أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم البغدادي - اللّجه -قصه قصيره















المزيد.....

اللّجه -قصه قصيره


جاسم البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 4005 - 2013 / 2 / 16 - 10:36
المحور: الادب والفن
    


الّلجه -قصه قصيره
بقيه نبض يومض تحت تموهات عدميه ,تنتظر هيل التراب لتشطبني في طاموره النهايه ,انفاس خافته ,ضئيله ,كبلورات ملح تشع حراره ,تمتد سلكا من حياه يوصلني بالباب الموصد إلا من بضع منافذ البرغش والهباء والنور المتسلل كخيوط عنكبوت من خلال ثـُقب المسامير . ومن دبيب الوهن والتلاشي كان لا بد لي من صرعه تشحذ كل خلايا جسمي لتبعث بها حراره التحدي ..آخر تحدي , لتكن رقصه البجع او رفسه ثور منحور او بقيه حشاشه تنفجر قبل ان تخمد وتبرد , كان لابد لي من شئ مثل ذلك كي استطيع ان اراه من خلف الباب الموصد ...
اعوام مضت وانا في انتظار رؤيته , تراءت لي حياتي كأدغال التهمتها النيران فاتت على احياءها التي ما آلت تصرخ من فزع الموت حرقا قبل معرفه سر الادغال الكامن في احشائها ,اختلط زئير الاسود وعوي الذئاب وغمغمه الثيران ونعب الغربان بصفيق النار وتقصف الاخشاب المسعوره التي اذعرها اللهب وعجرفه الموت الصائح في الاعكاش والقرى ..والاحراش والجداول ..ولم تبقى الا حثاله رئه تنؤ بالرماد المنكفئ عليها .....تهاوت الاعوام , والزفير الهارب لايرجع وانا اتوسل كل شهيق وكل صبح جديد عساني اراه دون جدوى , ومثلي ذلك المعتوه الذي اسكرته رؤيته القاتمه لبعضه بطعم هو فقط يمتلك وصفه ومذاقه ..ذلك المعتوه أراه كل يوم في مفترق الطرق بين شارع المدينه الصاخب و حشود الناس للسفر في المحطه الكبيره ,حيث يختلط ضجيج الماكنات وعربات النقل والمسافرون مع بائعي الصحف والكرزات والعصير والشحاذين والمشردين , وتمتزج تراتيل الدعاء بصيحات الوداع وصخب الباعه وهيجان المعانقه وغنجات الموامس وصهيل السكارى , والمعتوه ينتصب منفردا وسط معترك الخلايق بقامه طويله نحيفه ,سمراء شاحبه ,عروقها تكاد تتدلدل من اوردتها ,بقميص ضيق الخصر والاكمام , وبنطلون مقلم تعالت اذياله عن القدمين زاحفه للساق , وهو يتلفت بعينيه النهومتين واشداقه الواسعه منفرجه عن لعاب متواصل السيلان .....ويغني !
الحشاشه تغلي قبل ان تخمد والنبض لا يقوى على وهبها الطاقه الكافيه ,لا ريب انها ستخمد فلا بد اذن من اقتناص لحظه وان كانت مهزومه لاراه حتى ولو من خلال ثـُقب المسامير التي رشقت خشبه الباب المنبسطه بتضاريسها المتعرجه المشحطه ,او من خلال عكازاته المحشوره بين خشبته والحائط والتي تسخط كلما صوّت بصريره الكهل المتعجرف .
وحدث ان التصقت بكل اصطلاء مفاصلي بحمى الرغبه على خشبته المقطبه وبقيت ملتصقا اعواما كثيره هي دوره انجلاء الخلايا المشبعه بحراره الزفير الهارب من احشائي وولوج خلايا البرد والسبات والموت الرطب الغامق , عاندت كل تحرشات الحياة حولي ,هل تنشج نوافذها الا ظلالا شبحيه تهيم خطوطا غبشيه في اغضاءه الليل ويصيرها الغيدق اشلاء تتناثر شظايا على بلاط الشارع المعبد بمعابر الوهم وهي تخبّ كخنفساء نحو طيف الحقيقه الزائل عند انفلاق الرؤيا وانتحار النوافذ في غمغمه الزاحفين نحو الشطر الاخر من المعابر حيث مجال الرؤيا اوسع واجلى ..