أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد السلام أديب - نهب وتبدير المال العام في المغرب















المزيد.....



نهب وتبدير المال العام في المغرب


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 1151 - 2005 / 3 / 29 - 12:09
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


نظمت جريدة النهج الديموقراطي في صبيحة يوم السبت 15 يناير 2005 ندوة خصصت موضوعها لقضايا نهب وتبدير المال العام في المغرب، وقد كلف بالتسيير الرفيق عبد السلام أديب وبوضع تقرير للندوة الرفيق سعيد خير الله بينما شارك في محاور الندوة كل من الأستاذ عبد الخالق بنزكري أستاذ الاقتصاد والناشط الحقوقي والسيد محمد طارق منسق الهيئة الوطنية لحماية المال العام والأستاذ علي أفقير أستاذ الاقتصاد والتسيير والسيد عزيز لطرش عضو جمعية الوفاء للديموقراطية والسيد محمد هاكش عضو الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي. وفيما يلي وقائع هذه الندوة التي كانت صريحة ومباشرة:
* عبد السلام أديب
تفتتح جريدة النهج الديموقراطي مع بداية سنة 2005 سلسلة من الندوات حول مواضيع اقتصادية واجتماعية وسياسية مختلفة تتوخى من ورائها فتح نقاش هادئ بين فعاليات سياسية وحقوقية ونقابية، وقد وقع الاختيار على تخصيص هذه الندوة الأولى لموضوع له حمولات متعددة اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وهو موضوع نهب وتبذير المال العام ببلادنا.
وقبل الشروع في مناقشة المحاور الستة المقترحة عليكم وهي كل من مفهوم المال العام وحجم ظاهرة نهب وتبذير المال العام وأشكالها وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ثم أسبابها وأخيرا كيفية تغييرها، سنترك الكلمة للرفيق عبد الخالق بنزكري لكي يقدم لنا صورة عامة حول الموضوع وذلك في ظرف لا يتجاوز 15 دقيقة فليتقدم مشكورا.
* عبد الخالق بنزكري
يعني المال العام مختلف الثروات التي يملكها الشعب وتقوم الدولة بإدارتها، فماهية هذه الثروات التي هي في ملك الشعب وتقوم بإدارتها الدولة؟. إنهامختلف الثروات الطبيعية كالثروات البحرية وثروات باطن الأرض والغابات والنباتات والوحش والرمال والمياه الباطنية والسطحية. وتدخل ضمن هذه الثروات الممتلكات العمومية التي تمتلكها الدولة أو المؤسسات العمومية وشبه العمومية كالشركات الوطنية. تدخل ضمن هذا المجال أيضا المتاحف والمسارح والمستشفيات والمدارس إلى غير ذلك.
يدخل ضمن المال العام أيضا الضرائب بما فيها الضرائب المباشرة وغير المباشرة والمساعدات الخارجية فإذا كانت تلك المساعدات تعتبر دعما للدولة فهي بإسم الشعب وبالتالي فهي ملكه. هناك أيضا القروض التي تقترضها الدولة باسم الشعب وتسدد من أموال الشعب.
تلك إذن هي الأشكال الكبرى للمال العام، فما هي الآن أشكال نهب وتبذير المال العام؟
هناك أولا سرقة أموال الدولة ثم ثانيا ما يتم تبديره من أموال في اطار الحفلات والأسفار والمناسبات ... الخ، ثم الاعفاءات الضريبية التي تخول لفئة معينة من الأشخاص هناك أيضا التملص الضريبي حيث هناك حديث عن أرقام مهولة لهذا التملص، ثم هناك الأجور والتعويضات المرتفعة حيث أن هناك مدراء يتوصلون بأجور تصل إلى 30 مليون سنتيم وبعضها يصل إلى 100 مليون سنتيم شهريا.
ثم إن هناك مسألة نهب الرمال أو الثروات الطبيعية كالمياه والنباتات وصيد الوحش والأسماك ...الخ. ويمكن أن ندخل في مجال التبذير سوء التدبير عبر شراء لوازم الادارات المختلفة بأسعار مرتفعة جدا وتقديم قروض بدون ضمانات كما حدث بالنسبة للزين الزاهدي الذي كان يدير مؤسسة القرض العقاري والفندقي حيث كان يقدم قروضا بمجرد مكالمات هاتفية وبدون حد أدنى من الشروط القانونية.
هناك أيضا مسألة الاعفاء من الأداء في المستشفيات العمومية بالنسبة للقادرين على الدفع، أيضا خلق مناصب شغل وهمية، واستعمال ممتلكات الدولة لأغراض خاصة كالسيارات والهاتف، وكذا التنقلات غير المبررة وتلويت الطبيعة كما حدث بمكناس مع شركة CADEM التي تضرر منها السكان الجاورون. هناك أيضا الصفقات العمومية والتي تفوت بمالغ خيالية حي كانت بعض السدود تنجز في عقد الستينات بمبالغ خيالية 15 مليار مثلا. هناك أيضا تقديم الرشاوى والغاء الرسوم الجمركية وحرمان الشعب من العائدات التي تدرها هذه الرسوم. وهذا بالإضافة الى التبرعات التي تقدم لبعض الأشخاص وذلك مثلما أثير مؤخرا في الصحافة عند الحديث عن ميزانية البلاط.
الآن ما هو حجم تبدير ونهب المال العام؟ ليست هناك في الواقع احصاءات ودراسات دقيقة في هذا الجانب، بل فقط مؤشرات تدل على أن ما هو خاف فهو أعضم خصوصا ما تبين منها عند فتح ملفات بعض المؤسسات العمومية مثل صندوق الضمان الاجتماعي ومؤسسة القرض العقاري والفندقي والصندوق الوطني للقرض الفلاحي وشركة كوماناف والبنك الشعبي. فالارقام التقريبية التي عرضت بمناسبة فتح هذه الملفات لا تشكل سوى الشجرة التي تخفي الغابة. وقد أشار الحبيب المالكي في بعض دراساته حول حجم التهرب الضريبي بأنه بلغ في المغرب ثلثي المداخيل الضريبية.
إذن فمن الصعب تقديم أرقام ثابثة حول حجم نهب وتبدير المال العام في المغرب نظرا لانعدام معطيات دقيقة حول هذا المجال ونظرا لأن عمليات النهب تتم في سرية تامة وعندما تعرف يكون من الصعب تقدير حجمها إذا لم يفتح بشأنها تحقيق شفاف. فللاطلاع على حقائق النهب والتبذير يتطلب ارادة سياسية قوية تستهدف فضح هذه العمليات.
رغم ذلك يمكننا دراسة الأرقام الرسمية لقياس ذلك الحجم ودراسة آثاره. فمثلا تم الحديث بمناسبة افتحاص صندوق الضمان الاجتماعي عن حجم الأموال الختلسة والتي بلغت 115 مليار درهم، ومعلوم أن هذا المبلغ يشكل 25 % من الناتج الداخلي الاجمالي، فهذه مؤسسة عمومية واحدة تعرضت لنهب ما قدره 115 مليار درهم ورغم ذلك فهو رقم غير دقيق لأن الحقيقة هي أكبر من ذلك بكثير. فهناك معلومات كثيرة ظلت في منطقة الظل كما هو الشأن بالنسبة للمعاملات المالية التي كانت تتم فيما بين المغرب وفرنسا وحيث قيل عنها أنه ليس هناك وثائق حولها.
إذن فحجم تبذير ونهب المال العام لا يتصور لأنه لو تم تدقيق الدراسات والاحصائيات فإننا سنصل إلى أرقام خيالية. لكن من الممكن الاكتفاء بالأرقام الموجودة كمؤشرات أولية.
الآن ما هي انعكاسات تبذير ونهب المال العام؟ تبدو هذه الانعكاسات واضحة حيث أن نهب هذه الأموال وتبذيرها يعني بأنها لا تستثمر لفائدة الشعب المغربي مما يتسبب في الفقر والبطالة والتهميش وانعدام المرافق العمومية وانتشار السكن غير اللائق وانتشار جرائم الوفيات المبكرة وانعدام المستشفيات والأدوية مما يؤدي إلى وفيات الصغار والكبار، وكذا تزايد الهجرة الداخلية والخارجية مع ما يرافقها من كوارت الموت الى غير ذلك من الانعكاسات.
كما يؤدي نهب وتبدير المال العام إلى تصعيد القمع لأن الأشخاص الذين يوجدون في مراكز السلطة ويقومون بعمليات النهب يحاولون حماية أنفسهم من التشهير والمتابعة فيدفعون نحو تصعيد القمع ضد التيارات التي تتهمهم.
يدفع نهب وتبذير المال العام إلى تقوية التيارات الضلامية لأن هذه التيارات تنتعش في هذا الوسط الذي تتفاقم فيه مظاهر الفقر والبطالة والتهميش والأمية فتستغل سداجة المواطنين لإغراقهم في بحور من الوهم والخرافات والحلول غير الواقعية لمشاكلهم. كما تتزايد في هذا الوسط أعمال العنف ودعارة الرجال والنساء والأطفال الى غير ذلك أي أن الأمر يتسبب في وضع اجتماعي متردي لا يطاق وكل ذلك بسبب نهب وتبدير المال العام.
يمكننا أن نتساءل الآن عن الأسباب الكامنة وراء تفاقم نهب وتبدير المال العام؟ يمكننا أن نبدأ من الناحية الحقوقية الصرفة كما يمكننا تناول الأسباب من الناحية السياسية. فمن الناحية الحقوقية الصرفة يمكننا الرجوع إلى البند الأول من المادة الثانية من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والذي يقول "بأنه على كل دولة أن تجند أقصى ما تملكه من موارد من أجل التحقيق الكامل للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمواطنيها".
لكن عندما يتعرض المال العام للنهب والتبذير فإنه لا يتبقى للدولة أية موارد لا قصوى ولا دنيا لتحقيق تلك الحقوق المتحدث عنها. إن هذا البند يشير الى الدولة كمسؤول أول وأخير، بمعنى أن الدولة هي المسؤول عن النهب والتبذير الذي يتعرض له المال العام. لماذا؟ لأن الدولة هي التي تتوفر على امكانيات المتابعة والمراقبة الى غير ذلك. إذن فمن الناحية الحقوقية الصرفة الأمر واضح، فالدولة يجب أن تتابع من أجل ما يقع من نهب وتبذير نظرا لوقوع المسؤولية القانونية عليها.
اما من الناحية السياسية فظاهرة نهب وتبذير المال العام ليست عبارة عن ظاهرة عابرة فقط وإنما تتوفر على جذور تاريخية، فالأسباب السياسية للظاهرة هو قيام نظام سياسي معين يعتبر البلاد من قرون بمثابة ضيعة خاصة للحاكمين يفعلون بها ما يشاؤون، فالعلاقات السياسية بنيت في هذا النظام على شكل إقطاعية خاصة ولا زالت هذه العلاقات السياسية قائمة لحد الآن.
فلكي يضمن النظام استمراريته يقوم بخلق اقطاعيات ويحاول ضمان استمرار العلاقات التي تقوم داخله وهو الأمر الخطير في العملية. فكلما انحدرنا من الهرم نحو القاعدة إلا نجد أن هذه العلاقات تتجدد. ففي كل قطاع اقتصادي نجد مسؤولا يعتبر ذالك القطاع ملكا له يفعل به ما يشاء وبالتالي يعيد انتاج نفس العلاقات. إذن فالعلاقات الاقطاعية هي أساس النظام المخزني القائم وسر استمراريته.
• عبد السلام أديب
نشكر الأستاذ عبد الخالق بنزكري على هذه الاطلاله السريعة على محاور الموضوع المعروض للمناقشة، وأقترح عليه ترك محور ما العمل لنتناوله بشكل جماعي من خلال النقاش. لنعود الآن الى المحور الأول لتنظيم النقاش وهو المحور الذي يتحدث عن مفهوم المال العام، فمن خلال ما جاء في عرض الأستاذ بنزكري حول هذا المفهوم نطرح مجموعة من التساؤلات، فهل المال العام هي الضرائب التي تعتبر كمداخيل عادية للميزانية العامة للدولة؟ أم أن المال العام هي مجموع مداخيل الدولة ككل بما فيها احتكارات الدولة والشركات الوطنية والمؤسسات العمومية أم نضيف إلى كل ذلك القروض الخارجية والمنح الى آخره أو أن المال العام هي كل الثروات المتوفرة والموروثة الحالية والمستقبلية، أو نعتبر المال هو ما يختزنه باطن الأرض وسطحها ومياهها؟
المحور الأول: مفهوم المال العام
* محمد طارق
إن مفهوم المال واسع جدا فهو يضم الثروات الطبيعية الموجودة في ما فوق سطح الأرض وفي باطنها وفي البحر، فمفهوم المال العام واسع لا يقتصر على قطاع دون قطاع آخر وهو يشكل مجموع الخيرات العامة اضافة الى اميزانية الدولة وميزانية الجماعات المحلية والأنشطة المحتكرة من طرف الشركات العمومية وشبه العمومية ومرافق الدولة وبالتالي الممتلكات وكذلك الصناديق الاجتماعية والثروات الطبيعية وأيضا في التعاونيات الفلاحية وكل ما له طابع عمومي أو خصوصي حيث يمكننا ادخال حتى أموال الأحزاب كأموال عامة حيث تتطلب شفافية في الصرف.
كما أن الدولة تقوم بتوزيع أموال دون حسيب أو رقيب على هيئات لاستمالة النخب سواء منها النخب السياسية أو النخب الثقافية. فالأحزاب أصبحت تعمل في خدمة الدولة وهذه الظاهرة نسميها نوع من الرشوة وذلك مثلما كانت تفعل الدول الاستعمارية في إرشاء الدول والأنظمة الديكتاتورية من أجل استنزاف خيرات البلاد.
هناك أيضا توزيع الرخص، فالدولة تقوم بتوزيع الرخص إما في مقالع الرمال أو الصيد في أعالي البحار دون ضوابط حيث لا تعطى هذه الرخص الا لذوي النفوذ، وستلاحظون بأن الأسماء التي استفادت من هذه الرخص سواء بالنسبة للرمال أو الصيد في أعالي البحار هي أسر وجماعات وجلادين ساهموا بشكل كبير في خرق حقوق الإنسان منذ الاستقلال وهي أسماء بارزة تتوفر على رخص نعلم كيف منحت لهم. ولذلك فحسب اعتقادي فإن بعض الجرائم السياسية والجرائم ضد الانسانية والجرائم ضد حقوق الانسان والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان مرتبطة ارتباطا جذريا مع هؤلاء الأشخاص الذين يستفيدون من هذا الوضع وبالتالي يجب الربط بين الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان وكذلك نهب المال العام وبالتالي على المشرع المغربي أن يتحرك، فكما نشرت أسماء الجلادين يجب أن تنشر أسماء ناهبي المال العام.
هناك بعض المؤسسات التي تحتكر بعض الثروات الوطنية مثل المكتب الشريف للفوسفاط حيث لا نعلم حجم الأموال التي يتم التصرف فيها وبالتالي لا نعرف إلى أين تذهب هذه الأموال.
* عزيز لطرش
إن الندوة الحالية تقوم على موضوع حساس ومهم غاية في الأهمية، حيث يشكل صلب الإشكال أو من أولى الاشكاليات في المغر لأن مسألة المال العام والجهات التي تستفيد من نهبها أوتبذيرها أو استغلالها بأي شكل من الأشكال هي التي بنت مجموعة من المصالح وبالتالي يصعب جدا على هذه الجهات أن تأتي اليوم وتمنح الديموقراطية وتفتح اللعبة السياسية وتضمن فصل السلط والعيش في اطار نظام ديموقراطي يتيح المساءلة والمراقبة وبالتالي فإن المراقبة والمساءلة تعني قطع الطريق أمام هؤلاء الأشخاص الذين يتصرفون بحرية في المال العام.
فإشكالية المال العام تعتبر اليوم أساسية وما يجب التنبيه له هو أن الطبقة السياسية بمعنى الأحزاب السياسية لا تمنح هذه الإشكالية الأهمية التي تستحقها وهذا هو بيت القصيد، فالمبادرة التي قام بها الاخوان في النهج نشكرهم عليها ويمكن اعتبارها مدخلا حتى نجد انفسنا كيسار نهتم بهذه الإشكالية التي هي من الأهمية بمكان.
إن مفهوم المال العام لا يطرح اشكالات كثيرة، فالمال العام كما أشار الرفاق الى ذلك هو مجموع الثروات الطبيعية سواء كانت في البحر أو في البر أو تحت الأرض أو في الجو فكلها تعتبر أملاك عمومية. كذلك كل الممتلكات العقارية والمنقولة التي هي في ملك الدولة والتي تديرها إما بشكل مباشر أو غير مباشر. المال العام هو أيضا مجموع المداخيل التي تأخذها الدولة سواء من خلال الضرائب المباشرة أو غير المباشرة أو مقابل الخدمات التي تقدمها أو الاستغلالات التي تباشرها.

