أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - مِن -انتحار بوعزيزي- إلى -نَحْرِ بلعيد-!















المزيد.....

مِن -انتحار بوعزيزي- إلى -نَحْرِ بلعيد-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3999 - 2013 / 2 / 10 - 14:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جواد البشيتي
نَعْرِف جميعاً "عاقبة (محمد) بوعزيزي"، هذا المواطِن التونسي البسيط، والبائع المتجوِّل، الذي هُدِرَت كرامته الإنسانية، مِنْ قِبَل "الدولة"، فَتَفَاعَل (في لحظة) شعوره هذا مع شعوره المُزْمِن باليأس والإحباط السياسيين، فـ "انتحر" من طريق إشعال النار بنفسه، على مرأى من الناس جميعاً، فدَخَل التاريخ بصفة كونه "الشَّرارة" التي فجَّرت "برميل البارود الشعبي (الثوري) التونسي"، ومن ثمَّ، "برميل البارود الشعبي (الثوري) العربي"، فكان ما اصطُلِح على تسميته "الربيع العربي"؛ لكنَّنا لم نَعْرِف بَعْد "عاقبة (شكري) بلعيد"، هذا المعارِض التونسي البارز لحزب "النهضة" الإسلامي الحاكم، والذي اغتيل على أيدي أُناسٍ "مجهولي الهوية الشخصية (حتى الآن؛ وربَّما لن تُعْرَف، أو تُكْشَف، أبداً هويتهم هذه)".
مَنْ قَتَل (أو اغتال) هذا القائد التونسي المعارِض؟ ولماذا اغتيل (أو اغتالوه)؟
إنَّ من الأهمية بمكان، وإنَّ من الصعوبة بمكان في الوقت نفسه، أنْ يُجاب، وسريعاً، عن السؤال الأوَّل؛ على أنْ تكون الإجابة يقينية، لا ظَنِّية، وأنْ يُسْتَجْمَع لها ما يكفي من "أدلة الإثبات والتأكيد"؛ لكن، هل "زمن الصراع" في تونس بين الحزب الحاكِم ومعارضيه من شتَّى المنابت والأصول الفكرية يسمح بما تَسْتَلْزِمه هذه الإجابة من هدوء وضبط للنفس؟
أشُكُّ في ذلك؛ فإنَّ "الرؤوس حامية"، والمَيْل إلى "الصراع في الشارِع (وبالشارع)" هو الذي تَرْجَح كفته على كفَّة المَيْل إلى الصراع المألوف في "دولة المؤسَّسات الديمقراطية"؛ فقِيَم ومبادئ الديمقراطية الكامنة في الأساس من ثورات "الربيع العربي" لم تُتَرْجَم، حتى الآن، بـ "مؤسَّسات"؛ ولا أعْرِف كم من الزمن ستَسْتَغْرِق "الآن".
قوى المعارَضَة (العلمانية واليسارية والقومية) لا تبدو معنية ببذل ما يكفي من الوقت والجهد لإجابة السؤال الأوَّل بما يشبه نمط الإجابة الذي ذَكَرْنا؛ فحزب "النهضة" الإسلامي الحاكم هو، في "حُكْمِها (السياسي)"، الذي ارتكب جريمة الاغتيال، ودليلها على ذلك هو ما تلقَّاه بلعيد من تهديدات بالقتل، كان أصحابها من ذوي الصِّلة بهذا الحزب، أو بـ "أقربائه"، وما أظهره (في دليلٍ آخر) الحزب نفسه من مَيْلٍ إلى محاربة خصومه بأسلحة من هذا النوع، أو من نوعٍ مشابه؛ فـ "المعارِضون"، في تونس، وفي غيرها، يَنْظرون (وإنِّي لأُؤيِّدهم في كثيرٍ من حيثياتهم ومزاعمهم) إلى "الحاكمين الإسلاميين" على أنَّهم مِنْ جِنْسٍ فكري جُبِل على حُبِّ الاستئثار بالسلطة، وإقصاء وتهميش غيره؛ وعلى أنَّهم في مَيْل (يتقوَّى بـ "صندوق الاقتراع") إلى رَفْع منسوب "الأسْلَمَة" في حياة المجتمع، بأوجهها كافَّة، وبما يقود إلى "استبداد ديني (إسلامي)"، يَتَّخِذ "صندوق الاقتراع" سلاحاً في الحرب على قِيَم ومبادئ الديمقراطية، وعلى "الدولة المدنية".
وهذا الصراع، بجذوره القوية هذه، هو ما يَحْمِل قوى المعارَضَة في تونس على "الإلصاق الفوري" لتهمة الاغتيال بحزب "النهضة" الإسلامي الحاكم، وكأنَّ الغاية الكامنة في أساس موقفهم هذا هي أنْ يبلغوا إلى الشعب رسالة يقولون له فيها: جريمة الاغتيال هذه هي، وأشباهها، العاقبة الحتمية لِحُكْمٍ يُهَيْمِن عليه الإسلاميون.
السؤال الثاني "لماذا اغتيل بلعيد؟" أراه، لجهة إثارته والسعي الجاد لإجابته، أكثر أهمية بكثير من السؤال الأوَّل؛ فالأغراض والأهداف الكامنة في جريمة الاغتيال، وعلى أهمية الشخص المُسْتَهْدَف، أهم بكثيرٍ من "الضحية نفسها"، إلاَّ إذا كانت الثورة التونسية العظيمة هي هذه الضحية.
