عزيز الخزرجي
الحوار المتمدن-العدد: 3999 - 2013 / 2 / 10 - 09:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ألشّهيد ألصّدر؛ فقيه ألفقهاء و فيلسوف ألفلاسفة – ألحلقة آلتّاسعة
حقيقة ألمرجعيّة ألصّالحة ألّتي مثّلها ألأمام ألفقيه ألفيلسوف ألصّدر:
لم يكن إعتقاد ألأمام ألصّدر(قدس) بكونه هو آلأعلم في آلفقه و آلفلسفة و آلأقتصاد و آلسّياسة و علم ألأجتماع؛ حسابات أكاديميّة تقليديّة فحسب .. بلْ كان بآلأضافة لذلك مرجعاً أعلى للمسلمين و حتّى آلأنسانيّة و بإقتدار لكونه عَرَفَ قيمة ألزّمان و آلمكان و تمام آلحكمة بثقة و قوة, و آلمؤسسة ألمرجعيّة بآلنسبة له كانتْ مجرّد وسيلة لنشر ألأسلام ألأصيل لتحقيق سعادة ألأنسان بخلاصه من تسلّط ألظالمين, فلا لذّه في قاموسه حتّى في آلعبادات ألشّخصية في ظل ألأنظمة ألتّسلطية ألمستكبرة!
و تلك هي حقيقة ألأنسان ألحرّ ألأبي.
لقد خطّط لأمرٍ عظيمٍ ما كان غيره قادراً حتّى على مجرّد تصوّره .. ناهيك عن تحقّقه, فقد أراد إستغلال الكيان ألمرجعي بعد تحويله إلى مؤسسة هادفة تنفض عن نفسها غبار الماضي لتحكيم ألأسلام عبر ولاية آلفقيه, و لم يكن يُفكّر بجعلها مُجرّد جسراً لمآربه ألشخصية و مطامعه الدّنيوية كما كان يفعل ألآخرون بإعتبارها غنيمة ما بعدها غنيمة للفائز بها(1) لمحدودية فهمهم للأسلام و لـ (آلحوادث ألواقعة).
بعد ما أصبحت أعلميته مسألة قطعيّة من خلال الأدلة التي طرحناها, إنطلق(قدس) بكل ما أوتي من قوّة و وزن لتحقيق الهدف الذي كان يصبو إليه غير مبالياً بآلعواقب و آلمواجهات مع آلنّظام و آلأستكبار العالمي و كل ألمتربّصين به من آلطفيليين ألحوزويّين ألتقليديّين!
لقد أصبح هدفه ألمشار إليه آنفاً هو آلعنوان و آلعنوان هو آلهدف بدون أيّة مزايدات أو مقدمات أو أغراض دنيونية أو القوانيني ألميكافيلية!
كان واضحاً و صادقاً في كلّ كلمة قالها أو منشور أو مقال أو كتاب أصدرهُ .. حتّى أنّ طلاب الأبتدائية كان بإمكانهم فهم ما يكتبه من فتاوى و نظريّات بنفس مستوى تقريباً فهم طلاب ألدّراسات ألعليا لفحوى نظريّاته و فتاواه آلعملاقة, و لعلّ هذه آلميزة هي إحدى علامات ألعبقريّة ألتي إمتاز بها ألامام ألفيلسوف عن غيره من الفقهاء و الفلاسفة السّابقين و المعاصرين(2), لكون القلم كان طوع بنانه.
و بمجرد أن طرح مرجعيته؛ كثر مُقلّديه و في نفس آلوقت أعدائه رغم قصر الفترة الزمنية ألتي عمل من خلالها بصدق و تفان و نكران ذات ناسياً نفسه و موقعه لأنه كان يعمل لله و لله وحدهُ و لم يكن يصانع غير وجه الله تعالى!
في إحدى زياراتي ألخاصّة نهاية ألسّبعينات إلتقيتهُ و جمع من آلمؤمنين في بيته ألمتواضع و الذي كان في آلحقيقية عبارة عن مقبرة عائلية لأحد آلعلماء؛ طرح علينا موضوعاً هامّاً للغاية كان كجواب لسؤآل أحد الأخوة ألمؤمنين(3) من مدينة ألصّدر(ألثّورة سابقاً) في بغداد على ما أتذكر أشار فيه بوضوح و عمق إلى آلهدف ألذي كان يصبو إليه من خلال إستشهاده بموقف ألخليفة عمر بن عبد ألعزيز و كيفية تعامله مع ولاته و وكلائه في آلأمصار و آلبلدان أنذاك!
و مفاده هو:
[كان عمر بن عبد العزيز(رحمه الله) يوصي ولاته و وكلائه على آلأمصار قبيل بعثهم بضرورة نشر مفاهيم ألأسلام و حقيقة أهل البيت(ع) لكونهم – بحسب قول عمر بن عبد العزيز – ليسوا فقط وكلاء لجباية ألضرائب و آلحقوق ألشّرعيّة؛ بلْ أساس عملهم يتركز على آلتبليغ و آلأرشاد لهداية الناس قبل أن يكونوا مُجرّد جُباة للضّرائب].
