازية الوضيعة المختلفة في قيادة الحزب، ولذلك واجههما الرفيق ستالين بكل حزمه البولشفي كأعداء للبروليتاريا.

تاريخ الحزب الشيوعي البولشفي منذ مؤتمره العام العاشر في العام 1921 حيث تقرر بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي وحيداً، على العكس من نظريات تروتسكي البورجوازية، وحتى رحيل ستالين في مارس 1953 إنما كان صراعاً لا يلين ضد الطبقة البورجوازية الوضيعة وهي العدو الوحيد القاتل لمشروع البروليتاريا الاشتراكي في المجتمع السوفياتي. حالما قُرِئت رسالة لينين لمؤتمر الحزب الثالث عشر في أول اجتماع لقيادة الحزب بعد رحيل لينين والتي أوصت بالنضال نحو إزاحة ستالين من القيادة بسبب فظاظته والبحث عن قائد آخر يشبه ستالين بكل شيء باستثناء القسوة والفظاظة، قدم ستالين استقالته كقائم بأعمال الأمين العام مؤكداً أنه لن يكون إلا فظاً وقاسياً مع أعداء الثورة. وإذاك صوت أعضاء القيادة بالإجماع بمن فيهم تروتسكي نفسه على احتفاظ ستالين بمركز الأمين العام للحزب وعلى الاحتفاظ برسالة لينين بسرية مطلقة.
في العام 1926 وحالما عاد مجمل الانتاج الوطني إلى مستواه في العام 1913 قبل الحرب قرر الحزب الشروع بإلغاء إقتصاد "النيب" الذي يمنح البورجوازية بعض الامتيازات غير الاشتراكية. وفي العام 1928 قرر الحزب الخطة الخماسية الأولى في التاريخ والتي قضت بالتصنيع الكثيف وتحويل الملايين من طبقة البورجوازية الوضيعة ومن الفلاحين "العلوج" (boorish) إلى طبقة البروليتاريا، فكان أن تضاعف حجم البروليتاريا السوفياتية حوالي عشرة أضعاف خلال عشر سنوات ( 1928 ـ 1938 ). طبعاً ما كان ذلك ليتم بغير تقليص مساحة البورجوازية الوضيعة في المجتمع، وبغير تطوير هذه الطبقة المنتجة للخدمات الضرورية لتقدم المجتمع وخاصة في التعليم والصحة.
في العام 1929 نادى الحزب بتحويل الزراعة الفردية إلى زراعة تعاونية وكان ذلك أعمق تحوّل اشتراكي جرى في التجربة الاشتراكية السوفياتية حيث لا تعود الأرض ملكاً للفلاح المستفيد منها إذ لا يستطيع بيعها أو رهنها أو تأجيرها. إزاء ذلك الإجراء الإشتراكي الأعمق ونزع ملكية الأرض من الفلاحين، على العكس تماماً من تمليك الفلاحين الفقراء للإرض الزراعية صبيحة ثورة أكتوبر، نهض الفلاحون بعمومهم وخاصة الملاك الكبار إلى القيام بثورة مضادة للبروليتاريا وللإشتراكية. كان من واجب الحزب حماية الثورة الاشتراكية والدفاع عن غذاء الطبقة العاملة الذي استهدفه الفلاحون كوسيلة وحيدة لإسقاط الثورة الاشتراكية وهو ما اقتضى الحزب لأن يستخدم كل قوى دولة دكتاتورية البروليتاريا ضد الفلاحين الذين اقترفوا جرائم فظيعة بحق الشعب من مثل حرق المحاصيل الزراعية وتقتيل الماشية والأغنام كيلا يجد العمال ما يأكلون وهو ما يصفه الأعداء بالمجاعة في روسيا في العام 1932. خلال عامين 1929 ـ 1931 استطاع الحزب أن يقضي على ثورة الفلاحين المضادة وينفي الفلاحين المعادين وعائلاتهم (حوالي 400 ألف) إلى سيبريا ليأكلوا هناك خبزهم بعرق جبينهم وهم الذين بنوا أجمل المدن الروسية اليوم في سيبريا.

