أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - -الفوضى البناءة- ردة اميركية رجعية على هزيمة اسرائيل في حرب تموز 2006















المزيد.....


-الفوضى البناءة- ردة اميركية رجعية على هزيمة اسرائيل في حرب تموز 2006


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 4006 - 2013 / 2 / 17 - 20:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"الفوضى البناءة" ردة اميركية ـ رجعية على
هزيمة اسرائيل في حرب تموز 2006
جورج حداد*
لست اذكر شخصيا من هو اول بوق اعلامي اطلق تسمية "الربيع العربي" على موجة "الفوضى البناءة" الاميركية التي جرفت في السنوات الاخيرة عددا من البلدان العربية وسميت زورا وبهتانا "ثورات عربية"، وهي ليس لها من الثورة ومن العروبة الا الاسم، بل هي "ردات" على كل حركة ثورية ومعادية لكل ما هو عربي.
ولكنني شبه متأكد بأن الذي اطلق هذه التسمية هو بوق اعلامي مرتبط بآلة البروباغاندا الاميركية العالمية الضخمة التي امتهنت في العقود الاخيرة "صناعة" الرأي العام ـ وليس فقط التأثير عليه، كما كان في السابق ـ وتوجيهه في الاتجاهات التي تخدم السياسة الامبريالية البراغماتية التي تعلمت ان تراهن على "الابيض" و"الاسود" معا، فتربح في ثلاثة احتمالات: تربح مع هذا الرابح او ذاك من بين الاثنين، او تربح من "التسوية" بين الاثنين.
خلال الحرب العالمية الثانية (وبعد ان تحطم حلف هتلر ـ ستالين، وهاجم هتلر الاتحاد السوفياتي في 1941) نشأت "صداقة" مشبوهة جدا بين الرئيس الاميركي حينذاك الداهية فرانكلين روزفلت وبين خائن الشيوعية الاكبر يوسف ستالين. وعلى خلفية هذه "الصداقة" درست المخابرات وجميع الاجهزة الاميركية المختصة،ـ درست بعمق تجربة ستالين، الذي يقف خلف اغتيال لينين زعيم الثورة الاشتراكية في روسيا، والاخطر انه يقف خلف حرف الثورة الاشتراكية عن مسارها التاريخي الصحيح، وخلف تحويل النظام السوفياتي الى نظام دكتاتوري معاد للشعب باسم الشعب، ومعاد للبروليتاريا باسم البروليتاريا، ومعاد للشيوعية والجزار الاكبر للشيوعيين باسم الشيوعية. وقد اثبت ستالين والستالينيون، بالتجربة الملموسة، انه يمكن للديماغوجية "الثورية" و"الاشتراكية" و"الاصلاحية" و"الدمقراطية" و"الايديولوجية" و"الفكرية" (و"الدينية" استطرادا) ان تكون اقوى سلاح يمكن ان يستخدم ضد المبادئ التي ترفعها وتنادي بها تلك الديماغوجية، بهدف تطويع الجماهير التي تؤمن بتلك الافكار، وتوجيهها بالضبط ضد ما تؤمن به، وبالضبط باسم تحقيق ما تؤمن به.
وبناء على "الصداقة" الاميركية لستالين، والتجربة "الغنية" للستالينية، التي هي مزيج من الدكتاتورية المفرطة في الوحشية والديماغوجية المفرطة في الوقاحة والعهر الفكري والسياسي، عمد رئيس المخابرات الاميركية الاسبق ألن دالاس، في مطلع الخمسينات من القرن الماضي، الى اطلاق مبادرته الهادفة الى اعادة "فلسفة" و"منهجة" عمل المخابرات الامبريالية حينما قال ما معناه بشكل شبه حرفي (وانا اكرر ذلك على الذاكرة، ويمكن لاي مختص ان يعود الى اضبارة ألن دالاس في ملف المخابرات الاميركية)، ـ يقول ألن دالاس: ان الجاسوس او المخبر التقليدي قد اصبح من الماضي ومكانه في متحف التاريخ، والتكنولوجيا التجسسية الحديثة تقوم مقامه وتتفوق عليه. واننا (اي الامبرياليين الاميركيين) اصبحنا بحاجة الى "صانعي الرأي العام": الصحفيين، والسينمائيين، والناشرين، والكتاب، واساتذة الجامعات، والشخصيات الاجتماعية البارزة، والقادة النقابيين والحزبيين و"الثوريين". وحينما لا يوجد مثل هؤلاء كي "نستميلهم" للعمل معنا والى جانبنا، فنحن علينا ان "نصنعهم" بأنفسنا. وان علينا ليس فقط ان "نلحق" الحدث والثورات، بل وان "نصنع" الحدث ونصنع "الثورات".