* محمد الهاكش
بالنسبة لي فإن نهب وتبدير المال العام هو بمثابة خروقات جسيمة ضد الحقوق الاقتصادية للشعب المغربي، وهذا النهب والتبذير هو أساس النظام السياسي القائم، فبينما يزاول هذا النظام القمع على مستوى الحقوق السياسية والمدنية نجده يمارس نفس الشيء على مستوى الحقوق الاقتصادية. فالنهب والتبدير هي بالنسبة لي جريمة اقتصادية، من هنا فإن النهب هو اختلاس وسرقة وفساد يقع خارج القانون وهو أمر واضح حيث يسعى النظام في بعض الأحيان الى القبض على بعض مختلسي المال العام ويسلمه للقضاء. لكن هناك أيضا النهب بأساليب قانونية للاستيلاء على ممتلكات الدولة واستغلال ثروات البلاد تحت غطاء هذا القانون، هناك طبعا الرشوة والخوصصة والتفويت واعطاء الأراضي ومنح المؤسسات العمومية لذوي النفوذ كمنح المكتب الشريف للفوسفاط لشخص معين الى غير ذلك.
يمكن الاشارة هنا أيضا الى مؤسسات الأعمال الاجتماعية فهناك مجموعة من هذه المؤسسات يتم عبرها تحويل أموال الدولة كما هو الشأن بالنسبة للاعمال الاجتماعية للمكتب الوطني للكهرباء وتعاضدية وزارة الداخلية ... الخ حيث تستغل أموال الشعب لاشباع حاجات خاصة.
أما فيما يخص التبذير فبالاضافة الى ما طرحه الرفيق بنزكري هناك مشاريع تنجز كان من الأفضل أن لا تتم كما يتم تحويل أمال من مشروع منتج الى مشروع آخر غير منتج أو الى شيء آخر فسوء التدبير قائم ومستفحل فبدلا من أن يتم احداث المشروع لفائدة المواطنين يتم تحويل الأموال المخصصة له بطرق ملتوية الى جيوب كبار خدام المخزن. فالتبذير وسوء التسيير يلتقيان مع أشكال النهب.

* على أفقير
بالنسبة لي فإن مفهوم نهب وتبذير المال العام يتمثل في الثروة الوطنية التي تتصرف فيها الدولة كمجموعة الأجهزة والموظفين بشكل لا قانوني أو في اطار سوء التدبير الذي يتمثل في انعدام الكفاءة في تحمل المسؤولية والذي يتم في غياب الرقابة الشعبية بواسطة المنتخبين الذين تفرزهم الانتخابات النزيهة.

* عبد الخالق بنزكري
لدي بعض الإضافات وهي أولا، يمكن اعتبار نهب وتبدير المال العام أكبر جريمة ترتكب في حق الشعب المغربي من طرف أشخاص أو مجموعة أشخاص ضد الشعب المغربي ككل. ثم ثانيا فإن نهب وتبدير المال العام ليس وليد اليوم فهو سائد منذ الاستقلال ولا زال مستمرا الى الآن. ثم ثالثا لا يتعلق نهب وتبذير المال العام بقطاع دون آخر فهو نهب وتبدير منهجي ولذلك فإن الخلاصة المنطقية التي نصل إليها، أن هذه الجريمة تعتبر من الجرائم الكبرى.

• عبد السلام أديب
بعد هذه الصورة الموجزة حول مفهوم المال العام وكذلك مفهوم نهب وتبذير المال العام ننتقل الآن للحديث عن أشكال وحجم نهب وتبدير المال العام حيث يمكن طرح عدد من التساؤلات من قبيل ما يلي:
1 – مدى كفاية المال العام بصفة عامة لإشباع حاجيات الشعب المغربي؛
2 – إذا كان الجواب على هذا السؤال قطعي بعدم كفاية المال العام لإشباع حاجيات الشعب المغربي فما هي أسباب ذلك وهل هي فقط أسباب طبيعية أم أن هناك أسباب بشرية كسوء التدبير كما أشار الى ذلك الرفيق بنزكري والتوزيع غير العادل ونهب وتبذير المال العام؟
3 – ثم ما هو حجم نهب وتبدير المال العام الذي تتعرض له بلادنا منذ الاستقلال؟
4 – ثم ما هي أشكال نهب وتبدير المال العام خلال العقود الأخيرة؟
5 – أخيرا ما هي أهم الحالات التي أتيرت في مجال نهب وتبذير المال العام، وكيف تتم معالجتها؟

المحور الثاني: أشكال وحجم نهب وتبذير المال العام
* محمد طارق
بالإضافة الى ما قلته في البداية فإن الدولة عندما تقوم بتوزيع المال العام بدون رقابة فإن ذلك يدخل في باب تبذير ونهب المال العام والهدف منه إما التأثير على البرلمانيين لتمرير بعض القوانين كالتفاقية التبادل الحر مثلا والتي تم تمريرها بدون أية معارضة تذكر وذلك مقابل الزيادة التي إعطيت للبرلمانيين والتي بلغت 6000,00 درهم شهريا، فالدواة تقوم بإرشاء المجلس التشريعي من أجل تمرير قوانين واتفاقيات تساهم في تفقير الشعب المغربي. فأنا أعتبر أن هذا شكل من أشكال النهب وذلك كما كانت تفعل الدول الاستعمارية في إرشاء الأنظمة غير الديموقراطية، فحتى الدول غير الديموقراطية تقوم بارشاء الأجهزة والمؤسسات من أجل تمرير وابقاء النهب بجميع أشكاله.
فالمال العام غير كافي وعدم كفايته تؤدي إلى تبديره عبر توزيع غير عادل في الميزانيات، فمثلا فإن ميزانية الداخلية تساوي 7 أضعاف مجموع نفقات الاستثمار، كما أن القانون المالي يشرعن لنهب المال العام ويخلق له الآليات عن طريق الإعفاءات الضريبية وتسهيل الغش الضريبي خاصة بالنسبة للشركات التي تبيع بدون فواتير، وتستفيد هذه الشركات من الهفوات القانونية للتملص من أداء الضرائب عن طريق النفخ في المصارف فيتم حرمان الخزينة من عدة مبالغ، كما أن تمديد اعفاء القطاع الفلاحي من الضريبة الى سنة 2010 سيفيد الفلاح الصغير لكن الفلاحين الكبار سيستفيدون من الاعفاء الضريبي وهذا يؤدي حتما الى حرمان الخزينة من تقريبا 10 الى 20 مليار درهم سنويا كمداخيل ضريبية.
هناك أيضا النهب الخارجي فلا زلنا نسدد القروض التي لم تصرف في التنمية، وهي قروض ضخمة والنتيجة هي هضم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشعب المغربي وهذا بطبيعة الحال ينعكس على القطاعات الصحية والتغذية والسكن الاجتماعي والتعليم وبالتالي تضرب مجانية التعليم وتتفشى الأمية.
كذلك هناك بعض الشطحات السياسية كما هو الشأن بالنسبة لقصة تالسينت حيث قيل لنا بأن هناك البترول وصرفت أموال باهضة لمجرد الهاء الشعب المغربي عن قضاياه المصيرية، وبعد ذلك يتبين بأن تلك المنطقة وكانت الدولة تعرف بأن تلك المنطقة جيولوجيا ليس بها مخزون بترولي وقد صرفت من أجل ذلك أموال دون أن يتعرض أحد للمحاسبة.لذلك فإن أرقام وحجم نهب المال العام يصعب معرفتها ولذلك نحن في الهيئة الوطنية لحماية المال العام نطالب بالحقيقة وكشف الأموال المنهوبة مع المطالبة باسترجاعها.

