أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فواز فرحان - كيف تعمل الرأسمالية اليوم ..؟ 1 6















المزيد.....


كيف تعمل الرأسمالية اليوم ..؟ 1 6


فواز فرحان

الحوار المتمدن-العدد: 4007 - 2013 / 2 / 18 - 22:43
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


طرح الاستاذ العزيز حسين علوان حسين ستة أسئلة في منتهى الأهمية لتعميق حوار نظري وفكري حسّاس حول طبيعة التحولات الاقتصادية التي تشهدها الصين منذ عهد دينغ شياو بينغ على الاستاذ فؤاد النمري في مقالته تعقيباً على رأسمالية الصين ، وأرى من الضروري التطرّق لها في مقالة خاصة لأن خانة التعليقات قد لا تتسع لهذا الحوار البعيد الأهداف كما أرى ويخدم القارئ في فهم التحولات الجارية في الصين من خلال النظرة الماركسية لها ..
الأسئلة هي ..
ــ توظيف الرأسمال في البورصات يجعله لا يعمل في الإنتاج الرأسمالي ..!
ــ أجور العمل في إنتاج الخدمات لا علاقة لها بأجور العمل في الإنتاج الرأسمالي ..!
ــ الاستغلال الفظيع للعمال الصينيين هو حجة على أن النظام الإقتصادي للصين الشعبية ليس رأسمالياً ..!
ــ النظام الرأسمالي لا يتحمل على الإطلاق تزييف العملة وتبييض الأموال ولا الإتجار بالمخدرات والرقيق لأن النقد بالنسبة إليه هو قدس الأقداس ..!
ــ بلوغ فائض الإنتاج في الصين ربع مجمل الانتاج يعني أن النظام ليس رأسمالياً بحال من الأحوال ..!
ــ أستبدال الصين إنتاجها بالدولار يمنعها من تدوير عملية الانتاج الرأسمالية ( نقد – بضاعة – نقد ). ..!
أجوبة السيد النمري التي سطرها لا ترتبط من وجهة نظري لا من قريب ولا من بعيد بعلم الاقتصاد السياسي ، وأن القول أن الاموال في البورصات تعمل في المضاربة كما في القمار تنتقل الاموال من جيب الى جيب ولا تخلق فلساً إضافياً كما يخلق الانتاج الرأسمالي ( حوابه على السؤال الاول ) .. هو قول سطحي ..
سأعود الى كارل ماركس في تفنيد هذا الرأي ، فماركس نفسهُ مارس المضاربة في البورصة كي يقترب من مفهوم حركة رأس المال في دورات لا يمكن أن يراها المرء بالعين المجرّدة لكنها تدخل في دائرة الانتاج الرأسمالي ..
تبدو البضاعة للوهلة الاولى شيئاً بسيطاً جداً ومبتذلاً ، بيد أن تحليلها يُبيّن أنها شئ ملئ بالغرابات والتفاصيل الميتافيزيقية والأحاييل اللاهوتية ، فهي بصفتها قيمة إستعمالية لا تنطوي على ما هو مبهم ، سواء نظرنا إليها من وجهة نظر كونها تلبي بخصائصها الحاجات البشرية ، أم من وجهة نظر كونها تكتسب هذهِ الخصائص كناتج للعمل البشري ..
ومن البديهي أن الإنسان يُغيّر بنشاطهِ أشكال موجودات الطبيعة في الإتجاه المفيد لهُ ..

