أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لؤي حاج بكري - الثورة السورية والوجه الاسلامي















المزيد.....

الثورة السورية والوجه الاسلامي


لؤي حاج بكري

الحوار المتمدن-العدد: 4004 - 2013 / 2 / 15 - 12:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



من المعروف بأن الشباب السوري الذي انطلق للشارع في الخامس عشر من آذار لم يكن مفكرا سوى بالحرية للشعب بكافة مكوناته القومية والدينية والطائفية، مرددين شعارات (( الله سوريا حرية وبس، واحد واحد الشعب السوري واحد))، وبأن شعارا مثل (( العلويين على التابوت والمسيحيين على بيروت )) قد جرى اطفاؤه السريع من قبل التنسيقيات المنظمة للمظاهرات (ناهيك عن احتمال تقدميه من قبل النظام)، أما ما يتعلق بالتسميات الرمزية للجمع الأولى فقد كان السعي لتعبيرها عن كل السوريين (( آزادي، الجمعة العظيمة، الشيخ صالح العلي ))، في حين أن قيام معظم المظاهرات من على باب الجامع وعقب صلاة الجمعة يمكن النظر إليه كاختيار صائب للمكان والزمان بهدف تحقيق أكبر تجمع رغما عن القبضة الأمنية، وأما عن الرايات المرفوعة فلم تشهد سوى التحول عن العلم الرسمي إلى علم الاستقلال.
بهذه البدايات تميزت الثورة السورية التي جوبهت من قبل الأجهزة الأمنية بالرصاص الحي ومن قبل الشبيحة بالضرب المميت بعصي الكهرباء والسيوف ، وبهذه البدايات سقط شهداء الثورة الأوائل من شباب مقدامين لم يعرفوا مماحكات اليوم على الأرض التي قدموا أرواحهم قربانا لحريتها، وإذا كانت المطالبة بحظر جوي وبتدخل دولي قد ظهرت مع اشتداد حملة النظام العسكرية والأمنية ، وكان اللجوء إلى حمل بعض المدنيين والعسكريين المنشقين للأسلحة الفردية المتوفرة بعيدا عن أي دعم خارجي ، فإن التصعيد العسكري بعد فشل مجلس الأمن لإدانته واستخدام المدافع والقذائف وشهود حركات نزوح كبيرة، قد دفع بعض السوريين بالخارج لمد الداخل بالمال والسلاح ومن مصادر مختلفة، حتى تحولت سوريا إلى ساحة حقيقية لحرب مستمرة. هكذا شهدت وتشهد سوريا حالة متفردة عن ثورات الربيع العربي وعما جرى في تاريخها الحديث، فالسوريون كمسلمين معتدلين يؤدون فروضهم الدينية بغالبيتهم المطلقة لم يعرفوا التعصبات والصراعات الدينية والطائفية ، وإذا كانت الثمانينات قد شهدت قيام تنظيم جهادي من صفوف حركة الاخوان المسلمين، وكانت وبالاً على الاخوان كإسلام سياسي مدني وعلى العديد من أبناء الشعب، حيث جرت تصفية وملاحقة العديدين بتهمة الانتماء للإخوان بحسب القانون49 وارتكب النظام العديد من المجازر بحق الأبرياء، فإن الاخوان بكادراتهم التي هربت للخارج قد انخرطت في صفوف المجلس الوطني كهيئة سياسية معارضة تسعى لإسقاط النظام وإقامة دولة مدنية ديمقراطية، بهذا الواقع بدأت الثورة السورية التي حملت بلا شك في أحدى سماتها الطابع الاسلامي الشعبي وردّة فعله على التاريخ الاجرامي لنظام الأسد في الثمانينات، والذي تجلى بخروج اكثر من 400 ألف متظاهر في مدينة حماه الضحية الأساسية لتلك الحقبة وعودتهم للهدوء شبه الكامل مع اشتداد القمع.