* عزيز لطرش
بالنسبة لأشكال إهدار المال العام هناك العديد من الأشكال منها السطو المباشر على المال العام وهناك أيضا تبدير المال العام عبر طريقة تدبير الشأن العام أما الاختلاسات غير المباشرة كالصفقات العمومية. فتبذير المال العام يتخذ مجموعة من الأشكال أو توجيه النفقات نحو أغراض من المفترض أن لا تصرف فيها تلك الأموال أو بإعطاء الأولويء لأشياء لا تستحق تلك الأهمية... الخ.
هناك أيضا الامتيازات فكما تعلمون أن النظام السياسي المغربي هو نظام مخزني ينبني على ما يسمى باقتصاد الريع ، كما أن اقتصاد الريع مبني على الامتيازات التي تعطى لذوي الولاءات الذين اغتنوا على حساب المال العام: فالامتيازات هي أيضا تعتبر شكلا من أشكال اهدار المال العام.
هناك أيضا استغلال الأملاك العمومية بشكل غير قانوني فهي أيضا شكل من أشكال اهدار المال العام. هناك أيضا استغلال النفوذ والغش والتزوير والرشوة. كذلك هناك تلك القضية التي تعتبر غير طبيعية كمسألة الرخص مثل رخص الصيد في أعالي البحار واستغلال المقالع ... الخ، هناك أيضا الاعفاءات الضريبية التي تمنح لعدد من الأشخاص في عدد من القطاعات بشكل غير قانوني والتي تنعكس سلبا على مداخيل خزينة الدولة. هناك أيضا التملص الضريبي والغش الضريبي.
هناك أيضا اهدار المال العام في اطارات الأجور العليا التي تعطى لكبار المسؤولين والعلاوات والمكافئات، هناك أيضا بعد دخول برنامج التقويم الهيكلي ما يتعلق بالخوصصة حيث أن ما أهدر من أموال عمومية في اطار ما يسمى بالخوصصة هي أموال هائلة لا يمكن تصورها.
هناك أيضا التدبير المفوض كما هو الشأن بالنسبة لرضال وليديك وعدد من المرافق العمومية التي بدأ يفوت تدبيرها فيما يسمى بالتدبير المفوض للشركات متعددة الاستيطان.
عموما هناك أشكال متنوعة ومتعددة لنهب وتبدير المال العام. وبالتالي فإن حجم المال العام الذي يهدر لا أعتقد أن أحدا قادر على حصره لأن أي مكان يضم أموالا عمومية الا ونجد الى جانبها جميع أشكال نهب وإهدار المال العام أو التبذير.
إذن يصعب حصر حجم النهب الحاصل فحتى بالنسبة للمبالغ المنهوبة رسميا من بعض المؤسسات مثل مؤسسة القرض العقاري والفندقي وصندوق الضمان الاجتماعي والبنك الوطني للانماء الاقتصادي فإنها تشكل مبالغ مهولة. لقد تبين من خلال الدراسة التي قامت بها الهيئة الوطنية لحماية المال العام تبين بأن مجموع المبالغ المنهوبة فقط من عشرة مؤسسات عمومية بامكانها أن تقوم بتوظيف أربعة ملايين من المغاربة وتبني عددا من المستشفيات وعددا من المدارس وعددا من التجهيزات الأساسية. وقد أنجزت بهذا الخصوص دراسة علمية أعطيت فيها أرقام تقريبية وفي حدود فقط ما لا يتجاوز 10 مؤسسات عمومية فإذا ما أخذنا مجموع الأموال المنهوبة سنجد أنه على عكس ما طرحه المسير وبأن الموارد متوفرة وليست ناقصة فإذا ما تم استرجاعها وتعبئتها فلن يبقى في البلاد عاطل أو أمي، ويمكن أن ترتقي بنا إلى مصاف الدول المتقدمة.
إذن فعمليا لا يكمن الاشكال في نقص الموارد ونقول بأن هؤلاء المسولين لا حول لهم ولا قوة أمام ندرة الخيرات. لكن العكس هو الصحيح حيث يمكن تحقيق فوائض مهمة يمكنها أن توفر للشعب المغربي مستوى من الرخاء.
* محمد الهاكش
باتفاق عام فإن حجم نهب وتبدير المال العام يصعب تحديده ويمكن فقط اللجوء الى مقاربة توضيحية نلاحظه من خلال دراسة حجم الانعكاسات والتي تصل الى تدمير الشعب المغربي وانتشار الفقر والجهل والأمية الى غير ذلك. إن هذا لا يعني أن لا نقف عند مجموعة من المجالات خاصة المجال الفلاحي حينما نتناول قضية الأرض والمياه وهي من العوامل الاقتصادية الضرورية التي ترفع من نسبة الانتاجية الاقتصادية.
تعلمون أنه عقب خروج الاستعمار خلف ورائه 1.200.000 هكتار اقتطع منها المعمرون 800 ألف هكتار في بداية عقد السبعينات ثم اخرجت منها 500 ألف هكتار بطرق غير قانونية بقيت منها 320 ألف أعطيت لصوديا وسوجيطا سنة 1972 ومنذ ذلك الحين يم تحتفظ صوديا وسوجيطا سوى ب 120 ألف هكتار، لقد طار ثلثي الأراضي، كيف ذلك؟ الأمر واضح بأن هذه الأراضي نهبت.
كذلك الأمر في مجال المياه، فمن المعلوم بأنه فيما بين 1965 و1985 بلغ مجموع الاستثمارات الفلاحية 30 % من مجموع الاستثمارات العامة، وكانت الأغلبية من هذه الاستثمارات تتم في 10 % من الأراضي المسقية بواسطة السدود، ومعلوم أن هذه الأراضي في ملكية المسؤولين الكبار وهم معدودون على رؤوس الأصابع. فكيف يتم اعادة توجيه مياه السقي لأراضي المسؤولين الكبار، فهذه المقاربة على مستوى القطاع الفلاحي بامكانها أن تبين إلى أي مدى بلغه حجم نهب المال العام في المجال الفلاحي.
بالنسبة للمؤسسات العمومية نلاحظ أن القضاء عندما كان يحقق في ملف صندوق القرض الفلاحي حيث كان يطالب باسترداد ما قدره 64 مليار درهم، تصوروا بأن هذا المبلغ وهو 64 مليار درهم هو مقابل سنة من الاستثمارات الوطنية. فهذا مثال عن عملية نهب بسيطة فماذا يمكن قوله لو أننا أطلعنا على كل ما تم نهبه في المؤسسات العمومية الأخرى كالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومؤسسة القرض العقاري والفندقي.

* على أفقير
فيما يخص المجال الفلاحي هناك بالفعل جزء كبير من الثروة الزراعية في المغرب التي وقع التصرف فيها، ففي عهد الحسن الثاني كانت العديد من الضيعات والتي تعد من بين أجود الأراضي كانت توزع على عدد من الأعيان بشكل لا قانوني، وهذه الأشياء معروفة في أواسط الستينات حيث أن أجود أراضي الدولة كانت توجد في المناطق المسقية داخل ايميني وحيث استفاد منها عدد من القادة السياسيين من أمثال الدكتور الخطيب واسماعيل العلوي وقبلوا تلك الضيعات مجانا، وتعتبر هذه الأمثلة ملموسة حول عمليات نهب أراضي الدولة والتي أعطيت للخواص.
هناك أيضا مسألة المحميات خصوصا في عهد الحسن الثاني الذي منع الفلاحين من الاستفادة من الغابات كما تم منع منابع المياه والتي أقام بها تربية السلمونيات (التروتة La truite) ويعمل الأجانب على تسييرها وتوجد مناطق أزرو وإفران. كذلك الأمر بالنسبة للمحميات في منطقة بنسليمان أداروش ، حيث تم ترحيل قبائل عدة فعلينا أن نذهب لرؤية تلك الأشياء وهي من أحسن المناطق وفي أكوراي حيث تم ترحيل العديد من القبائل في بداية السبعينات، واليوم يوجد في تلك المناطق نوع من الأبقار لا ندري أين تصدر لحومها.
كذلك الأمر عند الحديث عن رخص الصيد في أعالي البحار والتي تمنح للجنرالات والموظفين الكبار، ثم هناك الاحتفالات التي تقام في السفارات والتي تبذر فيها أموالا هائلة خصوصا في احتفالات عيد العرش، فخلال السنوات الأولى مما يسمى بالعهد الجديد تم التخفيف من تلك الأشياء لكن منذ سنتين عاد التبذير الهائل لأموال الشعب، حيث يتم كراء أغلى القاعات في بلغاريا أو في مكان آخر لاقامة تلك الاحتفالات.
هناك أيضا حماية الدولة للاشخاص الذين يقومون بنهب المال العام في البادية من أمثال أحرضان وعرشان، فهؤلاء استولوا على أراضي الفلاحين الا أن الدولة تقوم بحمايتهم.
بالنسبة للمؤسسات العمومية أو شبه العمومية فإنه من بين أسباب اطلاق يد المسؤولين للتصرف فيها بحرية هناك التعيين بالظهائر الملكية، فهؤلاء لا يعترفون بالوزير الوصي ولا حتى بالوزير الأول لأنه يعتبر نفسه معين من طرف الملك وهو بمثابة ورقة بيضاء لإطلاق يده لكي يفعل ما يشاء في المؤسسة التي يشرف عليها.

