أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مجدى زكريا - من يقف وراء كل الشرور ؟ (2 -2)















المزيد.....

من يقف وراء كل الشرور ؟ (2 -2)


مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 4004 - 2013 / 2 / 15 - 12:14
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مثلما تبنت اليهودية مفاهيم غير مؤسسة على الكتاب المقدس بشأن الشيطان والابالسة , كذلك طور المسيحيون المرتدون افكارا تخالف تعاليم الاسفار المقدسة. يذكر قاموس انكور للكتاب المقدس : " ان احد الافكار اللاهوتية القديمة الاكثر تطرفا هو ان الله افتدى شعبه بدفع ثمن تحريرهم الى الشيطان ". لقد اقترح ايريناوس (القرن الثانى للميلاد)هذه الفكرة. ثم طورها اكثر اوريجانس (القرن الثالث للميلاد) الذى ادعى ان " ابليس قد اكتسب حقا شرعيا على البشر ". واعتبر " موت المسيح . . . فدية دفعت الى ابليس ". - تاريخ العقيدة لواضعه ادولف هارناك.
وبحسب دائرة المعارف الكاثوليكية , " لعبت فكرة دفع الفدية الى ابليس دورا بارزا فى تاريخ اللاهوت طوال الف سنة تقريبا " , وبقيت جزءا من العقيدة الكنسية. وثمة اباء اخرون للكنيسة , بينهم اوغسطين (القرنان الرابع والخامس للميلاد) , تبنوا الفكرة ان الفدية دفعت الى الشيطان. ولكن بحلول القرن ال12 للميلاد , استنتج اخيرا اللاهوتيان الكاثوليكيان أنسلم وأبيلا ان ذبيحة المسيح لم تقدم للشيطان بل لله.
رغم تكتم معظم مجامع الكنيسة الكاثوليكية حول موضوع الشيطان , اصدر مجمع لاتران الرابع سنة 1215 بعد الميلاد ما تدعوه دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة " اعلان رسمى للايمان ". يذكر القانون 1 : " خلق الله ابليس والشياطين الاخرين صالحين بطبيعتهم , لكن افعالهم الخاصة جعلتهم اشرارا ". وبضيف ان هؤلاء يسعون جاهدين الى اغواء الجنس البشرى. لقد استحوذت هذه الفكرة الاخيرة على اشخاص كثيرين خلال القرون الوسطى , فكان الشيطان وراء كل ما بدا غير مألوف , كالمرض الذى لا تعليل له , الموت المفاجئ , او المحاصيل الرديئة. وفى سنة 1233 بعد الميلاد , اصدر البابا غريغوريوس التاسع عدة مراسيم ضد الهراطقة , بينها مرسوم ضد اللوسيفريين الذى يزعم انهم عباد لابليس.
والاعتقاد ان ابليس والشياطين يمكن ان يستحوذوا على الناس سرعان ما انشأ احساسا جماعيا بالاضطهاد - خوفا هستيريا من الشعوذة والسحر. ومن القرن ال13 حتى القرن 17 , اجتاح الخوف من الساحرات اوروبا ووصل الى اميركا الشمالية مع المستعمرين الاوروبيين , حتى ان المصلحين البروستانتيين مارتن لوثر وجون كالفن وافقا على مطاردة الساحرات. وفى اوروبا كانت الساحرات تحاكم بواسطة محاكم التفتيش والمحاكم الدنيوية على السواء بسبب مجرد اشاعات او اتهامات ماكرة. وعموما , استخدم التعذيب لانتزاع الاعتراف ب " الذنب ".
ان الذين وجدوا مذنبين كان يمكن ان يحكم عليهم بالموت شنقا , كما فى انكلترا واسكتلندا , او حرقا. وعن عدد الضحايا , تذكر دائرة معارف الكتاب العالمى : " وفقا لبعض المؤرخين , اعدمت الكنيسة المسيحية ما بين سنة 1484 , 1782 حوالى 300,000 امرأة بتهمة ممارسة السحر ". فاذا كان الشيطان وراء هذه المأساة التى شهدتها القرون الوسطى , فمن الذين استخدمهم كأدوات له - الضحايا ام مضطهديهم الدينيين المتعصبين ؟
شهد القرن ال18 بزوغ الفكر العقلانى المعروف بالتنوير. تذكر دائرة المعارف البريطانية : " ان فلسفة ولاهوت التنوير سعيا الى ازالة صورة ابليس من الفكر المسيحى باعتبارها ثمرة خيال الاساطير التى سادت فى القرون الوسطى ". لكن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية ابدت رد فعل معاكسا وأعادت تأكيد ايمانها بوجود الشيطان ابليس فى المجمع الفاتيكانى الاول (1869 - 1870). كما كررت بتحفظ ذكر هذا المعتقد فى المجمع الفاتيكانى الثانى (1962 - 1965).
وهكذا بصورة رسمية , كما تذكر دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة , " تلتزم الكنيسة بالايمان بوجود ملائكة وشياطين " ولكن بحسب تيو , وهو قاموس فرنسى للكثلكة , " يرفض كثيرون من المسيحيين اليوم عزو الشر فى العالم الى ابليس ". وفى السنوات الاخيرة , يأخذ اللاهوتيون الكاثوليك حذرهم فى هذا الموضوع متأرجحين بين العقيدة الكاثوليكية الرسمية والفكر الحديث.