البرنامج الخماسي الأول 1928 ـ 1932 حقق نجاحات كانت مثار إعجاب العالم، ونقل المجتمع السوفياتي من مجتمع العوز إلى مجتمع الكفاية. وكان عجوز الامبريالية ونستون تشيرتشل الذي حارب البلاشفة كوزير الحربية البريطانية وأرسل جيوشه ليخنق البلشفية في مهدها، كما توعد، في العام 1919، عاد يصرح في العام 1929 بالقول .. إذا استطاع هذا الحالم في الكرملين ـ يقصد ستالين ـ أن يحقق هذا البرنامج أو شيئاً منه فسأتحول أنا ونستون تشيرتشل إلى شيوعي ! تحقق البرنامج في أربع ستوات فقط غير أن تشيرتشل حنث بوعده وظل رئيس هيئة أركان الرأسمالية الإمبريالية العالمية
مع الانتقال إلى مجتمع الكفاية برز من طبقة البورجوازية الوضيعة نفسها عدو جديد للثورة، عدو أدهى وأمر من الفلاحين، وهو العسكر. بدأ العسكر منذ العام 1934 يطالبون بالتحديث والتسليح ويقترحون على الدولة تخصيص ميزانيات كبيرة لهذا الشأن. لكن ستالين كان يشطب مسودة ميزانيتهم المقترحة ويعيدها إليهم وقد كتب بالحبر الأحمر .. كل كبيك يصرف على العسكرة يعيق الاشتراكية بنفس المقدار. تكرر هذا الأمر لأربع سنوات متتالية وهو ما زاد من حدة التناقض وحنق قادة الجيش على الدولة وعلى ستالين حتى العام 1937 حين خطط المارشال رئيس الأركان توخاتشوفسكي لانقلاب عسكري على الدولة وعلى الحزب، وتم القبض على المتآمرين ومحاكمتهم وإعدامهم. وفي نفس الفترة اتسع نطاق التآمر (المدني) على الحزب حتى وصل الأمر إلى اغتيال الرجل الثاني في الحزب وهو سيرجي كيروف (1934) وتبيّن في التحقيقات أن عضوي المكتب السياسي للحزب زينوفييف وكامينيف لهما ضلع في اغتياله كونه العقبة الوحيدة دون توليهما كامل السلطة في لينينغراد. اغتيال كيروف كان النذير لخطر تآمر قوى البورجوازية الوضيعة على الثورة الاشتراية والنهج اللينيني. إذّاك شن الحزب حملة لتطهير صفوفه من روح البورجوازية الوضيعة وتم إعدام عدد من قادة الدولة والحزب الذين اعترفوا باتصالهم بتروتسكي وبالنازيين.
إعدام عدد من كبار قادة الجيش الذين اعترفوا بتآمرهم على أمن الدولة والحزب وما تلا ذلك من دعاية أشاعها تروتسكي وأعوانه في الصحافة الغربية والتي تقول أن الاتحاد السوفياتي إنما هو " مارد ساقاه من طين " هو ما شجع هتلر على انتهاك اتفاقية عدم الإعتداء بين الطرفين (أغسطس 1939) وشن هجوم غادر على الأراصي السوفياتية في يونيو 1941. في مواجهة الحرب سطر الحزب الشيوعي، حزب لينين وستالين، ضروباً من التضحية والفداء ستظل مفخرة للإنسانية التقدمية على مر التاريخ مهما جهدت البورجوازية لطمس تلك البطولات. بطولات الشيوعيين والبناء الإشتراكي الذي كان قد بدأ يعطي أكُله لعامة الشعب بالإضافة إلى الشعور القومي لدى الشعب الروسي تحديداً والقيادة العبقرية لستالين، جميعها تضافرت في سحق العدوان النازي وإحراق هتلر في وكره تحت الأرض.
صحيح أن الانتصار العظيم في الحرب الوطنية تسجّل في صالح الاشتراكية إلا أن الحرب وإفرازاتها صبت كلها في طاحون البورجوازية الوضيعة وضد الاشتراكية. وقد تمثّل ذلك فيما يلي ..
• تجميد الصراع الطبقي لخمسة عشر عاماً 1938 - 1952 اقتضتها الحرب الوطنية ثم إعادة إعمار ما هدمته الحرب، وخمسة عشر عاما هي فترة كافية لاستعادة البورجوازية الوضيعة أنفاسها وانتعاشها من جديد خاصة وأنها شاركت بنشاط في الدفاع عن الوطن، وكافية ليتلاشى الوعي الطبقي حتى لدى قادة الحزب ناهيك عن عامة كوادره.
• تجنيد ستة عشر مليوناً من الرجال في الجيش يعني تحويل كل قوى عمل هائلة إلى طبقة البورجوازية الوضيعة بأسوأ صورها، صورة العسكرية، بدل انخراطها في طبقة البروليتاريا كي تتقدم أكثر في عبور الاشتراكية.
• كان لحيازة أميركا للسلاح الذري واستخدامه في اليابان أثر كبير على الصراع الطبقي في المجتمع السوفياتي حيث اضطر الإتحاد السوفياتي إلى تخصيص موارد هائلة لصناعة السلاح الذري كيلا يتعرض أمنه للخطر، موارد خسرها البناء الإشتراكي.
• مع بداية الحرب وتراجع الجيوش السوفياتية إلى ضواحي موسكو قدم رجال الصفوف الأولى في الحزب الشيوعي أرواحهم فداء للمشروع اللينيني للثورة الاشتراكية وهو ما أثر سلباً على قوة الحزب وإمكاناته في استئناف الصراع الطبقي من مركز قوة.
• الدمار الهائل الشاسع الذي ألحقته قوى الهمجية النازية بالعمران السوفياتي كان قد هدّم مداميك كثيرة من البنيان الاشتراكي كلف الشعوب السوفياتية العمل المطرد ليل نهار لأكثر من خمس سنوات لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه في العام 1941. ومثّل ذلك ضربة قوية في صميم الثورة الاشتراكية.

