أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عُقبة فالح طه - ثقافة السلطة وسلطة الثقافة














المزيد.....

ثقافة السلطة وسلطة الثقافة


عُقبة فالح طه

الحوار المتمدن-العدد: 3998 - 2013 / 2 / 9 - 16:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك أن صراع المثقف مع السلطة - أعني المثقف الحر لا المثقف التابع- يعتبر صراعاً أزلياً، ونحن هنا نتحدث عن المثقف بتعريف (غرامشي) وهو كل من يعمل في حقل مرتبط بإنتاج المعرفة، أو بنشرها. وربما لا نخفي سراً إذا قلنا أن إبليس هو أول مثقف واجَه السلطة "سلطة الرب" حيث رفض السجود لآدم حسبما جاء في القصة التي أوردتها بعض الأديان الإبراهيمية، فيما مثّل ملائكة الربّ الآخرون حالة مثقفي السلطة الذين انصاعوا لأمر السلطان دون جدال بل ساقوا المبررات لطاعتهم العمياء بالسجود، وعليه فقد حازوا الحظوة والتقريب والإكرام نتيجة طاعتهم وتزلفهم للسلطان، فيما دفع المثقف الحر (إبليس) ثمناً باهظاً لمجادلة السلطة والخروج عن إرادتها وذلك بطرده من الجنة ولعنه وخروجه من رحمة الرب إلى يوم القيامة.
أمّا ابن نوح الذي رفض الصعود إلى فلك أبيه، حيث مثّل والده سلطة الأب وسلطة النبيّ، حيث تشير الرواية الدينية إلى دفعه حياته ثمناً بالغرق جزاء رفضه الانصياع وخروجه عن أمر السلطان (أبيه)، فيما نجت من الغرق كل من الحمير والبغال والقردة وغيرها من الدواب والوحوش والطيور، فهي انصاعت لأمر صعودها إلى الفلك ولم تجادل سلطانها البتّة.
كما أن الفيسلسوف اليوناني سقراط (469-399 ق.م) رفض مداهنة سلطة أثينا التي وعدته بإعفائه من الموت وإلغاء عقوبة الاعدام بحقه إنْ هو ارتدع عن أقواله التي اعتبرت تحريضاً على السلطات وتسفيهاً لعقول الشباب بتوليده الأفكار من عقول الناشئة حين كان يسألهم : ما الفضيلة؟ ما الحق؟ والعدل؟ ما الخير؟...ما..؟ لكنه مات كضريبة يسددها لحكومة أثينا كنتيجة لفكره المستنير.
وفيما مثّل الشنفرى والسُّليك بن السلكة وتأبّط شراً وعروة بن الورد وغيرهم ظاهرة "الصعلكة" في المجتمع العربي ما قبل الإسلام، فإننا نرى أن الشنفرى ورفاقه ليسوا إلا مثقفين تمردوا على سلطة القبيلة ونواميسها، تلك النواميس التي ترفض القبيلة حتى مجرد مناقشتها من حيث صوابها أو صلاحيتها لزمانها، حيث دفع كل من هؤلاء الشعراء الفرسان ثمناً باهظاً (النفي والإبعاد والحرمان) حيث رفعت قبائلهم عنهم غطاء الحماية ونبذتهم ونزعت عنهم نسبها.
أمّا الحلاج (أبو عبد الله حسين بن منصور) (858-922 م) فقد دفع حياته ثمناً لفكره الصوفي حيث رأى قاضي بغداد محمد بن داود أن فكر الحلاج يتعارض مع تعاليم الإسلام حسب رؤيته لها، فرفع أمر الحلاج إلى القضاء طالباً محاكمته أمام الناس والفقهاء. فلقي الحلاج مصرعه بطريقة وحشية مصلوباُ ومقطّعاً إرباً إرباً بباب خراسان المطل على دجلة على يدي الوزير حامد ابن العباس، تنفيذاً لأمر الخليفة العباسي المقتدر في القرن الرابع الهجري، علماً أن أغلب الدراسات التي تناولت قضية الحلاج تشير إلى أن خلاف الحلاج مع السلطة كان خلافاً سياسياً أُلبس لباساً دينياً لا مجال لتفصيله الآن، فيما نال مثقفوا السلطان أمثال محمد بن داود الحظوة والتقريب عند الخليفة المقتدر نتيجة خطابهم الثقافي المتساوق مع رغائب الأمير.
كما واجه طه حسين سلطة الجامعة التي حرمته من التدريس، وسلطة الدين الأزهري الذي كفّره حين ألف كتابه " في الشعر الجاهلي" ، إلا أنه عاد وخضع (لثقافة السلطة) بعد أن اعتذر للمحكمة عما بدر منه، وأعاد طباعة كتابه باسم " في الأدب الجاهلي" مع إجراء تحويرات عليه، حيث يتهمه الرافعي في كتابه " تحت راية القرآن" بأن طه حسين استعمل أساليب الزنادقة والمستشرقين في كتاباته وأساليبه، مستشهدا بمحاضر محاكمة طه حسين، بأن ما جاء به من شك ديكارتي هو إلحاد وزندقة وهدم للأديان.
إن واقع للمثقف إذن هو إما مواجهة السلطة - ليس بغرض محاربتها- بل لنقدها النقد البنّاء الذي يؤدي إلى تصويب مسارها خدمة للأمة ومنفعتها، وإما أن يتساوق المثقف مع السلطة لينال رضاها، لكن السلطة في معظم البلدان ولا سيما البلاد العربية تأبى أن تنتظر إعلان المثقفين السلطانيين عن ولائهم، بل إنها تستدرجهم إلى شباكها بما ترميه لهم من فُتات حتى يصبحوا أبواقاً تبرر أفعال السلطة وتروّج لها في كل زمان ومكان، لأن ترويج المثقف للسلطة يؤثر في عامة الناس وعوامها أضعاف ما يؤثر فيهم خطاب السلطة نفسها.



#عُقبة_فالح_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قابليتنا للاستعمار: قراءة في فكر مالك بن نبي
- عامر -العظم- حين يطق عِرق الحياء
- العصبية القبائلية في شعر العرب
- سِفر العودة
- خواطر من جمر الواقع (2)
- خواطر من جمر الواقع
- سورة بوش
- ليس هناك إله .. لكنه وعدنا بأرض
- عوامل صياغة النظام السياسي العربي الراهن
- مفاهيم الأمة والدولة والقومية في الفكر العربي المعاصر
- ما بين الحزب السياسي التقليدي والحراك الشعبي
- الولايات المتحدة و-ربيع العرب- :مقاربة لقراءات متعددة في الم ...
- تراجع الخطاب الطبقي المفسر للثورات العربية
- لامية العرب: هل هي البيان الأول للمثقفين العرب؟
- الفردية ما بين الدولة القبيلة والدولة الحزب
- ضياع الفردية ما بين الدولة القبيلة والدولة الحزب
- من مغالطات الوعد الإلهي للحركة الصهيونية
- الكولونيالية، بناء الهويات،الشيخ والمريد .
- دور المؤسسات التقليدية العربية في تقمص روح المؤسسة الحديثة : ...
- الحراكات الشعبية العربية المعاصرة :خصائص وقواسم مشتركة


المزيد.....




- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عُقبة فالح طه - ثقافة السلطة وسلطة الثقافة