أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام محمود فهمي - تعريبُ العلوم ِبين العاطفةِ والسياسةِ والواقعِ ...














المزيد.....

تعريبُ العلوم ِبين العاطفةِ والسياسةِ والواقعِ ...


حسام محمود فهمي

الحوار المتمدن-العدد: 3993 - 2013 / 2 / 4 - 12:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لغةُ أي أمةٍ هي شخصيتُها وخصوصيتُها وحضارتُها، وأيضًا مستقبلُها، هي مرآةٌ لا شك في مصداقيتِها لحالِها في عالمِ اليومِ ولما ستؤول إليه. ولقد احتلَ موضوعُ تعريبِ العلومِ، بحكمِ ورودِه في الدستورِ، اهتمامًا وتراوحَت فيه الآراءُ. لذا فإنه من بابِ لزومِ الاجتهادِ بالرأي سأضيفُ من واقعِ ممارستي العلميةِ ما يُكملُ ما سَبقَ من جَهدِ الزملاءِ.

بدايةً، اللغةُ، أي لغةُ، تختلفُ باختلافِ مُحيطِها، فهناك لغةُ الشارعِ، ولغةُ التعاملاتِ التجاريةِ، ولغةُ كلِ مهنةِ، ولغةِ المثقفين، ولغةِ الشبابِ، وغيرها وغيرها. اللغةُ إذن تأخذُ أشكالًا عدة، يستحيلُ تغييرُها أو فرضُ لغةٍ بعينِها في غيرِ مُحيطِها. وإذا تناولنا اللغةَ العلميةَ، لوجدنا أنها تبدأُ من مرحلةِ التعليمِ قبل الجامعي وصولًا للتعليمِ الجامعي والبحثِ العلمي، وأن هناك لغةَ العلومِ النظريةِ وهي تشمل الآدابَ والتجارةَ والحقوقَ والدراساتِ الإسلاميةِ، كما توجدُ لغةُ العلومِ العمليةِ مثل الهندسةِ والطبِ والكيمياءِ والفيزياءِ.

الدراساتُ الإنسانيةُ فيها الكثيرُ من المحليةِ، ماضيًا وحاضرًا، ومن الطبيعي أن تكون دراستُها باللغةِ الأمِ، إلا أنه يستحيلُ خروجُها إلى دنيا العلوم بدون ترجمةٍ، وهو ما سيوقفُ نشرَها، لصعوبةِ ترجمتِها من ناحيةٍ، ولعدمِ وجودِ مترجمين من ناحيةٍ أخرى، وهو ما يعني بلا مواربةٍ خنقَها، وكأنها لم تكن.

أما الدراساتُ العمليةُ التي تتأسسُ على التكنولوجياتِ الحديثةِ مثل علومِ الحاسباتِ والفضاءِ والنانوتكنولوجي وغيرِها، فأبحاثُها منشورةٌ باللغةِ الإنجليزيةِ باعتبارِها لغةِ تلك العلومِ. من غيرِ العملي أو المنطقي الكتابةُ في هذه المجالاتِ باللغةِ العربيةِ، فالدورياتِ العلميةِ المحترمةِ التي تصدرُها هيئات مثل IEEE وACM وElsevier و Kluwer وغيرها لا تنشرُ إلا باللغةِ الإنجليزيةِ، فكيف لباحثٍ لا يتملكُها أن ينشرَ فيها أو يتعاملَ معها؟ هل سينحبسُ في الإصداراتِ المحليّةِ شديدةِ التواضُعِ؟ لا بدَ أن نكونَ صُرحاءً، بدون مزايداتٍ يغلبُها التسييسُ والتديينُ في مواطنِ علمٍ، نحن متخلفون، مع الأسفِ، مستوردون لكل شئ، والعلمُ مما نستوردُ، كيف بلغتِنا العربيةِ فقط ندخلُ في عالمٍ لا نساهمُ فيه بأقلِ القليلِ؟!

الدولُ العظمى مثل ألمانيا وفرنسا تنشرُ أبحاثَها بالإنجليزيةِ حتى في دورياتِها العلميةِ، والرسائلُ العلميةُ بها، ماجستير كانت أو دكتوراة، تُترجمُ لزومًا للغةِ الإنجليزيةِ إذا ما كُتِبَت باللغةِ الأمِ. هل مُنِحَت جوائز نوبل في العلومِ لأي باحثٍ لم يُنشرْ بالإنجليزيةِ في دوريةٍ محترمةٍ؟ قطعًا ألف لا. ليس عيبًا أن تكون هناك لغةٌ متعارفًا عليها للعلومِ، إنه منطقُ وواقعُ القوةِ العلميةِ، إذا نَشَزنا عنه لن نجني إلا التقوقعَ والتخلفَ. ولا أميلُ أبدًا إلى التجربةِ السوريةِ في تعريبِ العلومِ، والأبحاثُ العلميةُ لا تكذبُ، كم بحثًا سوريًا نُشِرَ عالميًا؟ تقريبًا صفر، وعملُ بعضِ السوريين كأطباءٍ أو مهندسين في أوروبا والولايات المتحدةِ الأمريكيةِ ما كان ممكنًا إلا بعد أن درسوا الإنجليزيةِ بجهدِهم باعتبارِها وسيلةَ خلاصٍ من سجنِهم في بلدِهم، ولا يُحسبُ بحالٍ لتعريبِ العلوم في نسختِه السوريةِ.

