أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - هكذا تحدث الحكواتي















المزيد.....

هكذا تحدث الحكواتي


عبد الغني سهاد

الحوار المتمدن-العدد: 3994 - 2013 / 2 / 5 - 21:06
المحور: الادب والفن
    


وقف وسط الحشد او ما يشبه الحلقة التي تعودت على الاستدارة حوله كأنها قرص خبزة,,تستمع الى خطابه البئيس الذي لا يحسن غيره ,,فتكلم بصوت مبحوح عليه اثار نفخات النرجيلة القديمة ,,,
جئتكم اليوم احدثكم عن أمر يخصني وحدي وأنكم تجهلونه او تتحاشون الحديث عنه على الملأ
فهو يلبسكم وتلبسونه ليل نهار ,, تتجنبون الكلام عنه فيما بينكم ولدي قناعة قوية انكم انتم الرعاع لا تعون مكنونه وهو يتصرف بكم بما شاء ,,,فهو منتهى حثالة الشرط الانساني ,,,
الصفوة منهم تلك التي جاءت الى الدنيا وفي فمها ملاعق من فضة او ذهب تعرفه وتغديه وتقدف به بين جنباتكم ,,وهي لاتمل من التظاهر بينكم بالشفقة والحسرة ,,,, لكسب ثقتكم ونيل رضاكم ,,والبقاء عليه بينكم ,,فهي تنكره وتلعنه امامكم لكن في قرارة نفسها تبجله وتمدحه وتدبلج له التقارير الطويلة وله تنظم المهرجانات والمناظرات العريضة التي هي في النهاية ليست سوى تمظهرات ملهية لكم ,,,قصد ذر الرماد في اعينكم الضيقة ,,,
الصفوة هذه أيها الرعاع تعمل كما الزواحف فهي تغوص ببطونها في في التراب وتضع رؤوسها في الوحل الرطب وتتوهم ان العالم لن يكون جميلا دونها ,,,
لن توقفني لمزات بعضكم ولا قهقهاتكم الساخرة ,,وأتحداكم جميعا ان تعرفوه ,,وسأرغمكم على الصمت والإستماع المرهف لما ساقول,,ستنصرفون من حولي وانتم تستصغرون من شاني ولكني غير مبالي بأخلاقكم القطييعية وسأبحث لنفسي عن أرضية تسهل علي إنتزاع تفهمكم وإستيعابكم لما ساأقول ...
تكلم عنه الناس في كل الازمان وحاربوه وقدموا له القرابين والاضحيات لكنه استمسك بشغوف مصائرهم وكانت له نهاية الانتصار عليهم ,,فتركوه بينهم واستانسوا بمكائده اليومية ,,,فهو ينكد عليكم عيشكم في اكواخكم البئيسة التي تزينونها بالصفيح والتقنيات الجديدة ,,,يدخل عليكم في هيئة قطرات مسترسلة في ليلالي المطر ولفحات قاتلة ايام الشمس والحرارة ,,,فتتحول ازقتكم الى مقابر
ومقابركم الى منازل جديدة لذريتكم ,,,ترعونه في الليل والنهار ,,,وتتحدثون عنه بلباقة في مابينكم وانتم مفعمين بمشاعر الطيبة والسذاجة لعله يوما يغادر زوايا بيوتاتكم ,,,لكنه قابع لا يغادر الى الابد
يرافقكم في كل اللحظات ,,قدر عليكم ولا تقدرون عليه ,,وبسذاجتكم تنصاعون الى اوامره وتصطفون على ابوابه تطلبون بود ان يفارقكم ,,,كأنكم خرفان برية تحتمي ببعضها في وجه العواصف المدوية ,,وفي حاله السكون تخضر روابيكم وتزهر حقولكم لفترة قصيرة فتتناطحون فيما بينكم لاجل عيون نعجات سقيمة ومتعالية...
جائني هذا الذي سأحدثكم عنه ليلا وكنت مزهوا بين حماماتي البيضاء العشرة فحطت أحداهن على راسي فتجمدت سوالفي الوسخة وفرت من يدي تلك الحمامة الغبراء التي تعودت أن تاتيني بالمال من ذلك البنك القديم الذي وضعت فرنسا منتصبا وسط ساحتكم أيها الرعاع المزاليط ,,,تعالى هديرها في عنان السماء فارتبك الجيران ,,صحوت حينها من سكري الرخيص فغاصت في أعماقي صيحات الزلط فسمعت منادي في أعماقي يناديني ,,يأمرني بان أرسم معكم ملامح القدر ,,قدركم ,,قدريى و قدرهده الساحة التي هي في قبضتي منذ الازل ,,,,,
سمعته يهمس في أذني:
أنا الفاقة ...أنا الحاجة ,,,أنا الفناء ...وانت العار الذي يحفهم؟
وأني وليتك في الساحة الفانية الى حين ,,,,
جائني أيها الرعاع ولم أكن مسربلا بشيء من الثياب ,,, كنت زبطا كما خرجت الى هده الذنيا أول مرة ,,أو ,,كما تتزبط عليكم عيشة ريال كل مساء حينما تبخلون عليها بريال واحد ,
زارني وكنت زبطا كدودة صفراء ونصبني وليا عليكم ,,,وسماني المزبوط المزلوط الاكبر في الساحة الكبيرة ,,فكان رد فعلي في مستوى الموقف العظيم ,,,ملأت نرجيلتي حشيشا رديئا ونفرتها في شدة ووزعتها عى خياشيمي السوداء ,,,سويت دماغي على نفخاتها ثم نظمت القافية ورتبت القول وانفلتت الحكمة مني ,, كانها إنفلتت من عقالها ,,,واغراني المنصب ...
فتناثرت الكلمات الغريبة من فمي كما تتناثر أسراب القمل الاسود من جلابيبكم في الليالي الشتوية الباردة
من جلابيب مزاليط الساحة,,, واخدت اوزع الكلام المرصع بالحكمة عليكم كما وزع شيوخ المدينة اقراص الخبر على الناس الذين حطت اقدامهم في هذا المكان .

