أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل شاكر الرفاعي - مشاهدات بغدادية 1 وأخيراً غرقت بغداد















المزيد.....

مشاهدات بغدادية 1 وأخيراً غرقت بغداد


اسماعيل شاكر الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 3992 - 2013 / 2 / 3 - 00:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مشاهدات بغدادية

اسماعيل شاكر الرفاعي

ــ 1 ــ
وأخيراً غرقت بغداد

صباح الاربعاء ــ وأنا أطل على الشارع من شقتي التي تعلو شقته ــ رأيت عامل البناء منهمكاً بمعالجة غطاء المنهول في الشارع المغمور بمياه الامطار ، بعد ليلة مطرت فيها السماء لسويعات . هل سينجح في معالجة الانسداد ويسحب ماء الشارع الذي تسرب الى شقته الارضية ؟ تمنيتُ ذلك ، ولكنني تساءلت : لماذا لم تتهيّأ أمانة العاصمة لمعالجة الانسدادات قبل حلول الشتاء ؟ أم أنها اطمأنت الى امتناع السماء عن المطر كما حدث في العام السابق ؟ .. يشير غرق بغداد الى أنّ أمانة العاصمة لم تتوقع ما جرى ، فكل المسؤولين فوجئوا بما حدث ولم يكونوا مستعدين له ، حالهم في ذلك حال المواطنين . هل كان بأمكان أمانة العاصمة ان تتنبأ بالوقت الذي ستنفجر فيه السماء عن سيول انتهكت حرمة الاهالي الآمنين ، لكي يتم درء آثارها المدمرة في الوقت المناسب ؟ نعم تستطيع ، وذلك بالتعاون مع الجهات المختصة بالأنواء الجوية ، أو بأجراء البحوث المستمرة عن حالة الطقس . ولكنها لم تفعل ذلك ، فطرقت الطبيعة بقوة ابواب مسؤوليها المقفلة ..لا يوجد شئ يجبر المسؤول في أمانة العاصمة على جعل التوقع والتحسب اركاناً اساسية في خطة عمله ، طالما ان آليات عمل الوزارة التابعة لها ، لا تقوم على التخطيط . انها في أحسن الحالات تقوم على التخمين . لا يملك المسؤول العراقي معلومة جديدة عن بلاده . وكل المعلومات والحقائق التي بين يديه تنتمي في اصول تجميعها الى احصاءات القرن الماضي ، وهي معلومات لم تعد تمثل حالة البلاد الفعلية على المستوى الديموغرافي ، أو على مستوى حالة البنى التحتية . ذلك يعني ان خزين المعلومات { أضافة الى القوانين والتشريعات التي أصدرها مجلس قيادة الثورة المنحل } الذي ينتمي الى قرن مضى ، والذي يُعتمد عليه قي اتخاذ القرار ، لم يعد صالحاً للانطلاق منه في التخطيط لأعمار واصلاح حالة بلاد ، توقفت فيها تنمية وتحسين شروط الحياة منذ عام 1980 ؟ أنا هنا أجتهد ــ علّ آخرون يشاركونني الاجتهاد ــ في تبيان الاسباب التي أدت الى غرق بغداد ، ولا أجتهد من أجل تبرير الغرق على طريقة المسؤولين . فلقد شعرت بالعار ، وأنا أرى الكثير من عوائل الشارع ، تهرب بأطفالها من منازلها التي فاضت بالمياه ، وتلجأ الى الشارع الذي كان طافحاً بالمياه مثل بيوتهم . لم ينطلق المسؤول العراقي من هذه الحقائق وهو يجيب على سؤال : لماذا غرقت بغداد ؟ بل انطلق من عالَم السياسة ، سياسته التي اًصطنعها في أدارة الشأن العام ، فقادته الى التبرير ، لا الى النقد ومحاسبة المسؤول المباشر . ففي يوم الجمعة 28 / 12 ، أي بعد غرق بغداد بيومين ، قال السيد رئيس مجلس الوزراء : { الوزراء مكبلون سياسياً ، اذ كلما تقدم وزير خطوة ثارت عليه المكائد والاتهامات . ] هذا حديث في السياسة { وهي سياسة شقاق وأزمات واختلاف } ، وليس حديثاً في تبيان الاسباب الحقيقية للفيضان . وهو كلام يخلو من التعاطف مع الاهالي ، ويحاول ان يجد تبريراً للمأساة . ومع ذلك أجد في هذا القول تشخيصاً دقيقاً لغياب التخطيط عن آليات عمل الوزرات ؟ اذ كيف يخطط المُكبَل والاسير وهو يفتقد حريته ؟ وحين لا تكون ثمة خطة عمل لكل وزير تتضمن انجازه الاسبوعي والشهري والسنوي ، لا يستطيع أحد سؤاله ومحاسبته على التقصير في الانجاز . وهذا ما يفسر لنا لمَ لم يصوّت مجلس الوزراء يوماً على عزل وزير او مدير عام أو احالة ملفاتهما الى البرلمان ؟ لم يحدث ذلك لأنه لا توجد خطة لجدولة الاولويات ، ولا لسقوف زمنية محددة لأنجازها . خطة العمل سلطة بيد رئيس مجلس الوزراء ، تمنح قراراته في اجراء العقاب والثواب شرعية مطلقة . ولا تهاون في ذلك فراتب الوزير العراقي أعلى من رواتب أقرانه في كل دول العالم ، ومجموع رواتب حمايات الوزراء تعادل ان لم أقل تفوق ميزانية الكثير من دول العالم ، وفي العراق اكبر تشكيل وزاري في العالم ، يستحوذ على نسبة عظيمة من ميزانية البلاد السنوية ، ومع ذلك يخرج علينا مَن يبرر غرق بغداد بالقول [ الوزراء مكبلون سياسياً ] . يُفترض في بلد مثل العراق لا يقوده حزب واحد ، وانما مجموعة احزاب ان يكون في سباق حقيقي مع الزمن لتعويض ثلاثين عاماً من الدمار المستمر ، وان يكون التشكيل الوزاري الضخم هو خزّان المعلومات الذي تفتقر اليه مؤسسات الدولة ، طالما هم ينتمون الى جهات المكان الاربع ويمثلون سكنتها على اختلاف انتماءاتهم الطائفية والعرقية . فليس من المعقول ان لا يكون الوزير على اطلاع على حالة المدينة التي جاء منها ، بل يشترط فيه ان يكون خبيراً بكل مناحي الحياة فيها . هذا الذي أقوله ليس تبسيطاً لمسألة الحكم وطريقة اتخاذ القرار، بل هو جوهرها وعمقها الحيوي . فالحكومة القائمة ليست حكومة تصريف أعمال ، وميزانيتها السنوية الضخمة ليست لتشغيل ماكنة الدولة فقط بل هي حكومة : للانجاز الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، ولتشغيل طاقات الشباب المعطلة عبر الاستثمار الحكومي في البنى التحتية ، في مشاريع البناء وتوزيع الاراضي للقضاء على ظاهرة الحواسم والتجاوز على القانون ، في مساعدة الشباب على اكتشاف المشاريع الصغيرة الزراعية والصناعية والخدمية ، وايجاد نظام جوائز سنوية للمبدعين والمبتكرين ..الخ أما ودورة الفصول تمر كل عام من غير انجاز يذكر، وتبرر الحكومة عجزها الصارخ بالقول ان نسبة 75 بالمائة من الميزانية تذهب كبطارية لشحن آليات عمل اجهزة الدولة ، فماذا فعلت الحكومة لتحل هذا المأزق وهذا التحدي الخطير ؟ هل سارعت الى عقد الندوات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والنفسية لأيجاد حل لهذه العلاقة الشاذة بين دولة أخطبوطية تأكل كل شئ ولا تدع لفقرائها ولاجيال المستقبل شئ ؟ لا وقت لدى الحكومة لمجابهة مثل هذه التحديات ، بعد ان صار تفكير احزابها مركزاً على لعبة الصراع على المصالح . وحين لا يكون التخطيط لمجابهة التحديات الخطيرة هو الشغل الشاغل لها ، يعيد الواقع المتخلف انتاج نفسه ، حتى لو بلغ ريع النفط مليارات المليارات ، وغرق بغداد بعد ساعات من المطر لا اثر فيضان أو تسونامي ، دلالة على واقع التخلف المستأنف مع وجود ميزانية انفجارية قدرت هذا العام 120 مليار $ .
29 ـ 12 ـ



