أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سحر حويجة - الديمقراطية ألد أعداء الأنظمة العربية















المزيد.....

الديمقراطية ألد أعداء الأنظمة العربية


سحر حويجة

الحوار المتمدن-العدد: 1151 - 2005 / 3 / 29 - 11:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مرة جديدة يثبت الحكام العرب أن عدوتهم اللدود هي الديمقراطية، وآخر حلقة في صراعهم مع الديمقراطية كانت في القمة العربية في الجزائر، حيث كان من المفترض أن تكون قمة للإصلاح، لكن أتت مقرراتها لا تصلح لشيء، سوى ذر الرماد في العيون، لأنها خالية من المضمون، وآليات العمل، بدءاً من التضامن العربي إلى القضية المركزية فلسطين، إلى مشاركة المجتمع المدني، إلى انتخاب برلمان عربي، فالعنوانين الأخيرين لا معنى لهما في ظل غياب الديمقراطية، أما العناوين الأخرى وهي المكررة في كل قمة، نعلم أنها ستنهار أمام أي مطلب أمريكي ضاغط، حيث كل نظام يفكر كيف ينفذ بجلده، أما مطلب رفض الضغوط ورفض التدخل الأجنبي ، ما هي إلا رفض المطالب من أجل الإصلاح والديمقراطية، حيث تحول العداء للديمقراطية من قبل هذه الأنظمة إلى أهم الأسلحة ليس ضد الغرب كما يفترض، بل ضد المعارضة في البلدان العربية التي تطالب بالديمقراطية، بتهمة دعم الضغوط الخارجية.
إن ذعر الأنظمة من الديمقراطية التي صفقت كثيراً لمعمر القذافي عندما دافع عن الديمقراطية القائمة في البلدان العربية التي لا مثيل لها ، ودعوته الآخرين إلى الاقتداء ، دافع أيضاً عن البنى الاجتماعية التقليدية القبلية والطائفية السائدة، في الوقت نفسه الذي دافع فيه عن عالم اليوم الذي تحول إلى قرية صغيرة بفضل العولمة، وعن التكتلات الكبرى التي تسود العالم . هذا الخطاب المتناقض يتردد على لسان كل الأنظمة العربية ، أي نأخذ كل شيء من الغرب إلا الديمقراطية ، ونلبي كل مطالبهم إلا الديمقراطية ، وإذا ترجمناها إلى لغة معمر القذافي، فكل ما يمكن فدية بالمال أو الاقتصاد، فمرحباً به ، أما تداول السلطة فنحتاج إلى لورداتكم أو رجال أحزابكم. هذا ليس إلا استخفاف بالجماهير العربية، وعدم رؤيتها من قبل هذه الأنظمة ، وكأن الديمقراطية حق ليس وراءه مطالب من هذه الأمة.
ولكن ومن موقع المدافع عن الديمقراطية نقول أن الديمقراطية هي القيمة الوحيدة لا تصنع في الخارج ، ولا تخضع لقانون عدم التكافؤ بين الدول لفقيرة والغنية، بل ترتكز على أسس متساوية واحدة كيفما وأين طيقت، وهي حرية الانتخابات ، وحرية الصحافة، وفصل السلطات، الخ… ولا تنال من الاستقلال أو القوة، إلا إذا كان المقصود منه قوة الأنظمة اتجاه شعوبها وليس في مواجهة الخارج، بل هي البنيان الذي ينهي الاستبداد، ومن خلالها يتعلم الشعب السياسة، وتظهر ميزان القوى الحقيقي، وليس ميزان وهمي واحد هي الأنظمة التي تثبت عجزها يوماً بعد يوم على مواجهة أي نوع من التحديات. الديمقراطية لا تنال من الوطن في شيء بل تعززه وتزيد منعته. على العكس من كل الأشياء والقيم الأخرى التي تستوردها الأنظمة العربية ، من آلات الإنتاج ، والقوى المنتجة ، والخبراء، إلى رؤوس الأموال، فكلها قد تنال من منعة واستقلال وحرية الأمة ، والأنظمة تسعى لذلك بكل ما أوتيت من قوة، لكن من موقع ا لضعيف المذعن للأوامر وليس المشارك ، أما عند الحديث عن بالديمقراطية فنكون أمام سلعة غريبة ستنال من سيادتنا وستصب في خانة ومصالح الأعداء.
تنامت الديمقراطية، خلال العقود الأخيرة باعتبارها إنجاز اً ساهمت البشرية كلها في تطويرها، ،والديمقراطية أصبحت مطلب جوهري لكل القوى الفاعلة في ا لساحة العربية ، سواء بمواجهة الأنظمة العربية، أم بمواجهة البنية التقليدية التي دافع عنها القذافي حيث أنه دافع عن التشكيلات التقليدية والطائفية، والقبلية، هذه البنية التقليدية نعم قائمة ولكن ضعيفة ليس بحجمها بل بمشروعها ، والأنظمة تعمل على بث الحياة بها، لأنها الضامن لسيادة وبقاء هذه الأنظمة ، فالبنية القبلية والعشائرية ، تشترك مع الأنظمة بأنها قائمة على الطاعة العمياء الهرمية والتراتبية، قائمة على نظام القرابة ، وهي تتناقض مع الوعي الحضاري القائم على مفهوم المواطنة، والطوعية، التي لا توجد إلا داخل المؤسسات والنقابات والأحزاب وليس في إطار القبيلة، نعم إن مجتمعاتنا العربية تعاني من هذه الازدواجية الحضارية، لكن يجب العمل على تقريب الوعي القبلي إلى ولاء للوطن عن طريق المؤسسات وليس العكس.
