أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - حول المشكلة الإسلامية (4- الصنمية)














المزيد.....

حول المشكلة الإسلامية (4- الصنمية)


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3992 - 2013 / 2 / 3 - 23:15
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في الأصل، قد نشأ الإسلام بهدف التخلص من تشرذم قبائل شبه الجزيرة العربية وتناحرها وتشتت قواها حول آلهة متعددة. وقد نجح الإسلام بالفعل في تحطيم الأصنام وتوحيد القبائل المتفرقة على معبود واحد أحد لا شريك له. مثلما توحدت كل الآلهة المختلفة في إله واحد، كذلك اتحدت كل القبائل العربية في أمة واحدة. أمة واحدة ورب واحد. هذه كانت، ولا تزال، غاية الإسلام العليا وسر عظمته ومنطلق رسالته. لكن، للأسف، من فرط التمجيد والتقديس والتأليه أخذ الإسلام بدوره يتحول إلى صنم عملاق يحوي بداخله أصناماً كثيرة أصغر تنشأ وتتراكم عبر الأزمنة والأمكنة المختلفة.

بعد عقود قليلة من ظهور الإسلام، سرعان ما عادت العقلية العربية أدراجها إلى عاداتها المتوارثة وأحيت عبادة الأصنام القديمة واحداً تلو الآخر ورجعت إلى تشرذمها وتناحرها القديم، لكن تحت مسميات وتبريرات مذهبية وفقهية جديدة. بمرور الزمن، تحول الإسلام نظرياً وفعلياً إلى صنم عظيم يحرم المساس به، منصب فوق أعمدة صنمية هيكلية مثل المفاهيم عن الله وكتبه ورسله والوحي والبعث واليوم الآخر والثواب والعقاب والجنة والنار والأحاديث النبوية...الخ تسنده أفرع مفسرة وشارحة ومكملة مثل أرباب المذاهب الفقهية السنية الأربعة الحنبلي والشافعي والمالكي والحنفي، وكذلك المذاهب الشيعية، فضلاً عن أرباب الفقه والفتوى والعلم والكلام الديني والعبادات والمعاملات الإسلامية مثل بن تيمية والغزالي، الموصولين إلى اليوم في أمثال الشيوخ القرضاوي وحسان والحويني والعريفي والسويدان والثويني والبريك والشمري وآل الشيخ وعلي جمعة...الخ. هؤلاء جميعاً تحولوا بمرور الزمن إلى أصنام مقدسة تؤخذ على علاتها، حرام محاججتها أو مجادلتها أو مراجعتها أو نقدها أو مساءلتها.

في كل العصور، كان ولا يزال الصنم يصنع ويقدس ويعبد على علته، بديهة ومسلمة كيفما تكون ومهما كان مآلها مؤلماً وكارثياً، من دون أي نقاش أو مكاشفة، أو حتى قدرة على رفع النظر إليه. ولأن الصنمية في جمودها وسكونها ضد طبيعة الكون في حركيته ودورانه، كان لابد من مبرر يسد الثغرة ويحجب العورة. والمبرر يحتاج بالضرورة إلى مبرر آخر يسنده ويبرره، في دائرة بلا نهاية من الأسانيد والتبريرات من خارج منطق الكون وقوانينه. جدير بالذكر أن الإسلام قد ظل يخوض صراعاً ضارياً ضد مفهوم وممارسة الصنمية منذ أيامه التأسيسية الأولى حتى يومنا هذا. على سبيل الإيضاح، مثلما هدم المسلمون الأوائل الأصنام الحجرية من حول الكعبة ومن بيوت الكافرين والمشركين في كل مكان طالته أيديهم قبل أكثر من ألف عام، كان لا يزال المسلمون الطالبانيون حتى عهد قريب يهدمون أصنام بوذا في أفغانستان، كما لا يزال السلفيون والوهابيون يناصبون الأضرحة والآثار الكراهية والحرق والهدم أينما وجدوا أو حلوا.


