أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - إبرة مخدر















المزيد.....

إبرة مخدر


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3992 - 2013 / 2 / 3 - 09:46
المحور: كتابات ساخرة
    


جاري الأستاذ (أبو أحمد) صاحب أفضل يد تُعطي في العضل كثيرا من إبر الخدر ليهدأ أعصاب الذين يشكون ويتذمرون من الحياة بكل ما فيها من أوجاع , وصدقوني بأنه أشطر بكثير من طبيب الأعصاب المجاور لمنزله وأدويته أفضل من أدوية الطبيب فهي على الأقل لا تترك خلفها أي أعراضٍ كتلك الأعراض المتعلقة بالغثيان والطفح الجلدي إلا أعراضا بسيطة مثل عدم المبالاة والاستكانة والصمت الموحش والتسليم للقضاء والقدر وبأن السماء ستفتح عليّ في يومٍ من الأيام نافذتها..

وأنا شخصيا كلما أحسست بالتعب من هذه الدنيا أذهب إليه لكي يعطيني إبرة في العضل تنسيني الدنيا وكل ما فيها من هموم فما شاء الله عليه في إعطاء إبر البنج والمخدر الشفوية فلا تكاد تدخل عليه حتى تستريح من كثرة ممارسته لشتى أصناف التخدير والكذب والغش والدجل ويتوقف رأسك عن الشعور بالألم وتذهب عنك كل الوساوس, طبعا أنا أعرف جدا أنه كذاب ولا يفهم في الطب شيئا وأعرف بأنه ليس طبيبا وليس صيدلانيا ولا ممرضا ولا حتى حارس مستشفى وأعرف بأن كل الذين يدخلون إلى بيته يخرجون وهم يقولون عنه بأنه دجال من الدرجة الأولى ورغم كل ذلك تجدون أن كل الناس مثلي يحتاجون إلى كذبه وغشه وخداعه وأعرف أيضا بأنه يكذب عليّ وعلى كل الناس كثيرا, ورغم ذلك أذهب إليه كما يذهب إليه أي إنسان وهو على قناعة تامة بأنه كذاب وكما تذهب إليه أي امرأة عاقر تبحث عن علاجٍ للحبل(الحمل) لكي أشعر بالراحة والطمأنينة المؤقته.

...وأعرف أيضا بأن إبرة المخدر التي يطعنني بها من الخلف ومن الأمام لا تدوم كثيرا بل لعدة ساعات وأحيانا لعدة أسابيع وحين أصحو من التخدير أشعر بأنني محتاج إليه وإلى كذبه لكي أستعيد صحتي ولياقتي وفي مثل تلك اللحظات أشعرُ أنا وغيري من الناس أن تزوير الحقائق ضرورة حتمية جدا فبدونها سنموت قهرا من هذا الواقع المؤلم جدا,نحن بحاجة دائمة لشخص يكذب علينا ويزور لنا حياتنا والواقع المؤلم الذي نعيش فيه,وإذا كان لدى أحدٍ منكم رجالا بارعون في إعطاء أُبر التخدير فأرجو منكم أن تدلوني على باب بيته لأنني اليوم في حالة لا تسر لا عدوا ولا صديقا وبحاجة إلى كمية كبيرة من البنج والتخدير أو أنني بحق بحاجة إلى كلمات تخدرني تلك الكلمات التي تدوم أكثر وأكثر ولا يبهت لونها اللامع حتى تحت أقسى الظروف الجوية السيئة ,وهذا الأمر لا يتعلق بي أنا وحدي فكل الناس لديهم جيران أو أصدقاء تجد من بينهم دجالا يعطيهم إبرا من إبر التخدير يكذب فيها كثيرا والناس تعرف بأنه يكذب كثيرا ولكن رغم كل ذلك تذهب إليه الناس لكي يشفوا من ويتخدروا من الهم والحزن وهم متأكدون بأنه دجال.

واليوم طرقتُ باب الدار فقال:

-مين على الباب؟.

(قلت):

-أنا أبو زفت.

(فقال:مين أبو زفت)؟.

-يا رجل أنا (أبو علي)....شو مش عارف صوتي؟

- لا كيف مش عارف صوتك تفضل يابو علي,ولكن شو مالك ليش ابتحكي عن نفسك أبو زفت؟


(دخلت وجلست على الكنبه ورأسي تقطرُ منه مياه المطر فقال لي).

