أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إيمان أحمد ونوس - الأنوثة بين سندان الحاجة ومطرقة القيم والقانون















المزيد.....

الأنوثة بين سندان الحاجة ومطرقة القيم والقانون


إيمان أحمد ونوس

الحوار المتمدن-العدد: 4010 - 2013 / 2 / 21 - 10:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    





كثيرة هي المشاكل والظواهر الحسّاسة التي أفرزتها أو لنقل عززت وجود بعضها الظروف والأزمة الراهنة التي يمرُّ بها المجتمع، والتي غالباً لا يحبّذ الناس الغوص فيها، لما لها من خصوصية مرحلية من جهة، ومن جهة أخرى ربما يُعتقد أن تناولها أو التعاطي بشأنها قد يُساهم بتفاقم الوضع إلى حدّ لا يمكن معه وضع الغربال قناع نختفي وراءه باعتبارها من المحرمات الاجتماعية ذات الخطوط الحمراء.
من هذه الظواهر، ظاهرة انتشار البغاء أو الدعارة في مجتمعنا- رغم أنها أقدم مهنة في التاريخ الإنساني- وذلك بالتزامن مع انتشار ظاهرة التدين وارتداء الحجاب وما شابه.
يعرّف القانون البغاء بأنه علاقة جنسية بمقابل مادي.
وهذا التعريف يُظهر لنا أن جسد المرأة في هذه الحالة سلعة خاضعة للعرض والطلب وقوانين السوق.‏ ولا يُخفى على أحد أن العلاقة تبادلية بين الوضع الاقتصادي والبغاء، فكلما تقلّصت مساحة الاقتصاد كلما اتسعت مساحة البطالة بكل مفرزاتها وأهمها وأخطرها البغاء والدعارة.
ولكن ليس الوضع الاقتصادي- المادي فقط وحده هو المسؤول عن انتشار هذه الظاهرة، فهناك الجهل والأمية والطلاق، والزواج المبكر، والتفكك الأسري، إضافة إلى ما أفرزته الأزمة الحالية من تفاقم حالات التشرد والفقر والحاجة، وهذه كلها عوامل تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تعزيز هذه الظاهرة التي يرفضها المجتمع رفضاً قاطعاً، ويقف منها موقف الحكم والجلاد بآنٍ معاً دون أن يفتش عن أسبابها، وربما يساهم هو فيها بشكل غير مباشر عندما لا يتعامل مع الأسباب المؤدية لانتشارها تعاملاً جديّاً وإنسانياً وأخلاقياً، مثال موقفه من المطلّقة ومحاولة الابتعاد عنها ما أمكن لأنها-بنظره- أصبحت عاراً على المجتمع من جهة، ولقمة سائغة وشهية لضعاف النفوس والوحوش البشرية من جهة أخرى.
وأيضاً موقف الإصلاحيات الاجتماعية الرسمية من الفتيات الجانحات اللواتي يأتين الإصلاحية، حيث لا يتم التعامل معهنّ بشكل لائق، وإنما بنظرة تملؤها الريبة والدونية والتجريم، بدل أن تتمّ إعادة تأهيلهن وتخليصهن مما دفعهن لممارسة هذا الفعل، لا بل بالعكس فإن بعض الذين يُعتَبَرون قيّمين على القانون والإصلاح الاجتماعي هم وراء خروج هؤلاء الفتيات من الإصلاحيات وعودتهن للدعارة ثانية دون التجرؤ على التصريح بذلك.
أعتقد أنه ما من أحد ممن يحملون تلك النظريات فكّر ولو لبرهة قصيرة بأنه ما من إنسان خُلِقَ مجرماً بالفطرة، وأيضاً ما من امرأة أو فتاة خُلِقَتْ عاهرة، إنما هي الظروف المحيطة بها قد شكّلتها على هذا النحو، وباعتقادي أن وراء كل عاهرة رجل دفعها لامتطاء صهوة البغاء... لقد قرأت في إحدى المقالات الصحفية عن فتاة قالت:
(( كنت في الثالثة من عمري عندما توفي والدي وتزوجت أمي رجلاً كان كلما كبرنا يُظهر لنا أن البيت يضيق بنا، وهو في الواقع هكذا، لذا تزوجت من أول رجل طلبني لاعتقادي بأنه خلاصي من هذا الوضع، وجاءني ابني الأول وبعد سنوات قليلة حُكم على زوجي بالسجن لفترة طويلة، فطلبت الطلاق ولم أجد أمامي من خيار سوى العمل بالدعارة لتأمين لقمة العيش لي ولابني، وزوجي يعرف هذا وهو في السجن، وعندما يخرج لو أراد إعادتي لرجعت له فوراً.))
فتاة أخرى تصف حالها بعد اغتصابها من أحدهم وهي في الخامسة عشر من عمرها، حيث حكم عليها المجتمع حكمه الجائر بنبذها وتصنيفها في خانة العاهرات رغم أنها ضحية ذئب بشري، فكان أن جاءتها صديقتها بالفرج وأخذتها فعلاً لطريق الدعارة الحقيقية.
روى أحدهم أمامي أن هناك فتاة تقف على موقف للباصات أو قريباً منه- وهذه ظاهرة باتت منتشرة بكثرة- وتطلب ممن توقفه بنظراتها أن يوصلها للبيت لأنها لا تملك ثمن العودة، كما تطلب مبلغاً من المال كي تسدد أجرة البيت، وتعرض على الدائن نفسها أو أختها لأنها لا تستطيع أن تفي هذا الدين، وعندما يسألها أحدهم عن سبب عملها في هذه المهنة تجيب أنها من قرية بعيدة وأهلها فقراء جداً ولا تجد عملاً يمكّنها من مساعدة نفسها وأهلها....
لكن هناك واقع آخر يساهم فيه المجتمع بانحراف الفتاة بشكل كبير وسريع، ولكن كما يقول المثل: (( تموت الحرّة ولا تأكل بثدييها))
امرأة صغيرة السن تتزوج من شاب دون رغبة الأهل، الذين تخلوا عنها، وبعد أن تنجب طفلاً يُسجن الزوج بتهمة ما، فتلجأ للأهل الذين رفضوها رغم ظروفها، فبحث عن عمل في أحد المصانع القريبة من بيتها كي تعيل نفسها وطفلها، ولأنها صغيرة وجميلة يعترضها أحد العاملين في المصنع ويراودها عن نفسها، فتقاومه لآخر رمق، وعندما لم تجد ما يبعده عنها تلجأ لقتله بأداة حادة كانت قريبة منها.
وهنا كان القضاء لها بالمرصاد، فبدل أن يحكم عليها بالبراءة لأنها دافعت عن كرامتها وأنوثتها، بالعكس، جرّمها واعتبرها خارجة على القانون وأمر بحبسها مدة غير قليلة اضطرت خلالها لترك طفلها عند الجيران ريثما تنتهي مدة سجنها، كما لا يمكننا أن نغفل دور الأهل السلبي بتخليهم عنها في ظروف صعبة، وأيضاً المجتمع الذي راح ينظر إليها وإلى ابنها نظرة احتقار ودونية باعتبارها مجرمة وسجينة، لكنها مع كل هذا لم ترضخ لجعل نفسها وأنوثتها سلعة تُباع وتُشرى في سوق النخاسة والدعارة.
صحيح أن الواقع القاسي واللاّإنساني الذي أفرزته الأزمة الحالية في البلاد، إضافة إلى الوضع الاقتصادي المرير بما يفرزه من بطالة وفقر وعوز، لاسيما عندما يكونوا معززين بالجهل والأمية وعدم تبلور الوعي، تلعب كلها دوراً أساسياً في انزلاق بعض الفتيات أو النساء لطريق الانحراف، لكن في الواقع هي بمعظمها حجج واهية للدفاع عن موقف أولئك الفتيات اللواتي يستسهلن سبل العيش والعمل، وبالتالي هي مبررات غير مقنعة لامتهان أنوثتهن وإنسانيتهن.
من هنا، وانطلاقاً من هذا الوضع المرير والمخزي الذي تتعرض له بعض النساء والفتيات، أجد لزاماً على المنظمات والجمعيات النسائية والحقوقية، إضافة إلى وسائل الإعلام بكافة أنواعها أن تولي هذه الظاهرة أهمية خاصة لما لها من تأثير مدمّر على الأسرة، وبالتالي على المجتمع ككل، وذلك بتخصيص حيّز كافٍ لعقد ندوات التوعية الاجتماعية كشكل أولي، ومن ثم قيام تلك المنظمات والجمعيات ما أمكن بتخصيص دور لرعاية وتأهيل النساء والفتيات اللواتي انجرفن في هذا المنحدر.
وهنا لا يمكنني إلاّ أن أنتهز الفرصة، لألقي ببعض المسؤولية على وزارة الشؤون الاجتماعية الجديدة، والتي ترأسها وزيرة كان لها باعٌ طويل في معالجة مثل هذه المسائل التي تؤذي المرأة أولاً، ومن ثمّ المجتمع القائم على أكتاف النساء كمنجبات ومربيّات للأجيال.
فهل نسارع جميعاً( أفراد ومنظمات وجهات حكومية معنية) ونقف موقفاً إنسانياً يساهم في عودة بناته لإنسانيتهن المسلوبة تحت يافطات متنوعة..؟؟؟؟



