أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سامر حجيجي - الثيوقراطية الشعبية















المزيد.....

الثيوقراطية الشعبية


سامر حجيجي

الحوار المتمدن-العدد: 3985 - 2013 / 1 / 27 - 22:32
المحور: المجتمع المدني
    


الثيوقراطية الشعبية

عندما تبدأ امة من الأمم بدفن رأسها في الرمل فهي بذلك تدق المسمار الأول في نعشها، ورغم أننا امة ليست ببعيدة عن القبر الحضاري إلا أن هناك ما البقايا الثقافية ما يضمن استمراريتا على الأقل ولو كأمة مستهلكة، وما دفعني للحديث عن هذا الموضوع هو ظاهرة ازدياد ارتداد الشباب العربي وانسلاخهم من هويتهم العربية و ثقافتهم الإسلامية تحت مسميات عدة مثل الإلحاد والربوبية واللادينية، تلك الظاهرة التي أخذت بالازدياد يوما بعد يوم رغم أننا لا نريد أن نعترف بذلك فقد اعتدنا أن لا نرى ألا ما نحب، وان خوفي من الآثار السلبية لهذه الظاهرة على منظومة الأخلاق لدى الفرد في مجتمعنا يفوق خوفي على أي شيء أخر، حيث أن منظومة الأخلاق لدينا تتشكل نتيجة للخوف من النار والطمع في الجنة وهذه الطريقة من التربية استمرت لآلاف السنين ولم يكن بهدف الأخلاق فحسب وان ترك الدين سيعني أحيانا التنصل من الالتزامات الأخلاقية والسلوك الأخلاقي لدى الفرد فلم تتربي يوما من الأيام أن الأخلاق يجب أن تكون للأخلاق فقط. واعتقد أن هناك أسبابا عدة لهذه الظاهرة أهمها سلوك رجال الدين في مجتمعاتنا فهم من يمثل الدين وهم من له الحق في قول هذا حلال وذاك حرام، هكذا اعتدنا.
منذ الثورة التي قامت بها أوروبا على رجال الدين ولمحاربة النظام الثيوقراطي الذي تمثل في سيطرة رجال الكنيسة على المقدرات المادية و البشرية للشعوب ونحن في الشرق نحاول أن نقنع أنفسنا بان انصياعنا لأوامر رجال الدين في بلادنا هو انصياع لأوامر الله والدين نفسه، وقد نجحوا إلى حد ما بإقناعنا بذلك، وقد باءت كل محاولات التنوير في العالم العربي نشر ثقافة التحرر من سلطة رجال الدين بالفشل و في رأيي الشخصي أن السبب الرئيسي في ذلك هو المخزون التراثي الديني لمجتمعاتنا الذي يقدس النص و لا يدع مجالا لوضعه على مشرحة النقد الفكري البناء، مما جعل منا امة مصابة بعقدة النقص خاصة عندما نضع مقارنة بين ما وصل إليه غيرنا من تطور على كافة الأصعدة و ما نحن فيه، ولكن ما يثر استغرابي هو الإصرار الذي تتحلى به هذه الشعوب للعودة إلى العصور الغابرة ومحاولة تقديس حقبة تاريخية لها ظروفها ومسوغاتها، تمثلت هذه الحقبة في بعثة النبي محمد (ص) وتدرجت حتى زوال الدولة العثمانية في بدايات القرن العشرين.
هناك أسباب لا حصر لها وظروف لا حصر لها تدعونا إلى تقديس النصوص والتي تكون في بعض الأحيان مشكوك في صحتها أو قد تكون باطلة بإجماع الفقهاء مثل الأحاديث الضعيفة مثلا، أول واهم هذه الأسباب هو السيطرة التي يتمتع بها رجال الدين في مجتمعنا علينا فقد وصل تدخل رجال الدين بنا حتى غرف نومنا فهم الجهة الوحيدة المخولة بوضع نظام الحياة لكل فرد من إفراد المسلمين فمن دخول الحمام وحتى سياسات الدولة، لا تستطيع أن تتفوه بكلمة إذا ما حضر أحدهم وبدا يفتي بما تشتهي نفسه، وعندما تتم عملية غسيل الدماغ تصل الأمور إلى حد تقديس رجل الدين نفسه والسلاح المشهور في هذه العملية هو سلاح الحلال والحرام، فإذا انتقدت احدهم فأنت كافر وكلمة كافر تعني لهم انك تستحق عقابا قد يصل إلى حد القتل وهناك من النصوص ما يبرر ذلك.