-خير يا طير؟ مالك بتقول عن حالك أبو زفت؟.

-يا زلمه أنا أبو زفت و60 أبو زفت.

-له له له ليش هيك يا رجل؟ليش بتساوي بحالك هيك؟.

-أنا الآن مستعجل جدا وبحاجةٍ منك إلى إبرة تخدير من الطراز الأول...أنا محتاج منك بأن تصور لي العالم على أنه عالمٌ جميل جدا وبحاجة لأن تقول لي بأن هنالك خلف هذه السماء سماءٌ أخرى وبأن هنالك أناس آخرون يتحكمون بحياتنا وبأن معظم تصرفاتي مكتوبة في كتاب وإنه ليس لي أي دخل بقدري فكله بإرادة الله..أنا محتاج أن تقول لي: الصبر جميل والدنيا حلوه..ومحتاج أيضا بأن تعطيني مزيدا من التخدير الموضعي وغير الموضعي..وأنا منذ الصباح لم أضع لقمة طعام في معدتي ولم أشرب الماء ولا السجائر لكي آخضع عندك لعلمليتين واحدة للتخدير والأخرى للتجميل..أريدك أن تريني الدنيا على غير حقيقتها...أنا يا جاري مللت من الواقع وأريد أن أهرب منه إلى العالم الآخر حيث العدل موجود بين الناس جميعا,ولم أضع أي شيء في بطني لكي لا تفشل عملية التخدير ولكي أستفيق من التخدير ومن ثم أعودُ إليك مطالبا بمزيدٍ من تلك الإبر...هل وصلك تخدير حديث؟.

-يا أبو علي...إنت ليش زعلان؟طل على حال الناس راح تلقاهم كلهم مثلك.

(انبسطتُ كثيرا من هذه الإبرة وقلت):

-أيوه....هذا ما أحتاج إليه بالضبط...هذا هو الكلام الذي أبحث عنه..إنت وين كنت غايب عني من زمان؟ يا رجل هذه أفضل إبرة تخدير أعطيتني إياها منذ زمنٍ بعيد...أيوه عفارم عليك,أنا كل يوم أو كل أسبوع سآتي إليك لآخذ منك هذه الإبرة.

-يا رجل الصبر مفتاح الفرج.

(فقمت واقفا وأنا أقول):

-أها شفت الإبره هذي كيف خلتني أقوم من مكاني مثل الحصان؟ أنت تقوم بعملك بكل إخلاص ولازم تاخذ جائزة أفضل مخترع لمخدر بشري مثل جائزة أكثر مخترع لمبيد حشري للحشرات.

-طيب احكي شو مالك؟

-يا ابو أحمد, أنا باعتقادي إنه الله خلق كل الناس عاقلين, يعني ما فيش واحد بيجي على هذه الدنيا وهو مجنون...ونفسي أعرف من وين بيجيهم كل هذا الجنون,وأنا مثلا:من أين أتاني الجنون الذي في رأسي؟هل هو وراثي؟أنا سبب مشكلتي ليس لأنني أشعر بأنني أفضل من الناس بل بسبب إحساسي المتزايد بمشاكل الناس وبالحقيقة التي لا يعرفونها عن(اللي معك خبره)..يا رجل كل الناس صاروا مجانين وأعتقد لو أخذوا إبر بنج وتخدير من يديك الغليظتين لأصبحوا بحالٍ أفضل مما هم عليه..اللي ماشي بحكي مع حاله....واللي ماشي وهو يحك بلحيته أو بوجهه ويضرب أخماسا بأسداسٍ..واللي ماشي حافي...واللي ماشي وهو بهرس بشعر راسه...واللي واقف للثاني على نكزه...واللي بخبط راسه بالحيطان وبأعمدة الكهرباء...واللي ماشي وملابسه ممزقه....واللي زعلان ومش عارف شو بده يعمل وبده يبلط البحر من شدة زعله وحيرته..يا زلمه الحياة بتخلي العاقل مجنون.

-يابو علي(وحد الله).

-أيوه...أيوه...هيك بدي إياك...أنا بدي تعطيني إبره في العضل من لسانك اللي بينقط عسل مش مثل لساني إللي مافيش عليه غير الزفت.

