أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توفيق العلوي - مسودة الدستور التاونسي... - فيها إنّ -















المزيد.....

مسودة الدستور التاونسي... - فيها إنّ -


توفيق العلوي

الحوار المتمدن-العدد: 4002 - 2013 / 2 / 13 - 13:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


توطئة الدستور التونسي... " فيها إنّ "

ورد نصّ مسودة التوطئة وحدة معنويّة تركيبيّة واحدة، فإذا استثنينا البسملة في بداية هذه المسودة لاحظنا أنّ هذا النصّ ورد على طوله جملة واحدة بما يمكن أن نسمّيه " التوطئة الجملة " أو " الجملة التوطئة "، ومدار هذه الجملة معنويّا فعل " نرسم " الوارد في نهاية هذا النصّ والفاتح للنصّ المرسوم، نصّ الدستور.
وفعل " نرسم " وإن كان مصطلحا قانونيّا يقصد منه أساسا التدوين، فإنّ هذا لا ينفي عنه في السياق الذي ورد فيه والمقام الذي يندرج ضمنه مسحة رومنطيقيّة قد تلبّي نرجسيّة أعضاء المجلس التأسيسيّ، وتدلّ على عزم نوّاب الشعب على كتابة الدستور على أحسن وجه، فرسمهم ليس مجرّد كتابة عاديّة معهودة، إنّما هي شبيهة بفنّ يُرسم بريشة فنّان ينفخ في الكلمات روح الحياة، حياة تونس الجميلة، فالرسم المقصود هنا الرسم بالكلمات نسجا على ما صنعه نزار قباني في مجموعته الشعريّة " الرسم بالكلمات ".
وفي نصّ التوطئة زخم من المصطلحات ناسب السياق ووافق المقام باعتباره مثريا لهذا النصّ ومشرّعا لقيمته القانونيّة، وهي مصطلحات تنتمي إلى حقل دلاليّ واحد، منها ما يفتح على المنشود ( كرامة، حرّيّة، عدالة، التحرّر، الإرادة الحرّة، نظام ديمقراطي تشاركي ... )، ومنها ما يقطع أنفاس الفاسد، البائد منه والموجود ( الاستبداد، الاستعمار، الظلم، الحيف... ).
واللافت للنظر في هذا الزخم الاصطلاحي مصطلح " التدافع السياسيّ " الذي لا نرى له موقعا في هذه التوطئة، فقد كرّسه الخطاب السياسيّ بعد الثورة في غير معانيه، وأزاحه عن مفهومه الذي وُضع له، فعلق في الذهن ما أحال على التشارك في التدافع الذي قد يشرّع إلى بحث عن مواقع وإن بالعنف، ورسخ في البال ما أشار إلى صراع قوى يبقى منها ما هو قادر على تشكيل الواقع على الوجه الذي يرضاه الجناح الأقوى، وقد ذكر رئيس لجنة التوطئة دفاعا عن مصطلح التدافع ومرادفاته ( تنافس، صراع ) بأنّه " ثريّ ومشحون ومعبّأ بالمعاني"، وغاب عنه أنّ نصّ التوطئة لا يحتاج إلى تعدّد المعاني اجتنابا لتفسيرات التجاذبات السياسيّة وتأويلات الأهواء الشخصيّة، وقد شهد الخطاب السياسيّ في تونس الثورة انزلاقات تدعو صراحة إلى العنف، وبرّرها " مريدوه " – مغالطة للرأي العام - بالتعبير المجازي والتعدّد المعنوي للألفاظ، وجب ألاّ يُنقل هذا إلى التوطئة وخاصّة الألفاظ الداعية إلى العنف أو المذكّرة به.
ومرجع الخطورة في هذا أنّ مصطلح التدافع نُظر إليه على أنّه وحدة معجميّة ( كلمة ) حيث تعدّد المعاني وليس باعتباره مصطلحا حيث الدقة الاصطلاحيّة المعنوبّة التي تحتاجها التوطئة وبقيّة فصول الدستور، فالنصّ القانونيّ وجب تضييق معانيه بضبط معاني مصطلحاته وحدّ المقاصد من ألفاظه وإلاّ كثرت مداخل التأويل واتّسعت أوجه التعليل.