وبناء على هذه "الفلسفة الجديدة" لعمل المخابرات الاميركية والسياسة الامبريالية الاميركية بدأ "اللعب" على الحركات التحررية العربية و"اللعب" بها. وحينما تمت الوحدة المصرية ـ السورية في 1958، وقامت الانتفاضة ضد حكم شمعون و"حلف بغداد" في لبنان، وقامت "ثورة 14 تموز 1958" في العراق، واستبشرت الجماهير الشعبية اللبنانية والسورية والعراقية والمصرية والعربية قاطبة بقرب ولادة "الفجر العربي" الجديد، عمد الدهقين (الذي هو احد اكبر مخططي الستراتيجية الامبريالية الغربية في الشرق الى جانب كيسينجر وسوروس وبريجينسكي) محمد حسنين هيكل الى رفع شعار: "انتهت المعركة مع الاستعمار وبدأت المعركة مع الشيوعية!". وهكذا تحولت سوريا في عهد الوحدة الى سجن كبير، وتم اعتقال عملاق الفكر الثوري الدمقراطي الشعبي العربي والحركة الثورية البروليتارية العالمية فرج الله الحلو، وقتله تحت التعذيب، ونشر جثته بالمنشار وتذويبها بالاسيد، وبدأت الاحزاب والتيارات التحررية العربية (الناصريون، والقوميون العرب، والبعثيون، والشيوعيون وغيرهم) تضرب بعضها بعضا وصار الجميع ضد الجميع، ووقع الانفصال وبدأت الحركة التحررية العربية تسير القهقرى الى الوراء، حتى وهي تحقق انجازات كالثورة في اليمنين (حينذاك) والثورة الجزائرية والثورة الليبية الخ الخ.
واليوم يمكن القول، وبدقة مختبر كيميائي: ما اشبه اليوم بالبارحة!
لا شك انه، بفعل الهيمنة الامبريالية على جميع البلدان العربية، بمختلف الاشكال، وبوجود الانظمة الرجعية القبائلية والعشائرية والعائلية والطائفية والعسكرية والدكتاتورية، القمعية والدموية والفاسدة، التي حولت "الوطن العربي الكبير" الى "سجن عربي كبير"، والتي تسود على الشعوب العربية، وتسد عليها كل افق حقيقي للتطور ولمواكبة العصر، ـ بفعل كل ذلك فإن "الوطن العربي!!!" بالاجمال، وكل بلد عربي بمفرده، هو برميل بارود قابل للانفجار في كل لحظة، ولدى اشعال اي فتيل.
ولكن من اشعل فتيل الـ"ثورات" الكاذبة لـ"الربيع العربي" الأكذب؟؟؟
ولماذا؟ ولأية اهداف أشعلت هذه "الثورات" المزيفة؟
لنطرح بعض الاسئلة من الامس، لنستضيء بها على ما يجري اليوم:
ـ هل كان من الصدفة ان جاء البعثيون الى السلطة في العراق في "ثورة رمضان" شباط 1963 فوق جثث الشيوعيين، وكانت اذاعة "ثورية" سرية في الكويت توجه الفصائل المسلحة للبعثيين الى بيوت الشيوعيين لاصطيادهم وتعذيبهم وقتلهم لا لشيء الا لانهم شيوعيون؟
ـ وهل كان من الصدفة الانقلاب على احمد بن بله في حزيران 1965 واعتقاله 15 سنة بدون محاكمة، وبداية استيعاب مد الثورة الجزائرية في مستنقع السلطة التي حولت الشعب الجزائري وامهات واباء وارامل وابناء المليون ونصف المليون شهيد الى قطيع ابقار حلوب واغنام للذبح؟
ـ وهل كان من الصدفة انه خلال حرب حزيران 1967 كان "محافظ القنيطرة" الجاسوس الاميركي العتيق عبدالحليم خدام (ما غيرو!) الذي كان (وليس وحده طبعا!) مستعجلا لتسليم الجولان الى درجة انه اعلن عن سقوط القنيطرة قبل ثلاثة ايام من وصول اي جندي اسرائيلي اليها؟
