أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزيه كوثراني - الجبالي يهدد بسقوط الخلافة السادسة














المزيد.....

الجبالي يهدد بسقوط الخلافة السادسة


نزيه كوثراني

الحوار المتمدن-العدد: 4004 - 2013 / 2 / 15 - 10:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



خرج رجل في قومه وهو الأمين العام لحزب النهضة معتمرا عمامة ومرتديا رداء أشبه بلباس خلفاء المسلمين قائلا: «يا إخواني أنتم الآن أمام لحظة تاريخية، أمام لحظة ربانية في دورة حضارية جديدة في الخلافة الراشدة السادسة إن شاء الله، مسؤولية كبيرة أمامنا والشعب قدم لنا ثقته، ليس لنحكم لكن لنخدمه»
في تلك اللحظة كانت مشاعرنا مختلفة وأفكارنا متناقضة ومتضاربة ونحن نتلقى هذا الكلام كأسياخ النار وهي تذكر باغتيال العقل وذبح الإنسان في صباح العيد تحت منبر الإمام . وكانت الأسئلة تنزلق في شرايين القلب كالحمم. كيف واتتك نفسك وبهدوء متعجرف وأنت تعتلي بعمامة وجبة الخليفة كبسولة الزمن والبحر أمامك مازال يتلمظ وقد أنهى التهام قوارب الموت لعشرات الشباب في حلم الاحتراق إلى الضفة الأخرى؟ وهل كان قدرنا أن نحترق ظلما وقهرا في يابسة الوطن التي استأثر الاستبداد بنبعها فقطع الأرزاق وقتل ما في الأرحام كما نحترق على شرفة البحر الملتهب؟ هل تذكر أن هذا حدث عشية الثورة أم أن ذاكرتك كانت مترعة بخمرة الخلافة السادسة؟ لماذا لم تفكر في آلاف الفقراء والفقيرات والمعذبين والأرامل والشباب والشهداء؟ لماذا كنت مأخوذا بنصوص حكايات أساطير الأولين وتركت الشعب نهبا لكل الماسي والكوارث في سوق تجارة الدم لوكلاء سموا أنفسهم دون ذرة حياء أخلاقي وإنساني " رابطة التشبيح الإسلامي" ؟ لم يخطئ البسطاء حين قالوا قبل نخبة البلد " تونس في هذه اللحظة في كف عفريت" مولع بالخوارق فتوسل اللحظة الربانية للتعزيم ببدء مرحلة حضارية جديدة حيث يقتل الإنسان الأعزل على عتبة منزله في واضحة النهار . أهكذا تكون حروب الردة التي نزلت آياتها في خطب الراشد وهو يهدد في المساجد بالجلد لكل من سولت له نفسه نشر الإشاعات ؟ كيف لم تفكر أنت وصاحبك الراشد في اللحظة التاريخية كمسؤولية جسيمة تتطلب الجرأة والوعي والبصيرة وبعد النظر وتقدير جسامة المسؤولية التي لا يزيغ عنها إلا عدو الشعب والوطن والأجيال القادمة؟ لماذا غابت تونس كلها بفئاتها البسيطة والمتوسطة وبكل جراحاتها وآلامها وآمالها في فجر جديد؟ لماذا انتصرت لنفسك وارتديت حلتك وأنت تفكر في قصر الخليفة حيث السمع والطاعة ولا تداول في الرأي والفكر والسلطة؟ هل كان ذلك سبيلك و محجتك البيضاء لقتل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والدولة المدنية...في مهدها بعد أن خلق البوعزيزي الشعب في أحسن تقويم؟ فلماذا رددتموه إلى أسفل سافلين ؟
خطابك كان لغة سهلة وبسيطة في نص قصير من اللحظة التاريخية إلى اللحظة الربانية. أريد للبداهة في خطاب الخليفة أن تكون فاعلة وموجهة للواقع التاريخي من خلال الإحالة إلى المتخيل التاريخي الإسلامي للهوية والخصوصية وبطولات وأمجاد الماضي الخرافية والأسطورية . هنا تكمن قوة بداهة الخطاب في الانفجار بقوة واكتساح الساحة كبديهية تتنزل منزل المقدس وهي تحيل إلى تراث أسطورة حكم الخلافة الراشدة في الإسلام . كلام يخفي الواقع التاريخي التونسي الراهن الذي أفرز الثورة كواقع سياسي اقتصادي اجتماعي وجاءت الثورة للتغيير كبديل يؤسس الحرية والديمقراطية والعدالة والكرامة...
إعلان الخلافة السادسة يعني صراحة القفز ضد منطق حركة التاريخ وإلغاء للتاريخ بالعودة الإيديولوجية إلى اللاتاريخ. الشيء الذي يعني انه من الصعب والمستحيل الحديث عن القيم الإنسانية الكونية لان لحظة الخلافة الربانية كبداهة مطروحة تتناقض في خلفياتها وأطرها الفكرية والدينية كاستثناء إسلامي مع ما وصلت إليه الحضارة الإنسانية من قيم إنسانية كونية. هكذا يلعب الرجل لعبة البساطة السحرية ممتطيا خطاب الهوية والخصوصية ضد أفق الثورة السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفكري وهو أفق الحرية والتحرر ومشوها حقيقة الصراع السياسي والاجتماعي بجعله صراعا بين الإيمان والكفر بين الدولة المدنية الغربية الحديثة والخلافة الإسلامية السادسة. ينكشف الموقع الإيديولوجي السياسي لأهل الخلافة كموقع نقيض للثورة أي كقوى مضادة للثورة.
نص الخليفة تعمد البساطة في الطرح والتلقائية في المخاطبة لإنتاج الفعل المجتمعي بقوة المخيال الرمزي. ولبناء دلالات البديهية المطروحة استعان بالنسق الثقافي للمتخيل الديني المتمثل في لباس الخليفة مما جعل المتلقي في وضعية المستسلم لوهم البداهة كمسلمة مترسبة في اللاشعور الثقافي والمخيال الاجتماعي الديني. فتختفي الثورة بأساسها المادي الذي فجرها. تختفي كضرورة تاريخية أنتجها فعل الاجتماع الإنساني كصيرورة تاريخية للمجتمع التونسي الراهن فتصير لحظة ربانية لها ارتباطات خارج التاريخ وخارج منطق الواقع التاريخي التونسي بشروطه الراهنة. إننا إزاء خطاب إرهابي تجاه معتقد الناس الديني وهو يشل حق الناس في التفكير في القهر والاحتقار والبؤس الذي جعلهم ما دون البشر. خطاب إرهابي لاغتيال العقل وقبول الذل والفقر باسم لغة العاجلة التي هي لهو ومتاع للغرور. خطاب إرهابي لأنه حرف الثورة بمعناها الدنيوي السياسي الاجتماعي فجعلها فتنة وعنصرية وطائفية. خطاب إرهابي لم يأت ليحكم الشعب بل ليغتاله...