هل فعلا يريدنا الإسلام هكذا، هناك العديد من الأحداث والقصص في السيرة النبوية وما بعدها في عهد الخلفاء الراشدين الذين إذا اقتدينا بأحدهم اهتدينا ما ينفي صحة ذلك، فرغم أن النص ألقراني لم يذكر مبررات لتعطيل حد من الحدود إلا أن الخليفة عمر بن الخطاب أبطل حد السرقة كما هو معروف، نعم كان هناك أسبابا وهذا هو مربط الفرس فوجود الأسباب يمكن أن يعطل حتى حدا من حدود الدين، رغم أهمية دلالة ذلك التصرف من الحاكم آنذاك إلا هناك أمورا غاية في الأهمية، إذا ما نوقش تطبيقها فإنها تضع الإسلام في موقف حرج وتجعلنا مجبرين على إلغائها بل وتجريم مرتكبها، مثل موضوع ملكات اليمين أو السبايا أو الجزية أو الفتوحات الإسلامية. لان لكل حكم من هذه الإحكام مسوغات ثقافية في الوقت الذي كانت سائدة فيه، لقد كانت العبودية تقليد اجتماعيا بل كان لا بد لكل زعيم قبيلة أو سلطان أو ذو جاه أو مال أن يمتلك من العبيد والسبايا وقد ورد عن الرسول (ص) انه قال (إذا أبق العبد من مواليه فقد كفر)، مهما كان تأويل المفسرين لهذا الحديث إلا انه تجسيد لعرف اجتماعي كان سائدا وكان من الصعوبة بمكان التمرد عليه، لم يتم تعطيل هذا العرف اليوم فحسب بل أن نقيضه أصبح ذات قيمة أخلاقية فتحرير العبيد اليوم هو الشعار الذي يرفعه الثوريون دعاة تحرير الإنسان ودعاة التحضر.
إذا كانت الأحكام الشرعية تغيرت خلال عشر سنوات بل في عصرنا يمكن أن تتحول خلال أيام قليلة و ما فتاوى ثورات الربيع العربي إلا اكبر دليل على ذلك، الم يكن يريدنا الله أن نسير أمورنا كما نراها وكما تقتضي الظروف الرمانية والمكانية السائدة. لكن في المقابل إذا أصر البعض منا على أن الله يريد منا أن نقدس النصوص، ألا يقودنا ذلك إلى الشك في قدرة ديننا الحنيف على التعامل مع مجمل ظروف الحياة، لقد حول دعاة الثيوقراطية الحياة الدينية في مجتمعنا إلى خوف وكره وهروب من الحياة، ففي حين كان الدين جزءا من ثقافتنا و تراثنا أصبح مصدرا لخوفنا وشعورنا بالنقص المستمر فقد بدأت دعوتهم باتهامنا بأننا سبب تخلف المسلمين الذين ابتعدوا عن دبتهم وتدرجوا في تخويفنا حتى وصل بهم الأمر إلى الزرع في العقل اللاواعي للفرد في مجتمعنا وهما بان التطور في الجانب المعرفي والعلمي في الغرب لا يضاهي جزءا مما ذكر في القران وان القران هو مصدر المعارف والعلوم، مما أدى بنا وسيؤدي بنا إلى الركون والخنوع وانتظار المعجزات.
لقد أصبحت التركيبة العقلية للفرد العربي مليئة بالتناقضات من جراء ما يمليه عليه مرشده الديني من جهة وما يراه من سلوك انساني راق من جهة شعوب ليس لها علاقة بالأديان أحيانا فقد وجد الأخلاق التي من المفترض أن تكون لدى المسلمين والتي يشير اليها الدين دائما و يشدد على ضرورة الالتزام بها، وجدها ذلك الشاب المسكين لدي مجتمعات لا تؤمن حتى باله فوقع في حيص بيص، فهل نستغرب أن يبحث الشباب عن البديل.




#سامر_حجيجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الرياض -تأسف- لعدم قبول عضوية فلسطينية كاملة في الأمم المتحد ...
- السعودية تعلق على تداعيات الفيتو الأمريكي بشأن عضوية فلسطين ...
- فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي ...
- حماس تحذّر من مساع -خبيثة- لاستبدال الأونروا
- الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المت ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...
- الأردن يعرب عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار قبول ...
- انتقاد فلسطيني لفيتو واشنطن ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سامر حجيجي - الثيوقراطية الشعبية