مع التطورات اللاحقة في مسار الثورة حصلت الكثير من المتغيرات، فطغت صورة الاسلام الجهادي ممثلا بجبهة النصرة وبسلوك الكثير من الكتائب الاسلامية والمجالس المحلية والهيئات الشرعية المنبثقة عنها في المناطق المحررة فيما مازالت المعارضة السياسية بكل أطيافها متمسكة بشعارات الدولة المدنية، مما يتطلب بحثا جديا للإجابة عن التساؤلات المقلقة حول أسلمة الثورة بعيدا عن إطلاق الصفات الجاهزة وبدراسة الوقائع المختلفة :
- بداية يمكن القول بأن الشعب السوري ذو الغالبية الاسلامية المعتدلة يمارس كل طقوس الحياة العصرية المشابهة للمجتمعات المتحضرة غير المنغلقة على بنية دينية اصولية كما في افغانستان وغيرها ، ويمكن التدليل على ذلك كمثال نموذجي بالنظر إلى السلوك الاجتماعي العام لطلبة الجامعات.
- إن حالة المؤسسة العسكرية التي أحكم نظام الأسد السيطرة عليها عبر الضباط العلويين وعبر بعض الأجهزة الأمنية العلوية الصرفة وتمييزهم عن باقي الضباط والعناصر، قد دفعت ومنذ بداية الثورة لانشقاق العديدين والتجاء البعض نحو مناطقهم وتشكيل كتائب الجيش الحر ممن سارعوا لحمل السلاح من المدنيين، مستخدمين المسميات والتعابير الاسلامية السنية كردود فعل واضحة على طائفية المؤسسة العسكرية الرسمية.
- مع الانتشار الأفقي للثورة وجد الشباب المهمش في القرى والأحياء الشعبية في اسقاط النظام فرصة للخلاص من نهج النظام وانعكاساته عليهم، وبخاصة في جعل المؤسسات الاقتصادية العامة والخاصة ملكية خاصة لبعض الأسر العلوية وبعضا من أذنابهم من فعاليات اقتصادية تحقق لهم تلك السيطرة. - باعتماد النظام على التقسيمات الاجتماعية الكامنة لحرف الثورة عن مسارها الشعبي العام ، أجج الخوف من الانتقام السني لدى العلويين وجند العديد من شبابهم في فرق نخبة الشبيحة الدموية، ونشر خطابا تخويفيا من الاسلاميين لدى المسيحيين والدروز، وحاول تحييد الاكراد بمنحهم ما يشبه الادارة الذاتية لمناطقهم، واستخدم بعضا من الزعامات العشائرية والعائلية المرتبطة به لتأمين رد شعبي عنيف على الثورة كشبيحة محليين.
- مع اشتداد الملاحقات الامنية وتعذيب المعتقلين حتى الموت خرج من البلاد معظم السياسيين والناشطين، مما أخلى الساحة لمعارضة مسلحة لا يمكن معها رؤية عمل سلمي (غير الإغاثي) إلا في واحات مغلقة، تتعرض للقصف المركز، أو للتفجيرات المتلاحقة وتبادل الاتهامات حول منفذيها، كما تتعرض للخلافات والتصادمات حول الشعارات والرايات.
- منذ اللحظات الأولى للثورة كامتداد للربيع العربي سارع النظام للتجييش الطائفي مخرجا وحيدا له من النهاية المشابهة للنهايات الأخرى، كما برز في الاعلام الرسمي والموازي الذي ضخّم وفبرك صور العمليات التي نفذت ضدّه في جسر الشغور وعلى نهر العاصي بحماه وغيرهما ، والذي ركزّ على بث الصور التخويفية عن المجازر وتقطيع الأوصال التي نفذّها على أساس طائفي كما في الحولة والقبير متهما الارهابيين بتنفيذها بصورة شكلية . - مع سقوط المعابر الحدودية والشمالية بخاصة وتزايد