#نزيه_كوثراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقوط الأسد و سقوط السقف الإقليمي والدولي
- من الخوف على تفجير الوضع إلى السعي نحو قتل و تهجير الشعب
- سورية الاسد تحترم الشرعية الدولية والمواثيق...
- أحذية فان خوخ أو جثث تمشي على رؤوسها
- دمشق تصر على العصيان حتى الرحيل
- واخيرا ..دمشق بسعة الحلم
- الذاكرة مرة اخرى
- هوامش على ..ذاكرة الجسد لاحلام مستغانمي ج3
- جدل الانفصال والاتصال
- حرفة عاشق
- هوامش على ..ذاكرة الجسد لاحلام مستغانمي
- طفولة في.. ذاكرة الجسد لاحلام مستغانمي
- تونس لم تعد في تونس...
- ابن رشد ومشكلة النسبية
- الموت يحتضر...الجزء الاول
- عندما يضحك الوطن...
- تونس تمهل..ولاتهمل
- الاحذية
- الحفاة والكنغر
- يوميات عاشق =1) الامل الشاق


المزيد.....




- ولاية أمريكية تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة
- الملك السعودي يغادر المستشفى
- بعد فتح تحقيق ضد زوجته.. رئيس وزراء إسبانيا يفكر في تقديم اس ...
- بعد هدف يامين جمال الملغى في مرمى الريال.. برشلونة يلجأ إلى ...
- النظر إلى وجهك أثناء مكالمات الفيديو يؤدي إلى الإرهاق العقلي ...
- غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ
- بايدن يوقع قانون مساعدات كبيرة لأوكرانيا والمساعدات تبدأ بال ...
- موقع أمريكي ينشر تقريرا عن اجتماع لكبار المسؤولين الإسرائيلي ...
- واشنطن.. التربح على حساب أمن العالم
- السفارة الروسية لدى سويسرا: موسكو لن تفاوض برن بشأن أصول روس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزيه كوثراني - الجبالي يهدد بسقوط الخلافة السادسة