‏كل الناس هنا في الساحة من كل اجناس.
تعرف عساس البهجة الحمرا
امفاجي ضيم الحوز مولا قبة خضرا
الشيخ سيدي بالعباس
حاط رجل على رجل
ما يتهنا حتى ‏يتعشى
الدخلاني والبراني,,,,,
هذا الشيخ الجليل هو سليل الساحة و لم يقدر على محو بقع الزلط من زوايا ها المبللة بدمكم في عهد كان بعضكم يحارب البعض لأجل بدعة وعقيدة مغشوشة بثها بينكم فقهاء الظلمات الذين سادوكم ولا يزالوا يسودونكم في زماننا .
الزلط هذا الكائن المكروه هو أمير ساحتكم ولغبائي نصبني وليا على الساحة ومتحدثا باسمها .وسرعان ما شكلت حاشيتي الى حين معلوم من حماماتي البيضاء وانا وعشيري في غاية المرح و السرور أسوي نرجيلتي وانظم حاشيتي أرتب قولي حين ينفلت مني عقال الصواب والحكمة , كلمني الزلط ووعدني وعدا غليظا انه لن يحيد عن ساحتكم ولن ينصرف عنها الى حين طمس معالمها ووضعكم في حفركم الموعودة .
مهما تعالت مكانتها بين الساحات الدنيوية العالمية سيغطيها الزفت عوض الاتربة
والبغايا واللصوص عوض الحسان الملثمات والحديد والعمارات عوض الخيام والحصير .
ومهرجانات العري والزنى عوض خيمات الكتب والمخطوطات الناذرة,سيصبح للساحة وجوه عديدة الواحد منها ينسيكم الاخر , و سيضيق افقهاحينا بعد حين ,,,وانتم نيام غافلين ,,,الى ان تصبح مرآبا للسيارات الفارهة ...
و كاني أستوعبت كلامه فاجلست حماماتي البيضاء الجميلة وسويتها على صناديق فارغة نثرت لها ما حصلت عليه من الحب من الرحبة القديمة قبل ان يحولونها الى قيسارية اطلع واهبط ....ملئت لها طاسات نحاسية من ماء عتيق اتيت به من ساقية امام المزاليط ابي العباس السبتي مول الزاوية عاشق المساكين .وهي ترابط على تلك الصنادق لا تمل من النظر في وجوهكم الشاحبة المهزوزة تنتظر اوامري الصارمة ... التي تتغير كل يوم مثل انفاسي ...
حماماتي ليس زاجلة لكنها ماجنة تنسجم للتو مع نزواتي العابرة تشاركني فلسفتي في العيش البسيط عندما تنصرم الحلقة وتتوزوع في دروب الفرقة تستمتع هي بحريتها بعيدا عني تمارس الحب المفضوح احيانا على جامورات المسجد الاعظم وتصطف على جنبات قبة صهريج كبير تسترجع ماضي انفلت منا جميعا .
تسترجع ذكرى اجدادي مع امجاد هم لما كانت تهتز جنبات ذلك الصهريج بأصواتهم وهم يستعدون لعبور البحر لاستعادة الفردوس المفقود .
حماماتي من نسل عتيق ومجيد واجزم انه لا أحد منكم يعرف قيمتها
عندما اراكم تتحركون وتتناقصون من حلقتي تتراجعون الى الوراء كالنواعير المعطلة ...تبحثون عن حلقات مجاورة وعيونكم مفتوحة علها تلتقط شيئا غريبا ...عقولكم حينها تكون مقفوله لا تقوى على التمييز بين الشيء الغريب والمفيد.بين السوي والمعيب...بين من يلقمكم الكذب ..ومن يضع في طريقم كلام من الجوهر والذر ,,,,
كانت ساحتكم مسرحا لعرض الرؤوس الثائرة واصبحت مرتعا لعبور الرؤوس المنخورة والفارغة تهزها صيحات الباغيات ورقصات الخنوثيات وتغريها روائح اصناف الطعام من رؤوس الضان المشوية او جبانية الحلزون المصلوق بالعطور والبهارات . حروف الفقر مرسومة على ملامحكم مجرد موتي مع وقف التنفيد تتحلقون غصبا عنكم حولي كاني حيوان اجنبي يتقن لغتكم ...
حطيت في ساحتكم وعمري لا يتعدى سبع سنوات او ثمانية .سبعة بعدد رجالات المدينة او ثمانية بعدد ابواب جهنم منذ ان حطيت بينكم والفقر والزلط يلازمني
رغم اني لا انطق الا لالقنكم درسا استقيته من كلام مجدوب عاش في تلابيب تاريخكم او من تجاربي الغنية في الحيا ة .قدمت عروضا وعروضا لمدة تزيد عن اربعين سنة حتى بعد وفاة عشيري الاصلع صاحب السوالف المتسخة حينها ضجر الحمام مني وهرب الى الجنان الخضراء القريبة من الساحة.