أقول هذا، وأقول به، مع التنبيه إلى أهمية وضرورة التمييز بين "الأهداف" و"النتائج"؛ فإنَّ كثيراً من الناس يَفْهَمون النتائج (والعواقب) العملية على أنّها الأهداف (والأغراض) نفسها التي كانت كامنة في الجريمة، مع أنَّ كثيراً من الأحداث أتت بما يقيم الدليل على أنَّ "النتائج" لا تكون دائماً مطابِقَة لـ "الأهداف"، وقد تَذْهَب بها.
"الربيع العربي" المُنْتَصِر، بمعنى خَلْعه الحاكم المستبد، يخالطه كثيرٌ من "الفوضى (غير الخلاَّقة)"، وكثير من سوء الاستعمال لـ "الشارع"، وكثيرٌ من الجهود والمساعي (الظاهرة والمستترة) التي تبذلها "قوى الثورة المضادة" لضرب الثورة من الداخل، فيترتَّب على ذلك أعمال وجرائم وإساءات "خارجية"، أيْ يقوم بها، ويرتكبها، أُناس من خارج الثورة، وأعداء ألداء لها، فتكون العاقبة الفورية والسريعة والمباشِرة هي تفجير صراعٍ كريه وبغيض بين قوى الثورة، وجَعْل المتصارعين أنفسهم وقوداً للثورة المضادة.
إنَّ ما يكتسب أهمية ثورية لا جدال فيها الآن ليس معرفة "مُرْتَكِب الجريمة"، على أهمية هذا الأمر؛ وإنَّما إنزال العقاب (الشديد) في حقِّ كلِّ من تهدَّد وتوعَّد بلعيد بالقتل؛ فـ "المجرم" الآن، من وجهة نظر المصالح الثورية لـ "الربيع العربي"، هو كل مَنْ يُفْتي بإباحة قَتْل (وهدر دم) الخصوم الفكريين والسياسيين، أو يدعو إلى ذلك، ولو لم يَرْتَكِب هو نفسه الجريمة.
وبما ينسجم مع وجهة النَّظر نفسها، أقول إنَّ "الربيع العربي" لن يعطي من "النتائج" ما يجعله على وِفاق مع "الدَّوافِع الحقيقية" إليه، والتي كمنت في "شبابه"، إلاَّ إذا عَرَف كيف يتوصَّل إلى حلِّ التناقض السخيف الآتي: الديمقراطية، بمعنى "صندوق الاقتراع الشَّفَّاف"، تَضَع السلطة في أيدي "الإسلام السياسي"؛ أمَّا العلمانية (أو بعضها) فلا تأتي إلاَّ من طريق الدكتاتورية في الحُكْم.
"الربيع العربي" حان له أنْ يَنْبُذ تلك الديمقراطية الممسوخة المشوَّهَة، وأنْ يأبى "الإسلام السياسي" حاكِماً إلاَّ إذا تغيَّرت أحزابه وجماعاته بما يجعلها شبيهة بحزب أردوغان في تركيا، وأنْ يَنْبُذ، في الوقت نفسه، كل "علمانية" من نمط "علمانية بشار" في سورية، و"علمانية زين العابدين" في تونس؛ لكن من غير أنْ يَضْرِب صفحاً عن "نمط الحُكْم الثالث"، الذي عاينَّاه، وعانينا منه، والذي يَجْتَمِع فيه العداء للديمقراطية التي تأتي بحكمٍ إسلامي كالذي تعرفه مصر الآن، والعداء للعلمانية ولو كانت من نمط علمانية بشار وزين العابدين.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خَيْرٌ لكم أنْ تُنْتِجوا فيلم -هيكل سليمان الضائع-!
- ضَرْبَة ذهبت بما بقي من أوهام!
- خط أحمر ثانٍ!
- الانتخابات الأردنية.. ثُلْثا مَنْ يحقُّ لهم الاقتراع -قاطعوا ...
- -ثُقْب أسود- في قَلْب مجرَّتنا.. من أين جاء؟!
- رواتب أردنية للوقاية من -التَّسَوُّل-!
- عندما تنادي موسكو بحلٍّ -يقرِّره الشعب السوري-!
- نِصْف الطعام في العالَم -تأكله- صناديق القمامة!
- صورتنا في -مرآة الزعتري-!
- بشَّار الثالث!
- حتى لا يعيث التعصُّب الطائفي فساداً في الربيع العراقي!
- تباشير فَجْرٍ عراقيٍّ جديد!
- نتنياهو إذْ جاء متأبِّطاً -الكونفدرالية-!
- إذا ما زار نتنياهو الأردن..!
- سيكولوجيا انتخابية أردنية!
- هل نسي الأسد أنَّ فَتْح دمشق بدأ بمعركة اليرموك؟!
- فكرة -نهاية العالَم- ما بين -الخرافة- و-العِلْم-!
- ما معنى -دين الدولة هو الإسلام-؟!
- في ديباجة مسودة الدستور المصري
- الشرع إذْ شَرَّع طريقاً إلى -الإنقاذ-!


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - مِن -انتحار بوعزيزي- إلى -نَحْرِ بلعيد-!