مثال ..
أشكال الخشب مثلاً تتغيّر عندما يصنعون منها طاولة ، ومع ذلك تبقى الطاولة خشباً ، أي شيئاً عادياً يُدرَكْ بالحواس ، ولكن .. ما أن تصبح بضاعة حتى تتحوّل الى شئ حسّي عصي على الإدراك ، فهي لا تقف على قوائمها على الأرض فحسب بل تقف على رأسها أمام سائر البضائع الأخرى ..
وان رأسها الخشبي هذا يخلق الغرابات التي فيها من المدهش أكثر بكثير مما لو بادرت الطاولة الى الرقص من تلقاء ذاتها ..
فالطابع الصوفي للبضاعة لا ينجم إذاً عن قيمتها الإستعمالية ، وهو لا ينجم أيضاً عن مضمون تحديدات القيمة ، وهذا ما يقودنا الى التسائل

لماذا ؟
الجواب .. لأنهُ
أولاً .. مهما كانت الأنواع المختلفة من العمل النافع أو من النشاط الإنتاجي متباينة ، فإن ذلك هو من الناحية الفسيولوجية عبارة عن وظائف لجسم الإنسان ، وإن كل وظيفة من هذهِ الوظائف ، مهما كان مضمونها وشكلها ، هي من حيث الجوهر إنفاق لدماغ الإنسان وأعصابهِ وعضلاتهِ وأعضاء حواسهِ الأخرى ..
ثانياً .. إن ما يشكل أساس تحديد مقدار القيمة ، أي بالذات مدّة هذا الإنفاق أو كمية العمل ، يتميّز بكل وضوح عن كيفية العمل ، وأن وقت العمل الذي يستغرقهُ إنتاج وسائل المعيشة كان لا بدّ أن يهم الناس في أي مجتمع من المجتمعات ، وإن كان ذلك بدرجات مختلفة في مراحل التطوّر المختلفة ..
ثالثاً .. بما أن الناس يعملون لبعضهم البعض مهما كان الأمر ، فإن عملهم بالتالي يكتسب شكل الطابع الإجتماعي ..

من الواضح أن الطابع الغامض لناتج العمل ينشأ من الشكل ذاتهُ ، أي شكل البضاعة ..
كيف ؟
المساواة بين مختلف أنواع العمل البشري تتجسّد في إتخاذ منتجات العمل شكلاً شيئياً من قيمة واحدة ، ويتخذ قياس إنفاقات قوة العمل البشرية بمدة هذهِ الإنفاقات شكل مقدار قيمة منتجات العمل ..
وأخيراً فإن تلك العلاقات بين المنتجين التي تتحق فيها تحديداتهم الإجتماعية للعمل تتخذ شكل العلاقة الإجتماعية بين منتجات العمل ..

يتلخص في أن هذا الشكل هو مرآة تعكس للناس الطابع الإجتماعي لعملهم هم كطابع شيئي لمنتجات العمل ذاتها ، كخصائص إجتماعية فطرية للأشياء المُعيّنة ، ولهذا فإن علاقة المنتجين الإجتماعية مع العمل الإجمالي تبدو لهم كذلك علاقة إجتماعية بين الأشياء خارجة عن إرادتهم ..
وبفضا هذا ( حلول شئ مكان الآخر ) تصبح منتجات العمل بضائع ، أو أشياء حسيّة وعصية على الإدراك في آن واحد معاً ، أو أشياء إجتماعية ...

مثال ..
التأثير الضوئي لشئ ما على العصب البصري لا يُدرَكْ كإنفعال ذاتي للعصب البصري نفسه ، بل كشكل موضوعي للشئ الواقع خارج العين ، لكن الضوء يسقط فعلاً في المدركات البصرية من شئ ، من الجسم الخارجي الى شئ آخر ، الى العين ، إن ذلك هو علاقة جسمية بين أشياء جسمية ، بيد أن الشكل البضاعي وتلك العلاقة بين قيم منتجات العمل التي يتجلى من خلالها ، ليس لهما على الإطلاق أي جامع يجمعهما بالطبيعة الجسمية للأشياء وما ينجم عن ذلك من علاقة بين الأشياء ..
وما ذلك سوى ..
علاقة إجتماعية محددة بين الناس أنفسهم ، تلك العلاقة التي تتخذ في أعينهم شكلاً خيالياً للعلاقة بين الأشياء ...
هنا .. تبدو منتجات الدماغ البشري كائنات مستقلة لها حياتها الذاتية ، وعلاقات محددة مع الناس ومع بعضها البعض ، وهذا ما يحصل أيضاً لمنتجات الأيدي البشرية في عالم البضائع ، إني ( ماركس ) أسمّي ذلك بالصنمية ، التي تلازم منتجات العمل ما أن يتم إنتاجها كبضائع ، والتي لا تنفصل بالتالي عن الإنتاج البضاعي ..