وقد خالفت كلمة التدافع مثيلاتها التي اشتركت معها في الوزن والصيغة ( تشارك، تعامل، تكافل، تكامل، تعاون، تضامن ) في المشترك المعنويّ، فهي الوحيدة التي شذّت عن معاني الاتّحاد والتعاون التي يدعو لها دستور البلاد ويحتاجها الشعب التونسي، وما خالف هذا يصبح مثارا للالتباس ومدعاة للغموض، وهو ما حصل مع مصطلح التدافع، بل قارئ المصطلح في سياقه الوارد فيه يلاحظ أنّه غير متلائم مع " ما حفّ به من القول ".
لقد تفرّعت أفكار التوطئة إلى ثلاثة محاور، ذكر المرجعيّات ( ثوابت الإسلام، القيم الإنسانيّة، الانتماء الثقافي والحضاري ... )، والمأمول في تحقيق أهداف الثورة ( الانتخابات الحرّة، التعدّديّة ... )، والقطع مع الماضي ( الظلم، الاستبداد ... )، فكلّ ما ورد في نصّ التوطئة يمكن عموما أن يُوزّع على أحد هذه المحاور إلاّ " التدافع السياسيّ " بما يدلّ على نشازه ووضعه في غير موضعه، فقد جيء به في نصّ التوطئة لوظيفة تفسيريّة، بل لدعاية سياسيّة لخطاب سياسيّ اشتهر باستعمال هذا المصطلح، وليس هذا في اعتقادنا من مشمولات التوطئة، والمدقّق في قراءة هذا النصّ يلحظ أنّ مصطلح " التدافع السياسي " في تركيبه " هي أساس التدافع " لفظ مسقط إسقاطا بدليل أنّ حذف هذا التركيب لا يحدث أيّ خلل نحويّ في نصّ التوطئة، بل لا يسبّب أيّ ضرر معنويّ.
ويلاحظ الناظر في نصّ التوطئة مظاهر من التعقّد اللغويّ وإن لم يؤثّر في سلامة التراكيب، فإنّه يحوّل قراءة هذا النصّ إلى مجهود فكريّ قد لا يمتلكه بعض القرّاء، على أنّ هذا التعقّد دليل على الكتابة الجماعيّة والمجهود المشترك، ونتاج زخم فكريّ تحرّكه رغبة ملحّة في أن تكون التوطئة مناسبة لأهداف الثورة.
ومن مظاهر هذا التعقّد أنّ عبارة " يقوم فيه " ( الفقرة الثالثة ) وإن كانت ذات علاقات عطفيّة واضحة مرتبطة كلّها بمرجع محدّد دقيق( نظام جمهوري ديمقراطي تشاركي )، فإنّ الضمير في مركّب الجرّ منها نراه ذا مسافة بعيدة عن المرجع المذكور بما يستوجب ضربا من التركيز الذهنيّ قد لا نجده متوفّرا عند القارئ العاديّ، وأهمّ ما وجب ذكره هنا مراجعة الخلل التركيبي في بناء جملة التوطئة.
فقد بدأت هذه الجملة بالضمير " نحن " الوارد مبتدأ، ومثّل تركيب " أعضاءَ المجلس ... والعدالة " مفعولا منصوبا على التخصيص، أمّا بقيّة الجملة التوطئة فخبر يبدأ نحويّا – في الأصل - بفعل نرسم وإن ورد هذا الفعل في نهاية هذا النصّ لغاية بلاغيّة، القصد منها إبراز الوظائف المتعلّقة به وخصوصا وظيفة المفعول لأجله، والأمثلة في هذا عديدة، منها ( استجابة لأهداف الثورة ... ومن أجل بناء نظام جمهوريّ ... ودعما لإرادة الشعب ... ).
قصدنا من هذا أنّ لفظة " فإنّنا " من مركّب " فإنّنا نرسم ... " زائدة، بل مُفسدة لتركيب الجملة الأصليّة باعتبارها فاصلة – حيث لا يجب الفصل – بين المبتدإ وخبره، فجملة نصّ التوطئة مختزلةً ومعبّرةً في الآن نفسه تركيبيّا عن النصّ كلّه هي كما يلي: " نحن ... نرسم ... "، ولا تأثير لبقيّة العناصر المكوّنة لهذه الجملة على الاختزال التركيبيّ المذكور، عنينا بهذا أنّه لا يستقيم " نحن ... فإنّنا نرسم ... "، رجاء، اِحذفوا " إنّنا " من الجملة التوطئة وإلاّ صحّ القول المأثور " فيها إنّ ".



#توفيق_العلوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توفيق العلوي - مسودة الدستور التاونسي... - فيها إنّ -