الكل يعلم أن الهدف الجوهري لأمريكا هو إعادة توزيع واقتسام العالم ونيل حصة الأسد فيه، في مواجهة القوى الاقتصادية الكبرى في العالم أولاً ، ولكن من خلال الأنظمة العربية أو على جثتها ثانياً، و فرض إستراتيجية كونية على العالم والجنوب خاصة، وخلق أفضل الشروط لاستغلال ثروات الدول الفقيرة، عبر مختلف الوسائل من الابتزاز أو الضغط أو الحصار، أو الحسم العسكري، أي هدم وإعادة بناء، كما حصل في العراق.
أما الضغط الأمريكي على الأنظمة العربية، من أجل الديمقراطية، يعود لعدة اعتبارات أمريكية، أهمها معرفة أمريكا بالقوة الحقيقية وليست الظاهرة للأنظمة فهذه الأنظمة قوية فقط أمام شعوبها ، ولكن في حقيقة الأمر متصدعة وتبدو على حافة الانهيار، مع تفاقم الأزمة الاقتصادية لهذه الدول، هذه الأزمة تجلت بركود اقتصادي، وتدني النمو، وتدهور مستوى المعيشة، وانحدار في جميع المستويات وتفشي الفساد، حيث أنه تشكلت طبقة من شرائح عسكرية وسياسية وتكنوقراط، تمارس عملية نهب منظم للدولة، ويصدرون أموالهم للخارج وهذه من أهم المفارقات ، حيث أن أمريكا بين الحين والآخر تهدد المسؤولين السوريين، وكما هددت أخيراً المسؤولين اللبنانيين ، بتجميد ودائعهم في أمريكا، هذا إن دل على شيء يدل على الثقة الكبيرة بالأمريكان من قبل هؤلاء المسؤولين، وإن أوراق الضغط والابتزاز الأقوى ضدهم لدى أمريكا هي من صنيعهم، ولكن الثقة الكبيرة التي توليها الأنظمة القادة في هذه الدول، لا تعامل بالمثل من قبل أمريكا، لأنها تملك الأوراق الكافية ضدهم. إضافة إلى أن أمريكا تعلم أن الأنظمة العربية لاتكسب ثقة شعوبها، ولا مستقبل لهذه الأنظمة ، لذلك تحاول البحث عن بديل.
والحق يقال أن الدولة العربية استنفذت دورها التاريخي في التطوير والبناء، وتحقيق الأهداف المناطة بها. ورأسمالية الدولة هذه مرتبطة بالخارج، والحل والبلسم عند الغرب الذي يحتكر كل أسباب التطور من تكنولوجيا، وتقنية حديثة ورأسمال ضخم، وبالتالي من الطبيعي أن تلجأ الدول الكبرى لفرض شروطها وتبدو كشروط للإصلاح. فبينما الأنظمة تستحدث قوانين تقدم تسهيلات كبيرة للرأسمال الأجنبي والخارجي، وإعفاءات. نلاحظ القوى الاقتصادية المحلية ، أو الرأسمال الوطني لم يستفد من القوانين المستحدثة كما في (سوريا). إضافة إلى إن الدولة تحاول الحفاظ على البنية القائمة ليس دفاعاً عن الإنجازات التي تحققت، بل بالقدر الذي يبقي قطاع الدولة ملكية خاصة للمسؤولين، من أجل استنزاف طاقاته، هذا ليس موجهاً ضد الخارج بل للداخل، قد تكون الدعوة الأمريكية إلى كسر البنية القائمة وتحريرها من جمودها وعطالتها، من أجل صعود قوى اقتصادية منافسة، بهدف إضعاف قطاع الدولة ، وبالتالي إعادة صياغة الاتفاقات والعقود بما ينسجم مع المصالح الأمريكية، الذي يترافق مع تحقيق هدف آخر هو تحجيم القدرة العسكرية لهذه الدول، باعتبارها مصدر قوة أساسي تستند إليه هذه الدول. ويرتبط بالصراع العربي الإسرائيلي.
ليطمئن القادة العرب أن الديمقراطية لا تبنى إلا من قبل القوى الاجتماعية والسياسية الفاعلة في ساحة ما ، بعكس ما يفهمها معمر القذافي فهو يريد استيراد اللوردات من أجل تطبيقها، بل يمكن القول إن غياب القوى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الفاعلة وهذا صنيع الأنظمة ، هو ما يعزز المطالبة الأمريكية بالديمقراطية، حيث يكون المجال أوسع أمامها من أجل ترتيب الأوضاع السياسية ، والاقتصادية في هذه الدول، وفق المصالح الأمريكية ، وهذا ما دل عليه العراق بأن أمريكا ليست ملحة في بناء ما هدمته، مما ساهم في الحفاظ على البنية التقليدية في العراق، حيث أن القوى الطائفية والعشائرية ، تفتقر إلى مشروع تحديثي اقتصادي وسياسي قد يتعارض مع أمريكا .

