أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نور الدين بدران - الفأس والرأس














المزيد.....

الفأس والرأس


نور الدين بدران

الحوار المتمدن-العدد: 1150 - 2005 / 3 / 28 - 06:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يحكى أن أحد المغفلين كان يحمل زجاجة زيت ، في طريقه رأى قشرة موز ، فقال في سره :" سأدوس الآن على القشرة وأتزحلق وستنكسر الزجاجة " وفكّر مليّاً ثم وضع الزجاجة جانباً وتزحلق وعاد إلى زجاجته وأخذها منتشياً بنصره .
بطل الحكاية هذا أكثر حذقاً من حكامنا المقامرين الذين يشكل صدام حسين قدوتهم غير المحمودة ، حيث لسان حالهم يقول :" نحطم البلد فوق رؤوس أهلها ، ولا نترك لهم السلطة" والحقيقة أن شعبنا الطيب حتى السذاجة لا يريد السلطة ولا يفكر فيها ، فقد تم تدجينه وتعويده على الاستسلام لأي حاكم ، وأقصى ما يحلم به بعض الخبز وقليل من الكرامة وشيء من الحرية ، وليحكمه الشيطان، فمنذ عهود سحيقة لم يعد يبالي بالسياسة ، بعد أن سلخت هذه الأخيرة من وعيه كما يسلخ جلد الشاة المذبوحة عن جسدها.
كل الاحتمالات واردة ومفتوحة على سوريا وغيرها ، من الصفقات السياسية على النمط القذافي وانتهاء بالانتحار الصدامي ، ولكن على ما يبدو أن هناك احتمالاً وحيداً هو الغائب : الحلم المتواضع للناس أي اضطلاعهم بمسؤوليتهم وحقهم في تقرير مصيرهم وحقهم بالدفاع عن وجودهم ومستقبلهم ، فالشعب وفق الذهنية الاستبدادية قطيع يقاد إلى السوق أو المسلخ أو إلى حيث يشاء الراعي وسيده.
ماذا تريدون أيها العباقرة ؟
ليس المجتمع الدولي شعبكم ، هذا ما يجب أن تفهموه ، واللعب مع العالم ليس كاللعب مع الشعب المجوّع والمكبّل والمجهّل ، وقد أصبح هذا الكلام نافلاً فمنذ سنوات طويلة وهو يردد بألف طريقة وطريقة :" التغيير في طريقه إلى سوريا، لن تمنعه المخابرات ولن تحول مساره الديماغوجيا ، ولن تهزمه القوات الخاصة أو الحرس الجمهوري ، وإذا لم ينبثق من الداخل فسيقتحم من الخارج ، والعالم الذي يتغير سيغير سوريا وغيرها معه ، لأنها ضمنه وليست على القمر ، شاء من شاء أو أبى من أبى .......إلخ "
قيل الكثير في ذلك حتى بات يعرفه الأميون من شعبنا ، وهو لم يعد كلام مثقفين ومحترفي سياسة وأحزاب وخبراء ومحللين سياسيين ، واليوم وقد وصلت الموسى إلى الذقن ، وكما يقول المثل : إذا حلق جارك بل ذقنك ، وجيراننا جميعهم حلقوا ومن لم يحلق حلقوا له ، ونحن مازلنا في كهوفنا بشعورنا الطويلة ولحانا الكثة ، ومظهرنا الذي لا علاقة له بالحضارة ، بدعاوى سخيفة ومتهرئة، بل نعاود القهقرى إلى الماضي البائس ، فكم تفاءلنا حين بدأت تنحسر مظاهر عبادة الفرد الفظة والرعناء ، من صور وأغان ومعلقات جاهلية وكم تأملنا خيراً حين تكلم الرئيس الشاب بلغة حديثة ومتحضرة عن الديمقراطية والتحديث والتطوير ، وبالطبع لم يتهمه أحد بأنه عميل للخارج بسبب هذه الأطروحات، كما يفعل بعض دهاقنة النظام اليوم بمن يطرح الأطروحات عينها ، بل كبر في عيون شعبه ولاسيما طلائعه وعولنا عليه كثيراً ، لكننا اليوم وبكل أسف ومع كل صباح نصاب بخيبة جديدة ومريرة ، فمظاهر الأمس المتخلفة وليس مضامينه السيئة فقط ، تبرز أمامنا في الإعلام والسياسة والاقتصاد والثقافة ، بل وحتى في الشوارع ، من مسيرات التأييد التي أقل ما يقال فيها أنها أحد أمرين إما عن جهل وإما عن نفاق ، ولا يمكن إلا لمن تخلى عن عقله ، ألا يتساءل تمثيلاً لا حصراً:كيف – البارحة - كان الوجود السوري في لبنان ضرورة إستراتيجية للشقيقين سوريا ولبنان ، وبقاء الجيش السوري ومخابراته وسائر السياسة المتعلقة بهذا الأمر دليل صارخ على الحكمة والحصافة ، وكل من يقول غير ذلك سوريا كان أو لبنانيا يصنف كخائن ، واليوم بات النقيض أي الانسحاب من لبنان هو الحكمة وتحية هذه الحكمة هي مسيرات التأييد وما إلى هنالك ، كيف ولماذا وماذا ؟ كلها أسئلة لا جواب عنها إلا في جعبة الحقبة المنصرمة التي عادت لتطل برأسها من جديد ، هذا إذا كانت غابت ، والحقيقة أنها لم تغب كلياً.
تلك الحقبة الحالكة ، تقول أن الحاكم معصوم وملهم وما يفعله يجب على الشعب أن ينحني له ويخرج في المسيرات الماراتونية لتحيته ، ولا يهم إن كان اليوم الفرمان نقيض فرمان الأمس .
لم أخرج عن الموضوع الأساسي ، العالم يتغير ونحن نعود القهقرى ، مقابل اتساع حرية الكلمة في العالم نخرج الحمير ليلبطوا المطالبين بإلغاء قانون الطوارئ ، ومقابل الانفتاح الاقتصادي والثقافي ، ننكفئ ونتشبث بقوانيننا النافقة ومؤسساتنا الثقافية التي يحكمها أمثال السيد ع.ع.ع (علي عقلة عرسان) ، ومقابل الحوار مع المجتمع الدولي نقف في وجهه ووجه قراراته ، ومن المضحك المبكي في هذا الشأن : الحديث الرسمي عن انسحاب الجيش السوري من لبنان بأنه ليس تنفيذا للقرار الدولي 1559 الصادر قبل عدة أشهر وإنما هو تنفيذ لاتفاق الطائف المبرم في العام 1989م ، وكم دغدغ هذا الكلام الناضح غروراً و"ذكاء" السيدة كونداليزا رايس التي قالت الكلام نفسه وبطريقتها ولكن بالطبع ذكرت مخالفة سوريا للقرار الدولي وليس حكاية "الطائف"، وكأن الإعلام السوري والرسميين السوريين لا هم لهم سوى المباهاة بأننا ضد القرارات الدولية (بغض النظر عن رأينا فيها ظالمة أو عادلة) ومقابل التعددية نؤجل مستقبل البلاد إلى ما يقرره المؤتمر القادم للحزب الوحيد الحاكم ، الذي أوصلنا إلى كل ما نحن فيه اليوم مما لا نحسد عليه.
بعض الرؤوس الحامية بسبب حرارة الكرسي ودفء اللذة السلطوية ، يقول (سراً أو علانية) : خذوا البلاد أيها الأقوياء ولكن دعوا لنا السلطة ، ولكن هذا البعض يبدو أنه لا يدرك أن هذه الصفقة لم يعد لها نصيب كبير، بل ربما أصبحت آخر الاحتمالات الواردة ، وحتى القذافي كرائد لهذا النوع ، لم تنته حكايته بعد ، وهو ك" فيلسوف" يلعب في الوقت المستقطع .
هؤلاء المقامرون كما يبدو ما زالوا يراهنون على صفقة قذافية ، إلا لماذا لم يحركوا ساكناً حتى الآن ، رغم كل هذا الاقتراب المذهل للفأس من .......الرأس.
هل من مكان للأمنيات هنا ؟ كل ما نتمناه أن تكون سوريا عزيزة كريمة حرة ولا عزة ولا كرامة ولا حرية مع الاستبداد أو الاحتلال ، ولا يأتي بالثاني سوى الأول ، وكل ما نتمناه ألا نسمع ذلك القول : سبق السيف العذل .