#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دم في ساحة المظاهرات
- مشاهدات بغدادية 2 لماذا تحول العراق الى مسخرة ؟
- وزراء العراقية
- قضاء الرفاعي
- أنا الطائفي الوحيد
- بين المالكي والاعرجي
- ما مدى واقعية افكار الاستاذ محمد عبد الجبار الشبوط عن الدولة ...
- عن الطائفية ...من وحي مقالة الاستاذ جواد الشكرجي
- رمزية ودلالة المواجهة في طوزخورماتو
- عالم آخر ممكن
- { تلفت القلب }
- الدولة الكردية والشرعية
- صالح المطلك
- عنها
- لقطة
- التكنولوجيا ومنظومة العمال الفكرية
- حكايات طويلة عن احداث قصيرة
- آلهة ورصاص
- بحر وسينما
- العراق : ازمة وعي دائمة ، ام في الطريق الى وعي الأزمة ؟


المزيد.....




- نتنياهو لعائلات رهائن: وحده الضغط العسكري سيُعيدهم.. وسندخل ...
- مصر.. الحكومة تعتمد أضخم مشروع موازنة للسنة المالية المقبلة. ...
- تأكيد جزائري.. قرار مجلس الأمن بوقف إسرائيل للنار بغزة ملزم ...
- شاهد: ميقاتي يخلط بين نظيرته الإيطالية ومساعدة لها.. نزلت من ...
- روسيا تعثر على أدلة تورّط -قوميين أوكرانيين- في هجوم موسكو و ...
- روسيا: منفذو هجوم موسكو كانت لهم -صلات مع القوميين الأوكراني ...
- ترحيب روسي بعرض مستشار ألمانيا الأسبق لحل تفاوضي في أوكرانيا ...
- نيبينزيا ينتقد عسكرة شبه الجزيرة الكورية بمشاركة مباشرة من و ...
- لليوم السادس .. الناس يتوافدون إلى كروكوس للصلاة على أرواح ض ...
- الجيش الاسرائيلي يتخذ من شابين فلسطينيين -دروعا بشرية- قرب إ ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل شاكر الرفاعي - مشاهدات بغدادية 1 وأخيراً غرقت بغداد