العنف الوحشي للنظام تجاه التجمعات السكنية ذات الأغلبية الاسلامية السنية، نشأت التربة المناسبة لنشاط النصرة ودخل المال والسلاح والعناصر، وبغض عن كل تحليلات التدخل الخارجي، فالجماعات الاسلامية الجهادية تمتلك امكانات مستقلة وخارجة عن سيطرة الحكومات، وتسعى لتوظيف اعمالها في كل المناطق الاسلامية المضطربة لتحقيق ايديولوجيتها بإقامة دولة الخلافة، كما في افغانستان والعراق واليمن وكما في سوريا مؤخرا، وهي لم ولن تتوانى عن تنفيذ عمليات تراها نوعية كما فعلت في نيوورك وغيرها من العواصم الغربية وفي تفجيرات السعودية ومصر والمغرب.
- إن وجود جماعات اسلامية جهادية على الأرض السورية ومجاهدين اسلاميين غير سوريين ضمن إطار جبهة النصرة أو في تحول الكثير من ألوية الجيش الحر نحو الفكر الاسلامي الجهادي قد فرضته مجريات الأحداث وأصبح أمرا واقعا، وإن الاشكاليات الدائرة حول دولة الخلافة أو سواها لن تفرض حتما عبر المجالس المحلية والهيئات الشرعية التابعة للكتائب المسلحة بما يخلق إمارات اسلامية، وإن إدراج جبهة النصرة على قائمة الارهاب قد أثر على الدعم المقدم للثورة وتحول عن الجيش الحر للدعم الانساني، وإن الأعمال البطولية لجبهة النصرة في ضرب المطارات وغيرها لن تلغي أعمالهم المرفوضة في التفجيرات وفي قطع راس تمثال المعري الذي لا يعقل لسوري أن يقبل بهذا التصرف.
من هذه الوقائع يمكن رسم بعضا من ملامح الثورة السورية في حركتها المستمرة ، حيث يمكن القول بأنها ثورة مستمرة حتى اسقاط النظام مهما طال الزمن ومهما كثرت التضحيات، وبأنها ثورة تحولت عن سلميتها إلى الشكل المسلح مهما اختلفت التحليلات، وبأن النظام تتراجع سيطرته على الارض ويفقد الكثير من نقاط ارتكازه العسكرية لكنه متحصن ومتماسك في بعض المناطق المدنية والمراكز العسكرية، وبأن السوريون الذين ابتلوا بهذا النظام على مدى اربعين عاما وتعرضوا لنيرانه لأكثر من عشرين شهرا يتعرضون اليوم لانتشار الاسلام الجهادي وافكاره المرافقة للسلاح بهدف إقامة نظام القرون الوسطى الشبيه بدولة طالبان الأفغانية .
إن البحث عن الحلول السياسية عبر المجتمع الدولي تمثل بلا شك المخرج الأفضل، لكن على ما يبدو بأن أي حل سياسي غير ممكن وغير وارد في ذهن النظام وحلفائه الروس والايرانيين في هذه المرحلة على الأقل ، فإذا كان النظام الحالي قد فقد مبررات وجوده لدى السوريين بممارسته كل هذا الاجرام ، فإن السوريين بسلوكهم المتحضر وغير المتعصب وبكل مكوناتهم لن يكونوا هدفا سهلا للقبول بدولة دينية يفرضها السلاح ، هكذا فليس أمام السوريين سوى استبدال هذا النظام وإقامة الدولة التي يتفق عليها جميعهم، وإذا كان الأمر يبدو اليوم بعيدا وصعب المنال فلاشك بأن التغيرات القادمة ستجعل هذا الهدف قريبا وممكنا.




#لؤي_حاج_بكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعارضة السورية والحل السياسي
- وبرغم كل ما يجري في سوريا


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لؤي حاج بكري - الثورة السورية والوجه الاسلامي