أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهدي بندق - السلفية المصرية ولاهوت التحرير















المزيد.....

السلفية المصرية ولاهوت التحرير


مهدي بندق

الحوار المتمدن-العدد: 3995 - 2013 / 2 / 6 - 19:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السلفية المصرية ولاهوت التحرير
مهدي بندق
لم يفاجئني خروج حزب النور السلفي من القلعة الإخوانية إلى فضاء الوطن الرحب ، فبإعلانه عن توافقه مع مطالب جبهة الإنقاذ الوطني ، يكون قد اقترب كثيراً من الانفتاح على الرؤى المعاصرة في عالم السياسة . أقول لم يفاجئني ذلك الخروج فلقد كنت أول من تنبه إلى إمكانية هذا التغيير استنادا إلى القول المشهور " أنت تنزل النهر ولا تنزله " أي أنك حين تنزل موضعاً في النهر لا بد ملاقٍ مياها جديدة في نفس الموضع . ذلك هو قانون التغير الشامل الذي اكتشفه الفيلسوف الإغريقي هيراقليطس في مواجهة المتلفعين بوهم الثبات .
عن ذلك التصور كتبتُ على هذه الصفحة بتاريخ 29/11/201 ما يلي " برهنتْ معظمُ التيارات السلفية في مصر على براءتها من مرضين سياسيين خطيرين : الازدواجية والبرجماتية ، فالسلفيون بعامة قوم واضحون لا يلجئون إلى الكيل بمكيالين ولا يؤمنون بممارسة المناورات الفظة والمساومات الرخيصة ، إضافة إلى أنهم ليسوا ممن يبنون مواقفهم على مقياس المنفعة يغيرونها حال تبينهم لمنافع أكبر أو استشرافهم لخسارة قادمة ، بل يتمسكون بمبادئهم حتى وإن كبدتهم وأرهقتهم . وتلك سجايا جديرة بالإشادة ، بينما – على صعيد الممارسة - ثمة متطرفون بينهم يستحقون النقد لمحاولاتهم الدءوب إجبار مواطنيهم على قبول أفكارهم والخضوع لرؤاهم حتى ولو كانت مستحيلة مثل فرض الجزية على الأقباط ، وهدم أبي الهول والأهرامات والمعابد الفرعونية باعتبارها أوثاناً ! مع إباحة الرق وتزويج البنات في سن الطفولة ! "
ورغم حرصي على تسجيل انتقادي للمتطرفين منهم – كما ورد بالفقرة السابقة – فلقد حرصت أيضاً على تأكيد إمكانية أن يتجاوز السلفيون الجمود الفكري ليسلّموا بالتطور، وبهذا يبلغون النضج السياسي في الدائرة الأوسع للحركات الاجتماعية المصرية . وقلت إن هذا التطور ليس خليقاً بأن يجرى بطريق المناجزات الفكرية حيث الفكر لا يتغير بالفكر وحده ، بل يتغير عن طريق التشابكات السياسية والاجتماعية على أرض الواقع .. وضربت لذلك مثلاً بأفراد ينتج كل منهم سلعته على حِدة ( فالواحد منهم بهذا الوصف صاحب عمل ولو كان صغيراً ) وقلت إنك سوف ترى كلا ً منهم ذا فكر فرديّ مكتفٍ بوعي صاحبه المحدود ، مشغول بمشاكله دون غيرها من مشاكل الجماعة الاجتماعية. لكن إذا حدث وأفلس هؤلاء، واضطروا للعمل في مصنع كبير، لرأيتهم يتحدثون عن ضرورة العمل النقابي، والتأمينات العامة ، والأجور الموحدة، ورويدا ً ينشأ عندهم ما يعرف بالوعي المشترك .
هذا الوعي المشترك هو كلمة الفصل فيما يجرى الآن على الساحة السياسية والحزبية ، فلما كانت جماهير السلفيين في مصر أغلبهم من الكادحين المنتمين للطبقات الدنيا ، فمن الطبيعي أن تحاول قيادات الاتجاه السلفي – خاصة حزب النور الأكثر تقدماً - التعبير عن مصالح جماهيرهم هؤلاء ، وما من شك أنهم حين فعلوا قد تبين لهم أن القضايا الدينية ليست الشغل الشاغل والأوحد لمن يتبعونهم . هاهو ذا الواقع الفعلي يبدأ في تثقيف القيادات والأتباع معا . ومع الوقت فغير مستبعد تحالف السلفيين – لا موضوعياً فحسب بل وسياسياً أيضاً – مع الأحزاب القومية والليبرالية واليسارية .
ولا يعني هذا أن السلفيين ماضون إلى تغيير أيديولوجيتهم ، فالأيديولوجيا أعز عند أصحابها من أن ُتنبذ أو ُيتخلى عنها ، لكن المواقف السياسية والاجتماعية قد تقرب بين المختلفين حول المنطلقات فيما لو تقاربت الغايات ، وهو عين ما جرى في أمريكا اللاتينية القرن الماضي بداية من عام 1968 فيما عرف بلاهوت التحرير.
في ذلك العام اندلعت ثورة الطلاب في فرنسا في مواجهة هيمنة البورجوازية واستعلائها ، وسرعان ما انتقلت الشرارات إلى بلدان أوربية وجنوب أمريكية حتى وصلت إلى كولومبيا . وهنا حدث ما يدهش ، فقد انعقد في هذا البلد البائس شبه المحتل مؤتمر للمقاومة ضم قساوسة من بيرو والبرازيل والسلفادور ، وانتهى المؤتمر بإصدار وثيقة تتبنى مطالب وحقوق الفقراء والمحرومين ، وتكشف عما ارتكبته الدول الصناعية الكبرى من جرائم كي تثرى شعوبها على حساب دول العالم الثالث .
وغير عابئين بغضب بابا الفاتيكان وكرادلة الكاثوليكية انضم عدد كبير من رجال الدين إلى القوى الثورية في كل مكان بالقارة المضطهدة ضداً على الامبريالية الأمريكية وعملائها الكمبرادور، حيث كان السؤال الأساسي الذي طرح على تلك الحركة هو : هل يمكن للإيمان أن يدفعنا نحو التحرر؟
وسرعان ما جاءت الإجابة على لسان أستاذ الفلسفة البروفسيير د. جورج الفار في محاضرة له في منتدى الفكر الاشتراكي مفضياً بمناقشته لمسألة “لاهوت التحرير”، إلى الدعوة لتجربة تقوم على التصالح بين الفكر الماركسي والفكر المسيحي على أرض أمريكا الجنوبية بغية تحقيق قيم التحرر، لافتا إلى أنه ولأول مرة ينتبه رجال دين مخلصون في المسيحية من خلال هذا الفكر اللاهوتي نفسه إلى ما يسمى بالخطيئة المؤسسية ( وليست الخطيئة الأولي ) وتعني الخطيئة المؤسسية خطيئة الدولة في إصدارها لقوانين مجحفة بحق الفقراء والمساكين. كما أن الكاثوليكية - يقول الفار- ينبغي أن تدرك أنها ليست ديانة النخبة من الأكليروس الذي شكلوا كنيسة المؤسسة، إنما هي كنيسة الشعب . وهو ما يذكرنا بمقولة مفكرنا الفرنسي المسلم محمد أركون عن ضرورة التفرقة بين دين النبوة ودين الدولة .
من جانبي أقول إن مفهوم دين الدولة قد بدأ مع نهاية الخلافة الراشدة وتولية معاوية بن أبي سفيان إمارة المسلمين ليحيلها إلى قيصرية وملك عضوض ، وقد ُذكر عن أبيه أبي سفيان أنه قال في مجلس لعثمان بن عفان : جاءت إليكم يا بني أمية بعد تيم وعديّ ( يقصد قبيلتي أبي بكر وعمر ) فعضوا عليها بالنواجذ وتداولوها بينكم تداولكم للكرة فأنا لا أعرف جنة من نار ! فكان أن عنفه الخليفة وطرده من المجلس . بيد أن هذا المفهوم عن الدولة الاستحوازية الإقصائية هو ما آمن به بنو أمية فالعباسيون فالفاطميون إلى الدولة العثمانية .
الدولة الدينية إذن هي دولة " دنيوية " بالمعني الردئ للكلمة ، بمعنى التكالب على الدنايا والشهوات إلى حد القتل في سبيلها تحت شعار دين الدولة ، بينما ترى العكس تماما في مفهوم دين النبوة حيث المثل العليا وممارسة الوظيفة الاجتماعية للدين المتعلقة بمحاربة الفقر والبؤس المادي والروحي الناجم عن استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.
فهل آن للسلفية المصرية المعاصرة أن تنطلق من هذا المفهوم الرائع - دين النبوة - فتعيد إنتاجه بصورة مبدعة مهتدية بتذكارات الخلفاء الراشدين وبالتجارب المعاصرة ؟