إذاً أمريكا تستخدم شعار الديمقراطية باعتباره سلاح ذو حدين، فهو يشكل تهديداً لسلطة الأنظمة العربية وبالتالي يدفع هذه الأنظمة إلى التنازل ربما عن كل شيء قبل التنازل عن حقها المؤبد في السلطة، لأن أمريكا تعلم أنها قادرة على أن تصل إلى غاياتها بدون ديمقراطية ، بل بسبب غياب الديمقراطية، حيث أنه لا يوجد نظام عربي يدعي بأنه لا يستطيع القيام أو الموافقة على طلب ما، قبل العودة إلى ممثلي الشعب ، بل أمريكا على ثقة مطلقة أن هذه الأنظمة قادرة على استصدار أي قرار يطلب منها ، بدون خوف من أحد وبدون الحاجة إلى مرجعية شرعية، أو شعبية.
إذاً الديمقراطية هي أهم الوسائل للدفاع عن مصالح الشعوب العربية وخاصة في مواجهة المشاريع المطروحة لتطويق المنطقة وإضعافها، لأنها تسمح للشعب بالمشاركة في القضايا المصيرية للأمة لا أن تبقى هذه القضايا حكراً على الأنظمة فهي عاجزة عن حملها ، والدفاع عنها كما أثبتت الوقائع الدامغة ، إن المشكلة الأهم التي تعاني منها الأنظمة العربية أنها تسعى ليل نهار لنيل رضى أسيادها الأمريكان، مع إدارة الظهر لكل مطالب شعوبها، بل عندما تتنازل عن أي مطلب لشعوبها كما حصل في قرار تعديل الدستور المصري، أو الانسحاب السوري من لبنان بدا أنه اذعاناً للمطالب الأمريكية، وليس تلبية لرغبات الشعوب، مع أن رغبة الشعب المصري ولبناني كانت أسبق بكثير من المطالب الأمريكية، فالأنظمة هي التي تعطي هذه المطالب طابع أمريكي.
نرجو من الأنظمة أن تستمع لشعوبها ، عبر أوسع مشاركة شعبية لصياغة مستقبل هذه الدول، إذا كانت تعنيها مصالح هذه الدول وليس مصالحها الخاصة والضيقة فقط. خاصة أن من يدفع ثمن أي ضغوط سواء اقتصادية أو عسكرية هي الشعوب وليست الأنظمة، وأن لا تساوم هذه الأنظمة أمريكا في قضية مثل الديمقراطية، لأن ذلك لا يعني إلا مزيداً من الاستخفاف الأمريكي بهذه الأنظمة ، الذي يعبر عن عجزها حتى عن فهم أمريكا.
ونقول أخيراً أن الأنظمة العربية لا تتعارض مع مصالح أمريكا ومشروعها في الشرق الأوسط، والخلاف الوحيد كيف يتحقق السلام بين العرب وإسرائيل والذي يهبط درجات في كل قمة عربية ، أما الشعوب العربية وأغلب قوى المعارضة تذهب بعيداً في رفض المشروع الأمريكي.
سحر حويجة



#سحر_حويجة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلطة الأمنية من سوريا إلى لبنان


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سحر حويجة - الديمقراطية ألد أعداء الأنظمة العربية