وطالما أن للعلومِ لغةً عالميةً متعارفٌ عليها، فإن المصطلحات بها تُعرَفُ وتنتشرُ، وعلى سبيل المثال خارج الحصر، FPGA و ADSL وCSMA وIPv6، تحملُ معنىً واحدًا بمجردِ كتابةِ مصطلحِها بالانجليزيةِ، لكن إذا تُرجِمَت للعربيةِ أو لغيرِها فلن يُتفقُ أصلًا على صيغةٍ للمصطلحِ العربي المقابل، ولن يمكن للباحثين من خلال محركات البحث Google أو Yahoo أو غيرِها التعرفُ عليها أو فهمٍها ومن ثَم استخدامِها، وهو ما يعني اندثارَها هجرًا لعدمِ دقتِها والاتفاقِ على استخدامِها في المحيط العلمي. هل يُعقلُ أن يتقبلَ مجتمعٌ علميٌ ترجمة modem بكلمةِ فاك ضام (يفكُ ويضمُ)؟! مصطلحاتٌ بهذه الترجمةِ لن تُفرزُ إلا لغةً يُرفعُ لها شعارُ العلمِ وما هي إلا موازيةٍ للغةِ جديدةٍ تسودُ الشارع بكلماتٍ لا وجودَ لها في القواميس مثل نَفَضَ وطَنَشَ وحَلق له و هَيَسَ وغيرها وغيرها.

وإذا كان تعريبُ العلومِ هدفًا، فإنني أتذكرُ نكتةً لفؤاد المهندس في برنامج ساعة لقلبك لما أوجَدَ كلمةَ قهويشا ترجمةً لكلمة كافتيريا، وهي ترجمةٌ تَسخرُ من شدةِ الإنغلاقِ والجمودِ لدرجةٍ تدفعُ للسخريةِ وهجرِ اللغةِ العربيةِ أصلًا. وفي زمنِ الجفافِ ينحشرُ في التخصصاتِ العلميةِ من هم من غيرِ أهلِها بحجةِ التعريبِ والغيرةِ على اللغةِ العربيةِ، وهو ما سيزيدُ من عَزلِها بمصطلحاتٍ هزليةٍ وعُزلةِ من يتصورونها لغةً للتعاملِ مع العلومِ التكنولوجيةِ. في عصرِ الإنترنت الذي انفتحَ فيه العالمُ على مصراعيه، يستحيلُ فرضُ لغةً أو ترجمةً، وللننظر في مصطلحاتِ الحاسبات التي جدَت وانتشرَت بحكمِ الأمرِ الواقع مثل فَرمَطَ format وسَتَبَ setup وهَنَجَ hang ومَوَفَ move وصَفَرَ reset وفلاشة flash وغيرها وغيرها.

لست ضد اللغةِ العربيةِ، بل أحبُها، لما أقرأ لطه حسين وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ وأنيس منصور، لما أتأمل جُمل محمد حسنين هيكل، لما أسمعُ أشعارًا بصوتِ فاروق شوشة وأطرَبُ لتغني أم كلثوم بكلماتِ إبراهيم ناجي، لكن البحث العلمي يستحيلُ أن يكون باللغةِ العربيةِ، لأنها ليست من لغاتِ العلومِ من ناحيةٍ، ولأننا متخلفون من ناحيةٍ أخرى. البحثُ العلمي ليس غناءً في الحمامِ، إنه لخدمةِ الإنسانيةِ. إذا انكفأ المجتمعُ العلمي على نفسِه لن يفيدَ أو يستفيدَ، ،سيدورُ في حلقاتٍ مفرغةٍ، اللهم إلا إذا كان الإنغلاقُ في حد ذاتِه هدفًا.

الصراحة راحة، بلا أحلامٍ ولا سياسةٍ ،،


مدونتي: ع البحري
www.albahary.blogspot.com
Twitter: @albahary



#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجَودةُ الفسدانةُ ...
- عالمُ فيسبوك ... الوهمُ
- حَجبُ جوجل ويوتيوب ... مصر للوراء
- إخواني ...
- الأبحاث السيكو سيكو ...
- فتح مصر
- إعلام السيكو سيكو
- هل تتفقُ مصلحةُ الإخوان مع مصلحةِ مصر؟
- حَجبُ المواقعِ ليسَ من الإنترنت ....
- المدينة الفخارية ...
- صُحفُ الإخوانِ ... الوطني سابقًا
- من وحي انقطاع الكهرباء ...
- منحُ اللجوءِ السياسي للأقباطِ ... لَطشةٌ مسكوتٌ عنها
- العشوائيات في السكك الحديدية
- بذاءةٌ وتلفيقٌ ...
- مَصلحةُ الإخوانِ تَتَعارضُ مع مَصلحةِ مصر
- مرسي زارَ الأقصر ...
- أردوغان ليس إخوانيًا ...
- الإذاعة في رمضان ... والإعلام أيضًا
- عندما صَلى الشعراوي ركعتي شكرٍ ...


المزيد.....




- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام محمود فهمي - تعريبُ العلوم ِبين العاطفةِ والسياسةِ والواقعِ ...