بالرغم من اكتساب الثورة الاشتراكية بقيادة ستالين تعاطف مختلف شعوب العالم نتيجة للقدرات الهائلة التي بذلها الاتحاد السوفياتي لسحق ألمانيا النازية بعد أن تزودت بكل الموارد المادية والبشرية في القارة الأوروبية، تلك القدرات التي لم تقدر عليها الدول الرأسمالية مجتمعة، بالرغم من كل ذلك التعاطف الهائل إلا أن التراجع العام للعبور الاشتراكي واكتساب البورجوازية الوضيعة السوفياتية مراكز قوة بالمقابل بفعل الحرب لم يغب عن ذهن ستالين، ذلك الخلل في ميزان القوى وهو الحارس الفذ والأمين لمشروع لينين في الثورة الاشتراكية العالمية. لذلك دعا حال انتهاء إعادة الإعمار في العام 1950 إلى عقد ندوة عظيمة الأهمية في عبور الاشتراكية السوفياتية تضم قادة الحزب وخبراء في الاقتصاد الاشتراكي تبحث في " القضايا الإقتصادية للإشتراكية في الاتحاد السوفياتي " وهو العنوان لبرنامج ترجيح كفة البروليتاريا مقابل كفة البورجوازية. انتهت الندوة إلى الإتفاق على تذويب طبقة الفلاحين التي تشكل الأساس المادي للإنتاج البورجوازي كما تشكل الشريحة الأوسع من طبقة البورجوازية الوضيعة. وكان الاختلاف في الندوة حول طريقة تذويب طبقة الفلاحين حيث طالب فريق برئاسة مولوتوف بأن تتخذ الدولة قراراً بمصادرة المزارع التعاونية وتحويلها إلى مزارع حكومية فيتحول بذلك الفلاحون إلى عمال. وعارضه فريق برئاسة ستالين حيث رأى بمصادرة المزارع التعاونية بمرسوم دولاتي خطراً حقيقياً على مصائر الثورة وكأني بستالين يتذكر وصية لينين للحزب في العام 1923 التي حذرت من المساس بتحالف العمال والفلاحين فاقترح استخدام القوى الناعمة في تذويب طبقة الفلاحين. إقترح ستالين وضع خطة اقتصادية تغرق المجتمع بالسلع الاستهلاكية تستفيد منها البروليتاريا دون الفلاحين الذين في هذه الحالة سيهجرون مزارعهم طوعاً لينظموا إلى البروليتاريا.
كانت الخطة الخمسية التي أقرها المؤتمر العام التاسع عشر للحزب في نوفمبر 1952 تتجه في هذا الإتجاه وتقضي برفع مستوى حياة العمال ثلاثة أضعاف مستواهم في العا 52 وهو ما يعني أن يكون مستوى حياة العمال السوفييت أكثر من ثلاثة أضعاف مستوى حياة نظرائهم في انكلترا أو فرنسا. صادق المؤتمر على الخطة تحت عنوان " يكفي شعبنا ما عاناه من ضنك العيش وليسعد بإنتاجه ".
كان ستالين قد لمس على الأرض خلال الحرب أن النظام الاشتراكي يستطيع أن ينتج أضعاف ما ينتجه النظام الرأسمالي ويكفي اعتماد هذه الميزة لانتصار الاشتراكية على صعيد العالم وليس في الاتحاد السوفياتي فقط. ومن هنا أيضاً اقترح ستالين على قوى التقدم في العالم النضال الحثيث للجم قوى الحرب والعدوان والمنافسة السلمية بين الرأسمالية والاشتراكية. كان تنفيذ الخطة الخمسية لمؤتمر الحزب التاسع عشر سيمثل ضربة قاصمة ليس للبورجوازية الوضيعة السوفياتية فقط بل وللرأسمالية العالمية أيضاً.
في ذلك المنعطف الخطير في تطور التجربة الاشتراكية السوفياتية (من نوفمبر 52 ـ سبتمبر 53) تمكنت البورجوازية الوضيعة السوفياتية من اغتيال ستالين بالسم والاستيلاء على السلطة بالمخادعة واستئجار عدد من أعضاء البريزيديوم وهو أعلى سلطة في الاتحاد السوفياتي ليبدأوا الرجوع عن الاشتراكية بقيادة العسكر.
هذه المقدمة للبحث فيما سماه المحرف الخائن خروشتشوف " الإنتقال السلمي إلى الاشتراكية " جاءت ضرورية لتؤكد أن الاشتراكية إنما هي حرب طبقية تشنها البروليتاريا على البورجوازية الوضيعة ولا تنتهي إلا بتلاشي هذه الطبقة المعادية ومع تلاشيها تنتهي الاشتراكية ويتم العبور إلى الشيوعية. لهذا السبب تحديداً اشترط ماركس أن تتم فترة الاشتراكية في ظل دولة دكتاتورية البروليتاريا حصراً.



