أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عبد الرحيم - الهند وباكستان.. هدوء ما بعد العاصفة















المزيد.....

الهند وباكستان.. هدوء ما بعد العاصفة


محمود عبد الرحيم

الحوار المتمدن-العدد: 3992 - 2013 / 2 / 3 - 23:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



عاد الهدوء الحذر يخيم على أجواء العلاقات الباكستانية الهندية، بعد أسابيع من تعرض علاقة البلدين لأزمة سياسية عنيفة، وتوترات ذات أبعاد عسكرية وتاريخية، على خلفية الصراع التقليدي حول منطقة كشمير المتنازع عليها بين كل من باكستان والهند، وتبادل الاتهامات بين الجانبين حول اختراق الهدنة، وإطلاق نار، والقيام بقتل جنود تابعين لكل منهما، وأعمال استفزازية وبربرية كالتمثيل بالجثث وجز الرؤوس، حسبما وصفت الهند القوات الباكستانية .

ربما تكون هذه الأزمة الأخيرة هي الأكثر حدة بين إسلام آباد ونيودلهي، منذ تفجيرات مومباي الشهيرة في العام ،2008 التي حمّلت فيها الهند باكستان المسؤولية عن وقوعها، ودعم متطرفين إسلاميين تورطوا فيها من جماعة “عسكر طيبة” .

مكمن الخطورة في التصعيد الأخير، في التلويح بحرب نووية بين الجارتين التي تمتلك كل منهما ترسانة نووية، ورسائل التخويف التي بثتها الشرطة الهندية بدعوتها الكشميريين إلى بناء مخابئ للاحتماء من الخطر النووي .

وبحسب التقديرات، فقد تراجعت بدرجة كبيرة احتمالات اندلاع حرب جديدة بين الجارتين اللتين خاضتا من قبل ثلاث حروب متتالية، حتى توصلتا إلى هدنة في العام 2003 .

وربما يكون توازن القوى النسبي بين البلدين الذي بات كل منهما يمتلك ترسانة نووية، وما تمثله الحرب في ظل هذا السلاح من تداعيات كارثية على الطرفين، وربما الصراعات السياسية الداخلية بباكستان التي لا تسمح باتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية حالياً، قد أوقفت الانجراف إلى ساحة حرب شاملة في هذا التوقيت، فضلا عن الرسائل الآتية من القوى الدولية المعنية بهذه المنطقة، وذات النفوذ على طرفي الصراع، كواشنطن وبكين بضرورة التهدئة، ووقف التصعيد الخطير .

لكن من غير المستبعد اشتعال الصراع من جديد، حيث لا يلبث أن يتفجر بسهولة، التصعيد المزمن والمتبادل منذ استقلال الهند عن بريطانيا وتقسيمها إلى دولتي الهند ذات الأغلبية الهندوسية، وباكستان ذات الأغلبية الإسلامية، وبقاء كشمير منطقة متنازع عليها، رغم انشطارها إلى جزأين يتبع كل منهما إحدى الدولتين، إما لأسباب داخلية خاصة بأى من البلدين، ترتبط بأجواء انتخابية أو أزمات سياسية، أو استثارة لمشاعر شعبوية، أو لاختراقات لخط المراقبة بين الجانبين، وعمليات التسلل الحدودية، أو إطلاق نار بشكل مبرر أو عمدي واستفزازي، أو حديث عن مخاطر إرهابية من قوى متطرفة دينيا، أو حتى أعمال تجسس .

وكل هذه العوامل متحققة في الحالة الباكستانية الهندية في الوقت الراهن، حيث إن كلتا الدولتين مقبلة على استحقاقات انتخابية، فالانتخابات الباكستانية ستُجرى مثلا في مايو/أيار المقبل، والانتخابات الهندية ستُجرى عام 2014 .

وقد وجدنا على سبيل المثال رئيس الوزراء الهندي حين أراد أن يرسل برسالة تهديد ووعيد مؤخراً لباكستان كان عبر مؤتمر حزبي، فيما استغل مسؤولون في حزب المؤتمر الهندي الحاكم هذه المناسبة للحديث بلهجة قاسية وصعبة من أن باكستان إذا لم تتوقف عن انتهاك هدنة وقف إطلاق النار عبر خط التماس، فإن الهند ستفكر في اتخاذ إجراءات قوية تظهر قوتها وسيطرتها .

وترافق ذلك مع نشر معلومات تتحدث عن تسلل متطرفين إسلاميين يتم دفعهم من باكستان إلى داخل الجزء الهندي من كشمير للقيام بأعمال تخريبية، وإصدار أوامر بتعبئة مكثفة للقوات والمعدات، ورصد للتحركات والاختراقات على خط التماس، بناء على تقديرات استخباراتية .