لكن في ازدواج وانفصام واضح، نفس هذه العداوة السلفية الشرسة ضد الأصنام والأضرحة الحجر في كل مكان آخر تتحول فجأة إلى بكاء توبة وتطهر من الذنوب وتضرع إلى الله في حرم صنم حجر أكبر من الجميع: الكعبة في مكة. هل العقلية المسلمة لم تتبرأ وتتخلص فعلاً كما تدعي من مفاهيم وممارسات الصنمية الجاهلية؟ بل إن كافة المذاهب الإسلامية، تماماً مثل القبائل العربية قبل الإسلام، أصبحت لها أصنامها الخاصة- مزارات الشيعية، وأضرحة الصوفية، ومناسك وشعائر الحج والعمرة المقدسة لدى المسلمين عموماً والسلفيين خصوصاً. في حقيقة الأمر، الذي يتأمل العقلية المسلمة اليوم يجدها مشبعة بقوة بعبادة الأصنام، سواء النظرية المجازية أو الفعلية الحجرية. المسلم في كل مكان يدور زائراً ملبياً داعياً طالباً المغفرة حول أصنام حجر فعلية بمقامات وأشكال شتى، وعقله أيضاً ممتلئ عن آخره بأصنام فكرية مجازية من مذاهب ومدارس وفقهاء وجماعات لا حصر لها.

هكذا أيضاً كانت ولا تزال إلى درجة أقل اليهودية والمسيحية، وبوجه عام كافة المقدسات الدينية وغير الدينية. لكن ما جعل الصنمية الإسلامية أعمق أثراً وخطراً هو أن الإسلام كان ولا يزال أوسع مداً وتوغلاً ونفوذاً على حركة وتفاصيل حياة الأفراد والمجتمعات المسلمة، ما يجعله المهيمن بلا منافس على تفكيرها وحركتها إلى اليوم. بينما في اليهودية والمسيحية، نهضت الفلسفة والعلوم والمعرفة والسياسة والصناعة والتجارة والليبرالية والعلمانية والديمقراطية...الخ منافسون أشداء للصنمية الدينية المسيحية، ما حشرها في حيز ضيق محدود لا تستطيع أن تجور منه على الأحيزة الأخرى. إضافة إلى ذلك، عكس الإسلام قد نجحت اليهودية والمسيحية في أن تؤسس تراتبية دينية حسنة التنظيم كان لها دور مهم في التخفيف من حدة الصنمية الدينية وضمان الحد الأدنى المعقول من تكييف الدين مع اكتشافات ومبتكرات كل عصر.







___________________________
هذه السلسلة هي بذرة بدائية جداً في مشروع كتاب مزمع في نفس الموضوع في الوقت المناسب. وفي سبيل ذلك، يرحب الكاتب بكافة التعليقات والمساهمات والمقترحات وعروض النشر الجادة من الجميع.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرشد العيرة والتقليد الفاشل
- التحول الثوري الثالث
- الثورة تقتل أبيها، لكن لا تفنيه
- ثورة خرجت من بيتها
- حول المشكلة الإسلامية (3)
- حول المشكلة الإسلامية (2)
- حول المشكلة الإسلامية (1)
- احترام الأديان من احترام الإنسان
- الله في أبهى ثوب
- أنا موجود إذاً الله موجود
- أنا موجود، الله موجود؟
- والله لا يتكلم
- المعنى بين النص والواقع
- لغة البهائم والبشر
- لأن الله معهم
- الشعب والنخبة والحاكم بين الديكتاتورية والديمقراطية
- الإخوان لا يهزمون أبداً بالوسائل الديمقراطية
- الدستور أو الشريعة
- حتى لو خلعت ملابسها في ميدان عام
- اصرفوا رئيس اليمين الباطل


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - حول المشكلة الإسلامية (4- الصنمية)