حقا لحقني الزلط والسقم برفقتكم وتحولت الى شماتة بينكم .
غزا الشيب رأسي ونخرت الاوجاع والامراض جسدي وهجرت الحكمة كلماتي ولزمت الصمت عند رجوعي الى الساحة رفقة طفل صغير حجزت معه رقعة صغيرة افترشت فيها حصير ضيق في زاوية من ساحتكم . ونشرت بعض الكتب القديمة وحاجيات عديمة الجدوى كانت توسم تجربة حياتي بينكم .
غزلت في الساحة مرارة حياتي بمشاهد لفرجتكم كنت أريد ان أستل الفرحة والبسمة من شفاهكم التي لا تعرف سوى نكد العيش .
وفي مثلي قال من قال :

مثلت روحي لحمام مبني على صهد نارو
من فوق مابان دخان ومن تحت طابوا حجارو
وفي قال أيضا :
من خالط الاجواد جاد بجودهم ومن خالط الارذال زاد عناه
من جاور برمة تطلى بحمومها ومن جاور صابون جاب نقاه

وانا تجرأت وجاورت الزلط وجاورتكم يا مزاليط الساحات
لا الوعاظ وعظوكم ...ولا ثوار الحانات أصلحوا من أحوالكم ..ولا منظمي البهرجانات البرانية عدلوا من وحشيتكم ...كلكم منافقون ...وسابقى أنا الحكواتي اصرخ كل مساء لفضح حالكم ...وانتم تعيدون سماع حكايات دلك الناسك والحسناء والراعي دون فهما ...وتسترجعون دون وعي منكم ملحمة ذلك الفقيه الذي تحداكم وحمل الحمار على ظهره وشتم أجدادكم وأنتم تهزؤون,,,
ولا يزال الفلك يدور عليكم
ولا نهاية لدائرته .
والعمر كله ضيعته بينكم صابرا انتظر بلا جدوى طلوع نهاري :
ياصاحب كن صبار
واصبر على ما جرى لك
ارقد مع الشوك عريان
حتى يطلع نهارك
=======



#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعبوية والترهيط السياسي .....
- استهلك بلا متهلك.....
- وفاء كلب
- انه يبيع القمع
- يوم طار حمام 20 فبراير
- راعي الكلام
- البهلوان


المزيد.....




- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - هكذا تحدث الحكواتي