تقول دائرة المعارف البريطانية : " يميل اللاهوت المسيحى الليبرالى الى الاعتبار ان لغة الكتاب المقدس المتعلقة بالشيطان هى تصويرية لا يجب فهمها حرفيا - هى محاولة خرافية للتعبير عن واقع ونطاق الشر فى الكون ". وبالنسبة الى البروستانت , يذكر المرجع نفسه : " ان البروسانتية الليبرالية العصرية تميل الى انكار ضرورة الايمان بوجود ابليس ككائن له شخصية ". ولكن هل ينبغى ان يعتبر المسيحيون الحقيقيون ما يقوله الكتاب المقدس عن الشيطان لغة " تصويرية " ؟
لم تقدم الفلسفة واللاهوت البشريان تفسيرا لأصل الشر افضل من ذاك الذى يقدمه الكتاب المقدس. وما تقوله الاسفار المقدسة عن الشيطان اساسى لفهم اصل الشر والالم البشرى , وايضا لمعرفة ما يجعل اسوأ عنف يمكن تصوره يزداد سوءا كل سنة.
قد يسأل البعض : اذا كان الله خالقا صالحا ومحبا , فكيف استطاع خلق كائن روحانى شرير كالشيطان ؟.
يؤكد الكتاب المقدس ان كل اعمال الله كاملة وأن كل مخلوقاته الذكية منحت ارادة حرة. اذا , لابد ان الشخص الروحانى الذى اصبح الشيطان خلق كاملا واختار عمدا الانحراف عن طريق الحق والبر.
ان مسلك تمرد الشيطان يشبه بطرائق عديدة مسلك " ملك صور " قديما , والذى وصف شعريا بأنه " كامل الجمال " وكامل فى طرقه من يوم خلق حتى وجد فيه اثم (حزقيال 28 من 11 - 19) لم يشكك الشيطان فى تفوق الله او فى كونه الخالق. وطبعا لا يمكنه ذلك اذ ان الله خلقه. لكن الشيطان تحدى طريقة ممارسة الله لسلطانه. ففى جنة عدن لمح الشيطان الى ان الله يحرم تالزوجين البشريين الاولين من شئ لهما الحق فيه ويتوقف خيرهما عليه. ونجح فى جعل ادم وحواء يتمردان على سلطان الله البار , جالبا عليهما والمتحدرين منهما الخطية والموت. وهكذا , يظهر الكتاب المقدس ان الشيطان هو المسبب الرئيسى لالم البشر.
قبل الطوفان , انضم ملائكة اخرون الى الشيطان فى تمرده. فقد تجسد الكثير منهم فى اجسام بشرية لاشباع رغبتهم فى اللذة الجنسية مع بنات الناس. (تكوين 6 من 1 - 4) وعند مجئ الطوفان , اراد هؤلاء الملائكة الشاذون العودة الى الحيز السماوى , ولكنهم منعوا. (يهوذا 6) فقد احدروا فى حالة من الظلام الروحى الكثيف قريبا من الارض ممارسين سلطة كبيرة على عقول وحياة البشر (بطرس الاولى 3 عدد 19 , 20 : بطرس الثانية 2 عدد 4) ولا شك ان هؤلاء الملائكة الساقطين مسؤولون عن العنف والجرائم الجنسية ضد النساء والاطفال الذى نشهده اليوم. لايستطبع الشياطين ان يتجسدوا ثانية لكنهم يسببوا ويلات رهيبة لسكان الارض.
من الواضح ان القوى الشريرة تزاول عملها فى العالم اليوم. كتب الرسول يوحنا : " اما العالم كله فهو تحت سلطة الشرير ".
لكن اتمام نبوة الكتاب المقدس يظهر ان ابليس يجعل ويلات الارض تتفاقم اذ يعرف انه لم يبق لديه الا زمان قصير يسبب فيه الخراب قبل سجنه. (رؤيا 12 من 7 - 12 : 20 من 1 - 3) ان نهاية حكم الشيطان ستسم بداية عالم جديد بار حيث الدموع . الموت , والوجع لا يكون فى ما بعد. وحينئذ ستكون مشيئة الله كما فى السماء كذلك على الارض.



#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيطان خرافة ام واقع مشؤوم ؟ (1 - 2)
- بهلوان الصخور
- هل الدين وراء مشاكل البشر (2 - 2)
- هل للدين - تأثير بناء ام هدام ؟ (1 - 2)
- من هو الاله الحق الوحيد ؟ (2 - 2)
- من هو يسوع المسيح ؟ (1 - 2)
- عجز الانسان عن الثبات وحده
- زيارة لأرض الموعد (2 - 2)
- زيارة لأرض الموعد (1 - 2)
- معارف واضاءات
- قيمة - الاناء الاضعف
- العهد القديم - كتب لارشادنا (2 -2)
- ما قيمة - العهد القديم - ؟ (1 - 2)
- حرقة فى القلب لا تنطفئ
- لم يحسن بنا تجنب التطرف ؟
- هل الله سر ؟
- أعجوبة بيضة النعام
- هذا مستحيل !
- لماذا لزمت الصمت يارب ؟
- الخزامى - هدية الله الى الحواس


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مجدى زكريا - من يقف وراء كل الشرور ؟ (2 -2)