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعليقاً على رأسمالية الصين
- الصين وروسيا لن يعودا إلى النظام الرأسمالي
- إلى السموأل راجي والمنظمات المنتدية في تونس
- الإشكال الرئيس في الماركسية (2/2)
- الإشكال الرئيس في الماركسية (1/2)
- كَذَبَ خروشتشوف (Khrushchev Lied)
- دولة دكتاتورية البروليتاريا هي أعظم دولة في تاريخ الإنسانية
- رسالة إلى الرفاق في قيادة الحزب الشيوعي الجديد في بريطانيا ا ...
- فائض القيمة الخاص بحسقيل قوجمان
- الرفيق حقي يرفض رفاقتي
- الأسلحة ليست من البضاعة
- تأكيداً لانهيار النظام الرأسمالي ...
- إنهيار النظام الرأسمالي حقيقة لا تحتمل الشك
- الممر المحكم الإغلاق إلى المستقبل (9)
- الممر المحكم الإغلاق إلى المستقبل (8)
- الممر المحكم الإغلاق إلى المستقبل (7)
- الممر المحكم الإغلاق إلى المستقبل (6)
- الممر المحكم الإغلاق إلى المستقبل (5)
- الممر المحكم الإغلاق إلى المستقبل (4)
- حقيقة الوضع في سوريا


المزيد.....




- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما
- اعتقال ناشطات لتنديدهن باغتصاب النساء في غزة والسودان من أما ...
- حريات الصحفيين تطالب بالإفراج عن الصحفيين والمواطنين المقبوض ...
- العدد 553 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
- التيتي الحبيب: قراءة في رد إيران يوم 13 ابريل 2024
- أردوغان: نبذل جهودا لتبادل الرهائن بين إسرائيل والفصائل الفل ...
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 551


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الإنتقال - السلمي - إلى الإشتراكية 1/2