ــ عن ماذا ينجم هذا الطابع الصنمي للبضائع ؟
ينجم كما أظهر التحليل السابق عن الطابع الإجتماعي المتميّز للعمل المنتج للبضائع .. وأن أشياء الإستهلاك لا تصبح بضائع بشكل عام إلاّ لأنها منتجات لأعمال خاصة مستقلة عن بعضها البعض ..
وإن مجموع هذهِ الأعمال الخاصة يشكل العمل الإجمالي للمجتمع ، وبما أن المنتجين ، وبما أن المنتجين في إتصال إجتماعي فيما بينهم إلاّ عن طريق تبادل منتجات عملهم ، فإن الطابع المتميّز الإجتماعي المتميّز لأعمالهم الخاصة يتجلى في إطر هذا التبادل فقط ..
وبعبارة أخرى ..
فإن الأعمال الخاصة لا تتحقق واقعياً كحلقات للعمل الإجتماعي الإجمالي إلاّ من خلال تلك العلاقات التي يقيمها التبادل بين منتجات العمل ، وبواسطتها بين المنتجين أنفسهم أيضاً ، ولذا تبدو للمنتجين العلاقات الإجتماعية لأعمالهم الخاصة كما هي عليه في الواقع ، أي ليس علاقات إجتماعية مباشرة بين الأشخاص أنفسهم في عملهم ، بل على العكس علاقات شيئية بين الأشخاص وعلاقات إجتماعية بين الأشياء ..

ــ متى تحصل منتجات العمل على شكل قيمي ؟
لا تحصل منتجات العمل على شكل قيمي إلاّ في إطار تبادلها ، وهذا الشكل موحد إجتماعياً ومتميز عن أشكالها الإستعمالية المتباينة حسّياً ..
كيف ؟
هذا التقسيم لناتج العمل الى شئ نافع وشئ قيمي لا يتحقق في الواقع إلاّ بعد أن ينتشر التبادل إنتشاراً كافياً ، ويكتسب أهمية بحيث أن الأشياء النافعة تنتج للتبادل خصيصاً ، ولذلك يؤخذ الطابع القيمي للأشياء بالإعتبار لدى إنتاجها بالذات ..

ــ كيف تكتسب الأعمال الخاصة للمنتجين طابعاً إجتماعياً مزدوجاً بالفعل ..؟
لأنهُ من جهة يجب عليها ( الأعمال الخاصة للمنتجين ) بإعتبارها أنواعاً محددة من العمل النافع أن تلبي حاجة إجتماعية معيّنة وأن تبرر على هذا النحو مهمتها كحلقات للعمل الإجمالي ، كحلقات نظام للتقسيم الإجتماعي للعمل نشأ عفوياً ..
ومن جهة أخرى فهي لا تلبي إلاّ حاجات متنوعة لمنتجيها ذاتهم ، لأن كل نوع عمل متميّز من العمل الخاص النافع يمكن أن يُبادَل بأي نوع متميّز آخر من العمل الخاص النافع ، وبالتالي قهو مساوٍ لهُ ، والمساواة بين أنواع العمل المختلفة في جميع النواحي لا يمكن أن تتجلى إلاّ من خلال إرجاعها الى طابع مشترك لها بوصفها إنفاقات لقوة العمل البشرية ..
إن دماغ المنتجين الخاصين يعكس الطابع الإجتماعي للمساواة بين أنواع العمل المختلفة على شكل أن هذهِ الأشياء المتباينة مادياً هي قيم .. وعندما يعادل الناس منتجات عملهم كقيم إنما يعادلون أنواع عملهم المختلفة كعمل بشري ، إنهم لا يدركون ذلك ولكن يفعلونه ..
إن تحديد مقدار القيمة بوقت العمل هو سر يختفي وراءهُ حركة القيم النسبية للبضائع المرئية للعين ، وإن الكشف عن هذا السر يزيل الوهم الذي يُصوّر أن مقدار قيمة منتجات العمل يتحدد بمحض الصدفة ...