ثم أعقب بآلقول(قدّس)؛ [و هل نحن أقلّ من عمر بن عبد ألعزيز رحمه الله(4)]!؟
أنّني – و آلقول للأمام ألشهيد ألفيلسوف – حينَ أرسلُ وكيلاً ليُمثّلني في مسجدٍ معيّنٍ أو منطقة معيّنة؛ إنّما أرسله ليكون مبلغاً للأسلام و هادياً للناس بآلدّرجة ألأولى لتحقيق رسالة الأسلام قبل أيّ شيئ آخر, لأنّ هدفنا كمرجعيّة صالحة هو إيصال ألأسلام ألحقيقي للأمة بأي ثمن كان لتحكيم شرع الله في آلأرض, و بغير ذلك فأنّ ألأيام و آلسّنين و آلقرون تمرّ علينا كما مرّ في آلسّابق من دون حلّ جذريّ لمأساتنا و مأساة البشرية.
و بعد آلأنتهاء من ذلك الأجتماع سمعتُ هتافات قويّة و صاخبة تقترب منّا و تُردّد بإنتظام و لأوّل مرّة؛ [ بآلرّوح بآلدّم نفديك يا أمام] و [ ماكو ولي إلّا علي و إنريد حاكم جعفري]!
إنّ كتبه(قدس) حوّلتْ هدوء آلأجواء إلى صخب و آلرّماد إلى جمرٍ حارق .. فثورة ألحسين هي آلتي ألهمتهُ معنى آلأباء و آلتّضحية و آلأيثار و قول ألحقّ أينما حلّ و في أيّ زمن يكون .. علّمته أن الشهادة حياة, و آلسّعي لها طريق واحد لا طريق آخر سواه!
و بعد أن خرجتُ من مكان آلأجتماع رأيت ساحة البيت قد إمتلأ بعشرات ألمتظاهرين بآلأضافة إلى أعداد غفيرة كانت في الباب ربما تجاوزت ألمئات, و على ما أتذكر كان أكثرهم من عشائر الفرات الأوسط و آلطلبة الجّامعيين ألمُقلدين للشهيد آلصدر (قدس).
فرحتُ كثيراً لقدومهم و هتفتُ معهم بصوت مبحوح لكثرة بكائي في محضر آلأمام ألفيلسوف: [ بآلرّوح بآلدّم .. نفديك يا إمام], و هكذا بدأت إنتفاضة ألشعب العراقي التي عرفت بإنتفاضة صفر ضد آلطغمة ألبعثية ألجاهليّة التي حكمت العراق بآلحديد و آلنار أربعين عاماً, و لا زالت تلك ألأنتفاضة ألمظلومة مستمرة ضد آلبعثيين و آلوهابيين و من ورائهم ألأستكبار العالمي و كل آلمتلبسين بآلدّين حتى يكتب آلله لنا آلنّصر على أيدي حفيده آلبار ألسّيد ألهاشمي ألشّاهرودي أدام الله ظلّه على آلأمة ألعربيّة و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم.
عزيز الخزرجي
www.ALMONTADAALFIKRY.COM
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ذكر آية الله آلعظمى ألفيلسوف مرتضى ألمطهري في كتابه(ألمحاضرات ألعشرة) طبع قم - إيران بعد لقائه بآية الله آلخؤئي في آلنّجف آلأشرف أثناء زيارته للعراق, بأنّ آلسّيد ألخوئي رحمه الله قد سأل عن صحة و أخبار رفيق عمره آية الله العظمى السيد محمد حسين الطباطبائي ألذي كان قد ترك النّجف إلى حيث قم بعد حصوله على درجة الأجتهاد بإأمتياز؛ فأجابه آلشّيخ ألفيلسوف؛ إنّه منشغلٌ بتفسير ألقرآن ألكريم!
فأعقب آلسّيد الخؤئي رحمه الله؛ [إنّه قد ضحى], أو بحسب ألترجمة ألفارسيّة [جعل نفسه (أُضحية)].
و هي إشارة إلى أنّ آلسّيد ألطباطبائي كان مرشحاً و مقدماً على جميع أقرانه بما فيهم ألسّيد ألخوئي نفسه ليكون المرجع آلأعلى في الخط التقليدي بلا منازع لكنه رفض ذلك و إنشغل معظم حياته بتفسير ألميزان ألمعروف لكلّ العالم, و لذلك إستغرب آلسّيد الخوئي و تعجّب من تصرفه, و هذه إشارة واضحة و للأسف آلشديد إلى عدم إعتناء ألمرجعيّة ألتقليدية بآلقرآن الكريم إلاّ بحدود آلآيات المتعلقة بالأحكام ألفقهية ألعبادية ألشّخصية!
(2) سألنا ألأمام ألخوئي ذات يوم؛ لماذا تستخدمون ألعبارات ألمعقدة و آلمصطلحات ألتّخصصيّة في توضيح مسائل ألعبادات و آلأحكام ألشّرعيّة ألتي يُفترض بها أن تكون سهلة الفهم و التداول بين الناس لتثقيفهم و إعدادهم!؟
أجاب: [نفعل ذلك لكي نجبر ألمُقلدين من زيارتنا!] و نترك ألتّعليق للقارئ الكريم كي يفهم و يحلل أبعاد ذلك آلجّواب!
(3) مفاد السؤآل هو: [ هل يجوز في حال عدم وجود أمام من قبلكم كوكيل شرعيّ في مسجد معين .. أن يتقدّم أحد آلمؤمنين على الناس ليؤمهم]!؟
.((4) إنما نترحّم على (عمر بن عبد العزيز) لكونه ألخليفة الوحيد ألذي رفع السب عن آلأمام علي(ع) و عن أهل البيت(ع
#عزيز_الخزرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