#مهدي_بندق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا تغرق فأين جبهة الإنقاذ ؟
- طريق يناير إلى الاشتراكية أو غيرها
- الرئيس رشدي بين دراكولا وكافكا
- ضرورة أن يأخذ السلفيون وقتهم
- إسرائيل جريمة العصر والفلسطيني التائه
- اليسار المصري صاعد ولكن بشروط
- هل يترك المثقفُ شعبه غافلاً ؟
- النمط الفرعوني وتدمير عقول المصريين
- المجتمع المصري ورُهاب الحداثة
- محاولة لتجديد الخطاب الديني على خلفية الفيزياء الحديثة
- الخليفة القادر وتأسيسية الإرهاب الفكري
- الوعي في أقصى درجات الاحتمال
- هل يبقى الأخوان المسلمون أخوانا مسلمين ؟
- الإيمان لا يحتاج إلى إعلان (2)
- الإيمان لا يحتاج إلى إعلان
- تجديد الخطاب الديني على خلفية الفيزياء الحديثة
- الجيش المصري ليس فيلقا ً إيرانيا ً أو كتيبة أمريكية
- مصر بين سكة السلامة وسكة الندامة
- هل تطلب حماس سيناء كوطن بديل ؟
- أنور عبد الملك وتغيير العالم


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهدي بندق - السلفية المصرية ولاهوت التحرير