أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - جهاد علاونه - هذه هي حياتنا














المزيد.....

هذه هي حياتنا


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3990 - 2013 / 2 / 1 - 21:29
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


رغم أننا نعلم الناس أو ندعي بأننا نعلم الناس إلا أننا ما زلنا بحاجةٍ إلى التعلم منهم أكثر من أي وقتٍ مضى,ورغم أننا ندعي بأننا كبرنا وأصبحنا كبارا إلا أننا دائما ما نشعرُ بأننا ما زلنا أطفالا بحاجة لمن يمسح لنا دموعنا وبأن يغسل لنا ما اتسخ من أثوابنا..فمن مآسينا الكثيرة نسجنا خيوطاً تشبه إلى حدٍ قريب خيوط الشمس الذهبية, ومن كثرة الكلام علينا هنا وهناك صرنا حكاية (للي يسوى وللي ما يسوى أي شيء) /وتحدث عنا الغادي والرائح والماشي والواقف والمتكأ على وسادتين وللذي يجلس على الكنبة وهو يريح بقدمه اليسرى على اليمنى ,وسمعنا كثيرا من تلاطيش الكلام, فهذا يتحدث بالألغاز عنا وذاك يتحدث عن أناسٍ في مكانٍ بعيد وهو يقصدنا بكل كلمة قالها,وتعلم فينا الذي لا يعرف كيف يتكلم أصول الكلام من كثرة ما تحدث عنا ،ولم نكن نعلم بأننا سنصبح في يومٍ من الأيام فُرجَةًً لكل الناس, لقد صرنا فُرجَةً بحق وحقيقي ,وشماعة خشبية يعلق عليها كل فاشل أخطاءه وعثراته وزلات لسانه ,وصرنا حكاية ليس لها بداية وليس لها نهاية, صرنا محطةً للوقوف للذين يريدون أن يضيعوا وقتهم طوال الليل والنهار,ومن حرفٍ واحدٍ تشكلت حولنا كلمة كبيرة والكلمة أصبحت سطرا والسطر أصبح صفحة والصفحة تولدت منها آلاف الصفحات ومددنا أعيننا إلى السماء واكتشفنا سماء أخرى ونظرنا أسفلنا واكتشفنا أرضا أخرى غير الأرض التي نقفُ عليها, ونظرنا من حولنا فوجدنا عالما آخر يعيش فيه الناس مختلفا كل الاختلاف عن عالمنا الذي نظن بأنه هو العالم الحقيقي,فالناس هناك غير الناس الذين هنا,والأرواحُ هناك تلتقي ببعضها بسرعةٍ مذهلة وتتعارف على بعضها من أول نظرة ومن أول لمسة يد,وهذا بخلاف عالمنا الذي نتعب ونشقى فيه ونحن نحاول أن نجد روحا تشبهنا وتأنس بنا,ونتعب جدا ونحن نبحث طوال العمر عن وجهٍ يشبه وجهنا ورائحة تشبه رائحتنا, نحن في زمان ليس زماننا وفي مكانٍ أصبح في الآونة الأخيرة ليس مكاننا, نحن نموت ونحن ما زلنا مكاننا لم نبارحه منذ مئات السنين.

لقد اغتربنا كثيرا أكثر من اللازم..وتباعدنا كثيرا أكثر من اللازم, ورحلنا كثيرا لنجد لنا مكانا في هذا العالم يحمينا من أوهامنا ومن أحلامنا ومن طيش الشباب..وإذ بالحقيقة تكشف لنا عن نفسها لترينا بيئة أخرى تختلف عن بيئتنا وبلادا أخرى تختلف عن بلادنا وحكاما يختلفون عن الحكام الذين شربوا ومصوا وتلذذوا على طعم دماءنا الزكية, ومن حكاية واحدة نسجَ الناسُ حولنا آلاف الحكايات..ومن عرق جبيننا بنينا سداً مائيا,ومن دمائنا الحمراء نورنا مستقبل الأجيال القادمة,ومن عناقيد العنب عصرنا وشربنا حتى الثمالة,ومن الكلمات والحروف كتبنا حتى فاقت أعداد الحروف التي كتبناها عدد الرمال وعدد حبات المطر,ومن الأكاذيب التي كذبنا فيها على أنفسنا صنعنا جسرا وهميا يعبرُ فينا إلى عالم السعادة الأبدية, وفي نهاية المطاف يقف رجلٌ واحدٌ على قدميه ليقول عنا ما لا يقال,ويصفنا بكلمات ما كانت تليق بمستوانا الأدبي والإنساني ويسمي تعبنا وأرقنا ودموعنا (لعب عيال) ومغامراتنا العقلية جنونا عقليا,ويضيف قائلا بأن كل ما كتبناه سوف يؤدي بنا إلى الجحيم الأبدي, فرحمة الله علينا كيف كنا وكيف أصبحنا وكيف أمسينا.. ورحمة الله على أمهاتنا اللائي أنجبننا... ورحمة الله على أقلامنا... ورحمة الله على تعبنا كيف ضاع فجأة بين الزحام وبين مداد الحبر وبين الأقلام الضائعة.

