أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - أمطار الجحيم -23- رواية














المزيد.....

أمطار الجحيم -23- رواية


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4003 - 2013 / 2 / 14 - 15:52
المحور: الادب والفن
    


أمطار الجحيم -23- رواية
*****************
ما أجمل أن تجرب الجحيم هنا ، في واقعك الذي يسمونه حياة ، هكذا بدون اضافة أو تعريف ، ليضيف كل منا ما يراه لا ئقا من اضافة . فقد يسمونه وطنا ، وقد يسمونه أقرباء ، أو أصدقاء ،أو مجتمعا . ويصبح الوطن سجنا مفتوحا على الألم والوجع ، جدرانه الظلم والطغيان . وقد يتحول الواقع الى أقرباء لا يجمعك بهم غير نسب مفروض عليك ، صودر حقك في اختيارهم قبل دخولك جهنم الحياة . وقد يصير أصدقاء يبيعونك عند اول صفقة بيع بثمن بخس . وقد يتمثل الواقع والحياة في مجتمع كسيح ، لا يسر ولا يمشي ، يتنفس بالكاد ، وينتظر موته بين الحين والحين وهو يتلوى من عذابه الأليم بجسد أنهكه الترهل والانحطاط .
قد تضيف حياة القناعة ، وقدر الحياة ، وتجعل من الحياة مضافا أو مضافا اليه ، والمتعلق في كل الأحوال هو أنت ، لكنك هنا معلق بين آلة امتصاص ضخمة ، وبين رغبة تشنق امام عينيك . الرغبة مؤنث ، قد تكون امرأة غاية في الجمال والرقةوالبراءة ، لكن وحش التحكم في رقاب الناس ،والاستفراد بالقرار ، واغراء السلطةوالجاه والنفوذ ، يعمي أشد القلوب بياضا ، فيحيلها الى سواد الفحم .
تتحول السلطةالى عقيدة، وبما ان السلطة من فصيلة التسلط ، والتسلط هو القهر والبغي ، فانها سُحب لا تمطر غير القوة والبطش ،كأمطار قادمة من جحيم الحاكم الأرعن الذي يوهم نفسه أنه هو منقذ زمانه ، ومحرك عجلة التاريخ المحلية .
فيقصفون حيا آهلا بالناس ، يسمونهم عبر خطاباتهم الرسمية ،مواطنين ، وعبر لغتهم الأثيرة حيوانات داجنة أصابها السعار ؛ فحق سحقها ودحرها وابادتها . والسبب نزوة ليلية بين جسدين عاريين أثخنتهما تأثيرات الكحول ، فصدر أمر صوت الأفعى في أذن رجل السلطة الغر . وعندما استفاق صباحا شحنته بقبلة حارة وعميقة ، وقالت له : اليوم .
جاءت جحافل رجال الشرطة مدججة بأنواع من الأسلحة لا تستعمل الا في الحالات الأشد خطورة ، ولا تحرك الا بعد اجتماعات صاخبة ومعقدة ، وبعد مساطر قد تتخلها ملاحظات قيمة ومحذرة من العواقب .
لكن لا شيئ من هذا حدث في يوم الأربعاء الأسود في حي بني مكادة .وكأننا نعيش في تاريخ ملكية فرنسا ما قبل الثورة ، وكأن السيد رجل السلطة الذي أعطى اوامره المقدسة بقصف الآمنين ، وترويع المطمئنين ، هو تلميذ القذافي وبشار ، كأنه يحاول أن يعيد تجربة الحسن الثاني في الريف ،كأنه يحيلنا الى الحجاج بن يوسف ، وسيعيدنا الى زمن الفتنة الأولى ، من أجل ترف جسدي عابر .
لكن القضاء برأ الزوجة المكلومة في زوجها الذي مات بعد اقتياده هو وجميع أفراد عائلته الى السجن المركزي بطنجة ، باستثناء ابن واحد ظل هاربا الى يومنا .مات الأب بعد يومين .هناك من يقول انه مات من اثر التعذيب ، وهناك من يدعي أنه مات بسبب مرض مزمن ، وهناك من يجمع كل ذلك ويضيف اليه حسرته على ذل أصابه وزوجته وعياله . لكنه في نهاية المطاف مات بعد أن جرفته أمطار الجحيم وأغرقته في لجها الرهيب .
حاول القضاء أن يقبض على العصى من الوسط ، وتفضلت السلطات العليا بتقديم شقة للعائلة على ان يظل السكن محل النزاع معلقا أمره الى أن تبرد نار الجحيم ، وتخمد العاصفة ، وحتما هناك اكثر من مخرج .
لكن اهل الحي لم تتقدم أي جهة ممثلة للدولة لتقديم اعتذارها لها ، كأن الأمر كان عاديا جدا . كأنه مطاردة طبيعية بين شرطي ومنحرف ، او اجراء بسيطا بين بعض ممثلي الادارات ومجموعة من المواطنين الشاذين .الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع كانت مجرد لعب عاشوراء التي تملأ بها أسواقنا يد الصينيين الماهرة .
الأمر عادي جدا ، كتبت الصحف المأجورة أن المنطقة مليئة عن بكرة أبيها بالسلفيين والجهاديين والانتحاريين ، وأنهم يحكمونها بالحديد والنار . وهم متحصنون وراء جبال طنجة المنبسطة كامرأة مستلقية على بطنها يطأها كل عابر ومتشرد .
كل شيئ عادي ، حين تصبح المادة والمال ومظاهر اللباس ،ونوع العطر ،هي القيم العليا والسامية في مجتمع القشور .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كان الشعر ولا يزال...
- منتعلا أملي أمشي
- الرويبضة...وضرورة الحسم
- الاغتيال السياسي والرهان الخاسر
- أمطار الجحيم -22- رواية
- الغيب ليس من شأننا -قصة قصيرة -
- المواطنة بالوصاية
- أمطار الجحيم -21- رواية
- موت حزب الاتحاد الاشتراكي
- وصايا للغراب
- نضج الثورة المصرية
- أمطار الجحيم -20- رواية
- أمة جاوزت مدة حمل حلمها
- الفساد حالة طارئة
- ارحلوا عنا فقد تعبنا من مهازلكم
- أمطار الجحيم -19- رواية
- انتقام اليوطوبيا
- التفاحة لم ترث خطيئتها
- العاصفة والجعة -قصة طويلة
- اطار عام لقصيدة ما


المزيد.....




- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...
- حديث عن الاندماج والانصهار والذوبان اللغوي… والترياق المطلوب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - أمطار الجحيم -23- رواية