واليوم نسأل، وليتفضل انصار "الدمقراطية" و"الليبيرالية" الاميركية وليجيبونا:
ـ هل من الصدفة ان اميركا كانت اكبر المتحمسين والمطبلين والمزمرين (ومعها كل ادواتها من السعوديين والقطريين والاردوغانيين ـ العثمانيين الجدد والحريريين والجعجعيين اللبنانيين) لـ"الربيع العربي" و"الثورات العربية"؟
ـ وهل من الصدفة انه لم تجر اي من هذه "الثورات العربية الربيعية" في اي بلد عربي لم يرد الاميركان ان تجري فيه "الثورة"، مع انه يمتلك كل شروط "الثورة"؟
ـ وهل من الصدفة انه في جميع البلدان العربية التي "انتصرت" فيها "الثورات الربيعية" جاء الى السلطة مزيج من "الاسلاميين!" او مدعي الاسلام "المعتدلين" و"المتطرفين" و"التكفيريين" الخ الذين يمكن اتهامهم بأي شيء الا بـ"الدمقراطية"؟
ـ وهل من الصدفة ان "الثورة السورية" و"المعارضة السورية" بدأت بواجهة بعض "التقدميين" و"العلمانيين" المأجورين، المضلـِّلين ـ المضلـَّلين، كأستاذ السوربون الجاسوس برهان غليون ووليد البني وجورج صبرا، لتتكشف في النهاية عن وجهها الحقيقي "الاسلامي!!!" المزيف للقتلة الساديين والذباحين التكفيريين من جماعة "جبهة النصرة" واخواتها؟
ـ وهل من الصدفة ان الرئيس الاخواني في مصر محمد مرسي وغيره من الحكام والقادة "الاسلاميين!" الجدد في تونس وليبيا واليمن وغيرها نسوا تماما المسجد الاقصى والقدس وفلسطين، والوجود الاميركي في الخليج وغير الخليج، ولم يبق امامهم "للتحرير!" الا سوريا التي يرسلون اليها عشرات الاف المقاتلين "الاسلاميين!" المضللين لتدميرها الفعلي باسم "تحريرها" المزعوم؟
والسؤال الكبير: لماذا تملأ اميركا الدنيا زعيقا ضد الاسلام و"الارهاب الاسلامي!"، وتخرج وتنفذ (بمؤامرة مخابراتية مفضوحة للسي آي ايه) مسرحية اغتيال السفير الاميركي في ليبيا منذ بضعة شهور كي تواصل الادعاء بأنها حاملة لواء مكافحة "الارهاب الاسلامي!"، ولكنها في الوقت نفسه تدعم الحكام والجماعات "الاسلامية!" في تونس ومصر وليبيا وغيرها حتى حينما يبدأ "الاسلاميون!" يصدرون الفتاوى بقتل "العلمانيين" الموالين لاميركا انفسهم امثال البرادعي وغيره في مصر وغير مصر؟
ان اي تحليل سياسي يقودنا الى الاعتراف بأنه كان ولا يزال يوجد اختلاف كبير في الاوضاع السياسية والتركيبة السياسية ـ الاجتماعية ـ الاقتصادية، لمصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا ولبنان وغيرها. ولكن في جميع هذه البلدان تدور الستراتيجية الاميركية (مثل حمار الناعورة) حول محور واحد هو: دعم وتمويل وتسليح "الاسلام السياسي!" المهادن لاسرائيل، المعادي لايران وحزب الله وكل ما سمي في الادبيات السياسية مؤخرا "جبهة" او "محور" المقاومة والممانعة ـ اقليميا، والمعادي لروسيا (ومعها الصين ودول البريكس وغيرها) ـ عالميا.
فلماذا؟
هل حزب الله وايران وروسيا هم الذين كانوا يقمعون الشعب التونسي والليبي واليمني، ويجوعون الشعب المصري؟
طبعا كلا!
اذن هناك اسباب اخرى، غير "داخلية عربية" دفعت وتدفع اميركا (ومعها تركيا واسرائيل وطبعا السعودية وقطر) الى كل هذا الحماس لدعم "الاسلام!" السياسي.
