أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - رامي شمرا - في دياليكتيك الثورة ونخبها















المزيد.....

في دياليكتيك الثورة ونخبها


رامي شمرا

الحوار المتمدن-العدد: 4004 - 2013 / 2 / 15 - 19:56
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لا يروق لبعض التقدميين العرب وسم الحالة التي نعيشها الآن في العالم العربي بالاسلاموية، بل ويتهكم بعضهم على سذاجة الفكرة ويعللون ذلك استناداً على قانوني التراكم الكمي و نفي النفي، وفي تحليلهم يرون ان الثورات وان ربح الاسلاميون جولتها الاولى ستبقى تقدمية، وهي بشكلها الحالي قفزة نوعية الى الامام.
ويرى غيرهم من التقدميين ان ثورات الربيع العربي انحطت الى واقع اكثر ظلامية ورجعية من ذلك الذي انطلقت لتغييره ولوجهة النظر هذه حجج مقنعة تجعل من تفنيدها امرا شائكاً ابعد ما يكون عن السذاجة، وليست محاولة تحليل الثورة بشكل مختلف اهانة للتقدميين او من اطلق الثورة وبذل لها الغالي والرخيص، وكما انها ليست دفاعاً مستميتاً عن فكرة تأسّلم الثورة اكثر مما هي محاولة لتوصيف انحرافات هذه الثورات واغترابها عن ماهيتها الحقيقية لدرجة افقدتها صوابيتها وكينونتها.
لنأخذ حالتي مصر وتونس -وهما الحالتان اللتان لم تجرِ فيهما دماء الى حد يمكّننا من القول بأنه سبَّب حرف الثورة عن اهدافها الحقيقية:
ما الذي جعل الثورات* تسلك دربا مختلفا لدرجة المعاكسة الكاملة لاهدافها بتلك السرعة؟ وكيف تمكن طرف ثالث لم يُنظّر لها ولم يضحي لأجلها من الاستحواذ عليها في انتخابات ديمقراطية (عددية)؟ هل يمكننا ان نقول عن انتصار عددي تم بدون اللجوء الى العنف بأنه حدث طبيعي سيأخذ دوره في خط التراكم التقدمي؟ كيف بدأ المجتمع ثورة يسارية وانهاها بانقلاب يميني، وكيف تحالفت الثورة اليسارية مع مضادتها بوجه اليمين في الانتخابات الديمقراطية وخسرت مع ذلك؟ اين حدث الخطأ؟
ارى انه يمكننا تفسير الحالة بشكل مختلف إن نظرنا الى ما جرى ويجري الآن بالعين التي رأى بها ماركس المجتمع في مخطوطاته الاولى وقبل ان يخطئ خطأ هيغل ويتوه في جدل عقلاني صرف، حيث ان مفهومي الاغتراب والضياع -الذي لم يخضعهما لقوانين دياليكتيكه لاحقاً -يتدخلان في تحديد ماهية البناء الفوقي لدرجة اعادة تشكيله بمعزل عن الاقتصاد، و يصبح في هذه الحالة الحامل محمولا ويتحول الحامل المفترض به ان يقف على قدميه الى مركب يستعين بقدمه اليسرى ويده اليمنى للوقوف. يمكننا القول وبشكل مادي دياليكتيكي بأن الدين ملازم للاقتصاد كمحرك اساسي للبنية المجتمعية وكليهما شرط لازم غير كافي بدون توفر الآخر، وللدين اليد العليا في المعادلة (لم تقم ثورات في الخليج العربي لان الوضع المعيشي مقبول لدى المجتمع ولا يعاني افراده من اثار الاغتراب والضياع النفسية مع توفر كل اشكال الاستهلاك والتملك المعاوضة وكل وسائل الدين الكابحة اما الثورة التي انطلقت في البحرين فقد انطلقت من حاملها المعلن الدين).اصبح لدينا افيون ديني ودنيوي فكيف سيتطور الصراع ان لم يكن هناك عنصر سالب يستدعي التغيير الايجابي؟ بشكل اخر هل من الممكن ادارة صراع الى ما لانهاية نظرياً؟