هذه الشظايا المتناثره في السكك اللزجه هي الاعوام التي يسمونها ,تشكل حزمتها حياة الدروب المعتمه فانا اعاند تحرشاتها وخرابيشها الملساء التي تقزز الجلد حين تمتزج بعرق صدري اللاهث وتوسوس بين شعيراته المنتصبه بجمر الرغبه او تنسلت للاسفل فالاسفل ...لا ..لا لن ابدل رؤيته بالحيا ة ولو تمطلت او تشطرت اضعافا سرمديه ..ستبقى هي هي ويبقى هو صائلا فوق ركامها النتن المتخم قرنا بعد قرن , هو الوحيد الذي سيبقى يتوهج كالحشاشه التي اوصلتني الى الباب الموصد بيني وبينه ..تحدي الاعوام من صياح الكائنات المخنوقه في دهاليز السر الممعن في العتمه يتموج في خبايا رأسي المتهاوي قنوطا وانهزاما .. لكنه الموت , يهب دفقا من حياة هلاميه تنفذ خلال كل السدود المحكمه الاغلاق امامي ..ذاك الدفق هو ملاذي وشفيعي للمعبر الاخر ..الاحمر من دم الزاحفين كما ساغ للمعتوه ان يتغنى به ..وعلى ايقاع خافت بوتيره متداعيه مع كل دفقه دم يضخها القلب لخلايا الرأس , تـُثار مزالق الكوامن المتململه في الاعماق لتفوح رذاذات ابخرتها الجارفه معها اشباح الرؤى بهميسها المتردد في اعشاش الخلايه اللاراديه وترسم على الجفون وشاح البصر المطلوب بتحفيز حذر لاخر وسوسه خلايا الوعي ,سكون الدواخل يعانق صمت الجوارح ,نقره الحسيس تقض الرؤى , و وخزه الحس تداعي اجيج الوعي في سبات الخلايا الغافله وتشطب الوشاح البصري ...خطوه حذره..خطوه احذر ..والاهم من ذلك بقايا وعي مبهم تجعل السيطره على الرؤيا ممكنه , مماطله متضرعه مع صراخ الكائنات المخنوقه في العتمه , وتوافق التراخي المتهابط بتموج على الاطراف يهب الفرصه..رويدا رويدا ..ويخنس الوجود تحت كلاله العدم , ويخفت ثقل الوعي , وتنسلت خفقات الدفوف من خوايا الراس , ولا تبقى سوى لمعه وعي تومض وسط هفهفه الانفاس الشارده ,المذهوله , لتزمّها على الاجفان وتلقي بضوءها على ما نقشته رذاذات الابخره الهابه من الاعماق وهي تمتزج ببصيص النور الذي يثقب العتمه من خلال ثـُقب المسامير المتراصه على خشبه الباب كحراس الهياكل المقدسه ...
ها هي ضراعه الاعوام التي مرت تعالج الفراغ الداخلي للعتمه المقمطه بقضبان الوهم تعتصر لجـّه شفافه تتموج بثور دامعه في عكناتها الملتويه , والزبد الابيض ينزلق من ماسوره حمراء منحوته على شكل غضاريف تتقلص وتنبسط كلما سالت رشفه او دمعه منسكبه في مسامات حوض وردي بلوري السفوح والطيـّات ... مستحيا كان حين رأني ..معتوها كنت حين رايته ..لكني لا اجرؤ الزعم بالرؤيه ,قضبان الوهم حالت دون رؤيته كاملا غير منقوص ,غمامه داكنه احتوت جوانبي ,ادركت لماذا كان المعتوه دائم التلفت ولماذا كانت عينياه نهومتين تفترسان ما حولهما , كم كنت غبيا حين حين ضيعت مران التحسس بالاذان لما حولي ,الماسوره الحمراء تطلق سهما مخاطيا من الزبد الابيض المذلق في بؤبؤ عيني السارقه , وتحوم قضبان الوهم حمراء مخربشه تشوش اعماق اللجه فلا ينفذ اليها بصري , تشغر كل توسلاتي المغموره في احشاءها المنفوخه بعمايه العصارات الدهنيه -هي بقايا الهمم المنخوره التي رامت فك طلاسمها - ..اعاند ..