ان ما يهم اميركا، في البعد الجيوستراتيجي لما سماه جورج بوش يوما "الشرق الاوسط الكبير"، امران اساسيان: أمن اسرائيل، والهيمنة على مصادر الطاقة (النفط والغاز) في الشرق الاوسط. وفيما عدا هاتين "القيمتين الستراتيجيتين" فإن اميركا تنظر الى جميع البلدان والشعوب العربية نظرة "توراتية" خالصة: بوصفهم "غوييم" حسب التعبير اليهودي، اي: ليسوا حيوانات تماما، ولكنهم مخلوقات دون ـ بشرية. (وهذا ما يفسر لنا قيام الطائرات بدون طيار الاميركية بمطاردة "المشبوهين" في جميع البلدان العربية وقتلهم وتفجيرهم بالصواريخ بدون قضاء وبدون قانون وبدون محاكمة، وبدون ان يسأل عنهم احد، حتى لو كان القتلى اطفالا ابرياء).
واذا عدنا الى السنوات القليلة الماضية، التي سبقت "الربيع العربي" المزعوم، نجد انه قد حدث حدثان كبيران يدخلان تماما، وفي العمق، ضمن الدائرة الاولى للاهتمام الاميركي اي: امن اسرائيل، والهيمنة على الطاقة. وهذان الحدثان هما:
الحدث الاول ـ هزيمة اسرائيل في حرب تموز 2006.
وهزيمة اسرائيل وتهديد امنها ووجودها لاول مرة في تاريخ الصراع العربي ـ الاسرائيلي، يعني التهديد بزعزعة كل ستراتيجية الهيمنة الاميركية في المنطقة والعالم. وهذا ما يفسر الهلع والتخبط والحمى الهستيرية التي تتصف بها السياسة الاميركية في الشرق ما بعد حرب تموز 2006.
والحدث الثاني ـ الاعلان اخيرا (وهو اعلان متأخر عشرات السنين) عن اكتشاف الغاز والنفط في شرقي المتوسط.
وفي هذين الحدثين تدخل روسيا بوصفها رقما اساسيا او لاعبا رئيسيا:
في الحدث الاول، دخلت روسيا في الصورة بواسطة الصواريخ والمعلومات المخابراتية التي وضعت بتصرف المقاتلين الشرفاء والشجعان لحزب الله، وهو ما جعل رئيس الوزراء الاسرائيلي حينذاك ايهود اولمرت يسافر اول ما يسافر بعد هزيمة حزيران ليس الى واشنطن، بل الى موسكو، ليسأل الروس: لماذا؟
(والارجح ان بوتين اجابه: إسأل أجدادك اليهود الخزر الذين أنشأوا مملكتهم على بحر قزوين حتى ما قبل نهاية القرن العاشر، والتي كانت تعيش وتغتني على حساب الغزو والاغارة على القبائل الروسية الفقيرة وسبي نسائها وبيعهن "حريما" للامراء والقادة العثمانيين وامثالهم من "المسلمين!". وأسأل اصحابك المليارديرية اليهود الروس الذين حصلوا على الجنسية الاسرائيلية، والذين ارادوا في نهاية القرن العشرين استغلال "الانفتاح الدمقراطي" الروسي لنهب الثروات الطبيعية الروسية وتجويع الشعب الروسي العظيم واجبار الفتيات الروسيات الجامعيات على السفر الى بلدان "اصحابك" في الخليج للعمل بارمانات وراقصات ستريبتيز وبيع اجسادهن لتنهشها جرذان النفط من اجل انقاذ اهاليهن من الجوع).