إن تحليل أسعار البضائع هو وحدهُ الذي أدى الى تحديد مقدار القيمة ( قيمة البضاعة ) ، وأن التعبير النقدي العام عن البضائع هو فقط الذي أتاح إمكانية إثبات طابعها كقيم ..
ولكن هذا الشكل الناجز لعالم البضائع ( أي شكلهِ النقدي ) يخفي وراء الأشياء الطابع الإجتماعي للأعمال الخاصة ، وبالتالي العلاقات الإجتماعية بين العاملين الخاصين أيضاً ، بدلاً من كشف هذهِ العلاقات بكل صفائها ...

ــ من أين تنشأ أوهام النظام النقدي ؟
تنشأ أوهام النظام النقدي من واقع أن هذا النظام لم يرى أن الذهب والفضة يمثلان بصفتهما نقداً ، علاقة إجتماعية إنتاجية ، ولكن على شكل أشياء طبيعية ذات خواص إجتماعية غريبة ..

ــ كيف تبدأ عملية التبادل في العرف الإقتصادي ؟
ليس بوسع البضائع أن تذهب الى السوق من تلقاء ذاتها ، والبضائع كما نعلم هي أشياء ، ولكي تستطيع هذهِ الأشياء أن تدخل في علاقات مع بعضها البعض كبضائع يتوجب على مالكي هذهِ البضائع أن يدخلوا مع بعضهم البعض في علاقات كأشخاص تتصرّف إرادتهم بهذهِ الأشياء ، إذاً فأحد مالكي البضائع لا يستطيع إلاّ بإرادة الآخر وبالتالي لا يستطيع كل منهما إلاّ عن طريق الفعل الإرادي الواحد المشترك بينهما أن يستأثر ببضاعة الغير متخلياً عن بضاعتهِ ، وبالتالي يجب أن تعترفا ببعضهما كونهما مالكين خاصين ..وهذهِ العلاقة الحقوقية التي يعتبر العقد شكلها سواء كان موثوقاً بالقانون أم لا ، هي علاقة إرادية تنعكس فيها العلاقة الإقتصادية ..
ولا يوجد الأشخاص هنا بالنسبة لبعضهم البعض سوى كممثلين للبضائع ، أي كمالكي البضائع ...
إن ما يُميّز مالك البضاعة عن بضاعتهِ هو بالضبط حقيقة أن كل جسد بضاعي آخر ما هو بالنسبة للبضاعة المعينة سوى شكل لتجلي قيمتها هي ، فالبضاعة بالنسبة لمالكها لا تمثل لهُ قيمة إستعمالية مباشرة ، وإلاّ لما حملها الى السوق فهي تمتلك قيمة إستعمالية للآخرين ..
أما بالنسبة لمالك البضاعة فإن قيمتها الإستعمالية المباشرة كلها تنحصر في أنها تعتبر حاملة للقيمة التبادلية ، إذاً فهي وسيلة للتبادل . لذلك يسعى مالك البضاعة لأن يصرفها عن طريق مبادلتها ببضائع أخرى يحتاج الى قيمتها الإستعمالية ، وإن كافة البضائع هي قيم غير إستعمالية بالنسبة لمالكيها وقيم إستعمالية بالنسبة لغير مالكيها ..
وبالتالي ..
يجب عليها أن تنتقل على الدوام من يد الى اخرى ، بيد أن هذا الإنتقال من يد الى اخرى إنما هو تبادلها ، وفي التبادل يواجه بعضها البعض كقيم ويجري تصريفها كقيم ..
نستنتج من ذلك ..
ــ يجب للبضائع أن تصرف كقيم قبل أن تكتسب إمكانية التصريف كقيم إستعمالية ..
ــ يجب على البضائع قبل أن تتمكن من التصريف كقيم أن تثبت وجود قيمتها الاستعمالية .. ذلك لأن العمل المنفق على إنتاجها لا يأخذ بالحساب إلاّ بقدر ما تم إنفاقهِ بشكل عمل نافع للآخرين ..
البلورة النقدية ناتج ضروري ينبثق من عملية التبادل ، فالعملية التاريخية لإتساع التبادل وتعمّقهِ تطوّر التضاد الكامن في طبيعة البضائع بين القيمة الإستعمالية والقيمة ، وإن الحاجة الى إعطاء تعبير خارجي من أجل التداول لهذا التضاد ، تؤدي الى نشوء شكل مستقل لقيمة البضاعة ، ولا تتوقف حتى يتم إيجاد حل نهائي لهذهِ المسألة عن طريق تقسيم البضاعة الى بضاعة ونقد ..
وبالتالي ..
فبالقدر ذاته الذي يتحقق به تحوّل منتجات العمل الى بضائع يتحقق أيضاً تحول البضاعة الى نقد ..