والذين علقنا عليهم آمالنا نرجو منهم جميعا أن يسامحونا على كثرة ما فينا من أوجاع ومن آلام لا تحتملها الجبال ولا الأنهار ولا الأودية,نحن نعيش ونحن مرغمون على هذه الحياة سواء أقبلنا بها أم لم نقبل, فسواء أكانت هكذا أو هكذا فإننا على الأغلب لن نجد لنا بديلا آخر أو طريقة أخرى للحياة,هذا هو نصيبنا وهذه هي حياتنا وهذه هي أوجاعنا وكلما تقدم بنا العمر أكثر نشاهد أكثر وكلما تعدينا مشكلة ظهرت لنا في الطريق البعيد مشكلة أخرى,ومن هذه الناحية لن تنتهي مشاكلنا ولن تنتهي أوجاعنا وسنموت ونحن ما زلنا نشكو ونتألم ونعاني من هذه الحياة, فليس هنالك من أحدٍ يستطيع أن يحل لنا كل مشاكلنا فإذا كنا نحن غير قادرين على حل مشاكلنا فكيف نطلبُ من الآخر ين أن يحلوها لنا؟ وإذا كنا نحن متضايقون من ثقل دمنا فكيف سيحتملُ الآخرين دماءنا الثقيلة عليهم؟ وحتى إن متنا ستبقى مشاكلنا عالقة وحتى وإن قتلنا فلن يتخلص القاتل منا سيبقى شبحنا مهيمنا ومسيطرا علينا وعلى غيرنا من الناس,وحتى وإن ولدنا من جديد فلن يكون لنا خيارا آخر غير الخيار الذي اخترناه بمحض إرادتنا,ولو غبتم عنا ألف عامٍ ومن ثم عدتم إلينا فإنكم ستجدوننا على نفس الوضعية التي تركتمونا فيها,لن نتبدل ولن نتغير ولن نجد في بيوت الناس غرفة تتسع لنا,ففي لحظةٍ واحدةٍ تظهر إمبراطوريات وتختفي إمبراطوريات(إنبراطوريات) وفي لحظة واحدة يموت ويختفي عن وجه الوجود مليون إنسان ويظهر مليون إنسان آخر ,والذين نضحي من أجلهم سواء قدروا تلك التضحية أم لم يقدروها فستبقى هذه الطريقة الوحيدة لنا في هذه الحياة,هنالك من يأكل ويشرب على البارد المستريح وهنالك من تتشقق يداه وقدماه حتى يتمكن من أن يأكل رغيفا واحدا من الخبز,ورغم ذلك هنالك من يتذمر من هذه الحياة وهنالك من يجد لذته وسعادته في تعبه وشقاءه,لذلك كلنا ما زلنا نجهل سر السعادة أين يكون ومن أين يخرج!.




#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تريد أن تحكم مصر؟
- أنا مثل إسرائيل
- اللعب مع الكلمة
- جهاد في عالم الضياع
- اليوم الذي كنت خائفا منه
- الكل مشهور
- ألم الحرمان
- الأصدقاء المزيفون
- رحلة العذاب
- الإنسان مخلوقٌ فوضوي
- مساعدة الفقراء تؤجل الثورة
- كيف يختار الله الرسل والحكام وكبار رجال الأعمال
- العبور من ديانة إلى ديانةٍ أخرى
- سنه حلوه يا ثقافه
- الخلوة أحيانا ضرورية
- الدين بين فشل المنطق ونجاح الإغراء
- أنا مراقب جدا
- بطاقة معايدة
- إنهاء الصراع بين الدولة والدين
- الإسلام ليس وحده الذي يعرف الحلال والحرام والخير والشر


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - جهاد علاونه - هذه هي حياتنا