وفي الحدث الثاني كان الروس في اللاذقية. واحتمال استخراج النفط والغاز من شرق المتوسط، بوجود الاسطول الروسي، وصواريخ حزب الله، والنظام الثوري في ايران، والتحالف الستراتيجي الضمني والمكشوف بين روسيا وايران وسوريا وحزب الله، يعني التحرير النهائي لاسواق النفط والغاز من الهيمنة الاميركية التي بدأت منذ اجتماع روزفلت وعبدالعزيز بن سعود في البحيرات المرة في مصر في 15 شباط 1945 (تماما في اعقاب اجتماع روزفلت مع تشرشل وستالين في مؤتمر يالطا في 4 ـ 11 شباط 1945، إذ طار روزفلت من يالطا الى مصر مباشرة، وفي جيبه موافقة خائن الشيوعية الاكبر ستالين على اطلاق يد الامبريالية الغربية وعلى رأسها اميركا في "العالم الحر"). وتحرير سوق الطاقة العالمي من الهيمنة الاميركية يعني تحرير العالم من ربقة الدولار، وكسر مقص الاسعار العالمي الظالم لتبادل الخامات والمنتوجات الصناعية بين الشرق والغرب، وتحرير اوروبا خاصة من الهيمنة والتبعية لاميركا، وعودة التوازن الحضاري الى العلاقات العالمية (شرق ـ غرب، شمال ـ جنوب) كما كان قبل اكثر من الفي سنة، اي قبل تدمير قرطاجة وقبل صلب السيد المسيح على ايدي المتوحشين الرومان واتباعهم الاوباش اليوضاسيين اليهود ـ خونة الشرق التاريخيين.
وقد جاء الاعلان المتأخر بشكل مقصود عن اكتشاف الغاز والنفط في شرقي المتوسط في الوقت ذاته الذي أوشكت فيه مشاريع انابيب الغاز والنفط الروسية ان تصل الى اوروبا الشرقية والوسطى والغربية، عبر بحر البلطيق (انبوب غاز: "السيل الشمالي") الذي سيصل قريبا الى المانيا، وعبر البحر الاسود (انبوب غاز: "السيل الجنوبي")، الذي سيصل بلغاريا وتركيا وصربيا ومنها الى ايطاليا والنمسا، وانبوب غاز "السيل الازرق" الذي يزود تركيا ويمكن تطويره ومده الى باقي دول البلقان واوروبا، وانبوب النفط عبر البحر الاسود الذي سيعبر بلغاريا الى اليونان ومنها الى كل اوروبا. وقد وجدت تركيا الاطلسية ذاتها ان من مصلحتها القبول بانابيب الغاز الروسية. وسار مشروع انبوب الغاز الاميركي ـ الاوروبي المسمى "نابوكو" نحو الفشل، بسبب الموقف الايراني الى جانب روسيا. وجاء الاعلان عن اكتشاف الغاز والنفط في شرقي المتوسط (المكتشف منذ عشرات السنين كما قلنا) تماما في اعقاب فشل مشروع "نابوكو"، وعلى امل انتصار اسرائيل في حرب تموز 2006، مما كان سيمكن اميركا من استمرار الهيمنة على اسواق النفط والغاز في الشرق، ويعزل ايران وروسيا، وهذا ما كان من المفترض ان يجعل كونسورسيوم النفط الاميركي يستمر في التحكم باسعار النفط والغاز العالمية، وان يخنق روسيا وايران اقتصاديا ويدفعهما الى وهاد الازمات الاقتصادية والهزات السياسية خصوصا بعد ان تكلفت روسيا عشرات مليارات الدولارات لمد الانابيب الى اوروبا. وهذا هو على وجه التحديد "سر" الاصرار الغربي ـ السعودي ـ القطري (اي الطاقوي: النفطوي والغازوي) على معاداة ايران والعمل على طرد روسيا من المنطقة، من اجل الاستمرار بالتحكم باوروبا والعالم. وهذا هو "سر" وضع "الاسلاميين!" بوجه روسيا من اجل مواصلة معركة افغانستان "الاسلامية!" ضد روسيا، بعد ان غادرت روسيا افغانستان وصار من يحتلها الاميركان وحلفاؤهم.
ان روسيا، وحليفتها ايران، وحليفتهما في النصف الغربي للكرة الارضية: فينزويلا، قد كسروا معا الى حد كبير، وهم على وشك ان يكسروا نهائيا الاحتكار الاميركي للسوق العالمي للنفط والغاز. وروسيا التي قدمت حوالى ثلاثين مليون نسمة في القتال لانقاذ اوروبا والعالم (وخاصة اليهود) من براثن الهتلرية، لن تسمح للطواغيت الاميركيين واليهود ان يرموا انابيب النفط والغاز الروسية كالخردة، وان يهددوا الصين المليارية بالجوع بقطع النفط والغاز عنها ساعة يشاؤون، وان يستمروا في وضع اوروبا والعالم العربي ـ الاسلامي والهند وافريقيا تحت رحمة استمرار الهيمنة الاميركية ـ الصهيونية المطلقة على الطاقة.