ارى ان القول بأنَّ الثورة الحقيقية بدأت وستأتي اكولها بعد تراكمها غير منطقي، على الاقل في المستقبل المنظور، بل ويمكن حتى القول بأنه مستبعد، حيث يجب على المجتمع ان يقطع اشواطا محددة بتراكم الوعي تنتهي بثورة على الدين (الحامل المقنع) اولاً متضمنة بالضرورة ثورة على القيم الاجتماعية التي سادت بسببه بالاساس وينتهي بصدام مسلح بين مكونات من المجتمع، وعندها يمكن لنا القول انها ثورة حقيقية –وهي ليست بالضرورة مستدامة او رخيصة من ناحية الثمن؛ اما حالة استبدال ديكتاتور بآخر فلا ارى انها تعكس تغير في الوعي او تغير في الحالة بقدر ما تعكس صراعاً جدلياً مثاليا مغلقاً (صراع واقعي و بدون نفي النفي). وهو لا ينفي بل يستبدل الادوار بدون تطور للمجتمع ولا يمكن توصيفه بصراع هيغلي او صراع ماركسي مع انه يحتوي الاثنين اي انه يجري في الواقع ويتفاعل معه عملياً وخاضع لشروط جدلية بالضرورة ولكنه ايضا صراع ايديلوجي صرف؛ ويمكن -وبسهولة نسبية- تحقيق تغيير تراجعي على الصعيد الاجتماعي (يمكن بتبريد البخار اعادته الى الحالة السائلة ومن الممكن تحويله الى حالة صلبة). يمكننا القول وبشكل علمي انه :في حالة الربيع العربي حصل استبدال من نمط رجعي ومن السهولة بمكان تكريسه؛ ولن ينتبه الشعب متى اصبح "يقتل باسم الرب بهذه السعادة".
لا اتوقع ان مادياً يشك في ان الفلسفة المثالية مندحرة مع تقدم العلم، وان اردنا فعلاً تسريعها فعلينا التوجه مباشرة الى نقد الحامل الاساسي (الدين) الذي ارهق مجتمعاتنا بقيوده، اخذين بعين الاعتبار عند سلوك هذا النهج بان هذا التسريع لن يعفينا من المرور بمنعطفات خطرة ولن ينجح في المرحلة النهائية من التراكم بالالتفاف على حتمية التصادم الدموي معها (مع انصارها) لنحصل على التغيير المنشود والذي لن يكون مستداماً بالضرورة بسبب الجانب السيكولوجي الجماعي وطباع الانسان الفردية كالحقد والغضب وغيرها.
اظن أن مهمة تغيير العالم أو القفز فوق المراحل (التي تدعو اليه بعض النخب التقدمية) غير مفيد ويمكن القول بأن التغير الدياليكتيكي الميكانيكي الناجم عن صراعات محتومة ولكن بطيئة افضل منه؛ إن لاوعي العامة اقوى من وعيهم ولن تنجح النخب يوما في تغيير هذه الحقيقة قسرياً او بشكل صدمي بل ستنجح في التلاعب بها لما يخدم مصالحها الشخصية كما عند ماكيافيللي – وكما شرح غرامشي في حالة السيطرة على الوعي الاجتماعي عن طريق الإعلام والمجتمع المدني؛ وممكن لها (اي النخب التقدمية) ادارة التغيير او قيادته من فوق بحيث يأتي بالنتيجة التي انطلق من اجلها بالتكلفة الاقل وبالسرعة الممكنة ويجب ان يتم ذلك بدون تدخل مباشر مفضوح قد يعطي نتائج عكسية. أن قيادة مموهة تقوم بها النخب التقدمية لمجتمع بالاستفادة من انجازات علمية صرفة سوف يمكنها بشكل او بأخر من القيام بتغيير تقدمي مستدام -يصبح معه تغير الوعي وانحلال السلطة الدينية المرافق تحصيل حاصل، ولعل هذا التغيير البطيئ البارد والتراكمي (الانتقال) ضمن المجتمع افضل من ثورات اناركية مزلزلة، وافضل بكثير من ثورات حاملها طبقي او ايدولوجي معرضة للانتكاس والانحراف بسهولة لدرجة انها قد ترجع مجتمعاً الى العصر الحجري**.
_________________________________
* تم استعمال بعض المصطلحات الدارجة ك "الثورات الاسلامية" او "الربيع العربي" بدون مناقشة صوابية الوصف حتى لا تحيد المقالة عن افكارها الاساسية.
** اهزوجة يرددها بعض اطفال ريف ادلب:
الله مقصدنا.... وما لنا غايه
وشيخنا الجولاني ...قد أعلن الرايه
أميرنا الملا ...عن دينه ما تخلى
كل الجنود بايعوه ...أرواحهم لله
قائدنا بن لادن ...يا مرهب أمريكا
دمرنا أمريكا ..بطيارة مدنيه
برج التجارة غدا ... كومة ترابيه
شرطة نصيرية ...صبرا يا علويه
بالذبح جيناكم ... بلا اتفاقيه
قالولي إرهابي ...قلت الشرف ليا
إرهابنا محمود ....دعوة إلهيه
شرطة نصيرية ...صبرا يا علويه
ومنحمي ها الضيعه ... "بنّش" ما منبيعه
رح ندبح الشيعة ... بكفرية والفوعة!!
سلامي ع "النصرة" ... ع الكفر منتصرة





#رامي_شمرا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - رامي شمرا - في دياليكتيك الثورة ونخبها