فيما على الجانب الآخر، نرى إسلام آباد تعلن عن قيامها بإلقاء القبض على خلية تجسس متورط فيها هنود، في الوقت الذي تمر فيه بأزمة سياسية طاحنة، ويقع رئيس وزرائها تحت ضغوط شديدة الوطأة قد تطيح به، خاصة بعد قرار المحكمة العليا استدعاءه على خلفية قضية فساد ورشوة، الأمر الذي لا يمكن معه استبعاد إمكانية الهروب للأمام عبر مغامرة عسكرية كنوع من تخفيف الضغط الداخلي، إن استطاع إقناع المؤسسة العسكرية التي ليست على وفاق معه، بهذه الخطوة، أو ربما إذا حدث انقلاب عسكري، أو أتى حتى رئيس حكومة مدني جديد، أن تقوم القيادة الجديدة بتلك المغامرة كنوع من إثبات الذات، وحشد التأييد الشعبي حولها .

ولم تكن هذه الموجة التصعيدية بين كل من الهند وباكستان الأولى، ولن تكون الأخيرة، خاصة أن الصراع بين إسلام آباد ونيودلهي من الصراعات المعقدة والمزمنة التي يحلو للبعض تشبيهها بالصراع العربي الصهيوني، نظراً للتشابه الكبير بين الظروف الموضوعية والتاريخية والعناصر الجيوسياسية في كلتا الحالتين، من حيث المدى الزمني المفتوح للصراع، ونشوبه عقب زوال الحقبة الاستعمارية “البريطانية”، المتهمة بأنها خلّفت وراءها عن عمد هذه البؤرة الصراعية، إضافة إلى أن الصراع ليس فقط صراع حدود، وإنما في جانب منه أيضاً صراع هويات حضارية .

وكالعادة يبدأ الخلاف، بمناوشات حدودية، ثم حرب كلامية، ورسائل شديدة اللهجة دبلوماسيا، إلى أن يصل الطرفان عند مستوى “حافة الهاوية”، فتحدث الضغوط السياسية الإقليمية والدولية التي تسعى لتوازن دقيق للقوى في القارة الآسيوية، خاصة في ظل بقاء أفغانستان بؤرة مشتعلة، ومستنقع تورطت فيه عديد من الدول بقيادة واشنطن، التي تبحث عن مخرج آمن، ونوع من استتباب الأوضاع، لتفتح ساحة صراع جديدة، في تلك المنطقة التي أي خلل فيها من السهل أن يحفز الجماعات الإرهابية وينشطها أكثر، خاصة في المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان أو داخل كشمير نفسها، أو يصعد من الحرب الباردة من جديد بين القوى العظمى، وصراع النفوذ، ليس فقط بين موسكو وواشنطن، لكن بين بكين والولايات المتحدة أيضا، خاصة في ظل العلاقات المتنامية بين كل من الصين وروسيا من ناحية والهند من ناحية أخرى، سواء على المستوى الاقتصادي أو العسكري .

ومن الملاحظ في تلك الأزمة الأخيرة، أن الهند بدت في موضع الهجوم، فيما كانت باكستان في موضع الدفاع، ففي الوقت الذي كانت نيودلهي تواصل التصعيد، وترسل برسائل شديدة اللهجة، سواء عبر تصريحات العسكريين أو السياسيين، كانت إسلام آباد تميل إلى احتواء الموقف، والردود الهادئة وطرح مبادرات الحوار، وإدانة الحادث الذي تمت نسبته إلى قواتها المسلحة، ما جعل الهند تظهر في موقف الفعل والقوة، وباكستان في موقف رد الفعل والضعف . وهذا يمكن فهمه في سياق اضطراب الوضع الداخلي الباكستاني والأزمة السياسية التي تعصف به، واستجابة رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينج، بحسب الزعيم الكشميري مفتي محمد سعيد، لدعوات الصقور في الهند .

ففي حين دعا المسؤولون الباكستانيون إلى تحقيق دولي في التهم التي تسوقها الهند للقوات الباكستانية حول ارتكاب فظائع بحق جنودها، رفضت الهند تدويل القضية، بل ذهبت الهند إلى اقتراح تصفية أي تدخل خارجي، ولو بالمراقبة بين الجانبين لفرض شروطها على الجانب الباكستاني من قبيل اقتراح عدم وجود فريق مراقبي الأمم المتحدة العسكريين في كل من الهند وباكستان، مشيرة إلى أنه ليس هناك حاجة إلى وجود المراقبين العسكريين الأمميين بموجب اتفاق شيملا الذي تم توقيعه عام 1972 بين الهند وباكستان .

الأمر الذي، أزعج الجانب الباكستاني بشدة، وجعل المندوب الباكستاني لدى الأمم المتحدة يرد عليه بالقول إنه ليس هناك اتفاق ثنائي بين الهند وباكستان من شأنه أن يوقف دور أو شرعية فريق مراقبي الأمم المتحدة العسكريين، وفي حين استمع الطرفان إلى النصائح الأمريكية والصينية بتغليب لغة العقل والحوار وتفادي التصعيد، فإن الهند وافقت على اتصال فقط بين مسؤولين عسكريين لتخفيف حدة التوتر في بؤرة الصراع، في حين رفضت قبول عرض وزيرة الخارجية الباكستانية حنا رباني خار لإجراء محادثات سياسية ثنائية، كما تم إلغاء اجتماع مشترك بين مسؤولي البلدين لبحث الخلافات القائمة بينهما على خلفية تقاسم مياه الأنهار المشتركة .

