أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - ثقافة كظ أخوك لا يتيه وزراعة النخيل














المزيد.....

ثقافة كظ أخوك لا يتيه وزراعة النخيل


محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل

(Mohsen Aljanaby)


الحوار المتمدن-العدد: 3996 - 2013 / 2 / 7 - 20:26
المحور: كتابات ساخرة
    


كثير من الأمور يمكننا أستشفافها بسرعة من خلال ألقاء نظرة سريعة عليها فهي لاتحتاج الى (روحه للقاضي) ولاتحليل لخبير مختص
فأفضل السبل في الرصد أن تعيش الحالة لترى من وسطها كل الأشياء , هنا أشير الى ثقافة مجتمعنا , متمثلا" بالعلاقة اليومية بين الناس و المؤسسات

في موقع الظلال قرب ملعب الشعب الناس بالمئات جلّهم مراجعين لأنجاز معاملاتهم المرورية تلك المعاملات التي تهدف الى تنظيم البيع والشراء و أصدار الموافقات وبالتالي تنظيم المجتمع كي تسود القوانين وترتقي الحياة ليحترم الأنسان , صدمت بواقعها البعيد عن كل نظام فالناس تركض جيئة و ذهاب (ماكو سره ولاقانون ولاهم يحزنون ), تسأل مواطنا" يلهث مستعجلا" , يأتيك الجواب بأن تبحث عمن يأخذ رشوة فالأنجاز مستحيل أن لم يدفع المرء فوق الرسوم الرسمية مالايقل عن خمسين ألف دينار , أستعنت بضابط كبير كان قريب ترك عمله من أجلي لينجز لي معاملتي و دعوته على غداء يناهز ثمنه الخمسين ألفا" فقد فضلتّها على طريقة الرشوة الصامته رغم عدم الأختلاف

في مديرية الجوازات في الكرخ الصورة مختلفة , فهنا لايأخذون الرشوة في نفس المكان وعليك الخروج للبحث عن الوكلاء المعتمدين ممن ينوبوا عن المرتشين والحظ وحده يمكنه أنقاذك , فهو في مكان ما وأن لم تجده عليك الأنتظار وهو سلاح مرير يستعمله المرتزقون ليمارسوا الأستغلال , نسيت رقم العمارة التي يقطنها الدلال في مجمع الصالحيه , جلسنا برهة وبعد أقل من ساعة جلب لنا الجواز ومعه دعوة على الغداء يبدو أنه أنحرج كوننا نعرف عائلته وأصله وفصله , (من لحم ثوره وأطعمه بس ما أعرف ليش كنت ممرتاح ) .. تغديت ومشيت في طريق الأزدحامات

في دائرة التسجيل العقاري لايحبذون اللف والدوران , الرشوة عندهم علنية و المال يوضع في (الفايل) وعلى ذلك أعتادت الناس فالكل مبتسمين وكأن الأمر مثل ألقاء السلام , هنا تمارس طقوس تسهيل الأمور و أحترام الزمن و البدء من الأعمال من آخرها ولاحاجة للمقدمات تحت شعار (أدهن السير وهو يسير ) والهديّة قبلها النبي وحللها رب العالمين , سألت عن مرتبات الموظفين , أجابني أحد الخبثاء أن كل واحد منهم يمتلك سبع بيوت مع خمس عمارات وراتبه لايقل عن المليون ونصف المليون لأنهم قدماء

دوائر التقاعد تبدو وكأنها أماكن مخصصة لممارسة طقوس الأهانات , يقوم بها المؤتمنين لتنصب على رأس المواطن الخانع الذليل , عندك عرف ؟, الحمد لله عندي ثلاثة وأهم واحد المدير العام وكالة , خوش ولد وجديد على الشغله وحباب وبعده ميعرف الزواغير والشغل جوّه العباه

في الدائرة القنصلية كان الأمر غريبا" وكأننا في أحد ليالي ألف ليلة وليلة فهو خارج الزمن المكتئب مكان أقتطع من عصر ذهبي في رداء بديع ومتحضّر .. يستقبلك موظفون بهندام غاية في الأناقة و بصوت رخيم هاديء وكأنهم يعرفون كل المراجعين (تفضل أخي ) ويستلمون كل المعاملات مع أدب جم و أحترام , تأتي أليك موظفة رائعة الجمال كأنها شهرزاد قبل معرفتها بشهريار , ثم يجلسونك في غرفة متناسقة فيها لوحات عالميّة تستحق التأمل تستمع أثنائها الى موسيقى غاية في الرقي و ينادون عليك لتأخذ ماتريد , ليس حلما" بل هو واقع يمكنكم رؤيته الآن .