* عبد الخالق بنزكري
لدي فقط مثال قريب جدا هو عن هشام الكروج الذي سلمت له أراضي فلاحية خصبة من ممتلكات الدولة وعندما سئل من طرف الجمعية المغربية لحقوق الانسان رد عليها بأن هذه الأراضي أهداها له الملك فكيف له أن لا يقبلها، لكن كيف يتم اهداء أراضي الشعب للخواص بدون موجب شرعي؟
هناك ملاحظة أخرى وهي أنه عندما يقع نهب مؤسسة معينة فماذا يقع عمليا، تقوم المؤسسة المنهوبة بإعادة إنشاء مال عمومي جديد من أجل أن ينهب ثانية ثم ثالثا ... الخ، ونجد أن وزير المالية يصرح بهذه الأشياء بشكل علني كما هو الشأن بالنسبة لمؤسسة القرض العقاري والفندقي حينما صرح بأننا سنعمل من جديد على تنمية أموال هذه المؤسسة.
أشير أيضا فيما يتعلق بالضرائب بأن الدولة استحدثت فاطار استبدال الضريبة على الأراح المهنية ضريبة على حصيلة الشركة وهي تعني أن الشركة وإن كانت في وضعية خسارة فإن عليها أن تؤدي ضريبة قدرها 0,5 % من مجموع مداخيل الاستغلال. وتسمى هذه الضريبة بالمساهمة الدنيا. فخلال جلسة تمت فيما بين الباطرونا ووزير المالية اعتبرت الباطرونا المساهمة الدنيا غير منطقية فكيف يمكن للشركة أن تكون خاسرة وتؤدي في نفس الوقت الضريبة أجابهم الوزير بأنه يعرف أن جميع الشركات تتملص من أداء الضريبة بأشكال مختلفة فعلى الأقل أن يقدموا للدولة شيئا من عائداتهم. وهذا يعني بالملموس أن المسؤولين يعرفون بأن المقاولات تتملص من الضريبة وبما أن الدولة لا تمتلك وسائل محاسبتها فعلى الأقل تقتطع هذه النسبة كرشوة لغض الطرف عن ممارساتها. لكن هذا المنطق يضرب مبدأ المساواة والعدالة الضريبية في الصميم لأن شركتين خاسرتين تؤديان الضريبة رغم أن احداها خاسرة صوريا والأخرى خاسرة بالفعل.

• عبد السلام أديب
شكرا على هذه الصور المختلفة التي قدمت من طرف السادة المتدخلين حول أشكال وحجم نهب وتبذير المال العام، أعتقد أن الوقت قد حان للإنتقال إلى المحور الثالث وهو عن انعكاسات نهب وتبذير المال العام، حيث يمكن القول بأن نهب وتبذير المال العام يؤدي إلى عدد من الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية وتظهر على الخصوص في حجم التفاوت الطبقي والتعايش بين الثراء الفاحش والفقر المدقع، فماهي طبيعة الآثار السلبية التي يخلفها نهب المال العام اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا؟ وإذا كانت ظاهرة نهب المال العام راسخة وبنيوية فما هي انعكاساتها العامة على أوضاع البلاد؟

المحور الثالث: انعكاسات نهب وتبذير المال العام
* عزيز لطرش

إن انعكاسات نهب وتبذير المال العام في المغرب كثيرة ومتنوعة، فبالنسبة للمغرب كدولة متخلفة لا زال الشعب المغربي في حاجة إلى العديد من التجهيزات الأساسية سواء في مجال التعليم أو الصحة أو النقل فنحن في جميع المجالات لا زلنا متخلفين وبالتالي فنحن لا زلنا في حاجة الى المال العام حتى يمكننا على الأقل أن نعيش في مستوى الحد الأدنى الذي تعيش عليه الشعوب المتقدمة، وبالتالي فإن نهب المال العام تكون له انعكاسات وخيمة على هذه الجوانب من هنا يمكن اعتبار النهب جريمة اقتصادية ضد الانسانية، وربما يمكن اعتبارها أكبر من الجرائم الأخرى التي ترتكب في المجال السياسي، لأن هذه الجرائم تدمر مباشرة المعيش اليومي للشعب المغربي واقتل الحاضر وامكانيات المستقبل للاجيال اللاحقة وهذا هو الانعكاس الأول الخطير.
الإنعكاس الثاني على المستوى الاقتصادي، نتساءل كيف يمكن لأي مستثمر أجنبي تعود في بلاده على أداء الضرائب ويعيش في دولة القانون أن يأتي لكي يستثمر في بلادنا حيث لا يوجد بها قانون، فلا يمكن لمستثمر أن يغامر في بلدنا إلا إذاكان يسعى للمضاربة ويدخل في تواطؤ مع مع ما يسمى بالمخزن الاقتصادي كما هو الشأن بالنسبة لفيفاندي مثلا. ففيفاندي لا علاقة لها بمجال الاتصالات فكيف حصلت على صفقة 35 % التي فوتت بثمن زهيد. فحتى على مستوى شروط المنافسة لم يتم احترامها. نفس الشيء حدث عند تفويت صفقة 16 % التي فوتت مؤخراوالتي سارت في نفس المسار، وكل ذلك تم بطريقة تؤدي لأن تكون فيفاندي وحدها في الساحة وعن طرق تواطؤات. فالشعب المغربي حرم في هذه القضية من ماله العام المتمثل في مؤسسة اتصالات المغرب وكذلك من مبلغ بيع أعلى في حالة توفر منافسة حقيقية وأيضا من شركة أكثر تخصصا من فيفاندي في مجال تكنولوجيا الاتصالات، وحرم أيضا من معرقة وجهة أموال هذه الخوصصة حيث لا يعلم ما مصيرها ولا سبل إنفاقها.
إذن فالانعكاسات الاقتصادية للنهب والتبدير خطيرة وكثيرة ومتعددة، نفس الشيء يمكن قوله بالنسبة بالنسبة للانعكاسات الاجتماعية، فالملاحظ أن نسب الأمية لا تزداد الا تفاقما كذلك بالنسبة لضعف التجهيزات التعليمية والطبية اضافة الى العزلة القروية. الخلاصة هي أن نهب وتبذير المال العام عبارة عن جريمة كبرى في حق الشعب المغربي والتي أؤكد مرة أخرى أنه على الفاعل السياسي التقدمي اليساري والديموقراطي إذا لم يعتبر هذه النقطة من بين أولوياته واهتماماته الكبرى فهناك حالات وأرقام وحتى أحكام لمحكمة العدل الخاصة حيث أن 90 % من الأحكام لا تنفذ بينما الأحكام الصادرة في حق المعطلين تنفذ في الحين رغم أن هؤلاء يطالبون بحق بسيط في الشغل، بينما الجرائم الاقتصادية فتمس القضايا الاستراتيجية الحيوية للشعب المغربي وترهن حاضره ومستقبله.

* على أفقير
من بين انعكاسات نهب وتبذير المال العام أولا هذه الفوارق الطبقية التي تتزايد استفحالا فالأموال المنهوبة لا تتبخر بل تساهم في اغناء البعض على حساب البعض الآخر والتي تؤدي الى افقاره.
كذلك يؤدي النهب والتبذير إلى التأخر الإقتصادي وهذا بطبيعة الحال هناك من يستفيد من هذا التخلف فحتى الزلزال هناك من يستفيد منه. من هنا تظهر بنية اقتصادية معينة تسمى بالرأسمالية التبعية المخزنية. فنحن نزيد على بعض الدول الأخرى التبعية بالطابع المخزني حيث هناك تلك الامتيازات اللاقانونية ونظيف الى هذه المصائب مصيبة الرأسمالية التبعية السائدة.
إذن فالانعكاسات تظهر في مجال الخصاص القائم في جميع المجالات سواء في التعليم حيث لازالت المدن والبوادي تفتقر للعديد من المدارس بل هناك شيء يسمى بالمدرسة العمومية نفس الشيء بالنسبة للمجال الصحي ففي مدينة المحمدية حيث يعيش حوالي 200 ألف نسمة ليس هناك مستشفى بل هناك شيء اسمه مستشفى وهو محروم من كل التجهيزات، هناك أيضا قضية السكن ففي الوقت الذي تضحك فيه الحكومة علينا عندما تقول أن مدينة المحمدية مدينة الزهور يجب أن تكون بدن مدن للصفيح نجد أن هذه المدينة تتضمن 75 % من الساكنة لا تتوفر على الشغل وأن 60 % منها تعيش في مدن الصفيح. ثم هناك قضية الشغل حيث أن هناك الملايين من حاملي الشهادات العليا عاطلين عن العمل.
فكل هذه الأشياء تترتب نتيجة نهب وتبذير الثروة الوطنية، ويمكن الاكتفاء بثلاث مؤشرات دات دلالة كبيرة في هذا المجال:
1 – يحتل المغرب هذه السنة في تصنيف المنظمة الدولية للشغل المرتبة 75 على 90 بلد وراء كل من تونس والجزائر وذلك فيما يخص استقرار الشغل؛
2 – في قضية محاربة الرشوة المغرب صنف في المرتبة 77؛
3 – على مستوى التنمية البشرية صنف المغرب في المرتبة 125 وراء جميع الدول العربية وبرفقة كل من دجيبوتي واليمن وموريطانيا والسودان.
إن هذه المؤشرات تؤكد أننا في بحر من التخلف والأمية الا أننا كقوى سياسية وكأساتذة لا نعرف كما يجب بالواقع الملموس، فنحن متخلفين كثيرا عن كل من تونس والجزائر، وحتى بالنسبة لمصر التي تعتبر متخلفة فنحن أكثر منها تخلفا.

* محمد طارق
ان انعكاسات نهب وتبذير المال العام كثيرة ومتنوعة، فكما أشار الى ذلك بعض المتدخلين فإنه عبر نهب وتبذير المال العام استطاعت الدولة أن تقوي نخبا يمكن تسميتها بنخب السلطة، وهذا النوع من نخب السلطة أدى الى استقطاب المرتزقة وبالتالي أصبح لدينا ما يسمى بالارتزاق السياسي كظاهرة عادية وبالتالي أدى هذا إلى تكديس الثروات المشبوهة، وهي ثروات نتيجة منح الامتيازات التي أدت الى انتشار اقتصاد الريع وبالتالي فإن التنمية التي هي أمل هذا الشعب لن تتحقق، فلا يمكن على مستوى المستقبل القريب أن يتحقق لا التمدرس أو الصحة أو الشغل بحيث أن الآفاق مظلمة وهذا بطبيعة الحال هو الذي أدى الى تخوف المرتزقة ونخب السلطة مما أدى الى تهريب الأموال نحو الخارج كقطاع الطرق، فناهبي المال العام يمكن تشبيههم بقطاع الطرق فهم يهربون أموالهم إلى الخارج بحيث سيأتي علينا زمن لا نجد فيه موردا لبناء مدرسة.
لذلك فإن استفحال هذه الظاهرةتهدد في الصميم حلمنا في تحقيق الديموقراطية، بحيث أن هؤلاء هم أعداء الديموقراطية وبالتالي فإن النضال ضدهم عسير لأنه سوف يؤتي على الأخضر واليابس. فنحن الآن كنخبة نرى أن المستقبل مضلم ونحس بأننا نتآكل فهانحن نرى كيف تآكل بعض المثقفين من أمثال حرزني وهذا يعني أن هناك نوع من المقايضة تتم في الخفاء. لذلك فإن مهمة من لهم بعض الغيرة على هذه البلاد وفي مقدمتهم تجمع اليسار بصفة عامة وعامة المثقفين فإن مهمتهم هي وضع الأصبع على مكامن هذا الداء والمطالبة باسترجاع الأموال المنهوبة باعتبار أن الجرائم الإقتصادية هي جرائم ضد الإنسانيةويجب ربطها مع ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ونقول بصوت مرتفع علينا أن نعتبر هؤلاء مجرمين لا تجوز فيهم الشفقة ولا الرحمة. فهؤلاء قطاع الطرق سيعرقلون الديموقراطية التي نحلم بها فأبدا لن نحقق الديموقراطية مع هؤلاء. فقد رأينا كيف أن البرلمانيين مرروا في رمشة عين اتفاقية التبادل الحر، بمرتبات تصل الى ثلاث ملايين و600 ألف سنتيم يصبح البرلماني أداة طيعة بيد المخزن الاقتصادي، إننا نخاف نحن أيضا أن يتم اغرائنا فنتحول عن مواقفنا.
إن هذه الوضية إن استمرت هكذا ستجعلنا نعود مرة أخرى الى عهد جديد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان لأن هؤلاء أصبحوا يشكلون خطرا علينا ونحن بدورنا ربما نشكل خطرا عليهم فعلينا أن نتهيء لكي نخوض المعركة، وذلك يعني أنه لا بد من منتصر ونتمنى أن نكون نحن هم المنتصرون.