-يا بو علي:الصبر جميل.

-أها شفت عاد قديش إنت أرحتني؟ أنا من زمان بدي أسمع هذي الكلمه على شان أتخدر.

-يابو علي إنت امعبي النت كتابات وكلمات ومش عارف تعطي نفسك جمله مثل هذي الجمله؟.

- صدقت وبقدر كمان أقول مليون كلمه مثل هذه الكلمه.بس منك إنت بالذات للكلمه طعم آخر...يا أخي سبحان الله عليك قديش(كم) إيدك خفيفه وأنت تحقنني بالإبر المنعشة والمُخدِره وتقول لي(أصبر-أثبت) إنت بس تحكيها معي بكون شعوري غير عن شعوري وأنا بسمعها مني أنا شخصيا أو من حدى ثاني...يا رجل برحمة أمك وأبوك أن تعطيني مزيدا من أبر التخدير...يا رجل أناشدك الثقة والتأييد في سبيل إعطائي كلمات مثل تلك الكلمات...أنا قرفان الأهل كلهم,قرفان حالي وأحوالي وأولادي وجيراني..وقرفان الإنترنت وقرفان الستلايت..كله يتسبب لي بالآلام وبالصداع,ونفسي تحكيلي قصة طويله عن الصبر والآخره والعذاب والجنه والنار وتعطيني معها إبره طويله أطول من إبرة دكتور الأسنان فيها كمية كبيرة من البنج الموضعي والمخدر...أرجوك أعطيني على طواحيني...إطعجني وأنا أجلي بالصحون.

-يا بو علي إنت لو نظرت إلى كل الناس ستجد نفسك أحسن من مليون واحد.

-أها...أها...شفت ؟هل رأيت كم هو كلامك جميل ومخدر؟...أعطيني من هذا الكلام..أعطيني مما أعطاك الله...سمعني مثل تلك الكلمات...أنا ما بديش(لا أريد) منك أن تفهمني أو أن تحل مشاكلي,أنا كل ما أريده منك هو أن تُخدرني وتخدر لي كل أعصابي...أنا لا أريد منك أن تكون معي إنسانا صادقاً أنا أريدك أن تكذب عليّ في كل شيء,مللت من الصدق ومللت من الواقع.

-يابو علي:اللي بشوف مصيبة غيره بتهون عليه مصيبته.

-يا سلااااااااااااااااااام....يا سلااااااااااااااام,يا سلام قديش(كم) هو كلامك مريح جدا للأعصاب,زدني من هذا الكلام,أعطني منه عطاك الله.

-إنت مشكلتك أنك حساس جدا زيادة عن اللزوم.

-آوالله كلامك مضبوط.

-يا رجل طنش للحياة كلها(واللي ما بيجي معك تعال إنت معه).

-يا حبيبي على كلامك كم هو مريح.,كلامك مثل الحشيشة والمخدرات,كلامك عباره عن وسكي شيفاز اللي بحياتي كلها ما ذقت طعمه إلا مره واحده..بحياة أولادك اتخدرني كمان وكمان...كلامك مريح جدا...يعني أنا منذ قبل قليل وأنا أشعر بأن كل الناس أفضل مني ولكن كلماتك المُخدرة جعلتني أشعر بأن حالي أفضل من ملايين الناس.

-روح أقعد مع أولادك بالدار والصباح رباخ.

-طيب متى موعدي القادم؟ أعطيني موعد رسمي لكي آخذ به مزيدا من أُبر التخدير.




#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذه هي حياتنا
- هل تريد أن تحكم مصر؟
- أنا مثل إسرائيل
- اللعب مع الكلمة
- جهاد في عالم الضياع
- اليوم الذي كنت خائفا منه
- الكل مشهور
- ألم الحرمان
- الأصدقاء المزيفون
- رحلة العذاب
- الإنسان مخلوقٌ فوضوي
- مساعدة الفقراء تؤجل الثورة
- كيف يختار الله الرسل والحكام وكبار رجال الأعمال
- العبور من ديانة إلى ديانةٍ أخرى
- سنه حلوه يا ثقافه
- الخلوة أحيانا ضرورية
- الدين بين فشل المنطق ونجاح الإغراء
- أنا مراقب جدا
- بطاقة معايدة
- إنهاء الصراع بين الدولة والدين


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - إبرة مخدر