سأبقى اعاند ,اتحدى مقوله ان السرّ المختبئ في باطن اللجه المغطاه بالعتمه يبقى مدفونا وان القبر فوقه لا ينفرج الا لاشتهاء نزوه البلل الساهف لانتشاء الماسوره ..تنز عيني الموهنه بثقب المسمار المتهالك لحبسها عن الرؤيا حتات آدمي , سمعت يوما انها تنفع في مثل هذه المواقف ..قالها رحم معلق لشكوى حيطان صلده اثقلتها الرمضاء وبلاده الرشق بلا هدف , تطير اتربه منتشره في فراغ العتمه , تتحلل قضبان الوهم عند مماستها وتزحر اللجه وهي تتخبط في عكناتها المعجونه بالزبد الذي راح لونه يميل للزرقه ,تفغر بؤرتها ككلب ارشم ,تتشوش الصوره امام حدقتي المدماه ..مزيدا من نزيز الحتات ..مزيدا مزيدا ..سمعت من احدهم قصه رجل ظل ينظرلسرّ اللجه اعواما خرافيه ,تهدلت عيناه على عضام انفه , وتدحرج فص عينه اليسرى حتى لصق بشاربه العكش..مات ,لكنه احيا سرّ اللجه ...ها انا ارى نتؤا ً يلمع في العتمه ,اني اعرف هذا النتؤ , بقي يومض بخفقات تلسع منافذ الانتشاء وتحفزها اجيالا عديده من عمر اللجه ,لكني لا اريده, اريد الغوص اعمق ,اريد الفوهه ..بؤره النتؤ ..سرّ الحشود الملياريه من المخلوقات التي توالت افواجا لتطوق هذه البؤره...سرّ السفوح المجدوله بركام الملايين المتهاويه اشلاءا ً موهنه باعماق الفوهه التي تتصاعد منها ابخره روائح ساخنه بعفونه زلالات مخاطيه لزجه تغلي بحمـّه رطبه ...هناك في تجاويف الفوهه العميقه تتقوقع الرغوه خلال فطورمتعرجه تحفر اخاديد نازله في اطباق من الشحم الابيض ..تسيح اسطحها ببلل امشاج ..عصاره صفراء حبلى ببقع الزيت الراكد ببلاده على صعيدها الاملس المتموج , وخرابيش الدم تشكل خلايا هلاميه في عماء مخمّر بسر الخليقه ,تتكاثر بطفرات مسعوره برؤى التجانب والازدراء وانشطار على وئام منتظم بوتيره تفصلها برهه صغيره هي عمر جيل من المخلوقات التي راحت الملايين منها تتهاوى في الحبل الواصل بزخات الابخره المتصاعده من احشاء الفوهه الناريه لتتكاثف الرغوه اللزجه على هناتها المتصارعه بخرمشه تنوش كل جهاتها ..تتلامع نثارات صدفيه في فقاعات عجينه تنكفئ على نفسها وتنهش اطرافها ..وتحت رعونه الرغوه الحاره التي ترقد بكل وحشيتها المرجومه الرحمه تنقبر الملايين وتتفسخ زمن برعمه خلايا لحميه تتراكم على بعضها لتخطو مشروع سد الفوهه الناريه المتخمه بالحمم المهووسه بافتراس كل ما تلصق به خراطيمها المنشمره خيوطا مرتعشه تشخط نهاياتها المدببه بفصوص بقايا اشلاء المخلوقات المتفسخه حافات النتؤ السفلى بغضاريفها السائله الشفافه ,وتنفذ رائحتها خارجا لتثير شبق المخلوقات فتنجذب اليها , تتلاطم حشودها راكضه .. كتل سوداء متموجه بلا انقطاع , تتعثر مخلوقات كبيره بما تحتها من مخلوقات صغيره راكضه هي الاخرى , تسحقهما مخلوقات اعظم قبل ان تنزلق هاويه في عتمه اللجه ...تسقط في غياهبها , تسحلها حيث الاعماق المفرقعه , تغور في بؤره الهلاك والتفسخ الجاري بسرعه نمو البراعم الجديده التي تزيد من خرمشه النهايات بجشع صبياني لا يهدأ ما دامت هناك ملايين المخلوقات تدب فوق احشاءها تبحث عن طيف الحقيقه ..في المعبر الاخر .



#جاسم_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الربيع العربي...ربيع اللاربيع


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم البغدادي - اللّجه -قصه قصيره