ولا يخلو تصريح لأي مسؤول هندي رفيع، سواء رئيس الدولة، أو رئيس الوزراء، أو حتى وزير الخارجية أو الدفاع، إلا ويضع شروطاً لقبول الحوار مع الجانب الباكستاني، على النحو الذي يبدو كما لو كان نوعاً من استثمار أجواء التوتر العسكري الأخيرة، والمشاكل الداخلية الباكستانية، لممارسة ضغوط على إسلام آباد لانتزاع مكاسب سياسية تبدو متاحة، فضلا عن استعراض القوة، وإظهار ضعف الخصم اللدود .

وهذه الآلية المتمثلة في الضغوط الدبلوماسية المكثفة لا تقل قيمة عن استخدام القوة المسلحة، بل ربما تنتج، إذا تم توظيفها باحتراف، أثرا أقوى، ومن دون خسائر، أو تكلفة باهظة كتلك التي تتطلبها الحروب المباشرة .

فثمة مواقف هندية رسمية منسجمة وموحدة الخطاب، وحديث دائم على جميع المستويات منذ تفجر الصراع في موجته الأخيرة على أن “تطبيع العلاقات سابق لأوانه”، أو أن “الموقف من السلام مع باكستان يحتاج إلى مراجعة دقيقة وتقييم شامل”، أو انه “لا يمكن تغيير المواقف الهندية بناء على تصريح ايجابي واحد من جانب الحكومة الباكستانية” .

وبهذا تكون الأزمة الأخيرة حتى الآن لم تخرج عن نطاق السيطرة المعتاد، والعودة لمرحلة اللا سلم واللا حرب المصحوبة بتوترات من وقت لآخر يتم استيعابها سريعاً، ومن دون مضاعفات كبيرة، إلا أن هذه الجولة التصعيدية أثرت بشكل كبير على عملية السلام الهشة بين الجانبين، وأصابتها بنكسة كبيرة، رغم التقدم الذي تم إحرازه مؤخراً في مباحثات الجانبين، والذي تجاوز البعد السياسي، إلى الاقتصادي ومشاريع تنموية ذات طابع إقليمي، وهذه التداعيات على عملية السلام بلا شك ستحتاج إلى بعض الوقت إلى كثير من الجهد، خاصة من الجانب الباكستاني لمعالجتها، بل وتقديم تنازلات صعبة يفضل أن يسميها الجانب الهندي “إجراءات بناء الثقة”، وإبداء الاستعداد لحوار جدي وعملية سلام حقيقية، وقد بدأت بالفعل بوادر ذلك، ففي حين قال الرئيس الهندي براناب موخرجي إن “بلاده على استعداد لتقديم يد الصداقة لباكستان، لكن عليها ألا تعتبر ذلك أمراً مفروغاً منه”، مؤكداً أن: رعاية الإرهاب من الجهات غير الحكومية تعد مثيرة للقلق”، استغل رئيس وزراء باكستان مناسبة العيد الوطني للهند في إرسال برقية تهنئة لنظيره الهندي جدد خلالها التزام بلاده بالعمل عن كثب مع الهند لإقامة علاقات ثنائية أساسها الود والتعاون وحل جميع القضايا بالحوار .



#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا إلى نقطة الصفر
- تونس في مواجهة الافلاس والعنف
- الجحيم السوري يفيض على الجيران
- ثورة الياسمين تضل الطريق
- غموض المشهد السوري مجددا
- -نهضة- تونس.. العنف بدل الحوار
- صراع النفوذ في سوريا
- -ائتلاف الدوحة- خطوة على طريق الألف ميل
- الأزمة السورية في دهاليز التسويات
- -طائف جديد- في سوريا
- حتمية التحالف المصري مع إيران.. وفك الارتباط مع الكيان الصهي ...
- دراما رمضان المصرية ومواصلة الخصم من رصيدها الطويل
- ثقافة العبيد التي قوضت ثورة المصريين
- الأرض الثابتة: انتصار أخلاق البحر على القانون
- فيلما -من وراء الستار- و-جوه البحر-:الاختيار الصعب والتحقق ا ...
- هيمنة الحضور الامريكي وهاجس ترميم نظام مبارك
- اسقاط اوهام استقلال قضاء تحكمه الديكتاتورية
- الاسلاميون والعسكر:تصفية الثورة وحصاد الحصرم
- المسافر: -تجربة عبثية- لاتعبر عن عبث الحياة
- -صفقة تبادل الاسرى-.. الدور الوظيفي والتوقيت المثالي


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عبد الرحيم - الهند وباكستان.. هدوء ما بعد العاصفة