ــ كيف يصبح الذهب نقداً ؟
تتلخص الوظيفة الاولى للذهب في أنهُ يقدم لعالم البضائع مادة من أجل التعبير عن القيمة ، أي من أجل التعبير عن قيم البضائع بوصفها مقادير من ذات الإسم متماثلة كيفياً وقبلة للمقارنة كمياً ..
وهو يؤدي بالتالي وظيفة المقياس العام للقيم ، وبحكم هذهِ الوظيفة بالدرجة الاولى يصبح الذهب ، هذهِ البضاعة المعادلة الخاصة ، نقداً ..
ليس النقد هو الذي يجعل البضائع قابلة للقياس فيما بينها ، بل على العكس ، فنظراً لأن كافة البضائع بوصفها قيماً هي عبارة عن عمل بشري متجسد وبالتالي قابلة بحد ذاتها للقياس فيما بينها ، لذلك بالضبط يمكنها جميعاً أن تقيس قيمها ببضاعة خاصة بعينها محوّلة اياها بذلك الى مقياس للقيم عام بالنسبة لها ، أي الى النقد ، وإن النقد كمقياس للقيمة هو شكل ضروري لتجلي مقياس القيمة الكامن في البضائع ألا وهو وقت العمل ...
إن التعبير عن قيمة البضاعة من خلال الذهب هو الشكل النقدي للبضاعة ، او سعرها ...) إنتهى الاقتباس من كارل ماركس .. ( 1 )
وتعقيبي هو ..
أن من يدرك طبيعة الدورة الاقتصادية التي تشهدها البورصة لا بد لهُ من الاطلاع على وطائف خلايا الدماغ التي ترتبط مباشرة بالقدرة المذهلة السريعة على القيام بعشرات الالوف من الحركات في الدقيقة الواحدة لا سيما فيما يتعلق بالعمل في المؤسسات الاقتصادية العملاقة كالبورصة وميادين الموانئ والشحن وغيرها ..
مثال .. يمتلك أحد الاشخاص مبلغاً قدرهُ 50 الف دولار في أحد البنوك ، وهو يعمل في نفس الوقت كموظف في الدولة او عامل تقني وغيرهُ ، عند الصباح وفور أن تفتح البورصة أبوابها ، يقوم بتحويل جزءاً من هذا المبلغ ( 20 الف مثلاً ) الى شركة الاتصالات الالمانية ، وقسماً آخر يودعهُ في شركة سكك الحديد الألمانية .. يذهب بعدها الى عملهِ ..
لاحظ عزيزي القارئ حركة رأس المال هذه ، تقوم على سبيل المثال شركة الاتصالات الالمانية فور إفتتاح البورصة بقراءة الارقام التي وصلت اليها المبالغ الموجودة على رصيدها في ذلك الصباح ( مليار دولار ) يقوم موظفوا شركة الاتصالات الالمانية العاملون في البورصة بمتابعة العقار والبناء والسفن في القارات الخمس ، يقوم أحدهم بشراء ستة فنادق ممتازة عبر العالم ، ويقوم الأخر بشراء نصيب شركات اخرى قاربت على الافلاس في الولايات المتحدة ، وآخرون يشترون أسهم في أحد البنوك اليابانية ، كل ذلك يحدث بين الثامنة والتاسعة صباحاً ، وتوضع قسماً من هذهِ الفنادق للبيع في البورصة في نفس اللحظة وكذلك أسهم الشركات التي قاربت على الافلاس والتي تم شراءها ، لكنها هذه المرة تابعة لشركة متمكنة هي شركة الاتصالات الألمانية ..!
مع إقتراب الساعة الواحدة بعد الظهر يتم بالفعل بيع قسماً من هذه السفن والاسهم والفنادق ..ويعود العامل أو الموظف لمتابعة حساباتهِ ، فإما يسحبها مع أرباحهِ أو خسائره أو يتركها لليوم التالي وهكذا .. لكن ...!
أين هي دائرة الانتاج الرأسمالي في هذا الموضوع ؟
تكمن في تكملة المعادلة حتى أبعد حدودها ...
فالفنادق التي تم شراءها ، ساهمت الكثير من الشركات المستثمرة الرأسمالية في تشييدها ، من شركات بناء الى شركات حديد ، الى شركات لصناعة الأثاث ، الى شركات لصناعة الكهرباء والاسلاك وغيرها ...