#نور_الدين_بدران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الولايات المتحدة ليست فوق التاريخ
- انتظري
- أشتهي... بعد
- اصح يا نايم .....كفاية
- اللعبة الغامضة
- أهرامات الحماقة
- نقي العظام
- ليت رذائلنا كرذائلهم وفضائلنا كفضائلهم
- كهدوء يتفجر بياضاً له قرون
- وماذا بعد الانسحاب أيها الأحباب؟
- كرة الثلج أم كرة المجتمع المتمدن يا سيدة بثينة ؟
- الفضل لله طبعاً ...لكن
- عقلاء يحترسون ....غوغائيون يجزمون
- البلاد الحقيقية
- الخوف الدائم من الكلمة المبدعة في بلدان الاستبداد
- إلى أين تمضي بنا القافلة السورية؟
- ثلج الصمت
- إذا لم تستح فاكتب ما شئت...يا ضاري يا أعظمي لا فرق
- العنف ، الإرهاب ، ثقافة الموت
- (مؤامرة ..شيزوفرينيا ..لا قراءة (الحارث الضاري عفواً الأعظمي ...


المزيد.....




- أجبرهم على النزوح.. أندونيسيا تصدر تحذيرا من حدوث تسونامي بع ...
- التغير المناخي وراء -موجة الحر الاستثنائية- التي شهدتها منطق ...
- مصر.. رجل أعمال يلقى حتفه داخل مصعد
- بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين
- أسباب تفوّق دبابة -تي – 90 إم- الروسية على دبابتي -أبرامز- و ...
- اكتشاف -أضخم ثقب أسود نجمي- في مجرتنا
- روسيا تختبر محركا جديدا لصواريخ -Angara-A5M- الثقيلة
- طريقة بسيطة ومثبتة علميا لكشف الكذب
- توجه أوروبي لإقامة علاقات متبادلة المنفعة مع تركيا
- كولومبيا تعرب عن رغبتها في الانضمام إلى -بريكس- في أقرب وقت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نور الدين بدران - الفأس والرأس