#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحرّش الجنسي.. أخلاقيات شاذّة منحطّة
- إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة جريمة لا تُغتفر
- وللرجل- الحاضر الغائب- متاعبه وهمومه
- الراتب خلفنا، والغلاء أمامنا..فأين المفر؟
- في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة فليعلُ صوت النساء ع ...
- البطاقة العائلية... ومعضلة استحقاقات المرأة
- الآثار الاجتماعية والنفسية للنزاعات المسلحة على المرأة
- نظرية ما بعد البنيوية والنسوة في الشرق الأوسط، هل ندور في حل ...
- النسوية العربية: رؤية نقدية - ماذا تريد النساء.؟
- النسوية العربية: رؤية نقدية
- الطلاق العاطفي ... صقيع يغتال الحياة
- تناقض صارخ.. بعد تشكيله لجنة حقوق المرأة والطفل والأسرة
- هل ينهض الفينيق من رماده
- أهمية عمل المرأة من منظور الرجل
- أما آن الأوان لرفع التحفظات عن السيداو..؟
- مؤشر خطير على وضع المرأة السورية تراجع تمثيلها في البرلمان ع ...
- الاغتصاب الزوجي.. أشد فتكاً بالمرأة.
- إلى متى تبقى الكوتا طريق المرأة للعمل السياسي.؟
- دور المرأة في تطوير وتنمية موارد الأسرة
- الأم العاملة.. رحلة عمل دؤوب وعطاء لا ينتهي.


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إيمان أحمد ونوس - الأنوثة بين سندان الحاجة ومطرقة القيم والقانون