* محمد الهاكش
يمكن القول بأن الرأسمالية المتوحشة حققت أكبر انتصار عندنا هنا في المغرب، يقال بـأن الرأسمالية فاشلة لكنها في الواقع ناجحة عندنا في المغرب، فبحكم أن هدفها هو الاستغلال فإنها قد وصلت إلى هذا المستوى وجميع المعايير في المغرب. بطبيعة الحال يمكن التوقف عند هذه الانعكاسات في المجال الفلاحي، فهناك مجموعة من الأراضي التي أعطيت لمجموعة من خدام المخزن الكبار مدنيين وعسكريين تحولت إلى فضاءا ومنتزهات وهذه بحد ذاتها جريمة اقتصادية يمكن حساب اعكاساتها الوخيمة بجميع المقاييس أي بالحبوب أو الحوامض فكم خسر الشعب المغربي بسبب هذه الممارسات.
هناك أيضا وضعية العالم القروي فبالنسبة لمستوى الفقر الذي وصلته بلادنا حسب الأرقام الرسمية وهو 7 ملايين نسمة تعتبر النسبة الكبر منها تعيش في البادية، كذلك بالنسبة للأمية فإن 50 % تمس الرجال و 80 % تمس النساء في البادية. كما يعاني العالم القروي من العزلة حيث أن 50 % من المناطق القروية معزولة ولا تتوفر على طرق.
هناك أيضا فيما يتعلق بالمرافق والمؤسسات العمومية والتجهيزات العمومية فإن 85 % من ساكنة البوادي لا تتوفر علىتجهيزات أساسية، كل هذه الانعكاسات واضحة ومكتوبة فالدولة لا تخجل من أن ترد هذه الأشياء في اصائياتها الرسمية وهي وضعية خطيرة بطبيعة الحال.
هناك جانب آخر أعتبره خطيرا جدا وهو مسألة انعدام الثقة لدى المواطن المغربي حيث يقال بأن المغربي لا يحب بلاده خصوصا عندما نكون في الخارج فالجزائري يحب الجزائر والموريطاني يحب موريطانيا أما المغربي فلا يحب بلاده، سواء ذلك الذي يقوم بعمليات النهب أو أولائك الذين يفرون من المغرب عبر قوارب الموت.
إن عدم الثقة في النظام كبير ويمكن أن أطرح هنا ما هو أخطر أي عن انعدام الثقة حتى في اليسار، فقد شهدنا كيف كان اليسار خلال عقد السبعينات حاملا لمشعل التغير والعدالة والاشتراكية وينادي بالتغيير الجذري لأوضاع الفاسدة لكن أيننا من ذلك اليسار السبعيني فحتى على مستوى الشعارات والمطالب تراجعت الأطروحات وهذا بطبيعة الحال يؤدي الى فقدان الثقة في اليسار، ولعل ذلك أيضا من بين الانعكاسات الخطيرة لنهب وتبذير المال العام بدون فضح ولا مواجهة.

* عبد الخالق بنزكري
أريد أن أضيف الى المؤشرات التي تقدم به الرفاق قبلي مسألة تفقير وضعية الطبقات الوسطى. فالأساتذة خلال عقد الثمانينات كانوا يحتلون المرتبة الثالثة من حيث سلم المرتبات، على الأقل بالنسبة لأساتذة التعليم العالي، لكن الآن أيحت هذه المرتبات تحتل درجة 33 أي تم الانتقال من الدرجة 3 الى الدرجة 33. وقد أدى هذا التفقير للطبقات المتوسطة إلى خلق ما يمكن تسميته باقتصاد الشطارة Economie debroui فقد أصبح مطروحا على الطبقات الوسطى تكملة مرتباتها بمرتبات اضافية من مهن أخرى حتى يضمنوا مستوى عيش لائق. فالطبيب الحديث التخرج لا يكفيه مبلغ 7000 درهم فيبيحث عن عمل في المصحات والأستاذ الذي كان يقال عنه أنه كاد أن يصبح رسولا تحولت الكلمة ليقال عنه أنه كاد يصبح متسولا.
إن هذا التفقير للطبقات المتوسطة أدى إلى نشوء ممارسات أخرى داخل المجتمع غير صحية، كيف ذلك؟ فالأستاذ الذي يشتغل في مهن أخرى يحول عمله الأساسي الى عمل ثانوي والعمل الثانوي يصبح هو العمل الأساسي. نلاحظ كيف أن الأستاذ في الجامعة أصبح يتقاضى الرشاوى لانجاح بعض الطلبة القادرين على الدفع. المهم أن كل شخص يبحث عن سبل استكمال مرتبه بحيث نصل الى أوضاع لا أخلاقية وهذا ما يؤدي الى خلق مجتمع فاسد، بحيث يصعب فيما بعد أي اصلاح فقيم النهب والتبذير تتفشى بسرعة في مثل هذا المجتمع الفاسد.

* عزيز لطرش

في سياق الانعكاسات دائما لنهب وتبذير المال العام وحول مسألة انعدام الثقة لدى المغاربة في بلادهم حيث أصبح المغربي لا يشعر بروح الانتماء لهذا البلد، وكيف سيحدث هذا الشعور وهو لا يجد مكانا للاشتغال بل يرى أن كرامته تهدر في كل يوم فإذا توجه إلى المستشفى فإنه بدون دفع رشوة فلن يستطيع الحصول على العلاج وإذا توجه للحصول على أوراق رسمية فأموره لن تقضى بدون تقديم رشاوى، فكيف تريد من هذا الانسان أن يكون له احساس بالإنتماء لهذا الوطن وبالتالي بالثقة في بلاده.
إن هذا التشوه الذي تتعرض له منظومة القيم هو أيضا نتيجة الفساد والنهب واهدار المال العام، إنك حتى في اطار عملك إذا لم تكن في خدمة مصالح الفئات السائدة فستجد نفسك مهمشا، وحين تعود الى عائلتك يقال لك أنظر فلان وفلان مذا فعلا فلماذا لا تفعل مثلهما أي أنك تشجع من ذاخل وسطك العائلي على الاقتداء بالفساد حتى تحقق ذاتك. اننا كمثقفين وكيسار بدأنا نقاوم على عدة واجهات وهي قضية خطيرة أيضا.
بالإضافة الى ماذكره الرفيق طارق فإنه بعذ انهاء مسلسل خوصصة آخر القطاعات الاستراتيجية وافراغ مختلف مصادر النهب من الأموال وبعد أن تستفحل المشاكل داخل المجتمع بالبطالة والفقر والأمية والمرض والجريمة ... الخ فليس من المستبعد أن يحمل المسؤولون حقائبهم ويغادرون البلاد. فبأي شيء إذا يمكن للديموقراطيين أن يصنعوا الديموقراطية عندما سيجدون أن المال العام قد بدد بشكل كامل، فحتى وإن طبقت الديموقراطية المطلقة فأنت لا تملك بما تصنع به التنمية من جديد، فالنهب الجاري حاليا خطير جدا على مستقبل البلاد وحتى على مصير الديموقراطية بحد ذاتها.
لقد تحدث الرفيق بنزكري قبل قليل عن إندثار الطبقة الوسطى، بل لقد اصبح في البلاد حاليا طبقتين فقط، طبقة تجمع حفنة من المرتزقة استولت على مختلف خيرات البلاد والتي تصل الى 90 % من ثروات البلاد وما تبقى من أفراد الشعب يتردى في جحيم الفقر، سيأتي علينا يوم لا نستغرب فيه عندما نشاهد أناس يأكلون بشكل عادي من صناديق القمامة على قارعة الطريق.
لنفترض أن القوى الديموقراطية قد انتصرت وبأن لا وجود للضلاميين في البلاد فكيف يمكن لهذه القوى أن تسير البلاد وتحقق الديموقراطية الاقتصادية والاجتماعية. علينا أن ننتبه كيسار وأن تتصدر قضايا نهب وتبذير المال العام برامجنا ونعمل على محاربتها عبر تعبئة الجماهير ولفت الانتباه للمخاطر التي تشكله على مستقبل البلاد.

* محمد الهاكش
لدي استدراك فيما يخص مسألة الانعكاسات فمن الملاحظ أن الرشوة تقدم نقدا لكن هناك نوعا آخر من الارتشاء والذي يقدم بواسطة القوانين، ففي المجال الفلاحي يمكننا أن نلاحظ أن هناك تواطؤ واضح بين بين الدولة وأجهزتها سواء السلطات الأمنية أو أجهزة القمع أو السلطات القضائية التي تلجأ الى الفصل 288 أو السلطات الشغلية التي لا تهتم، فإني أعتبر هذه الظاهرة بدورها رشوة، فمع من تتعامل الدولة إنها تتعامل مع المرتزقة الذين سلمتهم تلك الأراضي وكمثال صارخ على ذلك كيف تم التعامل مع بناني سميرس الذي أصبح يتوفر 2000 هكتار من ممتلكات الدولة والذي كانت لنا معه مواجهة نقابية ولاحظنا كيف أن هذا الشخص يستهتر بالجميع بما فيها القوانين والقضاء حيث يقال لك ماذا تريدنا أن نفعل في أزمور فهناك الفقر فإذا لم يتم الأداء من طرف هذا الشخص فماذا سيقع؟ وهذا يعني بوضوح تام فحتى تلك المدونة التراجعية للشغل تم انكارها وهذا أيضا انعكاس للنهب وتبذير المال العام بحيث يتم ترك بعض المحضوضين يخرقون القانون بحجة أن الفقر يمشي على رجليه وأن نترك الناس تشتغل ب 300 درهم شهريا إلى غير ذلك من المقولات. إذن هذه صورة أخرى عن الانعكاسات التي تترتب على القوانين التي تضعها الدولة في إطار ما يسمى بالتوافق والتي لا يتم احترامها.

* عبد الخالق بنزكري
هناك وجه آخر لانعكاسات النهب وتبذير المال العام وتتعلق بتقوية التيارات الضلامية أو ما يسمى بالحركات الاسلامية. فمع انتشار الفقر والجهل المتولد عن النهب والتبذير فإن هذه التيارات تجد مرتعا خصبا للنمو حيث تستغل هذه الأجواء في مجال دعايتها وتتمكن بالتالي من شراء زبنائها فتقوم بتهيء الظروف لبعض الناس كتقديم طاولات بيع الكتب واسطوانات التسجيل في الأسواق والحافلات وأمام المساجد أو عبر فتح دكاكين الاسفنج والحلاقة ... الخ وذلك انطلاقا مما يجمعونه من أمال الصدقات والإحسان. لماذا أثير هذه النقطة لأنه عندما سنتحدث عن ما العمل سنجد أن الوضع قد أصبح صعبا ومعقدا جدا خصوصا أمام انتشار الفكر الضلامي والغيبي والناجم بطبيعة الحال عن نهب وتبذير المال العام، فلن تجد كما أشار الى ذلك الرفيق عزيز عدوا واحدا هي الدولة بل تجد أمامك عددا أكبر من الأعداء بما فيها عائلتك حينما يقال لك أنظر الى فعله أسيادك فلان وفلان في مجال النهب واختلاس المال العام وكيف يتوفرون على سيارات فخمة ويعملون على ارسال ابنائهم للدراسة في الخارج بينما أنت تعيش في حالة القهر، إنها وضعية كارثية بدون شك.

