أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - بهروز الجاف - الى متى يبقى البعير على التل؟














المزيد.....

الى متى يبقى البعير على التل؟


بهروز الجاف
أكاديمي وكاتب

(Bahrouz Al-jaff)


الحوار المتمدن-العدد: 4007 - 2013 / 2 / 18 - 10:47
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في خضم النهضة التعليمية التي بدأت في العراق مع بداية تأسيسه كدولة في عام 1921, وفي محاولة ناجحة جدا في وضع منهج للتعليم الابتدائي, أقدم السيد ساطع الحصري (أبو خلدون) على تأليف كتاب تعليم الأبجدية العربية للصف الأول الأبتدائي أسماه (القراءة العربية) والذي اشتهر ب (القراءة الخلدونية). كانت القراءة الخلدونية ثورة في طرائق التعليم, اذ كانت تعتمد على التلقين المقطعي دون الألتزام بتسلسل الحروف الأبجدية او الهجائية، فيما جرى أقحام حرف في كل درس جرى ابرازه بلون أحمر لتمييزه في وقت لم تكن الكتابة ملونة, وكانت الصور ملونة أيضا ومشوقة للتلميذ حتى تربى على القراءة الخلدونية جيل عد بلا ريب جيل النهضة في العراق. وما ساعد في أن تكون القراءة الخلدونية كتابا للنهضة هو انتهاج الحصري للفكر العلماني الذي كان رائجا آنذاك وبمباركة الملك الأول في العراق (فيصل الأول) حيث لم يعر أبو خلدون أي اهتمام للتربية الدينية في قراءته فكان ذلك ماساعد على انتهاج شئ من الانفتاح الفكري في جيل مابعد الخلدونية، الا ماشاب ذلك من التعصب القومي بسبب التنظير الفكري للحصري في القومية العربية والصحوة القومية في اوربا والتي تأسست على أعتابها الدول القومية والتي آلت في النهاية الى بروز المانيا النازية وسقوط الفكر القومي التعصبي بضياع جثة هتلر. لقد احتوت القراءة الخلدونية فيما احتوت في مقاطعها ما ترسخ في أذهان الناس من كلمات وجمل كانت قد أتخذت للنبز, اذ كل من كان اسمه (نوري) لقب ب (زوزو) فيما تغنى الأطفال ببعضها حيث أضافوا عليها وقالوا (دار دور دخو وگع بالتنور)، ولكن الجملة الأهم والتي استحالت الى (مثل) يضرب عند العراقيين هو السؤال المحير (الى متى يبقى البعیر علی التل؟). كان هذا السؤال ضمن الدرس الذي يتعلق بتعليم الهمزة المقصورة (ى) فجاء الدرس كالآتي: "مرعى .. مرعى .. يرعى الراعي .. الى متى يبقى البعير على التل .. يبقى البعير على التل الى المساء .. سلمى طوت ردائي". ولعل ماأثار السؤال في اذهان الناس بأن الذي يسأل عنه هو البعير, ويعد البعير عند العراقيين كناية للأبله مثلما يعد الحمار (المطي) كناية للبليد. وهنالك بعدان مهمان في السؤال, المكاني وهو (التل) والزماني وهو (المساء), والتل عند العراقيين غالبا ما يطلق على التلال من بقايا آثار الأقدمين, وهو اسم مذكر, فيما أطلقوا على التل الصغير (تلة) وهو أسم مؤنث, ولذلك لايوجد في عرف البدو العراقيين تل تصعد عليه البعران لتبقى الى المساء, ولكنهم أسموا التلال الرملية ب (الطعوس) ومفردها (طعس), ولكن البعد الرمزي للتل هو القمة ومنها رأس السلطة أيضا. أما المساء فهو مقدمة للظلمة والتي شبه العراقيون فترات الظلم والقهر والجور بها وقالوا عنها (فترات مظلمة). لقد قيس السؤال عند العراقيين مثلا يضرب في مجالات مختلفة أهمها السياسة، الى أن طالت أعتى دكتاتور في العراق (صدام حسين) فألغى السؤال من القراءة الخلدونية في عام 1979 حيث كان قد ابتدأ رئاسته للجمهورية وكأنه يدري ما سوف يلاحقه من سؤال وهو الذي نوى أن يورث العراق وما عليه لأحفاد أحفاده في تطبيق منه لمبادئه في الحرية والاشتراكية التي تربى عليها! ان المهم في سؤال ابن خلدون الذي نطقت به الأجيال هو (نبوءته) في بقاء البعير الى المساء. لقد دخل العراقيون في المساء حين ابتدأت الحرب العراقية الايرانية في عام 1980, فيما بدأت ظلمة مغبرة عاتية بعد عام 1991 مع بدء الحصار الاقتصادي الذي آذى العراقيين بشكل يندى له جبين البشرية خجلا, وكان الكل ينتظر انبلاج فجر جديد ليس فيه بعير على التل تفاديا لمساء قادم, ولكن الليل طال, فقد ظهرت بعران جديدة اسمها (الدستور) و(الديمقراطية) و (البرلمان) وألف بعير من الرجال! وتقاذف المتقاذفون في سؤال بعضهم، الى متى يبقى التناحر الطائفي؟، الی متی تبقی القاعده‌ تفجر وتقتل؟، الی متی تبقی خشوف البعیر المغادر تصأل خبثا؟ الى متى تبقی آمال العراقيين تباع وتشترى تحت قبة البرلمان؟ الی متی تنوح أم العراقیین؟ الى متى يبقى التيار الكهربائي غائبا؟ الى متى يبقى ماءنا عكرا مالحا؟ عسی أن ینتهی المساء ویأتی فجر جدید لیس فیه بعیر علی التل. اللهم آمين.



#بهروز_الجاف (هاشتاغ)       Bahrouz_Al-jaff#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى ساكينا وفيدان وليلى.. كلا لن تمتن
- أول حب
- بلاد المحن
- الطلل الحكيم
- بصمة صدام حسين وشحت صدور لاعبي المنتخب!!
- أقاوم الطبيعة
- أحذيةٌ مناسِبة (عطفا على -أحذية- صديقي الأديب الطبيب ماجد ال ...
- لاتبالي يا سَري كاني
- بين حنان عشراوي و ليلى زانا، غفلة الفلسطينيين والأكراد
- النفاق السياسي وقيادة عمليات دجلة، ماظهر ومابطن
- المَقامةُ الأنتخابيةُ
- نورُ الأملِ في آمدَ
- لأول مرة وبأمكانيات ذاتية يؤثر الأكراد في سياسة الشرق الأوسط
- مقامة الوزير الجحش
- مقامةُ المتاجرِ بالممنوعات
- تتمة .. المقامة الكهرمانية
- المقامة الكهرمانية
- بَراءَة
- سلجوق التركي يُدين!!
- ايشْ قالَ السلطانْ؟- أهزوجة لأطفال الغد في كردستان


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - بهروز الجاف - الى متى يبقى البعير على التل؟