أمام معرض بغداد الدولي وبعد خروجي من محطة الوقود لمحت صديقي حسين النجفي ركنّا على الرصيف أمام أحدى الصيرفات وبعد أن أبلغته أشواقي و سألته عن دهين أبو علي (بلكي جايب وياه شويه , طلع مجايب حرامات ) , تكلمنا طويلا" حتى أصيب الشرطي بنوبة صمت غريبة بعد أن ملّ من الصراخ : تحركوا أخوان .. ممنوع الوقوف يمعودين , فقد وجدته ورائي يستمع الى حديث حسين الممتع والمليء بالقفشات (الله هداه و سكت وصار وديع وحباب ) , أستمر الحديث وكان أجمل مافيه حين روى لي ماجرى في النجف وتحديدا" في دائرة الجوازات , كان الحدث قبل شهرين والزحام شديدا" والرشوة مزدهرة فطفح كيل الناس ليصرخوا جميعا" بصوت واحد فوجدوا أنفسهم وهم متظاهرين ضد الفوضى والفساد بطريقة عفوية دون سابق تخطيط وخلال لحظات , أتى المحافظ و صرخ بمدير الجوازات : أريد حلا" .. يبدو أنه أقتبسها من فاتن حمامه الله يذكرها بالخير
يقول حسين وكان حاضرا" معهم , جلبوا جملونا" (بيت جاهز كبير ) كان مركونا" من سنين في ساحه قريبة تابعة لهم وضعوا فيه الحاسبات ومدّوه بالكهرباء بعد أن كانوا متفرقين بغرف صغيرة قديمة مظلمة وأصطف الضباط في نسق شفّاف فلايفصل المواطن عنهم سوى زجاج بفتحات, ويبدأ بالمسير من الحاسبة الأولى الى الثانية الى أخرى تلتقط صورة للمواطن ليتنهي خط الأنتاج بطابعة يخرج منها الجواز في أقل من ساعة , كان الناس مبتهجين ولديهم أحساس لايقاس من شدة الروعة فقد رأوا أنهم محترمون و ساهموا جميعا" في وضع خطّة ليكون هناك فعل مؤثر و بليغ الأنجاز , ألف تحية لأهل النجف الكرام حملتها لصديقي حسين فمن أرتضى لنفسه الأهانة والرشوة لايستحق حتى الحياة , ودوائر الدولة رغم أنها حكوميّة لكنها جزءا" من مجتمع وتعكس ثقافته و المشاركة في بنائها وتعديلها واجب على الجميع فهكذا تبنى المؤسسات والمجتمعات لترتقي البلدان

رغم مرارة المشاهد الأولى , لكن الأمل كبير بأن يرتقي مجتمعنا , أرى بصيصا" واعدا" مشرقا" يشبه الى حد ما زراعة النخيل , فالنخلة لا تثمر الا بعد زراعتها بسنين , لكن الثمر فيها مضمون مع الرعاية والمشاركة و تحمل المسؤوليات , ويمكن أن تكون النتائج فورية كما حدث في جوازات النجف أذا ماتناخى الأحرار أراها مثل زراعة الرقي والبطيخ مع ورد الناز وليس العاقول والأشواك , فقد أعادوا الأعتبار ألى أنفسهم و لغيرهم ممن سيأتي بعدهم و ربما يصلون الى نفس مراحل الرقي التي شهدتها في الدائرة القنصلية التي أخذت من الدول المتحضرة الأسلوب والطريقة حيث يحترم المواطن أشد الأحترام حتى يكاد يشعر للمرة الأولى بأنه أنسان ... أودعناكم حبايبي



#محسن_لفته_الجنابي (هاشتاغ)       Mohsen_Aljanaby#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شكري بلعيد كوكبنا الجديد
- الحسد موروث واقعي مابين القدريّة و التبرير للفشل
- خراويت على جدران الصبّات
- الأطباء في العراق ملائكة الثراء على حساب الحياة – بمناسبة ال ...
- شهادات ومشاهد من العهد الأزلاميّ الثاني
- الرابعة عصرا- في بغداد حسب توقيت الفوضى
- الرسائل الستراتيجية وأصالة الشخصية العراقية
- زيتوني فاتح .. زيتوني غامق مع جرغد مقلّم - مشاهد من الشارع ا ...
- حنتو البريسم ومباديء الأعلام
- علوة حجي خضر
- نمر ونمرود ورحلة الخلاص من جزيرة سانت هيلانه
- تساؤلات مشروعة معها رسالة .. التوبه ومراح ننتخب
- الملّة عبود الكرخي أستذكار مع مرتبة الشرف في ذكراه
- دردمه بغدادية على لسان أبو الدكّان
- الأحتباس الأنساني مابين مهرجان المفخخات و ندرة القطرات
- شعب وين ... برلمان وين
- البدوي الذي رأى شيبه للمرة الأولى بواحة في الصحراء
- أزدواجية التكوين مابين الطفولة ورداء الراشدين
- التربية والتعليم و شرف العذارى الأنصع من البياض : الحلقة الأ ...
- مرّات ومرارات من مشاهد حقيقية لواقعنا المحتدم


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - ثقافة كظ أخوك لا يتيه وزراعة النخيل