* عبد السلام أديب
شكرا للمتدخلين الذين تناولوا صورا معبرة عن مدى انعكاسات نهب وتبذير المال العام في بلادنا حيث انتقلنا من صور الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية إلى الانعكاسات الخطيرة التي تحدث على مستوى القوانين والقيم الثقافية والأخلاقية. إن هذه الإنعكاسات تدفع الى التساؤل عن الأسباب الكامنة وراء استفحال النهب وتبذير المال العام لأن هذه الظاهرة لا يمكنها أن تقع بدون توفر أرضية خصبة وبنيات أساسية فالتساؤل المطروح هو عن الأسباب الإقتصادية والاجتماعية والقافية التي تسمح لجماعة من الأشخاص توجد في زمن ومكان معين في موقع السلطة والنفوذ بالتصرف بحرية مطلقة في المال العام بدون حسيب أو رقيب يواء على مستوى النهب القانوني أو النهب غير المشروع؟ ثم هل ظاهرة نهب وتبذير المال العام تعتبر معزولة في الزمان والمكان أم أنها ظاهرة منتشرة وراسخة؟

* علي أفقير
في اعتقادي أن ظاهرة نهب وتبذير المال العام تجد أسسها مع ميلاد الدولة المغربية، ففي أوروبا حدث نمو طبيعي للدولة الرأسمالية وذلك عقب ظهور طبقة جديدة دخلت في تناقض مع الطبقة السائدة وتمكنت من بناء الدولة الحديثة على عدد من المبادئ التي تحكم العلاقات فيما بين المجتمع والطبقات. أما بالنسبة لنا نحن في المغرب فمع الأسف انطلقت الدولة مع الجماعات السلالية والتي لا علاقة لها بالإنتاج المادي بل هي في الأصل سلالات رعوية، فمعروف أن الرعاة ليس لديهم أي تدبير خاص بل أنهم كلما رأو أن الأمطار قد سقطت في مكان ما الا وحملون خيامهم ويتبعونها، ولم تكن هناك امكانية للابداع والفكر والعلم، من هنا انطلقت الدولة حيث قامت على عنصرين اثنين هما القدرة الالاهية والعصا. فحتى عند مجيء العلويين وهم أناس لا علاقة لهم بالأنتاج تماما كما كانوا يعيشون في واحات تافيلالت الى حدود عقد الستينات من القرن العشرين، فلم يكن هؤلاء يضعون أيديهم في العمل بل كان العمل كله يتم من قبل الحراطن والعبيد. فالشريف العلوي يأتي للجلوس تحت شجرة الزيتون يحمل ما ينش به على الذباب ناظرا الى الحراطن والعبيد المساكين يشتغلون تحت لهيب الشمس.
إذن فالدولة المغربية لم تقم على أساس طبقة انتاجية معينة جاءت في اطار تطور وضع انتاجي معين أو في اطار علاقات الانتاج ... الخ. بل كان السلطان يتوفر على مطلق الصلاحيات التي أعطاها له الله وعبر استعمال العصا، بمعنى أنه يفعل ما يريد ويتصرف في الدولة كما شاء وليس هناك حدود بين ما هو تابع للعائلة الملكية وما هو عمومي. ولم يكن مطروحا أبدا أن تكون هناك ميزانية مستقلة وتعتبر هذه الأشياء معروفة، ففي عهد الحسن الثاني كان كلما هم بالسفر الا ويتم اللجوء الى احدى الصناديق كصندوق الضمان الاجتماعي مثلا فتملأ الحقائب عن آخرها بالدولارات وهذه الأشياء معروفة وهو ما يؤدي بطبيعة الحال الى تأخر البلاد.
فحتى في تلك المناطق التي كان من المحتمل جدا أن تنهض بها برجوازية محلية من بين الصناع التقليديين والحرفيين كان الأمر مستحيلا، نظرا أولا لغياب التعليم فليس هناك رياضيات ولا فزياء ولا كمياء بل فقط التعليم الديني، فلم يكن بالأمكان تطوير العمل اليدوي. كما أنه كلما توفر قدر من الفائض الإقتصادي في هذه المناطق إلا ويتم ابتلاعه من طرف السلطان وحاشيته لأن هؤلاء الحرفيين لا يستطيعون الختفاء مثلما كان يفعل الفلاحون الذين يصعدون الى الجبال كلما اجتحتهم حركات السلطان للاستحواد على محاصيلهم.
إن هذه الممارسة القديمة هي التي ضلت تمارس الى يومنا هذا وظلت راسخة في العلاقات السائدة بين الملك الجديد والمواطنين. لذلك فإن مظاهر نهب وتبذير العام في المجتمع المغربي تقوم على جذور تاريخية ثقافية اجتماعية وسياسية لن تتغير الا بتغير جذري لهذه الأشياء.

عزيز لطرش
أتفق مع فكرة أن أسباب نهب وتبذير المال العام تقوم على جذور تاريخية ترتبط مباشرة بطبيعة النظام السياسي السائد، ففي غياب الديموقراطية وسيادة الحكم المطلق واجتماع مختلف السلطات في يد واحدة مع غياب لفصل السلط وغياب دستور ديموقراطي واستقلال القضاء والكثير من الميكانيزمات التي تزخر بها أدبيات الأنظمة الديموقراطية والتي تحدد المسؤوليات.
ففي غياب نظام ديموقراطي سيظل هذا الاشكال المتعلق بنهب وتبذير المال العام كظاهرة بنيوية لا يمكن تغييرها، إذن فالسبب الرئيسي هو في طبيعة النظام السياسي القائم المبني أصلا على أساس اهدار المال العام سواء بشكل مباشر أو عبر توزيع الإمتيازات والمكافئات على خدام المخزن الأوفياء.
إن ما أثاره الرفيق علي أفقير حول مسألة التعيين بواسطة الظهتائر لم تأتي من فراغ، فمن تم تعيينه بظهير يعني أنه قد عين من طرف الملك وأن السلطة التنفيذية أو الحكومة لا سلطة لها عليه فيصبح مطلق اليدين في القطاع الذي يراقبه. كما أن ما يتم من تزوير للإنتخابات لا يتم بشكل عشوائي بل هي أشياء ممنهجة حيث يتم انتقاء الأشخاص المحتملين لخدمة السلطة المخزنية، فأنت وإن حصلت على نسبة 100 % فلن تنجح فالأشخاص المحتملين سيصبحون خداما للمخزن لتمرير القوانين والاتفاقيات مثل اتفاقية التبادل الحر التي مرة في لمح البصر دون قرائة حتى نص الاتفاقية، وكذا تمرير كل ما له علاقة بالمصالح المادية لخدام المخزن من أمثال مدونة الشغل التراجعية.
إن هذه الأشياء لا يمكن أن نبحث لها عن أسباب خارجية بل هي كامنة في طبيعة النظام السياسي القائم وبالتالي فإن أي امكانية لمحاولة ململة هذه الأشياء فهي محاولة لململة طبيعة النظام السياسي القائم. فبدون دستور ديموقراطي ومؤسسات ديموقراطية وقضاء مستقل يقوم على المحاسبة والمساءلة فمن المستحيل خلخلة مظاهر النهب وتبذير المال العام.

* محمد طارق
يمكنني العودة قليلا الى الوراء بخصوص ممارسة الطبقة الحاكمة، فقد كانت هذه الطبقة ولا زالت تتصرف بحرية في مجال المال العام وذلك بدون حسيب أو رقيب. فقد أصبح لدينا حسب تعبير الدكتور جلال العظم ما يسمى بالشخصية الفهلوية والذي جاء به عقب هزيمة 1967 حيث قال أن الشخصية الفهلوية هي تلك الشخصية التي تتبوأ المناصب العليا بشهادات مزورة. فأبناء الأعيان والجنرالات والوزراء يحصلون على شواهد مزورة حيث يعمل الاساتذة على انجاحهم تحت ضغط نفوذ المال والسلطة، فهذه الشخصية الفهلوية لدينا منها الكثير في المغرب وأقدم حولها ثلاث ملفات كانت معروضة على محكمة العدل الخاصة وتم حفظها.
هناك أولا ملف الوزراء الذين نهبوا المال العام وتم العفو عنهم، ثم هناك ثانيا ملف رئيس قسم الامتحانات الصالحي الذي كان يسرب مواضيع الباكالوريا ويصنع الشخصيات الفهلوية، فقد توبع هذا الشخص بتهمة تزوير شهادات الباكالوريا وقد قال لقاضي التحقيق بأنه زور العديد من الشهادات للمسؤولين الكبار وطالب بإحضارهم حتى لا يحاسب لأن من لديه شهادة مزورة وحصل بها على وظيفة يعد مرتكبا لجريمة مستمرة، فكان هذا الملف سوف يزعزع أركان النظام وبالتالي تم حفظه وصدر قرار بعدم المتابعة لأن وزير كان في الحكومة آنذاك يتوفر على شهادة مزورة.
ملف ثالث تم حفظه حيث أعلن الحسن الثاني من علىشاشة التلفزة عن العفو على موظفي وزارة البريد في عهد أحرضان المتابعين من أجل الاختلاس وحيث أن هؤلاء ينتمون للحركة الشعبية وبأن الحسن الثاني هو من صنع الحركة الشعبية.
لقد تم حفظ هذه الملفات الثلاثة أو تم طمسها ولم تأخذ المسطرة القضائية مسارها الى التطبيق، ولذلك فأن المطلب الأساسي الذي يمكن التعبير عنه في مواجهة هذه التصرفات هو اعتبار هذه الجرائم عبارة عن جرائم ضد الانسانية، ومعنى ذلك أن أصحابه لا يجب أن يستفيدو من العفو لأنها جرائم مشينة وبالتالي لا يستحق أصحابها العفو وكذلك لا تتقادم، فهي جرائم مستمرة وهذا هو الشعار الذي يجب أن نرفعه جميعا.

* عبد الخالق بنزكري
إن النظام السياسي القائم يعتبر البلاد بمثابة ضيعة خاصة يفعل فيها المخزن ما يشاء، وهناك مسلسل يعمل دائما على اعادة انتاج نفس النظام وبنفس الممارسات من طرف الأتباع. وهنا أشير إلى مثال مؤسسة القرض العقاري والفندقي حينما سئل مديرها السابق الزين الزاهدي لماذا يقدم قروضا بدون ضمانات أجاب بأنك عندما تتلقى مكالمة هاتفية من الحسن الثاني لتقديم قروض فهل بوسعك أن تطلب منه اعطائك ضمانات بل أنك تقدم قروضا وكفى. فعندما طلب صهر زين العابدين بن علي عدة ملايير كقروض قدمها له نفس الشيء حصل بالنسبة للعديد من القروض التي قدمت لخدام المخزن وحاشيته، فالضوابط القانونية والاقتصادية التي من المفروض أن تقوم عليها المعاملات البنكية تغيب في ظل النظام المخزني القائم. وهذا يعني أن هناك سلطة وحيدة هي التي تحكم هذه البلاد هي التي تقررما الذي يجب فعله وبالتالي تقوم باعادة انتاج نفسها.
نفس الشيء يمكن قوله بالنسبة لمكوار الذي طولب منه اعادة 10 ملايير تم نهبها من ميزانية الخطوط الجوية المغربية فقال بأنه لن يعيد للدولة سنتيما واحدا على اعتبار أنه كان ينفذ التعاليم فيقال له حضر الطائرة لتذهب الى باريس مثلا وكذا سيارات الليموزين والفنادق الفخمة فيقوم باعداد تلك الأشياء بدون نقاش، لذلك كان يرفض محاكمته وبالتالي ارجاع الملايير العشرة المنهوبة.
أشير أيضا إلى خطاب وجهه الحسن الثاني في اجتماع لعمال الأقاليم حيث أخبرهم بأنهم ملوك صغار في أقاليمهم، وهذا ما يؤكد على ظاهرة اعادة انتاج نفس النمط من الحكم الفردي المطلق على جميع مستويات هرم السلطة المخزنية، وبالتالي اطلاق اليد لنهب وتبدير المال العام. وأذكر بالمناسبة ما أخبرنا به أحد القياد (الزواوي) في السجن خلال اعتقال سنة 1973 حين كان يحكي أمورا رهيبة، حيث قال أنه للاستعداد لزيارة أحد الوزراء من مدينة الرباط للأقاليم التي يشرفون عليها يقوم القائد بزيارة للسكان حيث ينتزع منهم كل الزرابي الموجودة كما يجمعون جميع صحون الطاووس والخرفان الى حدود 40 خروف، وقد يسلم جزء من هذه الأشياء للعامل وجزء آخر يحتفظ به القائد لنفسه ويصنع بالباقي احتفالا للوزير القادم وعندما يغادر الوزير المعني بالأمر يتم اعادة اقتسام المنقولات والخرفان والتمور ولا تعاد هذه الأشياء لأصحابها الأصليين. إن كل ذلك يعني أن هؤلاء الناس يتصرفون في ممتلكات الناس كما يحلو لهم وكما لو أنها مجرد منحة من السلطة لهم يمكن استعادتها في أي حين.

