أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - حسين بيومى : مثقف من طراز فريد ونادر















المزيد.....

حسين بيومى : مثقف من طراز فريد ونادر


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3995 - 2013 / 2 / 6 - 21:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



رحل عن عالمنا الناقد السينمائى والمترجم حسين بيومى (1943- يناير2013) وهو شقيق الشاعر والمترجم حسن بيومى الذى رحل عن عالمنا منذ عدة سنوات. وقد توطدتْ صداقتى بالراحليْن الجليليْن، ولمستُ فيهما شدة اعتزازهما بالذات والحرص على الاستقلال بعيدًا عن أية سلطة سياسية أو ثقافية ، وأنّ هذا الاستقلال هو الذى يحمى المثقف (بالمعنى العلمى لتعريف المثقف) الذى يجب أنْ يكون طليعة روحية لشعبه وليس أداة أو بوقا للحاكم أو للثقافة السائدة .
حسين بيومى تعرّض لأزمة صحية منذ أكثر من عام نتج عنها استئصال أجزاء من معدته نظرًا لوجود سرطان بالمعدة. وفى نهاية العام تعرّض لانتكاسة بسبب رفض الجهاز الهضمى للطعام والشراب. ذهب إلى معهد ناصروخرج كما دخل وقال له الطبيب المعالج ليس لدينا علاج لحالتك ، ونصحه بالسفر إلى أوروبا أو(على الأقل) دخول مستشفى القوات المسلحة بالمعادى) أرسلتُ بالإيميل رسالة إلى الأستاذ محمد سلماوى رئيس اتحاد الكتاب المصريين وأخبرته بما قالته لى السيدة كوكب زوجة حسين ، فإهتم برسائلى وردّ علىّ أكثر من مرة بأنه يُتابع حالته واتصل بالفعل ببعض المسئولين بالقوات المسلحة لدخوله المستشفى ، ولكن كان قدر الوفاة أسبق من إنقاذ الحياة. مات حسين بيومى كما يموت كل الشرفاء ، صحيح مات هزيل الجسد كطفل ولكنه ظلّ شامخًا إلى آخر لحظة فى حياته.
أسهم حسين بيومى فى الثقافة المصرية بالترجمة والتأليف. من بين مؤلفاته العديدة كتابه عن (الرقابة على السينما) الذى قدّم فيه نقدًا موضوعيًا لجهاز الرقابة على السينما فى مصر، والدور الذى تلعبه السلطة السياسية لوأد أية محاولة لنهضة سينمائية جادة كما هو الحال فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية بل فى الكثير من دول أمريكا اللاتينية. وفى هذا الكتاب الذى أعيد طبعه عن هيئة الكتاب المصرية عام 2012(مكتبة الأسرة) ضرب العديد من الأمثلة على كارثة وجود رقابة على الفن ، وأنّ تلك الرقابة هى أحد أسباب انهيار صناعة السينما المصرية. ونظرًا لحرصه على متابعة مهرجانات السينما العالمية ، كان يبوح لى بشىء من الأسى باعتقاده أنّ السينما المصرية شديدة التخلف (باستثناء بعض الأفلام النادرة والمخرجين الجادين أمثال شادى عبد السلام) أما أغلب الأفلام المصرية (منذ نشأتها) فهى لا تستحق المشاهدة ، ولذلك فإنّ صفحات الصحف والمجلات المتخصصة فى النقد السينمائى لم تكن تـُرحّب بمقالاته. وكان يرى أنّ من بين كوارث السينما المصرية (النقاد) الذين يمدحون الأفلام الهابطة. ولكنه كان أيضًا شديد الموضوعية عندما كان يستثنى بعض النقاد الجادين المحترمين أمثال الراحل هشام السلامونى وسميرفريد وكمال رمزى . أما عن ظاهرة ما يُسمى (أفلام الشباب) أو ظاهرة الممثلين الجُدد من الشباب فكان يقول لى ((إنها سينما تـُكرس للتخلف العقلى)) والإنحطاط الأخلاقى ، فإذا كانت الفكرة والسيناريو والإخراج ليس لهم أدنى علاقة بفن السينما ، فقد ابتلينا بالمخرجين الذين شجّعوا التمثيل بالحاجب وتغيير الصوت وتلعيب المؤخرة ، مُعتقدين أنهم يُقدّمون (كوميديا)
