أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فؤاد قنديل - من الثورة إلى السيرك















المزيد.....

من الثورة إلى السيرك


فؤاد قنديل

الحوار المتمدن-العدد: 4004 - 2013 / 2 / 15 - 17:06
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    




ليس ثمة ما يدل على أن مصر قامت فيها ثورة ، لكن المؤكد والذي لا يجب نكرانه
أن انقلابا حدث في 25 يناير 2011 أو لنقل هَبّة أو هوجة مثل هوجة عرابي ، تبعها إزاحة
الحاكم ورجاله البارزين وإن كانت أيديهم لا زالت تلعب في الخفاء وأحيانا في العلن ،
فالإزاحة لم تقطع دابرهم تماما أو تحُول دون قيامهم بأعمال مضادة لطموحات الشعب
ورغبته في تحقيق الاستقرار المطلوب للبناء والتنمية .
لقد مضى عامان على هذه الهبة دون أن يحدث أي
تقدم من أي نوع ،لا في في مجال الأمن ولا الاقتصاد ولا السياسة ولا مشروعات من قبيل إقامة
مصانع أو استصلاح أراضي ولم يتم حل أية قضية ، لا قبل الانتخابات الرئاسية ولا بعدها.
وأصبحت الصورة واضحة للعيان ، فمصر غدت جزيرة تقبع فوق بركان . كل ما فيها متأهب
للانفجار ، وإذا حاولنا أن نبتعد عن هذه الصورة المرعبة فلن نتخيل البلاد الآن إلا على أنها
سيرك ينتج كل ألوان الفوضي ومسموح فيه بالقتل بكل أنواعه.
في هذا السيرك الهائل الجميع يرفع عقيرته ، وكل شخص يدلي
بتصريحات مدوية ، وكثير من المتحدثين يسبون ويقذفون عمّال على بطال . وهناك مسرحيات
مغرضة تمارس عروضها في كل المؤسسات وكل الصحف وكل القنوات وكل مقرات الأحزاب
بل وفي المقاهي والأندية ومكاتب المحامين المحتشدة بالمدعين ،والمحاكم تعج بالمتخاصمين
والمؤيدين والمعارضين . والعروض الكوميدية لا تتوقف ، وإذا طالعت الصحف فسوف
تكتشف أن نصف المكتوب فيها كذب ، سواء تصريحات المسؤولين أو وعود الوزراء
والمحافظين أو ادعاءات بعض السياسيين ،وتحتشد الصحف بالأخبار التي لا يهم أن تكون
منافية للحقيقة المهم أن تجذب القارئ لشراء الجريدة .
وفي السيرك لا يوجد زاوية أو ركن مخصص للاحتجاجات والاعتصامات فالبلاد كلها
صالحة لذلك والشعب كله تقريبا يخرج في المظاهرات وقطع الطرق وحبس بعض الوزراء
ورؤساء الهيئات حتى تتحقق مطالبهم التي لم تتحقق منذ ثلاثين عاما . والسيرك المصري
لا يمكن أن يخلو من المهرجين وإلا ما كان يمكن أن أسميه سيركا وأري أن عددهم في ازدياد ،
ومن المؤسف أني لا أستطيع أن أذكرهم بالاسم لأني أستمتع بمشاهدتهم وتأمل تعليقاتهم
على الأحداث ، قد أضحك كثيرا لكنه ضحك كالبكا.
والسيرك لا بأس من أن يعرض أشكالا من الغواية والأفعال الفاضحة وعمليات التجميل
والقسم على المصاحف ليل نهار لكن الأفعا ل في اتجاهات معاكسة للمصاحف ، فهذه نقرة
وتلك نقرة كما يقولون والأعجب أنك عندما تواجه الآثمين من أصحاب الذقون ومن سار على
دربهم لا يخجلون. فسرقة أموال مجلس الشعب حلال وتبديد الأموال على الأسفار وردت في القرآن
مثل ما وردت كلمة " جماعة " التي وضعها وزير التربية والأخلاق في كتب الوزارة بدلاعن
الوطن .. فما هذا الوطن ؟! وسيادة الوزير ذاته رفع اسم جمال عبد الناصر من كتب التاريخ
ووضع اسم حسن البنا .. اكتفت الجماعة بمحو اسم عبد الناصر وكانت تود لو أبقته على أن تصفه بالشيطان
كانت نية الجميع أن يستمر السيرك في عروضه مائة يوم فقط لكنه لفت الأنظار فتقرر أن يستمر
إلى أن تقوم الساعة ، فالساعة التي يرتديها الناس وردت في القرآن ولابد من اتباعها. والدوران مع
عقاربها حيث تدور ، والأيام دُول . لذلك تغير عدد من المهرجين وجاء أحدثهم وهو خفيف الحركة
وفي الوقت ذاته يقلد شجيع السيما ، قال : اسمعوا وعوا .. ضحك الكبار والأطفال ، فقال :
- لو اجتمع كل أسود العالم كي ينجزوا ما أنجزه أسدهم في مائة يوم لفشلوا.. يعيش أسدنا
عندئذ هب الأسد وخطب في الجماهير التي لا أدري لماذا كانت تضحك