* محمد طارق
بالإضافة لما قيل أشير الى أنه في اجتماع مع عباس الفاسي بصفته محامي سأله أحد الحاضرين لماذا يستعمل الوزراء تلك السيارات الفخمة ولا يفعلون مثل وزراء تونس الذين يتنقلون على متن سيارة من نوع رونو تسعة فأجاب عباس الفاسي أننا وإن كنا نريد ذلك الا أن الملك لا يريد ذلك.

* محمد الهاكش
لقد قرأت وحكي لي أنه في عهد الحسن الأول عندما تصبح خزينة السلطان فارغة يتم تنظيم الحركة نحو إحدى الجهات كمنطقة لني يزناسن مثلا ويقومون بجمع النساء والأطفال وكل ما يصادفه من خيرات ويعود للعاصمة وكان الحسن الأول معروفا بهذه الحركات، فمسألة النهب والتبدير قضية موروثة مترسخة في الثقافة المخزنية السائدة.
في العهد الجديد حدث أن سأل أحد الصحفيين الحسن الثاني حول الولائم التي تقام فأجابه الحسن الثاني بأنك أكلت وشربت ولم يطلب منك أحدا دفع الحساب فلماذا تتحدث؟ تلك هي إذن العقلية السائدة في بلادنا والأخطر من ذلك هو أن لهذا النظام دعامة قانونية هي الدستور والذي يقدس الحكم الفردي وهي من المسائل الخطيرة جدا على الديموقراطية، فالتعيين بظهائر يعد مثالا بسيطا على الحكم الفردي المطلق
إن ما أشار اليه الرفيق طارق حول عباس الفاسي أشار اليه أيضا اسماعيل العلويحينما سئل عن الضيعات التي تسلمها من الدولة فقال بأن الملك هو الذي منحها له فكيف لا يقبلها من الملك علما أن القانون والدستور ينص على ذلك، وقد سبق لاحدى الجرائد الأسبوعية أن تناولت هذه القضية.
هناك بعض الأمثلة الأخرى البسيطة مثل مفتشي الشغل الذين لا يستطيعون مراقبة ظروف عمل العمال ببعض المقاولات التي هي في ملكية المسؤولين الكبار، نفس الشيء بالنسبة لمفتشي الضرائب، فهؤلاء يخافون حتى من الاقتراب لبيت المسؤول خوفا من أن يتعرضوا للطرد على يد زوجة المسؤول المعني بالأمر، وكما قال أحد مفتشي الضرائب أنه جائته تعليمات بالهاتف أنه محرم عليه المرور من إحدى الشوارع التي يقطن بها أحد المسؤولين النافذين. تلك هي إذن بنية هذا الهرم المخزني الذي يعيد انتاج نفسه من الأعلى الى الأسفل.

* عبد السلام أديب
شكرا على ما تم عرضه من طرف المتدخلين بشأن الأسباب التاريخية والسياسية والثقافية التي بنيت على أساسها عقلية النهب والتبدير التي تحكم دواليب السلطة المخزنية الحالية وما يسمى بالمخزن الإقتصادي، لقد وصلنا الآن إلى آخر محور من نقاشنا وهو عن ما العمل لإيقاف نزيف النهب والتبذير، فإنطلاقا من تحليل الأسباب والوقوف على حجم الآثار السلبية للظاهرة يبقى علينا أن نتساءل عن ما العمل لإيقاف مسلسل النهب والتبذير المستمر في بلادنا لمدى عقود من الزمن؟
ثم ما هي الشروط السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية للخروج من هذا النفق؟ وهل هناك منحى لتغيير هذه المجالات مع تغيير الظروف العامة الاقتصادية والإجتماعية والسياسية؟ ثم هل هناك ترسانة قانونية لحماية المال العام؟ كما علينا أن نقف أيضا على كيف تتعاطى القوى الحية بالبلاد –أحزاب ونقابات وجمعيات- مع مسألة حماية المال العام – وأين يكمن الخلل؟ وإذا كان نهب وتبذير المال العام جريمة يعاقب عليها القانون، فما هي طبيعة هذه الجريمة وهل يحق عليها التقادم؟ تم ماهي مظاهر الافلات من العقاب في هذا النوع من الجرائم؟ وأخيرا أي تصور شمولي لحماية المال العام؟

* علي أفقير
إن كل ما يقال ويكتب وما نستوعبه كمثقفين وكمناضلين سواء في إطار هيئاتنا النقابية أو الحقوقية والجمعوية يجب أن تعكس هذه الحقائق المهولة حول نهب وتبذير المال العام وبالتالي البحث عن كيفية مواجهتها.
أما فيما يتعلق بدور السياسيين لمواجهة هذه الأوضاع الخطيرة من النهب والفساد واللعب بمصير الشعب المغربي فهي الدعوة بكل صراحة وبصوت عال إلى الثورة الشعبية على هذا النظام البائد، ولا أعتقد أن هناك حلولا ترقيعية لحجم الفساد المتفشي فلا بديل عن الثورة. لقد كانت الأمور في عقدي الستينات والسبعينات أقل سوءا مما يحدث حاليا ورغم ذلك كنا ننادي بالثورة على الحكم المخزني، ورغم أن ذلك كان يتم في ظل قمع مخزني وحشي. فلماذا لا نستعيد اليوم ثوريتنا ونتحمل مسؤولياتنا التاريخية أمام شعبنا.

* عزيز لطرش
إذا كان المخزن آخذ في النهب وممارسة سلطته المطلقة وأن الحركات الظلامية آخذة هي أيضا في توسيع رقعتها فإن المشكل يكمن فينا كيساريين وكاشتراكيين تقدميين، فرغم الامكانيات والظروف هي في جانبنا فإننا لا نستغلها أحسن استغلال، فهناك بطبيعة الحال خصوبة في مجال النضال الديموقراطي الا أننا لا نقوم بالواجب المطروح علينا، فالتشخيص موجود وربما حتى البدائل الممكنة موجودة إلا أننا نفتقر للامتداد الجماهيري، لأن هذه الأشياء تتعلق بمصالح طبقية معينة فعلينا أن نخلق الأداة السياسية للطبقات الكادحة التي سيكون من مصلحتها تغيير الأوضاع لصالحها، فهذه الأداة ضرورية للتحسيس والتعبئة لتغيير الأوضاع السائدة بمعنى تعبئة الامكانيات التي من شأنها قلب الأوضاع السائدة.
إننا في ظل الوضع الراهن لا يمكننا احداث أي تغيير في الأفق المنظور، لذلك أعتبر أن هذه المبادرة التي قام بها الرفاق في النهج الديموقراطي تعتبر مهمة يمكنها أن تسجل انطلاقة لمبادرات لاحقة تقربنا أكثر من الجماهير الشعبية. فالحركات الضلامية تناضل حاليا بأدوات اليسار وتعمل ما أمكن للاقتراب من الأحياء الشعبية ومن المواطن وداخل الحرف التنوعة وبالقرب من الفلاحين والطلبة والمن الطبقات الكادحة عموما، فهم يستغلون الوضع المزري القائم لكي يقدم أساتذتهم دروسا للتقوية بالمجان فيستقطبون تعاطفا واسعا بين الناس كما يستغلون الأعياد والأعراس والجنائز ويقدمون عمليات التمريض والختان، فهم يوظفون قطاعاتهم للتواصل مع الجماهير التي لديها مصلحة في التغيير.
أما نحن كيسار فنكتفي بالحديث في المقاهي كنخب محدودة العدد والامتداد الجماهيري، حيث نرى نفس الوجوه عند كل تظاهرة حقوقية أو نقابية أو جمعوية فخطابنا وتحليلاتنا يجب أن تجد لها صدى وسط الجماهير التي هي المعنية أساسا بهذا الخطاب والتغيير.
علينا أن لا نكون واهمين بأننا إذا سنستفيق على استقلال القضاء وعلى الديموقراطية وعلى نظام للمحاسبة والمساءلة وعدم الافلات من العقاب، لأن ميزان القوى ليس في صالحنا فلا بد من توفير الشروط لإسترجاع موقعنا في اتجاه تحويله لصالحنا وآنذاك يمكن القول بأننا سنتوصل فعلا إلى حماية المال العام.

* محمد طارق
بالنسبة لقضية الرشوة نعلم أن هناك اتفاقية لمناهضة الرشوة لا بد أن نظالب بمصادقة المغرب عليهالأنها تتضمن عددا من الاجراءات التي تضمن استرجاع جزء من الأموال المنهوبة سواء في الداخل أو في الخارج. لذلك لا بد من حلول قانونية لأننا نعتبر أن الجرائم الإقتصادية هي جرائم ضد الإنسانية وبالتالي لا بد من المطالبة بتشكيل هيئة وطنية للحقيقة وارجاع الأموال المنهوبة، قياسا على جلسات الاستماع التي تتم حاليا أمام هيئة الانصاف والمصالحة فمقابل ذلك لا بد من تشكيل هذه الهيئة الوطنية للحقيقة وارجاع الأموال المنهوبة.
كذلك لا بد من تفعيل قانون التصريح بالممتلكات فالقانون القائم لا يصلح إذا لم يكن صارما سواء عند الدخول الى المنصب أو عند الخروج منه، وبالتالي طرح التساؤلات عن مصدر الأموال التي تتراكم عند هذا المسؤول أو ذاك. هناك أيضا ضرورة الغاء نظام الإمتيازات، سواء بالنسبة لامتيازات اعطاء الرخص أو بالنسبة للامتيازات القضائية وذلك عبر حدف العراقيل أمام محاكمة الوزراء والولاة وعمداء الشرطة فهؤلاء يتميزون بمسطرة معقدة للحصول على محاكمتهم، لذلك على هؤلاء أن يعاملوا كأي مواطن عادي.
يمكننا أن نلاحظ ضعف المجلس الأعلى للحسابات الذي لا زال يفتحص ميزانية سنة 1996 فمتى سيفتحص ميزانية 2005، كذلك رغم حدف محكمة العدل الخاصة لا زالت وزارة العدل هي التي تصدر قرارات الاعتقال والسراح، فلا يمكننا أن نغير شيئا ما دامت وزارة العدل تهيمن على ملفات النهب وتبذير المال العام.
من جملة المطالب أيضا اصدار قانون لحماية من يفضح اختلاسات المال العام كما هو الشأن بالنسبة للقبطان أديب والجلطي والزعيم في المجال العسكري وأيضا فنيش الذي فضح الفساد السائد في وزارة الداخلية. وأن يكون هذا القانون على شاكلة اتفاقية اعلان باريس التي تحمي نشطاء حقوق الإنسان.
هناك عدد من الاجراءات التي جاءت بها اتفاقية مناهضة الرشوة كامكانية حجز الأموال المنهوبة سواء في الداخل أو في الخارج، رغم أن مسطرة محكمة العدل الخاصة تنص على حجز الأموال المنهوبة الا أن من يتهب مالا عاما لا يترك تلك الأموال في اسمه لذلك يجب أن يمتد الإجراء للزوجات والأصول والفروع.
كذلك لا بد من اتخاذ تذابير واضحة فيما يخص قضية التناوب على المناصب، لأن المسؤول عندما يجلس طويلا في المنصب فإنه يحترف النهب والتبذير لذلك لا يجب أن يدوم المسؤول طويلا في موقع المسؤولية.
هناك مدونة للسلوك قامة جمعية الأمم المتحدة بسنها بمقتضى قرار 12 دجنبر 1996 تحدد سلوك الموظف العمومي، فهذه القواعد لا بد من تفصيلها وإدماجها في القوانين الوطنية ولن يتأتى ذلك إذا لم يتم تخليق الحياة العامة وبناء مؤسسات ديموقراطية في ظل انتخابات حرة ونزيهة وبرلمان تنبثق عنه حكومة مسؤولة، ولن يتأتى كل هذا إلا بوضع دستور ديموقراطي.