واميركا واسرائيلها ويهودها وكل دول الحلف الاطلسي هم اجبن وأحقر من ان يستطيعوا مواجهة العملاق الروسي، لان الشعب الروسي لا يزاحم اميركا والصهيونية والامبريالية الغربية من اجل استعمار شعوب الشرق، بل هو يصارع دفاعا عن حريته ووجوده القومي وثرواته الطبيعية، ودفاعا عن حرية واستقلال وتقدم جميع شعوب الشرق، بصرف النظر عن اختلاف اللون والعرق والدين والثقافة.
وبالتأكيد ان كل كتلة الاطلسي بزعامة اميركا هي اجبن واحقر من ان تستطيع مواجهة جبهة شعوب الشرق واميركا اللاتينية وجميع الشعوب الطامحة الى التحرر والتنمية والتقدم، بزعامة المحور العظيم لـ: موسكو ـ طهران ـ وبكين.
وفي رأينا المتواضع: هذه هي الاسباب العميقة التي تدفع الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية لتقديم "الاسلام!" السياسي المشبوه الى الواجهة، من اجل المجيء بأنظمة حكم "اسلامية!" معثمنة ومعفنة، لا تكتفي بعقد الصلح مع اسرائيل، بل تعمل لضرب وسحق المقاومة ضد اسرائيل، وفي الاخير لعقد حلف اميركي ـ اوروبي غربي ـ صهيوني عالمي ـ "اسلامي!" عثماني، ضد روسيا وايران والصين والهند والهند الصينية وافريقيا واميركا اللاتينية من اجل تجديد واعادة استعمار العالم.
والذي اطلق "اشارة الانطلاق" لـ"الربيع العربي" المزعوم هو الملك عبدالله الثاني الاردني غداة هزيمة اسرائيل في حرب تموز 2006، حينما نادى ـ اي الملك عبدالله ـ بما سماه في حينه "خطر الهلال الشيعي". وقد استغلت اميركا وجبهتها الطابع الشيعي لايران وحزب الله لاجل اطلاق "ثوراتها" و"ربيعها العربي" المزعوم. ولو كان عملاء اميركا يحكمون ايران الان كما كان حكم الشاه لكانت تغيرت "النغمة"، ولكانت المخابرات الاميركية فتشت عن سيناريو آخر، غير سيناريو "الربيع العربي"، وعن أغنية ساقطة اخرى "ترندح" بها "الجزيرة" و"العربية" و"المعارضة السورية" و"الجوقة الحريرية ـ السنيورية ـ الجعجعية" واخواتها غير "طقطوقة": "الخطر الشيعي" وسلاح حزب الله!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب -الاسلامية!- الاميركية ضد سورية والنفط والغاز في شرقي ...
- معركة سوريا... مشروع افغانستان معكوسة، او الفخ الروسي للعصاب ...
- من التعددية الحضارية الى الآحادية القطبية الرومانية
- الاهمية التاريخية للحروب البونيقية
- بدايات الصراع القومي مع الامبريالية الغربية (تدمير قرطاجة، س ...
- الجذور التاريخية للصراع القومي في العالم القديم
- مأساة غزة وظاهرة الحرب الاستعمارية والابادة الجماعية
- الصراع الوجودي المستمر مع الصهيونية
- من رسالة الى الاتحاد البلغاري للمناضلين ضد الفاشية
- مجزرة اطفال بيت لحم
- جلادو المسيح والمسيحية الشرقية
- التبعية لاميركا تأخذ اوروبا الى القاع
- اميركا تبيع الاوهام القاتلة لحلفائها وروسيا تستنفر قدراتها ا ...
- الدور -العثماني الجديد- للطورانية الاسلامية الكاذبة!!!
- ازمة المديونية تهدد العالم الرأسمالي الغربي
- تقرير بيلاطس البنطي عن قضية صلب السيد المسيح
- التعاون التكنولوجي العسكري بين ايران وروسيا يرعب اميركا
- الحرب السرية الاسرائيلية ضد ايران وحزب الله
- فلاديمير بوتين الفائز الاول في الانتخابات الروسية
- الصين ترفض الوجود الاميركي في آسيا


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - -الفوضى البناءة- ردة اميركية رجعية على هزيمة اسرائيل في حرب تموز 2006