في كل هذه الدورة يعمل مئات الالاف من العمال وفق اجور قد تكون مرتفعة في بعض الاحيان وقد تكون منخفضة ، أي في إطار دورة الانتاج الرأسمالي ..
ودون النظر للعملية من البداية الى النهاية والتي يسميها كارل ماركس بحركة لاهوتية لرأس المال ( أي حركة خرافية فعلاً ) .. لا يمكن لنا ان نفهما بالشكل الدقيق ..
ولا يُمكن لأي قارئ مجتهد في علم الاقتصاد السياسي تغافل هذا الشرح الذي وظّفهُ ماركس بشكل خاص لحركة رأس المال في دوائر الانتاج الرأسمالي التي لا يمكن الوصول الى إدراكها بسهولة دون دراسة دقيقة بالاضافة الى دراسة تجريبية قريبة ..
وهذا ما يحدث في الصين ، فالتحولات الجارية تسير على قدم وساق على يد البرجوازية الحاكمة التي تطلق على نفسها إسم الحزب الشيوعي الصيني ، مستفيدة من تحويل قسم من الخدمات أكثر فأكثر الى منتجات صناعية ، والى التكالب على البحث عن ربح يصعب أكثر فأكثر الحصول عليه .. والى المطالبة بفائض قيمة مرتفع أكثر فأكثر لتعويض إرتفاع تكلفة الاستثمارات التي تجعلها المنافسة ضرورية ، لعتقد الحزب الشيوعي الصيني إستناداً لرأي قالهُ ماركس بهذا الصدد ( ان البرجوازية هنا تقوم بدور ثوري ) 2 ...
إذ تفجّر طاقات البشرية ، وتكسر عزلة الأمم ، وتشجع الهجرة الريفية الى المدن ، وهو ما يُشكل تقدماً عظيماً لانها تقي بذلك قسماً كبيراً من السكان من غباوة الحياة الريفية ..
الرأسمالية شرط مسبق لا بُد منهُ للوصول الى الشيوعية .. لا غنى عنه بتاتاً ، فمن دونه تصبح الندرة عامة ومع الحاجة يعود الصراع من أجل الضروريات من جديد ...
ولن تتمكن الطبقة العاملة من تحقيق النصر الحقيقي على هذه البرجوازية ، إلاّ عندما تكون مسيرة التاريخ قد هيّأت العوامل المادية التي ستخلق ضرورة وضع حد لطرق البرجوازية في عملية الانتاج ..
وبالتالي لهيمنة هذه البرجوازية على العملية السياسية ، فمن الضروري إذاً التعجيل في تعميم الرأسمالية ( رأسمالية مجتمع الخدمات ) وهو الشكل الذي تتخفى خلفهُ الرأسمالية في هذا الطور من تطورها ( أي الرأسمالية الخدمية التي تحول الخدمات الى منتجات صناعية ) ..
ومن الضروري تشجيع العولمة والتبادل الحر ، لأن النظام الرأسمالي محافظ بطبعهِ ، بينما التبادل الحر هو في جوهرهِ مُدمّر ، إذ يُحطم قوانين وتشريعات الأمم المتخلفة والقديمة ويدفع بالصراع بين البرجوازية والبروليتاريا الى الوجه وفي نفس الوقت الى أقصاه ..
فالتبادل الحر بكلمة مختصرة يُعجّل الثورة ..
لا بد من الذكر في خاتمة الاجابة على السؤال الأول للإستاذ حسين علوان حسين أن ماركس أثناء حياتهِ لم يُعاصر سوى طورين من اطوار الرأسمالية وهما ( الرأسمالية المالية ، والرأسمالية الصناعية ) لكنهُ لم يعش ليرى رأسمالية مجتمع الخدمات والتي ستؤدي بدورها في القريب الى التحول الى نمط الرأسمالية التقنية ( الالكترونية ) والتي ستتحكم من خلالهِ بشكل أفضع بعالمنا دون أن نتمكن بسهولة من محاربتها لانها ببساطة تحتكر العلوم وتختزنهُا لذلك اليوم ..!
وحتى تتمكن الطبقة العاملة من مجاراة هذا الواقع يفرض عليها واقع الحركة الموضوعي التسلح بأقصى درجات العلم والتنوّر والمؤهلات التي تساعدها على إتمام مهمتها ..

