أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسامة الحمصانى - قصة قصيرة : أبو حنفى














المزيد.....

قصة قصيرة : أبو حنفى


أسامة الحمصانى
كاتب

(Osama Homosany)


الحوار المتمدن-العدد: 3998 - 2013 / 2 / 9 - 14:48
المحور: الادب والفن
    


أبو حنفى
بقلم : أسامة الحمصانى
أسرعت لعلنى أٌنجز مهمة الزيارة فى وقت قصير ... كان مزورى الليلة هو ذلك العجوز "أبوحنفى" ... ملأت أنفى رائحة غرفته المميزة الناجمة عن طول إهمال .. لا تمتد إليها يد العناية لفترات طويلة ...
أقبلت على بابه أدق بحذر شديد خشية أن أوقظ الرجل إذا ما كان نائما .. ولكن لحسن الحظ وجدت الباب مفتوحا و هو جالس القرفصاء كعادته يصنع قهوته لنفسه...
قام الرجل ببطء ...يحتضنى و يقبلنى بين عينى و فى كتفى ورأسى .. وهم أن يرفع كفى إلى فمه فجذبت كفيه برفق و هويت أوسعها تقبيلا وتلثيما وأمسح بهما وجهى ....قلت و انا اربت كتفيه:
كيف حالك ياسيدى ...على مايرام؟
رفع الرجل رأسه إلى السماء باسطا يده يحمد الله و يشكره....
عاد الجلوس أما الموقد يرفع إناء القهوة .. وراح يجهد نفسه فى عمل قدح جديد بعدما قدم لى قدحه...
قال: أنا لست صانعا جيدا للقهوة ... فلاتلومنى ...
قلت : كل شيئ شهى من يديك
رد قائلا : فيما مضى كنت أراهن بصنيع زوجتى لفنجان القهوه و كانت والحق خير من يصنعها ..
قلت مازحاً : أيهن يا أبا حنفى؟ فهن كثيرات .....
قال : لا .. لا .. مهما كثرن فى حياتى فلا تبقى إلا ذكرى الحبيبة "أم حنفى"
غاصت عينى فى وجه الرجل تعبث بتجاعيد رسمتها يد الزمن على صفحته .. تخطى السبعون من عمره ... لم يمنعه هذا العمر من الكسب والعمل إلا الحولين الماضيين... كان مزواجاً .. يقول أنه تزوج أربع عشرة مرة ...منفردات ومجتمعات ... مثى وثلاث و أحيانا رباع ...و لكن كانت " أم حنفى" القاسم المشترك فى هذه الزيجات جميعاً ... ومن أشد العجب أن " أم حنفى " كانت لا تأبه بما يفعله رفيق عمرها سواء كانت هى الوحيدة فى حياته أم شريكة لزوجات ثلاث معاً ..هى .. هى فى عقيدتها الريفية أن الرجل لم يخلق ليراجع أو أن ترد عليه أفعاله و لا سيما إن كان هذا الرجل " أبا حنفى"... يفعل ما يشاء و يكفى على حد هذه العقيدة " سترها" هى وأولادها فى الدار ... أما أبو حنفى فكان يجزل لها العطاء ... يزيد من سهمها عنده لموقعها النادر فى قلبه ... فهو لم يرزق بمولود إلا منها مهما تعددت الأرحام معه.. جاءت بثلاث إناث متتابعات تلتهن بـ " حنفى"
عدت من شرودى أسأله: أتاك حنفى ؟
أجابنى بكاء الرجل وصمته و راحت دموعه تنساب بين تجاعيد وجهه!!!!
غمغمت : جاحد ... قاس...
تعلق بصر الرجل بالضوء الداخل من نافذة الغرفة و هتف بلسان ريفى أصيل:
يا طــــــول رجبته يا حلاية عينيـــــــــــه
* * *
طوال الأيام التى تلت هذه الزيارة لم تغب عنى لوعة الرجل لتجاهل أبنه الجاحد ... ورغم محاولة إخفاء الرجل لهذا الأمر ... أعلم أنه وحيده من الذكور و أن ليس للرجل من مورد بعد أن حول كل مالَه ومالِه لـ" حنفى" مما أوغر قلب الإناث على كليهما ومنعن أنفسهن عن أبيهن ... وأجهدنى التفكير فى مخرج للعجوز المسكين...
* * *
عدت لدارى الليلة ... و إذا برسالة شفوية من " أبوحنفى" يطلبنى فى الحال .. فى دقائق معدودة كنت أدخل بابه .. فإذا الغرفة مكتظة بعواده ... أشتدت علية وظأة الشيخوخة ... و جاء الطبيب و لم يوص بشيئ ...
تفحصت المحيطين به فلم أجد أحد من بناته ... وبالطبع لم أجد حنفى ... ازدادت القبضة شدة على عنقى وقلبى ...
تخطيت النسان الجالسات حوله ... و أمسكت بيده أقبلها تبللها دموعى ... عاد الرجل من غشيته همس :.... حـ.. حـ ... حنفى ؟!! .... حنفى؟؟!!!!!
ألتفت فوقع بصره الضعيف علىّ ... ثم أدار رأسه يائساً حزيناً
قلت يخنقنى البكاء أغالب الدموع: إنه فى الطريق أرسلت إليه وسيأتى فى الحال ........حرك رأسه يأساً من جديد .. غير مقتنع بهذه الكذبة ... و دار الصمت يلفنا إحتراما لصمته ... سعل مرة ومرة ثم هتف:
يا طــــــول رجبته يا حلاية عينيـــــــــــه.......ومات



#أسامة_الحمصانى (هاشتاغ)       Osama_Homosany#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة: حديث خاص جدا
- حكاية رسائل (3) لا ياهاجرة
- حكاية رسائل (2) هذيان محموم
- حكاية رسائل (1) مخلوقة نادرة


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسامة الحمصانى - قصة قصيرة : أبو حنفى