أما اسهاماته فى الترجمة فقد ترجم الكثير من الكتب المهمة مثل كتابه (دوستويفسكى وعالمه الروائى) تأليف الناقد الروسى ( ف يرميلوف) الصادر فى طبعته الأولى عن هيئة الكتاب المصرية- سلسلة الألف كتاب الثانى- عدد254- عام 1996وطبعته الثانية عن المجلس الأعلى للثقافة (تعاقد عليه عام 2012ولم يصدر حتى تاريخ وفاته عام 2013) كان اختياره لهذا الكتاب أنّ مؤلفه (رغم أنه روسى) لم يلجأ إلى المديح المجانى للروائى العظيم دوستويفسكى ، وإنما كما أشاد بدوره فى مجال الرواية على المستوى العالمى ، وجّه إليه نقدًا حادًا لبعض الأخطاء الفادحة فى البناء الروائى فى بعض رواياته. كما تعود أهمية هذا الكتاب إلى أنّ مؤلفه استعرض فى المقدمة حياة دوستوفيسكى الشاب والظروف الاجتماعية البائسة التى عاش فيها ، وظروف الحكم عليه بالاعدام إلخ ثم تناول بالتحليل النقدى الجاد والمُمتع رواياته : (الجريمة والعقاب) ، (الأبله) ، (الممسوسون) ، (المراهق) ، (الأخوة كارامازوف) بالاضافة إلى الأعمال الروائية الأقل شهرة والتى كتبها فى شبابه. أما المترجم الراحل حسين بيومى فكتب مقدمة غاية فى الأهمية من 13صفحة من القطع الكبير ألقى فيها الكثير من الضوء على حياة دوستويفسكى الذى كتب (مذلون ومهانون) وهو نفسه عاش ولمس هذا الذل وهذه المهانة. وأنّ أعمال دوستويفسكى – أكثر الكتاب ذاتية- هى ((دائمًا اعترافه الشخصى ، بما فيها من فهم كئيب ، وتردد واضطراب محموم وخوف لا يهدأ من هلامية وظلمة الحياة ، فأعماله تسجيل لروح عظيمة وإنْ كانت مريضة أعياها عناء الإنسان ، روح رجل بلغ أقصى درجات اليأس ، وفقد كل طموحاته ، كل أحلامه ، روح باتت تعشق الأسى لأنها لم تعد تملك شيئا تحيا من أجله غير الأسى)) هذا الكتاب أتمنى لو يقرأه جيل (النقاد) الجُدد (إذا كان لدينا حركة نقدية بحق وحيق) بعد رحيل جيل محمد مندور وفاروق عبد القادر.
ظلّ الراحل الجليل حسين بيومى على قناعاته بالفكر الماركسى حتى آخر لحظة فى حياته. وكان مع نضال الطبقة العاملة وحق الفلاحين فى تنظيماتهم الخاصة ، وكان يرى أنّ نضال الشيوعيين المصريين منذ سنة1921لم يُحدث أى (تراكم كيفى) وكانت النتيجة أنّ الغالبية العظمى من أبناء الطبقة العاملة وقعتْ تحت أقدام الأصولية الإسلامية ، خاصة بعد يوليو1952. والسبب أنّ الماركسيين المصريين لم يستوعبوا ولم يهتموا بالخصوصية الثقافية لشعبنا المصرى كما فعل الماركسيون الفيتناميون والصينيون. وفى الختام لايسعنى إلاّ توجيه الشكر لكل الأصدقاء الذين بادروا من أنفسهم للمساهمة فى علاج حسين بيومى وأخص بالذكر الصديق الغالى مصباح قطب الذى كان يتولى الاتصال بالأصدقاء الذين لا أعرفهم حتى من يعيشون خارج مصر، وبالفعل استجابوا وقدّموا الدعم المالى لإنقاذ حياة حسين بيومى . كما لا يفوتنى الإشادة بموقف السيدة كوكب زوجة حسين بيومى التى وقفت بجانبه وتحمّلتْ عذاب النظر إلى المريض وهو يتألم ولا تستطيع أنْ تـُخلصه من آلامه. تحمّلتْ الألم النفسى لزوجها العزيز طوال أكثر من عام ، فكانت مثالا حيًا لوفاء الزوجة لزوجها. وعندما كنتُ أرى الألم على قسمات وجهها ، كنتُ أرى إيزيس وهى تجمع أشلاء زوجها الحبيب أوزيريس ، وهكذا هى المرأة المصرية طوال تاريخنا المُمتد عبر آلاف السنين . رحل حسين بيومى ولكن ستبقى أعماله خالدة ككتابات كل من أخلصوا للإبداع الجاد .
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفولكلور المصرى ومقاومة الاستبداد
- آليات الليبرالية ومبادىء الاشتراكية
- لماذا لا يحتفل الإسلاميون بنبيهم العربى ؟
- لماذا تعريب مصر وليس تمصير العرب ؟
- الربيع العربى بين الوهم والحقيقة
- مؤامرة إنجليزية إيطالية لسرقة واحة مصرية
- عبد الغفار مكاوى والبحث فى جذور الاستبداد
- عودة اليهود والاستيطان الإسرائيلى لمصر
- نجح الإسلاميون فيما فشل فيه الإنجليز
- الدستور وكارثة تعريب العلوم
- الحاكم العصرى ليته كأحد الفراعنة
- أنصار الحرية فى مواجهة أعدائها
- العداء للفلسفة وعلاقته بالتخلف الحضارى
- الدونية القومية عند المتعلمين المصريين
- تأثير التراث العربى على العقلية العربية
- التراث العبرى ولغة العلم
- الأصولية الإسلامية وجذور العنف
- الحذاء الفضى - مسرحية قصيرة للأطفال
- العلاقة بين هدم الآثار والعداء للتراث الإنسانى
- أجنحة الصفاء - قصة قصيرة


المزيد.....




- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - حسين بيومى : مثقف من طراز فريد ونادر