هذهِ إجابة فقط للسؤال الأول ..
1 ــ كارل ماركس .. رأس المال .. دار التقدم موسكو ص 106
الى 118
2 ـ جاك اتالي .. كارل ماركس فكر العالم ص 384
يتبع هذا الجزء الاجابة على السؤال الثاني ..



#فواز_فرحان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماركس .. وترجمة الأفكار
- حوار مع الاستاذ علي الاسدي ..
- بقايا الستالينية ..!
- كيف ساهم العراق في النصر السوفيتي على النازية ؟
- اليهود خلف ستالين ..!
- العالم عام 2030 !!!
- حول موت الرأسمالية …!
- حلف دكتاتوريات العصر ..
- شكل التحوّلات في العالم العربي ..
- الثورات العربية ومستقبل الديمقراطية ..
- مبارك ... وتيان آن مِنْ ..
- قبل سقوط الأنظمة الصوريّة ...
- حكومة بلا نساء في العراق الجديد !!!
- العقل المُحرّك للكون …
- أسئلة وأجوبة في الماركسية .. 10
- أسئلة وأجوبة في الماركسية .. 9
- أسئلة وأجوبة في الماركسية 8 ..
- أسئلة وأجوبة في الماركسية ... 7
- أسئلة واجوبة في الماركسية ... 6
- أسئلة وأجوبة في الماركسية .. 5


المزيد.....




- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فواز فرحان - كيف تعمل الرأسمالية اليوم ..؟ 1 6