* عبد الخالق بنزكري
يجب أن نميز بين مرحلتين من النضال، المرحلة الأولى هي مرحلة النضال الديموقراطي التي تتضافر فيها جهود كافة الديموقراطيين لتحقيق الديموقراطية ومرحلة ثانية يختارفيها التنظيم ما يلائمه من أساليب التغيير وهل هي التغيير التدريجي أم الثورة. إن ما يهمني الآن هي مرحلة التغيير الديموقراطي فماذا تتطلبه هذه المرحلة بارتباط مع نهب وتبذير المال العام.
أولا على مستوى التنظيم، على كل تنظيم أن يرتبط بالجماهير فالتنظيمات السياسية ابتعدت كثيرا عن ارتباطها بالجماهير. فنحن عندما نشير الى الحركات الظلامية لا نقوم بالموازاة مع ذلك بالارتباط بالجماهير، فلا بد لكل تنظيم من أن يرتبط جماهيريا.
ثانيا، على مستوى الهيئة الوطنية لحماية المال العام، لا بد أن يتم دعم جهودها من طرف القوى اليسارية وخاصة تجمع اليسار الديموقراطي حتى توفر لها أمكنة للاجتماع وعقد جلساتها وتجميع وثائقها ودراساتها بالإضافة إلى تمويل أنشطتها.
ثالثا، اعادة الاعتبار للأخلاق الديموقراطية والدفاع عنها في جميع الأوساط الجماهيرية.
رابعا، فيما يخص البرنامج الإكتفاء حاليا بنقطتين أساسيتين هي أولا المطالبة بفتح تحقيقات في الجرائم الإقتصادية وما لاحظناه من اختلاسات صارخة للمال العام خصوصا في المؤسسات العمومية، ثم ثانيا، المطالبة بعدم الإفلات من العقاب في ما يتعلق بالجرائم الاقتصادية واسترجاع الأموال وتسخيرها لفائدة التنمية، وعند استرجاع هذه الأموال توضع في صندوق مراقب من طرف الشعب.
رابعا، المطالبة بدستور ديموقراطي والذي يجب أن يشكل أول الأولويات ويحمل هذا الدستور مبدأ فصل السلط حتى يصبح الجميع تحت طائلة القانون ولن يتبقى أحد فوق القانون.

* محمد الهاكش
ان الحديث عن أن دعامة السلطة المخزنية هي نهب وتبذير المال العام فلا بد من تقويض هذه السلطة. فللاستعداد لهذه المرحلة يجب الشروع في التأكيد بصوت مرتفع على أن الجرائم الإقتصادية هي جرائم ضد الإنسانية وأن نهب المال العام من الخروقات الجسيمة ضد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشعب المغربي. فهذه اللغة يجب أن تصبح متداولة ويتم الالتفاف حول الهيئة الوطنية لحماية المال العام من أجل الدفع بها لكي تصبح هيئة للانصاف والحقيقة الاقتصادية. فالالتفاف حول هذه الهيئة سيمكنها من بعض الاشعاع ليتتعرف عليها الجماهير . كما يجب التركيز على معركة مركزية ضد عملية سرقة كبرى لفضحها وطرح مطالبنا حول حماية المال العام.
بدوري أعتبر أن المطالبة بوضع دستور ديموقراطي يعتبر من القضايا المركزية في مطالبنا لحد الآن.

عزيز لطرش
علينا أن ندخل حاليا في معركة تتلائم مع امكانياتنا، وفي هذا السياق نلاحظ أن النظام منحنا فرصة حيث وقف على عدة ملفات مما يؤكد فكرة وشهد شاهد من أهلها. ونعلم جيدا أن مجمل هذه الملفات لها خيوط تصل إلى جهات نافذة والدليل على ذلك أن التحقيقات تقف عند مستويات معينة. فلدينا حاليا عددا من الملفات التي انطلق التحقيق فيها ولم ينته، لذلك على الهيئة الوطنية لحماية المال العام وكل القوى اديموقراطية أن تغير من أسلوب تعاملها وتعتبر هذه النقطة من أولى الأولويات، وهذا يعني التركيز على متابعة المسطرة الى نهايتها مثل ملف صندوق الضمان الاجتماعي ومؤسسة القرض العقاري والفندقي والصندوق الوطني للقرض الفلاحي وشركة كوماناف والبنك الوطني للانماء الإقتصادي والبنك الشعبي وعددا من المطاحن ... الخ، فإذا ما اشتغلنا على هذه الملفات المفتوحة كجمعيات حقوقية وأحزاب يسارية وهيئة وطنية لحماية المال العام وترانسبارانسي بشكل منظم وحسب خطة واضحة فلابد أن نتوصل الى تحقيق بعض التقدم في كشف الحقائق والأسماء

* عبد الخالق بنزكري
بالنسبة لي فإن انخراط التنظيمات اليسارية في هذه العملية يشكل مقياسا بحد ذاته، فهل فعلا هناك نية للدخول في هذه المعركة أم أن الجميع يساير النظام المخزني. فأنا ألاحظ غياب الاهتمام الكبير بمثل هذه الملفات، فحتى بالنسبة للجمعية المغربية لحقوق الانسان أصدرت بيانا أولا حول جرائم الحقوق الاقتصادية وأعلنت عزمها على اصدار لائجة مرتكبي الجرائم الإقتصادية، ولكن مع الأسف لم يستمر هذا العمل، فيجب أن يكون هناك اهتمام جدي وتطرح على الصعيد المركزي تم تذهب بعد ذلك لزيارة مختلف مناطق المغرب.

* عزيز لطرش
هناك نقطة أخيرة لم نتطرق إليها وهي تلك المتعلقة بالمديونية الخارجية لأن المؤسسات المالية الدولية تساهم بنهب المال العام بدورها، حيث تكرس الاستعمار الاقتصادي بطرق ملتوية خصوصا عندما تفرض علينا سياسات تقود مباشرة إلى سيطرة الشركات الأجنبية على خيرات البلاد فهذه النقطة هي الأخرى تتطلب منا بعض التفكير.

* عبد الخالق بنزكري
فيما يخص التوافق الذي وصلنا اليه من خلال هذه الجلسة هو أن هذه الندوة تعتبر جد مهمة قامت بالتعريف بماهية المال العام ويبدو لي أنه في كل محور على حدة علينا أن نقدم فيه الكثير من التدقيقات والأمثلة، فالخيرات الطبيعية لا تعني بالنسبة للجماهير شيئا إذا لم نوضح ما المقصود منها وهي الأسماك ومياه الشرب والحبوب والغابات ...الخ، إذن من المفروض تقديم تدقيقات والكثير من الأمثلة.
إن ما طرحه الرفيق عزيز حول قضية القروض والمديونية سبق أن تناولناها من بين أشكال نهب المال العام، ويمكن أن نطالب هنا بالانخراط في الحركات الدولية التي تطالب بإلغاء المديونية الخارجية، لأن المؤسسات المالية الدولية تمنح قروضا لأنظمة ديكتاتورية وهي تعلم أن تلك القروض لا تصرف من أجل الشعب وتعلم بالتالي أنها ستنهب، لذلك فيجب أن تتحمل مسؤولية الغاء هذه الديون.

* عبد السلام أديب
شكرا للسادة المتدخلين على ما قدمتموه في اطار هذه الندوة من معلومات غزيرة حول المال العام وأشكال نهبه وحجم هذا النهب وانعكاساته والأسباب الكامنة ورائه وما قدمتموه من اقتراحات لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، ولعل الحديث ذو شجون بحيث لن يمكننا في جلسة وحيدة أن نغطي جميع جوانب الموضوع، صحيح لا زالت العديد من الجوانب التي تتطلب المزيد من النقاش والأطروحات من قبيل المدينية الخارجية وكذا الداخلية والخوصصة وتهريب رؤوس الأموال نحو الخارج ودور الشركات متعددة الاستيطان في امحاء الادخارات الوطنية ودور النزع القانوني للملكية في تكريس مظاهر النهب، فهناك العديد من الملفات التي ستبقى مفتوحة والتي نتمنى أن نجد فرصا كثيرة في المستقبل القريب لتدارسها. مرة أخرى أتقدم لكم باسم جريدة النهج الديموقراطي بأحر التشكرات على مساهماتكم الغنية.



#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرفق العمومي بين الخوصصة والترشيد
- مبررات إهدار المال العام
- ميزانية الانكماش والتفقير والتهميش
- المرأة المغربية بين مدونة الأسرة والمواثيق الدولية لحقوق الإ ...
- راهن المخزن على صناعة باطرونا مغربية تضمن له البقاء والاستمر ...
- اتفاقية التبادل الحر كمدخل لاستعمار جديد
- تتوخى اتفاقية التبادل الحر المغربية الأمريكية تحويل المغرب إ ...
- عربدة المخزن الاقتصادي حول البلاد إلى إقطاعية رأسمالية خاصة
- الحوار المتمدن مكان فسيح لتبادل مختلف الآراء بل وربط علاقات ...
- دروس من آسيا الشرقية
- قراءة نقدية في مشروع ميزانية سنة 2004
- التحولات الاقتصادية والسياسية للطبقات الاجتماعية في المغرب ( ...
- عولمة الأزمة وآفاق الثورة
- حتى لا ننسى إفريقيا
- بناء سبل تحقيق عالم بديل لنعمل معا على عولمة المقاومة
- سوء التنمية ومحاربة الفقر
- أوهام التأهيل والمنافسة الحرة
- النساء والعولمة الليبرالية
- المعجزات التنموية ودور الدولة
- الهجرة الى الفردوس الاقتصادي


المزيد.....




- شركة تعدين روسية عملاقة تنقل بعض إنتاجها إلى الصين
- شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة
- اشتريه وأنت مغمض وعلى ضمنتي!!.. مواصفات ومميزات هاتفRealme ...
- صعود أسعار النفط بعد بيانات مخزونات الخام الأمريكية
- وظائف جانبية لكسب المال من المنزل في عام 2024
- بلينكن يحث الصين على توفير فرص متكافئة للشركات الأميركية
- أرباح بنك الإمارات دبي الوطني ترتفع 12% في الربع الأول
- ألمانيا ترفع توقعاتها للنمو بشكل طفيف في 2024
- مشروع قطري-جزائري لإنتاج الحليب في الجزائر بـ3.5 مليار دولار ...
- -تيك توك- تتعهد بالطعن على قانون أميركي يهدد بحظرها


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد السلام أديب - نهب وتبدير المال العام في المغرب