مع أنه كان يتحدث عن طفولته عندما كان مجرد شبل .. ثم استأذن ليلحق بسيرك آخر
فطالبوه بالبقاء .
في السيرك كانت تعرض مشاهد للزحام الرهيب في الشوارع والدماء التي تسيل من المخابز
ومحطات الوقود ومستودعات البوتاجاز وأمام القصر ومجلس الوزراء ، بينما طوابير
العاطلين تمتد من الساحل الشمالي حتى حلايب وشلاتين ، والمعلمون يضربون عن التعليم
فالتظاهر حق معلوم للسائل والمحروم ، ولحق بهم الأطباء والدعاة والعمال وسائقو القطارات
والميكروباس والأتوبيسات والقضاة والشحاذون وعمال المصانع والفلاحون والطيارون
والمضيفون وبائعو البليلة والكبدة والفشار وقطع الغيار والبنات المرشحات للزواج مباشرة
بعد الفطام ، ومن خلفهم وقف المعترضون على بنود الدستور التي تشبه ملابس الدروايش
المرقعة بالفوشيا والأخضر والأسود والبمبي .
فجأة هجمت على الجميع أنهار من الطين والنجاسة والجثث والمياه الثقيلة الملوثة بالضمائر
المخللة .. كان رجال يضربون أنهار الصرف الصحي بالسياط كي تقف إلى جانب المتظاهرين
لتعلن رغبتها في أن ترفع إلى الذات الرئاسية مطالبها ، وقبل أن تنطق دخل البلطجية
بالسيوف والسنج والمدافع والبنادق وزجاجات المولوتوف والوجوه المشوهة
فهرب الجميع وركبوا فوق جمهور السيرك الذي ولول ولم يستطع التحرك
وانطلقت المطاردات وراء الشعب الذي كان يبكي ويضحك ويتابع أخبار الوطن في الفضائيات
فيضحك أكثر من العجائب والغرائب التي يعيشها ، وبعض المهروسين صرخ من تحت الكراسي
وقالوا :
- هم المصريين بياكلوا منين .. إزاي عايشين والكذب والبلطجة يحكموا .. ويتحكموا
.. فين الإنتاج والعمل ؟
رد عليهم شخص حكيم : مصر عايشة بالقدرة مش بالرؤسا ولا المسئولين
صرخ ثالث : من فضلكم دقيقة سكوت لله فالمهرجان العالمي للسيرك سيبدأ.
في يوم السبت الموافق 6 أكتوبر وبمناسبة ذكري النصر العظيم وتحت
الأضواء الكاشفة باستاد القاهرة حضر نحو مائة ألف مواطن يتقدمهم طارق وعبود الزمر بدلا من المشير طنطاوي والفريق سامي عنان ( ياللعار ) .. كل الحضور يعانون الظمأ فلم يروا عظماء
منذ زمن بعيد ... العالم أجمع تابع الحدث بشغف .الرئيس جاء في موكب فخيم مكون من عشرين سيارة
لا ندري لماذا مع أنه الراكب الوحيد .كان المشهد يليق جدا بأحوال الجائعين والعاطلين ..
نزل الرئيس من السيارات العشرين أمام الجماهير فحياها ، ثم ركب سيارة مكشوفة لا يؤثر
فيها الدعاء .. طاف حول التراك وهو يحيي الجماهير المتلهفة على نظرة كريمة منه،
ثم ترجل وسار على قدميه وحيا الجماهير من جديد ، ثم صعد وحيا الجماهير التي أوشكت أن تحطم قلوبها البهجة برؤية البدر، ولست
أدري لماذا لم يتم تدريبهم على إنشاد : طلع البدر علينا من ثنيات الوداع .. تكريما للرجل الذي
أصبح زعيما دون أن يفعل شيئا على الإطلاق غيرالكلام . إنه بالفعل شعب يستحق رؤساءه .
ومن يتزوج أمي لا أقول له يا عمي فقط بل أقول : يا زعيمي وقائدي.
تحدث الرجل بكلام إنشائي مكرر وممل لمدة ساعة ونصف لم ينعم الله عليه ولا عمله
ساعده على أن يقول جملة واحدة مفيدة ..خطاب مذهل يليق بمهرجان السيرك المصري العالمي
والغريب أنه اعتقد أنه خلب الألباب واقتحم التاريخ من أوسع أبوابه وأغلقها خلفه ليكون وحده،
فمن غيرالمتوقع أن يكون هناك بعده من يستحق الدخول.
المعقدون من أمثالي يتصورون أن الشعب المصري تعرض للإهانة البالغة بهذا الخطاب
الذي يستهين بالعقول ..لكنه كان بالقطع متناغم ومنسجم مع المهرجان العالمي للسيرك .
وكل سنة وأنتم طيبون ، وربنا هوالستار .



#فؤاد_قنديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نعم .. نكره العلم
- الجماعة تكره الثقافة
- أسباب العنف في مصر
- لماذا أنا مسلم عَلماني؟
- هل جاء كما تمنينا ؟
- في عين العدو


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فؤاد قنديل - من الثورة إلى السيرك